اشترك جيمي كارتر الرئيس الأمريكي الأسبق و ماري روبنسون رئيسة أيرلندا السابقة، في مقال نشر على عدة صحف أجنبية، وهو كان تعليقًا على ما يحدث في غزة، ويؤكدون فيه أنه يجب الاعتراف بحماس كطرف سياسي مؤ ثر وفعال. وطالب الكاتبان المجتمع الدولي بالاعتراف بحركة حماس كلاعب سياسي مهم يمثل شريحة واسعة من الشعب الفلسطيني، مشيرًا إلى أنه لا يوجد سبب منطقي للطريقة التي خاضت فيها القوات الإسرائيلية الحرب على غزة.
واتهم كارتر وروبنسون إسرائيل برفض أي فرصة للسلام بمنع تشكيل حكومة فلسطينية في غزة، مع تأكيدهما على أنه لا يمكن تجاهل حماس أبدا وعلى ضرورة الاعتراف بشرعيتها وعدم إبعادها من المشهد، وأن ما تشهده غزة يعد "جريمة حرب"ليس هناك عذر له.
وجاء نص المقال كالتالي:
الإسرائيليون والفلسطينيون لا يزالون يدفنون أحباءهم مع استمرار حرب ثالثة في غزة منذ ست سنوات، ومنذ 8 يوليو الماضي ضحى أكثر من 1600 فلسطيني بأرواحهم وقتل 65 إسرائيليا، يجتاح الحزن العالم مع يقين الجميع أن المزيد يموتون في كل ساعة.
نتائج هذه المأساة هي العرقلة المتعمدة للسلام في المنطقة، فعندما تم الإعلان عن اتفاق المصالحة في القاهرة في أبريل الماضي، وقدمت فيه حماس تنازلات كبيرة لتشكيل حكومة وحدة وطنية تكنوقراطية لم تشتمل على أي من أعضاء حماس، تعهدت الحكومة الجديدة أن تلتزم بمبادئ الرباعية الدولية، والتي تضم روسياوالولاياتالمتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وهي اللاعنف، الاعتراف بإسرائيل، والالتزام بالاتفاقيات السابقة، وبشكل مأساوي رفضت إسرائيل هذه الفرصة للسلام ونجحت في منع الحكومة الجديدة من العمل في غزة.
هناك عاملان رئيسيان ضروريان لجعل الوحدة الفلسطينية ممكنة، أولا: يجب أن يكون هناك رفع جزئي -على الأقل- للحصار المفروض منذ سبع سنوات ويعزل 1.8 مليون نسمة في قطاع غزة، كما يجب أن تدفع الرواتب لكل الموظفين في كل القطاعات الحكومية في غزة والتي تتحمل حماس مسؤوليتها، وبدلا من المساعدة في دمج حماس قررت إسرائيل منع عرض قطري بدفع أموال موظفي غزة، وشددت مصر وإسرائيل كثيرا من الحصار على القطاع.
ولا يوجد أي مبرر إنساني أو قانوني لطريقة القوات الإسرائيلية في إدارة هذه الحرب، القنابل الإسرائيلية والصواريخ والمدفعية سحقت أجزاء واسعة من قطاع غزة بما في ذلك آلاف من المنازل والمدارس والمستشفيات، ونزح أكثر من ربع مليون شخص من منازلهم، وقتل مئات من المقاتلين الفلسطينيين، ومعظم أراضي القطاع فقدت الكهرباء والمياه بشكل كامل، إنها كارثة إنسانية.
ليس هناك عذر للهجمات المتعمدة على المدنيين، هذه جريمة حرب.
هذا صحيح على الجانبين، استهداف حماس للمدنيين الإسرائيليين بشكل عشوائي هو أمر غير مقبول على حد سواء، ومع ذلك، فإن ثلاثة مدنيين إسرائيليين قتلوا في حين كان غالبية الشهداء الفلسطينيين من المدنيين، من بينهم أكثر من 330 طفلا، ينبغي أن يتم البدء في إجراءات التقاضي الدولي ووضع حد لهذه الانتهاكات للقانون الدولي وأخذها على محمل الجد.
ينبغي أن يركز مجلس الأمن الدولي على ما يمكن القيام به للحد من الاستخدام المفرط للقوة والاستخدام المحتمل للقوة من قبل كلا الجانبين، ويجب أن يتم التصويت لصالح قرار بالاعتراف بالأوضاع غير الإنسانية في قطاع غزة، وأن يتم فرض حد للحصار، يجب أن يتناول القرار أيضا السماح للمراقبين الدوليين بالعمل في القطاع وتقديم تقاريرهم عن الأوضاع داخل وخارج غزة وعن انتهاكات وقف إطلاق النار، وينبغي أن تكون هناك تدابير صارمة لمنع تهريب الأسلحة إلى غزة.
وبناء على طلب الفلسطينيين، تدرس الحكومة السويسرية عقد مؤتمر دولي للدول الموقعة على اتفاقية جنيف للضغط على الأطراف المتنازعة لتجبرهم على الالتزام بالقانون الدولي لحماية المدنيين.
الوحدة بين فتح وحماس هي حاليا أقوى مما كانت عليه لسنوات عديدة، ونحن نعتقد أن هذه إحدى أهم التطورات المشجعة في السنوات الأخيرة، ويشكل ذلك فرصة للسلطة الفلسطينية لتستعيد السيطرة على غزة، وهذه خطوة هامة يمكن بعدها لإسرائيل ومصر رفع الحصار.
السلطة الفلسطينية لا يمكنها إدارة غزة من تلقاء نفسها، وستحتاج للاستعانة بالبعثة الدولية للاتحاد الأوروبي والتي كانت مسؤولة عن المنافذ الحدودية، على مصر وإسرائيل أن يبديا تعاونا لفتح كل معابر غزة، وأن يتعاونا مع المراقبين الدوليين لحماية السكان المدنيين، وهناك سابقة تعاونت فيها مصر وإسرائيل في قوة حفظ السلام في سيناء، بتكليف من معاهدة السلام الموقعة بين الطرفين في 1979.
ينبغي أن يكون الهدف الأول للمجتمع الدولي استعادة الحرية الكاملة لحركة الناس والبضائع من وإلى غزة عبر مصر وعبر البحر، في الوقت نفسه ينبغي على الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي الاعتراف بأن حماس ليست مجرد قوة عسكرية لكنها أيضا قوة سياسية، لا يمكن إبعاد حماس عن المشهد، بل إن حماس يجب أن يتم الاعتراف بشرعيتها كلاعب سياسي أساسي ومؤثر في المنطقة، يجب أن يبدأ الغرب في تقديم الحوافز السياسية لحركة المقاومة الإسلامية حماس لتلقي سلاحها، حاول الغرب أن يفعل ذلك بطرق أخرى منذ 2006 إلا أن النتيجة كانت عكسية تماما.
في النهاية، فإن السلام العادل والشامل يعتمد على إنشاء دولة فلسطينية مجاورة لإسرائيل، ويجب على القادة الإسرائيليين والفلسطينيين والقوى الكبرى في العالم الاعتقاد بأن التغييرات في السياسة تجاه فلسطين أمر يمكن تحقيقه.