أورد البروفيسور الأمريكي دانيال بايمان، أستاذ البرامج الأمنية بجامعة جورج تاون، ما وصفه بالخرافات الخمسة المرتبطة بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش"، الذي أعلن رسميًا تأسيس خلافة إسلامية، أميرها أبو بكر البغدادي. وفيما يلي نص الخرافات الخمس، وفقًا للمقال الذي أوردته صحيفة واشنطن بوست:
1- داعش جزء من القاعدة
داعش والقاعدة يربطهما علاقات طويلة المدى، لكنهما بعد أن كانا حليفين وثيقين، باتا عدوين لدودين.
ولعل الأسماء المختلفة التي أطلقت على داعش عبر السنوات تعكس هذا التوتر، فقد بدأ ظهور ذلك التنظيم في البداية على شكل جماعات جهادية اتحدت عقب الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، تحت قيادة أبو مصعب الزرقاوي، الأردني، الذي رغم عمله مع القاعدة، لكنه لم يكن جزءًا من التنظيم.
وأعلن الزرقاوي لاحقًا الولاء لأسامة بن لادن في أكتوبر 2004، واتخذ تنظيم الزرقاوي اسم "قاعدة العراق"، دخل مبكرًا في جدل مع قيادات القاعدة، حيث كان بن لادن ونائبه أيمن الظواهري، يشددون على ضرورة التركيز على مهاجمة أهداف أمريكية، فيما ركز الزرقاوي وخلفاؤه على الحرب الطائفية، ومواصلة الصراع ضد شيعة العراق.
تختلف القاعدة وداعش في التكتيكات والاستراتيجيات وأسلوب القيادة، قائد داعش أبو بكر البغدادي يدعم قطع الرؤوس والصلب، ويركز محليًا، بعكس الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة الذي بنيت عقيدته على مهاجمة "العدو البعيد"، وتحديدًا الولاياتالمتحدة.
وتجلت تلك الاختلافات في سوريا، عندما وصف الظواهري جماعة "جبهة النصرة" الأكثر تقييدًا نسبيًا، بأنها "تابع محلي" للقاعدة.
البغدادي يؤمن بضرورة تنفيذ داعش لعمليات في العراقوسوريا ولبنان والأردن، وهو ما تسبب في معارك بين داعش وجبهة النصرة في سوريا، أسفرت عن مقتل آلاف الأشخاص.
الحملة الدرامية لداعش في العراق، قد تساعد البغدادي في خسوف الظواهري، فبينما تتعقب الطائرات دون طيار عناصر القاعدة، يسيطر البغدادي في صراعه ضد "المارقين".
2- الإعلان عن دولة إسلامية يعني أن التنظيم مستعد للحكم
يسيطر تنظيم داعش حاليًا على أجزاء من شرق سوريا وغرب العراق، معظمها مناطق صحراوية، لكنها تدير مدنًا هامة مثل الرقة في سوريا، والموصل في العراق.
وتأمل داعش، كدولة إسلامية، أن تكتسب شرعية من خلال حكمها وفقًا لتفسيرات متطرفة للشريعة، وبالتالي ينضم إليها المزيد من المتطوعين، وتحظى كذلك بدعم مالي.
"الإرهابيون" يمكنهم النجاح في الحكم، مثل نموذجي حماس وحزب الله، في غزة ولبنان، حيث يدير كل منهما مستشفيات ومدارس، ويقدمان الخدمات الأساسية للسكان.
ورغم ذلك، عندما سيطر أسلاف داعش على غرب العراق منذ 10 سنوات، حكموا بصورة كارثية، اتسمت بالوحشية ونقص الكفاءة، بما نفر منهم السنة، وأدى إلى "حركة صحوة محت الجهاديين آنذاك بصورة شبه تامة".
قد تجتذب داعش السنة الخائفين من تمييز حكومة العراق الشيعية في بغداد، لكن العديد أيضًا هربوا من داعش، بينهم أصحاب الأعمال المنتمين للطبقة الوسطى، والفنيين، الذين يساعدون في إدارة الخدمات الاجتماعية.
تستطيع داعش أن تسلب، وتبيع النفط في السوق السوداء، وتؤسس خدمات بدائية لمنع مجاعة جماعية، لكن ذلك لا يؤدي إلى إقامة دولة تتسم بالكفاءة.
حكومة بشار الأسد تعلن أنها في حرب مع الإرهابيين، كما تصور داعش ذاتها باعتبارها المدافعة عن "المسلمين السنة" في سوريا ضد "الأنظمة الكافرة" مثل الأسد، لكن كلاهما "داعش والأسد"، يناهضان المعارضة السورية المعتدلة، التي إذا أضعفها الأسد، فإن ذلك يقوض التهديد الأكبر لحكمه على المدى الطويل.
والدليل على ذلك هو امتناع حكومة الأسد في أوقات عن تتفيذ عمليات عسكرية في مناطق يسيطر عليها داعش، كما قصفت قوات الأسد جوًا، المعارضة المعتدلة المناهضة لداعش، بل وابتاعت نفطًا من تنظيم الدولة الإسلامية.
حقًا، إذا لم يكن هناك داعش، لكان الأسد قد ابتدعه؟
عندما بدأت الاضطرابات في سوريا منذ ثلاث سنوات، تم تجسيد الصراع بشكل واسع على أنه ثورة حاشدة من مواطنين ضجروا من الوحشية والظلم، فيما صوره الأسد باعتباره "قتالاً طائفيًا" ضد "إرهابيين"، لكن خطابات وتكتيكات الأسد خلقت رد فعل عنيفًا من المسلمين السنة بمرور الوقت، لكن من خلال وجود داعش لم يعد للسوريين سوى الاختيار بين "الخيار المر" ببقاء الأسد، أو الإسلاميين المتشددين.
لكن من خلال التقدم الذي حققته داعش في العراق، قد ينتهي ذلك التحالف التكتيكي بين الدولة الإسلامية ونظام الأسد، الذي قد يخشى من التنامي المفرط لقوة التنظيم، لاسيما أن الحكومة العراقية هي حليف الأسد، وبالتالي فإن فقدان السيطرة على نقاط حدودية، قد يمنع تدفق الإمدادات عبر العراق.
4- داعش قوة قتالية جبارة
النجاح الصاعق لداعش في العراق، والاستحواذ على الموصل، والتقدم تجاه بغداد، يوحي بجيش منظم، لكن في الواقع لا يتجاوز عدد مقاتلي داعش عشرة آلاف، كما أن هجوم التنظيم على الموصل تم بعدد أقل من 1000 مقاتل.
الانتصارات العسكرية لداعش تعكس في الواقع "ضعف الجيش العراقي، والسياسات الكارثية التي ينتهجها رئيس الوزراء نوري المالكي".
الولاياتالمتحدة أمدت الجيش العراقي بتجهيزات عسكرية تناهز مليارات الدولارات، والتي تجعله "على الورق" يتفوق على داعش، لكن الجيش العراقي لن يجاري، فالمالكي قام بتعيين موالين سياسيين، ليسوا قادة يتمتعون بالكفاءة، وينطبق ذلك على كبار ضباط الجيش العراقي.
التمييز الذي يمارسه النظام العراقي ضد السنة في العراق قوض معنويات الجنود السنة.
داعش قد يفقد انتصاراته، في ظل تجنيد مقاتلين شيعة، لكن ذلك قد يحدث فقط في حالة نجاح الحكومة العراقية في أن تصبح أكثر شمولاً، وتجتذب إليها المعتدلين السنة، وإذا تلاحم الجيش العراقي معًا، فالأمر كله يعتمد على الافتراضات.
عند إطلاق سراحه من أحد سجون العراق عام 2009، قال البغدادي لآسريه: "سأراكم في نيويورك".
في 25 مايو الماضي، نفذ منير محمد أبو صالحة، مواطن أمريكي شهرته "أبو هريرة الأمريكي" هجومًا انتحاريًا في سوريا.
تضم صفوف داعش آلاف الأوروبيين، الذين تسمح لهم جوازات سفرهم بدخول أمريكا في يسر، كما أن هنالك نحو 100 أمريكي ضمن داعش سافروا إلى سوريا، بما يطرح احتمالات تنفيذهم لهجمات داخل الولاياتالمتحدة عقب العودة.
لكن داعش حتى الآن لا تركز حاليًا على الولاياتالمتحدة، ولا تضع الكفاح ضد الغرب ضمن أولوياتها، وهو جزء من شقاقها مع القاعدة.
تصريحات البغدادي حول نيويورك أسيء تأويلها، أو ربما تكون مزحة، لأن العديد من حراسه من نيويورك.