قارن الباحث والمؤرخ الأمريكي خوان كول بين علاقتي رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير مع كل من الرئيس عبد الفتاح السيسي، والعقيد الراحل معمر القذافي، معتبرا أن نفوذ بلير لدى شركات بريطانية والضرب بحقوق الإنسان عرض الحائط قاسم مشترك في العلاقتين. وقال كول في مقال له بمدونته الرسمية إنه بالرغم من إصرار بلير على تأكيد عدم تلقيه أي أموال مقابل استشارات للرئيس السيسي، إلا أن منتقدين أوضحوا أن الفرصة سانحة لرئيس الوزراء البريطاني الأسبق لاستغلال نفوذه لدى الشركات البريطانية التي تستثمر في مصر. وأضاف كول أن أقاويل أشارت إلى تربح بلير نحو 30 مليون دولار سنويا من صفقات تجارية. وتابع: “ من المخزي أن يرتبط رئيس وزراء أسبق لديمقراطية أوروبية كبرى علنا بنظام السيسي، الذي أمر بقمع وحشي استهدف اعتصامي الإخوان المسلمين مخلفا ألف قتيل، بالإضافة إلى إلقاء القبض على نحو 20 ألف من أعضاء وأنصار الجماعة، مع أحكام إعدام تعسفية على عشرات من الشخصيات الرئيسية لها، في محاكمات ينقصها الكثير من إجراءات التقاضي اللازمة(من عرض أدلة، والقدرة على مواجهة أصحاب الاتهامات..إلخ)”. واستطرد بقوله: “ الحكومة المصرية أيضا استهدفت الحركات الشبابية التقدمية، التي طالبت بالدعوة للانتخابات في مثل هذا الوقت من العام الماضي، حيث سجنت الحكومة العشرات من القيادات الشبابية البارزة، لأنهم تجرأوا على المشاركة في مظاهرات دون تصريح، رغم أن احتجاجات من ذات النوع هي من سمحت للسيسي بتقلد السلطة". ومضى يقول: “ أحد الأمور التي تجذب الانتباه بالنسبة لبلير في عمله مع الإمارات العربية والسيسي هي الانقلاب على الإخوان. بلير يمتلك إسلاموفوبيا عميقة، ويكره الحقوق الدينية الإسلامية، بالرغم من تحمسه للحقوق الدينية المسيحية". وأضاف: “ السيسي أعلن الإخوان جماعة إرهابية بالرغم من عقود من التنظيم السلمي وتجنب العنف..وكذلك ضغطت السعودية والإمارات على الحكومة البريطانية للتحقيق مع الإخوان في بريطانيا واعتبارها جماعة إرهابية". وتابع: "وبما أن بلير كان جيدا جدل في تمرير غزو العراق استنادا على اتهامات زائفة بامتلاك أسلحة دمار شامل، فليس هنالك ثمة شك من تأجيره لفعل ذات الشيء مع الإخوان المسلمين". وواصل قائلا: “ لا أشترك مع الإخوان في العديد من القيم، لكنهم ليسوا إرهابيين، وليس هنالك من أساس لاستبعادهم من دور شرعي في مجتمع ديمقراطي. إذا كانت جماعة مرسي ارتكبت جرائم وقتما كانوا في السلطة، يجب محاكمتهم، لكنك لا تستطيع إسباغ عقاب جماعي على الجماعة بأسرها". وتابع: “ الإخوان لديها الكثير من العيوب من وجهة نظر ليبرالية، لكنها حقيقة قدمت مساحة أكبر كثيرا من حرية الفكر والتعددية، عندما تقلدوا السلطة خلال الفترة بين 2012-13، أكثر مما تسمح به الحكومة السعودية، رغم أن الأخيرة قائمة على أساس ديني". وأردف قائلا: “ لذا فبلير لديه مشكلة كبرى مع الإخوان المسلمين، ولا يمتلك مشاكل مع السعودية، رغم أن الأخيرة أكثر ديكتاتورية وتحكما عل أساس ديني من فترة حكم مرسي. الأمر إذن يعتمد بوضوح على "كم أنت مطياع" في مجال البيزنس والمراكز المالية". وأضاف المؤرخ الأمريكي: “ غضب بلير انتقائي للغاية..في عام 2007، اصطحب رئيس الوزراء البريطاني الأسبق مسؤولين تنفيذييين في شركة "بي بي" البريطانية البترولية في رحلة مشبوهة إلى ليبيا، للقاء معمر القذافي وأشاد بلير آنذاك، بالقائد الأخ الزئبقي، الذي كان وراء تفجير طائرة مدنية فوق السماء البريطانية، وساعد في تدريب أكثر العناصر عنفا في الجيش الأيرلندي". وتابع: “ كل ذلك تم التسامح معه فجأة لأن القذافي وعد بمحاربة "الإرهاب"، أو على الأحرى "الليبيين غير المطيعين بدرجة كافية"، مع تقديم عروض ل "بي بي بقيمة 18 مليار دولار". وأضاف: “ مصر لديها عجز في الكهرباء، وتحتاج إلى التحرك سريعا نحو الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، بعيدا عن الهيدروكربونات، لكن السيسي يأخذ مشورة حاليا من شخص مقرب إلى "بي بي"، هل بلير قادرا في مثل هذه الظروف على تقديم مشورة نزيهة للسيسي بأن مصر ينبغي عليها الانتقال إلى الطاقة النظيفة؟". ومضى يقول: “ لقد لحقت أضرار عميقة بصناعة السياحة المصرية بسبب التفجيرات وانعدام الأمن، بسبب تهميش السيسي لحوالي 20 % من الكتلة الانتخابية". وأشار الكاتب إلى أن السيسي يجب أن يعلم بوضوح أن السماح بعودة الإخوان إلى الحياة السياسية سيحد من احتمالات تطرفهم، وإلا ستكون معركة عودة السياحة مجددا شديدة الوعورة..لا سيما وأن التفجيرات، طالت القصر الرئاسي في ذكرى "الانقلاب العسكري التالي للاحتجاجات"، على حد قوله. وأضاف: “ يقال أن بلير ذاته هو الذي صدر إلى ملياردير الصحافة روبرت مردوخ هذا النموذج، القول بأنك في صف العمال، بينما تخدم في الواقع 1 % فقط نموا تحت كنف الحكومة البريطانية". وأردف : “بميوله النيوليبرالية (الحث على خصخصة الشركات العامة والسلع)، وكرهه للإسلام السياسي، بلير سوف يدعم الرغبات الأسوأ للحكومة الحالية، كما أظهر من قبل في تغزله بالقذافي. إنه أقل اكتراثا بحقوق الإنسان من تحقيق أرباح لشركات بريطانية، وهي ذات المفاضلة التي سيفعلها في القاهرة". واختتم بقوله: “ وفي ذات الأثناء،يقبع أحمد ماهر من حركة شباب 6 أبريل، وماهينور المصري من "الاشتراكيين الثوريين" في سجون السيسي. هل يهتم بلير بهؤلاء القادة الشباب لثورة 25 يناير، أم أنهم أضحوا الآن بالنسبة له مصدرا لعدم الراحة. وكان مكتب بلير قد أصدر بيانا رسميا أنكر خلاله تقرير الجارديان البريطانية حول موافقة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق على تقديم استشارات للرئيس المصري ضمن برنامج تدعمه الإمارات، وقال البيان: " توني بلير ليس مستشارا رسميا للسيسي، وإنما الأمر ببساطة أنه قال إنه من الضروري لمصر والمنطقة والعالم أن ينجح الرئيس الجديد (السيسي) وحكومته في إصلاح الدولة والمضي بها نحو مستقبل أفضل، وأن المجتمع الدولي يدعمهم في ذلك.
وأضاف البيان أن بلير أدلى بهذه التصريحات علانية في العديد من المناسبات، كما صرح بأنه سيكون سعيدا بالمساعدة في الدفع قدما بهذا الدعم إذا استطاع.