مجلس الوزراء: نراجع التحديات التي تواجه الهيئات الاقتصادية كجزء من الإصلاح الشامل    أخبار مصر اليوم: العمل تعلن صرف 1.5 مليون جنيه لأسرة ضحية حادث عمل بجنوب سيناء.. تحذير عاجل من الكهرباء لهذه الفئة قبل رفع العدادات.. قرارات جديدة لرئيس الوزراء    47.7 مليار جنيه إجمالى قيمة التداول بالبورصة خلال جلسة الإثنين    زاخاروفا: الرد على هجمات نظام كييف الإرهابية لن يكون دبلوماسيا بتاتا    زيلينسكي ينفي قيام أوكرانيا بمحاولة استهداف مقر إقامة بوتين في منطقة نوفجورود    تصويت لصحيفة "ديلى ميل": 96% من البريطانيين يؤيدون ترحيل علاء عبدالفتاح رغم الاعتذار    أمم إفريقيا - إبراهيم عادل: سنقدم كل ما لدينا لنفوز من أجل مصر    روما يفوز على جنوى بثلاثية في الدوري الإيطالي    نجم الزمالك السابق: لا أخشى على المنتخب من مواجهة تونس    ضبط كيان تعليمي وهمي للنصب على المواطنين وتزوير الشهادات بمدينة نصر    محمود العسيلي: اتجوزت 4 مرات وعمري حاليا 43 سنة.. وعمرو أديب يصفق له (فيديو)    مدير مستشفيات جامعة القاهرة: نتعامل مع أعقد حالات التلفيات الرئوية في مصر    ضبط عنصر إجرامي مطلوب في قضايا جنائية وصلت أحكامها 85 سنة سجنا بقنا    وزير الخارجية يجتمع بأعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي من الدرجات الحديثة والمتوسطة |صور    سوريا تطلق العملة الجديدة ضمن إصلاحات نقدية واسعة    مركز للتلقيح الاصطناعي وتحصين 1.1 مليون حيوان.. أبرز إنجازات الطب البيطري بسوهاج في 2025| صور    نائب رئيس جامعة بنها يتفقد امتحانات الفصل الدراسي الأول بكلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي    جوهرة فرنسا.. عثمان ديمبيلي ملك الكرة الذهبية في 2025    ما أهم موانع الشقاء في حياة الإنسان؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    عودة بيدري وأراوخو لتدريبات برشلونة    الصحة: ارتفاع الإصابات بالفيروسات التنفسية متوقع.. وشدة الأعراض تعود لأسباب بشرية    الدكتورة نيرفانا الفيومي للفجر..قصر العيني يؤكد ريادته في دمج مرضى اضطراب كهربية المخ مجتمعيًا    الفقه المصرى والإسرائيلى فى أولويات المشروعية!    الاستراتيجية الوطنية للأشخاص ذوي الإعاقة تؤكد: دمج حقيقي وتمكين ل11 مليون معاق    وزارة الشباب والرياضة تُجرى الكشف الطبى الشامل للاعبى منتخب مصر لكرة اليد    استعادة ريادة «الوطنية للإعلام» |مدبولى: خريطة طريق لرفع كفاءة الهيئات الاقتصادية    توصيات «تطوير الإعلام» |صياغة التقرير النهائى قبل إحالته إلى رئيس الوزراء    الإفتاء توضح مدة المسح على الشراب وكيفية التصرف عند انتهائها    معدل البطالة للسعوديين وغير السعوديين يتراجع إلى 3.4%    نيافة الأنبا مينا سيّم القس مارك كاهنًا في مسيساجا كندا    «طفولة آمنة».. مجمع إعلام الفيوم ينظم لقاء توعوي لمناهضة التحرش ضد الأطفال    نقابة المهن التمثيلية تنعى والدة الفنان هاني رمزي    هل تجوز الصلاة خلف موقد النار أو المدفأة الكهربائية؟.. الأزهر للفتوى يجيب    واشنطن بوست: صور أقمار اصطناعية تكشف توسع الصين في تصنيع الرؤوس النووية    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : وزارة العدالة الاجتماعية !?    السيمفونى بين مصر واليونان ورومانيا فى استقبال 2026 بالأوبرا    مواصفات امتحان الرياضيات للشهادة الإعدادية 2026 وتوزيع الدرجات    أسماء المصابين في حادث تصادم أسفر عن إصابة 8 أشخاص بالقناطر الخيرية    تاجيل محاكمه 49 متهم ب " اللجان التخريبيه للاخوان " لحضور المتهمين من محبسهم    وفاة والدة الفنان هاني رمزى بعد صراع مع المرض    لقطات جديدة من مسلسل اتنين غيرنا للنجمين آسر ياسين ودينا الشربينى.. صورة    إلغاء تدريب الزمالك اليوم.. اعرف التفاصيل    14 يناير.. عرض فيلم «عملاق» لأمير المصري في السينمات بمصر والدول العربية    إحالة ربة منزل للمفتي بعد قتلها زوجها وابن شقيقه في كفر شكر    تحقيقات الهروب الجماعي من مصحة البدرشين: المتهمون أعادوا فتحها بعد شهرين من الغلق    "الوزير" يلتقي وزراء الاقتصاد والمالية والصناعة والزراعة والمياه والصيد البحري والتربية الحيوانية والتجارة والسياحة في جيبوتي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29-12-2025 في محافظة الأقصر    محافظ قنا ينعى المستشارة سهام صبري رئيس لجنة انتخابية توفيت في حادث سير    وزير الخارجية يؤكد دعم مصر لتعزيز منظومة الصحة والأمن الدوائي في إفريقيا    ارتفاع جماعي في مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة اليوم    برودة وصقيع.. تفاصيل طقس الأقصر اليوم    أسود الأطلس أمام اختبار التأهل الأخير ضد زامبيا في أمم إفريقيا 2025.. بث مباشر والقنوات الناقلة    «الوطنية للانتخابات» توضح إجراءات التعامل مع الشكاوى خلال جولة الإعادة    مناورات صينية واسعة تطوّق تايوان    حمو بيكا ينعي دقدق وتصدر اسمه تريند جوجل... الوسط الفني في صدمة وحزن    يحيى حسن: التحولات البسيطة تفكك ألغاز التاريخ بين الواقع والافتراض    فوضى السوشيال ميديا    مشروبات تهدئ المعدة بعد الإفراط بالأكل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دلالة أحداث عكا
نشر في الشعب يوم 22 - 11 - 2008


بقلم: د. احمد مصطفى

وسط أخبار الازمة المالية العالمية، والتوترات السياسية اللبنانية والتفجيرات في سوريا ولبنان والتوتر مع ايران لم تحظ عدة ايام من الصدامات بين الفلسطينيين واليهود في مدينة عكا باهتمام اعلامي كاف. كما أن تلك الاحداث جاءت في وقت تركزت فيه اخبار فلسطين على التمديد لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بعد انتهاء مدة رئاسته ومعارضة حركة حماس لذلك، وعودة مفاوضات الوساطة بين الفصائل الفلسطينية عن طريق مصر. وكأنما انحصرت كارثة فلسطين في عدة قيادات سياسية من فتح وحماس تتمسك بسلطة وهمية كلها مرهونة بتصريح من جيش الاحتلال لانتقال مسؤوليها عدة أمتار ما بين حاجز صهيوني وآخر!.
وما حدث في عكا، بغض النظر عن تفاصيله وأسبابه، إنما هو تعبير عن وضع أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني ممن لا يزالون يعيشون في بيوتهم داخل فلسطين المحتلة عام 1948، أو ما اصطلح العالم على تسميته اسرائيل. فقد تطور شجار بشأن شاب فلسطيني قاد سيارته في يوم عطلة دينية خارج البلدة القديمة (أي في الاحياء اليهودية) إلى ايام وليال من الهجمات التي يشنها المتطرفون الصهاينة على الفلسطينيين يحرقون بيوتهم ويهاجمون ما تبقى من ممتلكاتهم وأسباب عيشهم في الحي القديم من مدينة عكا. واستعان صهاينة عكا بمتطرفين من انحاء اخرى، لم تحل الشرطة الصهيونية دون وصولهم ومشاركتهم في الهجمات على الفلسطينيين.
وما حدث في عكا هو استمرار لمسلسل دائم للهجمات والمضايقات وقطع الارزاق وتضييق السلطات على السكان الاصليين دون اهتمام من احد، لا من العرب ولا من العالم. وما يجري في عكا يجري في كافة مدن فلسطين التي لا يزال بها فلسطينيون مثل الناصرة وام الفحم ويافا وغيرها. وتتبدى في تلك البقع أبشع أشكال العنصرية والتمييز العرقي التي لو شهد مكان اخر في العالم بعضا منها لقامت الدنيا ولم تقعد وتم تفعيل المواثيق الدولية وتحرك مجلس الامن بل وتدخلت القوة الدولية غزوا واحتلالا لمواجهة التمييز العنصري! لكن تلك اسرائيل، التي يتولاها الاميركيون والبريطانيون والفرنسيون رعاية منذ انشائها على ارض فلسطين المغتصبة فلن يلحظ احد اي عنصرية او بربرية.
لكن الكارثة في تقديري هي في موقف العرب ، ليس مساعدة منهم للفلسطينيين (فقد تخلوا عن ذلك طوعا بلا إكراه من واشنطن!)، ولكن في اطار سعيهم لأن يكون لهم دور في منطقتهم ولو بسيط إلى جانب ما يرسمه الغرب لاسرائيل القوة الوحيدة التي يعتد بها في المنطقة من وجهة نظر اوروبا واميركا. فاذا كان العرب جادين في التوصل الى تسوية في المنطقة واتفاقات تضمن لهم بعض اسباب الوجود فعليهم الا يفوتوا اي فرصة للضغط والا يسقطوا اي ورقة في ذلك المشوار الطويل. ولا شك ان مشكلة الفلسطينيين داخل الكيان الصهيوني، المعروفين بوصف عرب 48، هي ورقة في غاية الاهمية. فهؤلاء الفلسطينيون يحملون الجنسية الاسرائيلية، لكنهم يعاملون كمواطنين من الدرجة العاشرة او اقل. ولم اسمع منظمة حقوقية عربية، من تلك التي تصرخ يوميا من اجل حقوق المنحرفين والمهرطقين، في انحاء الدنيا تستنكر ذلك التمييز وتلك العنصرية التي يعامل بها السكان الاصليون من عرب 48. ولا يقتصر الامر على نوبات الصدامات والمضايقات، بل ان هناك سياسة منهجية من السلطات الصهيونية تجاه الفلسطينيين اذ تحرم عليهم الحصول على تصريح لتوسعة منازلهم لإيواء من يكبر من ابنائهم، ناهيك طبعا من انه محرم عليهم البناء. كما لا يسمح لهم بترميم بيوتهم ومحالهم التي تتدهور حالتها، الى جانب الإهمال الشديد المتعمد في خدمات البنية الاساسية للاحياء التي يقطنها الفلسطينيون بشكل يكاد يقترب من رام الله أو غزة احيانا.
ولا شك ان هدف تلك السياسات العنصرية والدفع نحو التطهير العرقي هو حرمان هؤلاء الفلسطينيين من "حق البقاء" في ارضهم وبيوتهم، بعدما تمكن الصهاينة من تمييع حق العودة للاجئين الفلسطينيين سواء في الاراضي المحتلة عام 1967 او في الشتات حول العالم. ولا يجد هؤلاء الفلسطينيون ملاذا الا في محاكم الدولة اليهودية، بعدما تخلى عنهم العالم وخاصة اخوانهم من العرب. فبعض الدول العربية تمنع عرب 48 من دخولها لأنهم يحملون جوازات سفر اسرائيلية فيما قد ترحب بمسؤولين اسرائيليين او تستقبل ليل نهار عتاة الصهاينة بجوازاتهم الاميركية او البريطانية!!
صحيح ان اهل عكا، الذين قاوموا عبر التاريخ واوقفوا زحف الحملة الفرنسية وردوا نابليون على عقبيه بقيادة زعيمهم احمد باشا الجزار، قادرون على الصمود والمقاومة بشتى السبل التي تسمح بها ظروفهم كمواطنين في اسرائيل ، لكن ذلك لا يبرر أن يتنازل العرب عن تلك الورقة الهامة التي تسهم في الضغط على الصهاينة بفضح عنصريتهم وتمييزهم ضد غير اليهود. وإذا كان العرب فشلوا، أو تكاسلوا، في شن الحملات ضد الترسانة النووية الاسرائيلية، واذا كان يخشون الدعم الاميركي والاوروبي لإسرائيل ، فليس اقل من ان يستخدموا اجهزتهم الدبلوماسية والاعلامية لفضح تلك الممارسات الصهيونية ضد عرب 48 ومحاولة حشد تأييد دولي لحقوقهم، ولو من باب الضغط في إطار مفاوضات سلام كي لا يكون مجرد استسلام.

كاتب صحفي عربي مقيم ببريطانيا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.