القصة التى نشرها الأستاذ مجدى حسين فى مقاله الأخير بعنوان "كيف تحول تنظيم القاعدة (داعش) إلى وبال على الاسلام والمسلمين؟" يجب ألا تمر مرور الكرام، فإنها تحتوى على مضمون غاية فى الخطورة لدول تزعم أنها ديمقراطية وتحترم مؤسساتها، لكنها فى الواقع تنتهك الديمقراطية وحقوق الإنسان ورأى الأغلبية فيها وتخدم فقط طموحات قادتها المجنونة أحيانا!! وهذا المقال هو جرس إنذار لفضيحة جديدة تضاف لسجل فضائح الإدارات الأمريكية المتعاقبة فى العمل السرى خلف مؤسساتها التشريعية وإنتهاكا لدستورها، فيكشف مجدى حسين فى مقاله سر خطير اتبعته الحكومة الأمريكية من خلف ظهر الكونجرس الأمريكى وأزعم أنه لو اطلع عليه الإعلام الأمريكى فلن تقل فى تأثيرها عن فضيحتى ووتر جيت وإيران جيت .. فكتب يقول "بالنسبة لموضوع تمويل الجهاد ، اسمع هذه القصة الطريفة الموثوق فيها التى أسرها لى مسئول باكستانى : فى مباحثات المجاهدين مع مسئولين بالمخابرات الأمريكية كان المجاهدون الأفغان يلحون على زيادة الدعم المالى ، فقال لهم الأمريكيون : إن الدعم يرتبط بقرارات للكونجرس وهذه عملية معقدة ولها سقف معين، فلنحل مشكلاتكم المالية على النحو التالى : سنعطيكم مطبعة تطبعون عليها الدولارات التى تحتاجونها ، بحيث تخرج حقيقية وغير مزورة ، ونتخلص من موضوع الكونجرس !! وقد تم تنفيذ هذا الاقتراح فعلا تحت إشراف مندوب من المخابرات حتى لا يتم تجاوز المعقول فى الطباعة !! لقد كانت معركة لاستنزاف وإسقاط الاتحاد السوفيتى واستحقت كل هذه الخطوات الجريئة وغير المسبوقة . وطبعا حصل المجاهدون على كل الذى يحبونه ومنها صواريخ ستينجر الأمريكية المحمولة على الكتف التى أسقطت كميات من الطائرات السوفيتية . وبالتأكيد فان المجاهدين لم يحصلوا عليها من سوق السلاح أو سوق الكانتو!" فالأمريكان يستخدمون كافة الحيل لتنفيذ مخططهم وتحقيق مآربهم، فالغاية تبرر الوسيلة ركن أصيل فى مذهبهم وسلوكياتهم أيا كانت هذه الوسيلة مشروعة أو ممنوعة، أخلاقية أو بربرية، وان وقفت فى طريقهم المؤسسات والقوانين والأعراف فتذهب تلك المؤسسات والقوانين والأعراف إلى الجحيم والالتفاف عليها وإن كانت تلك الأشياء هى معلم من معالم تسويق مشروعهم للآخر!! وكيف نذهب بعيدا وفضيحة غزو العراق واحتلاله وقتل أكثر من مليون عراقى ليست بعيده عنا ومازال العراق يتجرع مزيدا من الانقسام والخسائر بفعل هذا الغزو الذى تجاوز فيه بوش الأبن الأممالمتحدة ومجلس الأمن الذى رفض يعطيه قرار بالغزو، فقام بفعلته المجرمة بلا غطاء قانونى أو أخلاقى أو تفويض أممى بالاحتلال وتدمير دولة عضو بالأممالمتحدة، الغريب أن الدول العربية ساندته وأيدته وقدمت للقوات الاحتلال الأمريكى والبريطانى الدعم اللوجستى والعسكرى باستخدام أراضيها ومياهها ومطاراتها، وعملت على تخوين واعتقال كل من يعترض على هذا الغزو. الشعب جيت ما قام به الاستاذ مجدى حسين من كشف جريمة سياسية وأخلاقية جديدة اقترفتها الحكومة الأمريكية فى حق الدستور الأمريكى والكونجرس والمواطن الأمريكى دافع الضرائب التى جاءت بمحض الصدفة، خلال لقاء مسئول باكستانى فأسر له هذا السر، الذى يحسب بطبيعة الحال لموقع جريدة الشعب فى الكشف عنه، والتى يمكن تسميتها "الشعب جيت" بعدما خلقت فضيحة ووترجيت التى انفجرت فى السبعينيات وتصادمت بها إدارة الرئيس نيكسون مع الدستور الأمريكى وأصبحت لاحقا كلمة «جيت» تستخدم فى وصف العديد من الفضائح التالية التى كان بعضها مرتبطا بشخصيات سياسية مميزة وكانت اقل أهمية من ووترجيت.. والنتيجة أن فضيحة ووترجيت أصبحت رمز الفضائح فى الصحافة الغربية وأحيانا كانت تشير إلى نوعية الجرائم المرتبطة باستخدام تسجيلات صوتية فى محادثات خاصة بأبرز شخصيات الحكومات الغربية وأحيانا أخرى بالأسرة الملكية البريطانية وأحيانا ثالثة بأكبر رجال المال والأعمال فى العالم. وكان من بين الفضائح الكبرى التى ارتبطت أيضا برؤساء الولاياتالمتحدة واتخذت من لاحقة «جيت» عنوانا لها فضيحة "إيران كونترا" أو إيران جيت والتى وقعت فى عهد إدارة الرئيس الأمريكى رونالد ريغان وارتبطت ببيع الإدارة لأسلحة بشكل سرى إلى إيران التى كانت وقتها طرفا فى حرب ضروس مع جارتها العراق "من 1980 إلى 1988". وقد حملت وقت فضحها اسم إيران جيت فى الصحف الأمريكية وغالبا اسم إيران كونترا وارتبطت ببيع إدارة ريغان لأسلحة إلى إيران وتحويل عائدات صفقة بيع الأسلحة للحركة المضادة لثوار نيكاراغوا الذين كانوا يحاربون للإطاحة بالحكومة اليسارية وحزب الساندينيستا الذى كان يحكم نيكاراغوا. وكانت صفقة بيع الأسلحة لها هدفان متزامنان الأول استرضاء إيران التى كان لها تأثير على الجماعات التى أسرت عددا من الرهائن الأمريكيين فى لبنان وقيل أنها وراء عدة تفجيرات فى دول أوربية شرقية، والهدف الثانى تمويل حرب عصابات الهدف منها الإطاحة بحكومة نيكاراغوا المؤيدة للنظام الشيوعى والتى تساندها كوبا والاتحاد السوفيتى. ومن نافلة القول أن الصفقة وبيع الأسلحة كان ضد قوانين الكونغرس الذى يحرم تمويل الحركة المضادة لثوار نيكاراغوا وبيع الأسلحة لإيران، ومررته حكومة ريجان من خلف رقاية الكونجرس كم فعلت بإرسال طابعة للدولار لتمويل المجاهدين. بعيدا عن أعين الرقيب الأمريكى ما تفعله المخابرات والحكومات الأمريكية من تلك الأنشطة تشكل دوما تعديا على عقوبات الأممالمتحدة وقتها، وهل ما فعلته من إعلان الحرب على الإرهاب فى أفغانستانوالعراق، واقتراف جرائم حرب بشعة مستغلة عدم قدرة الأممالمتحدة على معاقبة مسئوليها كمجرمين حرب، واستخدمت معتقل جوانتانامو الذى يقع فى خليج جوانتانامو وهو سجن سيء السمعة، بدأت السلطات الأمريكية باستعماله فى سنة 2002، وذلك لسجن من تشتبه فى كونهم إرهابيين، ويعتبر السجن سلطة مطلقة لوجوده خارج الحدود الأمريكية، وذلك فى أقصى جنوب شرق كوبا، وتبعد 90 ميل عن فلوريدا، ولا ينطبق عليه أى من قوانين حقوق الإنسان إلى الحد الذى جعل منظمة العفو الدولية تقول أن معتقل جوانتانامو الأمريكى يمثل همجية هذا العصر. ففى 23 فبراير 1903، قامت كوبا ممثلة برئيسها طوماس بتأجير الولاياتالمتحدةالأمريكية قاعدة جوانتانامو بمقابل 2000 دولار أمريكي، فى عهد الرئيس ثيودور روزفلت، كان ذلك امتنانا من الرئيس الكوبى للمساعدة التى قدمها الأمريكيون لتحرير كوبا. احتج الثوار الوطنيون على ذلك القرار، وعلى إثر ذلك لم تقم كوبا بصرف الشيكات اعتراضا على قرار الإيجار. وعلى الرغم من ذلك ترسل الولاياتالمتحدةالأمريكية شيكا بقيمة 2000 دولار سنويا إلى حكومة كوبا. فى أزمة صواريخ كوبا فى أكتوبر عام 1968 لغم فيديل كاسترو القاعدة لمحاولة إجلاء الأمريكان، لكن الرئيس جون كندى رفض التدخل فى القاعدة وأكد حقه فى استئجارها. ويعتبر مراقبون أن معتقل جوانتانامو تنمحى فيه جميع القيم الإنسانية وتنعدم فيه الأخلاق ويتم معاملة المعتقلين بقساوة شديدة مما أدى إلى احتجاج بعض المنظمات الحقوقية الدولية إلى استنكارها والمطالبة لوقف حد لهذه المعاناة واغلاق المعتقل بشكل تام. هذا المقال بلاغ إلى النائب العام الأمريكى يكشف جريمة جديدة للدستور والكونجرس الأمريكى من مواطن مصرى يتحرى الحرية وحقوق الإنسان وتفعيل مؤسسات الدولة حتى لا تغول سلطة على أخرى، وحتى لا تستخدم أجهزة الدولة ومؤسساتها مطية فى يد سلطة متجبرة تبطش وتعتدى على حقوق الآخرين سواء كان أفراد أو دول أو منظمات، فهل يقوم السفير الأمريكى بحكم مهامه نقل كل ما يخص دولته من نقل محتوى مقالى للنائب العام الأمريكى؟.