تحت عنوان "الإصلاحات الاقتصادية لمصر هي آخر أسلحة الخليج في حربها على الإسلام السياسي"، ذكرت صحيفة "إنترناشيونال بيزنس تايمز" البريطانية أن دولة الإمارات تعيد النظر في المساعدات المالية التي تقدمها للحكومة المصرية الجديدة، في محاولة لتعزيز الإصلاح الاقتصادي الدائم في أكثر الدول العربية ازدحاما بالسكان. وأوضحت أن مصر دولة محورية في الشرق الأوسط، والأحداث السياسية التي تشهدها القاهرة يتردد صداها في جميع أنحاء المنطقة، لهذا السبب اختارت دول الخليج الثلاث المتمثلة في السعودية والكويت والإمارات أن تكون مصر هي جبهة المعركة في حربها على الإسلام السياسي. وإدراكا بأن جماعة الإخوان المسلمين تمثل تهديدا وجوديا لدول الخليج الثلاث، انهالت المساعدات الخليجية على الحكومة المصرية عقب عزل الرئيس الإسلامي محمد مرسي يوم 3 يوليو الماضي، كما تعهدت هذه الدول الغنية بالنفط بإرسال مليارات الدولارات على هيئة مساعدات للقاهرة بعد صعود القائد العام السابق للقوات المسلحة، عبد الفتاح السيسي، إلى الرئاسة المصرية مؤخرا، في انتخابات حقق فيها انتصارا ساحقا على منافسه الوحيد اليساري حمدين صباحي، بحسب الصحيفة. وأشارت الصحيفة الى أن الإمارات لم تتوقف عند المساعدات المالية، بل أنها أطلقت حملة لإصلاح الاقتصاد المصري المضطرب، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "فايننشيال تايمز" البريطانية، فقد خولت أبو ظبي شركة لازارد للاستشارات المالية بمساعدة القاهرة في إدارة ديونها، وأوضح مسئول من أبو ظبي "نريد مساعدة مصر من أجل حماية الاستقرار في المنطقة بأسرها". ورأت "إنترناشيونال بيزنس تايمز" أن الاستعانة بالشركات الغربية في إدارة ديون القاهرة تبرز حرص المانحين على تشجيع الاستغلال الفعال للمساعدات التي لم يتم إدارتها بشكل جيد من جانب القادة السابقين. وعلاوة على ذلك، دعا العاهل السعودي، الملك عبد الله بن عبد العزيز، المجتمع الدولي لمساندة الحكومة المصرية الجديدة، بما يوضح أن السعوديين لن يدعموا الاقتصاد المصري المتعثر إلى أجل غير مسمى، بحسب الصحيفة. من ناحيتها، تحاول الحكومة المصرية الجديدة رسم صورة من الاستقرار في البلاد، بعد ثلاث سنوات من الاضطرابات السياسية والاجتماعية. وأشارت الصحيفة إلى أن الحكومة الانتقالية كانت قد وضعت بعض التعديلات على قانون الضرائب، في محاولة لتعزيز التمويل العام للبلاد، لكن محللين يعتقدون أن مصر تحتاج لإصلاحات عميقة من أجل استعادة استقلالها الاقتصادي. وأضافت أن دعم الوقود والخبر يثقل كاهل الخزينة العامة للدولة، حيث تصل تكلفة الدعم على الوقود وحده إلى 19 مليار دولار سنويا، ويتوقع صندوق النقد الدولي أن تشهد هذه القطاعات إصلاحات عميقة في حالة النظر في مسألة تمديد القرض للقاهرة. وتابعت الصحيفة أن هذا هو المقياس الذي سيُقيم على أساسه الرئيس الجديد عبد الفتاح السيسي، مشيرة إلى أن حكومة الرئيس المعزول محمد مرسي حاولت التوصل لاتفاق مع صندوق النقد، لكنها فشلت، علاوة على أن حكومة مرسي فقدت سيطرتها بعد ذلك على الاقتصاد والدولة، وفي نهاية المطاف فقدت السيطرة على الشعب المصري. وقالت الصحيفة إن السيسي يعلم أن التوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي الذي يتخذ من واشنطن مقرا له سيطلق العنان لاستقبال مصر تمويل دولي يقف بعيدا عن المنال في الوقت الراهن، وتجري مصر حاليا محاولات لإقناع الدائنين بإرسال الأموال للقاهرة. جدير بالذكر أن الإمارات تضطلع بدور كبير في دعم مصر، وتُمول عددًا من مشروعات التنمية، منها بناء صوامع القمح التي قد تساعد أكبر مستورد للقمح في العالم على تقليص كلفة وارداتها الضخمة من الغذاء. وتعهدت الإمارات في أكتوبر الماضي، ببناء 25 صومعة قمح في المجمل بسعة تخزينية 1.5 مليون طن للمساعدة في وقف خسائر بمليارات الدولارات من القمح كل عام.