عاد الزحام أمام محطات الوقود في الإسكندرية، نتيجة النقص الحاد في البنزين (80) و(90)، وهو ما أدى إلى امتداد طوابير التاكسيات خصوصا، والسيارات الملاكي لمسافات تصل إلى مئات الأمتار مما يعوق حركة المرور خاصة على طريق الكورنيش، وطريق الموقف الجديد بمحرم بك. وفجر النقص الحاد في كميات الوقود حالة من الغضب بين قائدي وأصحاب السيارات، وأشعل عشرات المشاجرات في إطار الصراع على أولوية التموين بالمحطات المختلفة، في الوقت الذي لم يصدر فيه توضيح حكومي حول أسباب ذلك. غير أن مصادر بقطاع البترول عزت الأزمة إلى تقليص عدد من معامل التكرير بالإسكندرية والسويس معدلات إنتاجها من البنزين (80) و(90) إلى أكثر من النصف لصالح الأصناف الأخرى، ورجحت أن يكون ذلك مقدمة لرفع أسعار البنزين 80، الذي تراجع إنتاجه بشكل ملحوظ منذ العام الماضي. وقد أوضحت مصادر بوزارة البترول إن الكميات التي تحصل عليها محطات التموين حاليا لا تتجاوز نصف ما كانت تحصل عليه في الماضي، فضلا عن التأخر لعدة أيام في إمداد المحطات بحصتها من البنزين، الأمر الذي زاد من تفاقم الأزمة. وقال عمرو حمودة، باحث بشؤون الطاقة، إن الأزمة لها حزمة من الأسباب، أولها أن الحكومة دأبت علي زيادة أسعار المنتجات البترولية من خلال سيناريو مكرر يقوم علي اختلاق أزمة في طرح المنتج سواء كان «بنزين أو سولار» أو غيره، وتضييق الخناق علي المستهلكين ثم رفع السعر ليجد المواطن لا مفر أمامه سوي القبول بالوضع، لاسيما أن البنزين سلعة حيوية ولا يستطيع أحد الاستغناء عنها. وأضاف حمودة أن ندرة ال80 بالسوق ستجبر المواطنين علي التحول إلي بنزين90 و92 نظرا لأن الفترة الماضية حاول فيها المستهلكون الهروب من ارتفاع الأسعار الأخير من خلال الاعتماد علي بنزين 80 بنصف الثمن وإن كان بجودة أقل. وتابع أنه يضاف إلي ذلك انتشار وسائل مواصلات جديدة مثل التوك توك والموتوسيكلات البخارية، وفترة المصايف والسفر وارتفاع درجات الحرارة وكثرة استخدام المكيفات بالسيارات كلها عوامل تؤثر علي حركة الطلب علي الوقود وإن كانت ليست العامل المسبب للأزمة إلا أنها عوامل مساعدة. وأشار حمودة إلي أن عدم تحديث معامل التكرير المصرية منذ فترة طويلة بما جعل تلك المعامل غير قادرة علي استيعاب أنواع من الخامات البترولية، لاسيما عالية الرصاص منها، مما أجبر الحكومة علي أنواع محددة وفي حالة عدم توافرها في إنتاجنا من البترول يتم تعويضها بالاستيراد من الخارج تتوافق مع قدرة التكرير بالمعمل. وأضاف أن توزيع معامل التكرير ليس التوزيع الأمثل جغرافيا بما يخلق مدد زمنية في توفير المنتج بمناطق محددة، ولا يصل بالكميات المطلوبة،لافتا إلي أن الجهات الحكومية والسيادية لها حصص من البنزين بأنواعه غير وارد الانتقاص منها أو تقليلها. وطالب حمودة بسرعة الانتهاء من تحويل السيارات النقل العام والحكومية للعمل بالغاز الطبيعي، بما يقلل من ضغط الطلب مستقبليا علي البنزين بأنواعه. من جانب آخر، شهدت جميع الأحياء الإسكندرية عودة ظاهرة طوابير الخبز، بسبب ما وصفه أصحاب المخابز ب "القرارات التعسفية" لمدير مديرية تموين الإسكندرية ضدهم، حيث تم إغلاق العديد من المخابز، وتقليص حصص العشرات إلى النصف بزعم وجود مخالفات بها. كما تعددت شكاوى أصحاب المخابز في حي غرب من تسليمهم دقيق غير صالح للاستهلاك الآدمي لاحتوائه على نسبة عالية من الأتربة والرمال. فيما تثار شبهات حول قيام عدد من مخابز الشرطة في الإسكندرية ببيع كميات من حصتها في السوق السوداء لتجار من كفر الدوار، وشكت مصادر تموينية من "أن مفتشي التموين يتعرضون لإرهاب من ضباط الشرطة إذا حاولوا تحرير محاضر ضد تلك المخابز".