بقلم: شوقي حافظ الاسرائيليون لا يملكون قوة خارقة لا يمكن التغلب عليها.. هذا هو الدرس الأول من حرب أكتوبر المجيدة عام 73، فعندما تتم المواجهة يظهر معدن الرجال وينبت الأبطال والبطولات مثل عبد العاطي جندي المشاة المصري الذي اشتهر باسم (صائد الدبابات) لأنه أصاب واعطب 13 دبابة اسرائيلية في معركة واحدة، وهو يتنقل على قدميه كالفهد من موقع لآخر وصواريخه الصغيرة يحملها على ظهره، حتى أجبر قائد اللواء الاسرائيلي المدرع عسّاف ياجوري على الاستسلام وتم أسره، وعبدالعاطي نموذج لآلاف مثله قاتلوا ببسالة وانتصروا، لكن الثغرة الاسرائيلية التليفزيونية التي أحدثها إيرييل شارون غرب قناة السويس تطرح أسئلة كثيرة.. لماذا حدثت هذه الثغرة أصلا، وما هي حقيقة الآراء المتضاربة حول ضرورة تطوير الهجوم المصري شرقا حتى منطقة الممرات وبسرعة كبيرة قبل أن يستفيق الاسرائيليون من صدمتهم، وهل كانت الثغرة نتيجة هذا التأخير بمسؤولية قيادة ميدانية فردية أم بقرار من قيادة جماعية؟ المقاتلون ليسوا طرفا في هذا لكنها سلطة احتكار القرار العسكري والسياسي من قبل فرد واحد أيّا كان، وليس بقرارات جماعية تصدر عن مجلس حرب ومجلس الأمن القومي بعد الاستماع إلى آراء الجميع، وهذه هي (الثغرة) الحقيقية التي يتفوق فيها الاسرائيليون، فهم يشكلون لجان تحقيق لتقصي جميع الحقائق والأسباب المؤدية الى هزيمتهم مثل لجنة إجرانات عقب حرب اكتوبر 73 ولجنة فينوجراد عقب الحرب الاسرائيلية الأخيرة على لبنان. هذا يعيدنا الى نقطة البداية: المسؤولية الجماعية ضرورة وجودية في الحالات الطارئة التي يتهدد فيها أمن الوطن، والممارسة الديموقراطية أمر لا مساومة فيه ولا تراجع عنه بما يكفل حق الاستجواب وسحب الثقة بل والمحاكمة إذا تطلب الأمر ذلك، هذا إذا أردنا الاستفادة من الأخطاء واستدراكها لاحقا، ولهذا فإن الهزيمة ليست أبدا من صنع المقاتل العربي الذي أجبر الاسرائيليين على الاستسلام والخروج رافعي الأيدي كالجرذان المذعورة من النقاط الحصينة في خط بارليف.. النصر دائما يصنعه المقاتلون أما الهزيمة فيصنعها نظام يضع كل السلطات في يد واحدة، ثم يراهن على كفاءتها.. أو خيبتها!