أحمد حسين في مذكراته: الثورة الإيرانية لطمة لإسرائيل.. ودرس للحكام بعد تخلى أمريكا عن الشاه وقت سقوطه .. وانتصر الإسلام بقطع العلاقات الإيرانية الإسرائيلية ومنع تصدير البترول للصهاينة إيران تعطى درسا للدنيا أن أى جيش مهما بلغت قوته وسيطرة الرؤساء عليه لا يستطيع أن يتحدى شعبه "أحمد حسين" ينصح "الخومينى": كن صلاح الدين.. بالعفو الشامل لكل من لم يجرم في حق الشعب الإيرانى "حسين": إسرائيل زائلة حتما ويقينا.. وجدت في ظل الاستعمار وبتحرير الشعوب تنتهى إسرائيل من أحمد حسين إلى آية الله خومينى خطاب مفتوح بعد تكبير الله وحده والصلاة والسلام على سيدنا محمد ، أحيى شعب إيران فى شخصك بتحية الاسلام ، التى أتحدى أن تكون الدنيا قد عرفت قبلها أو يمكن أن تعرف فى مقبل الأيام تحية يمكن أن ترقى إلى مستواها ، وما تحية الاسلام إلا : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . وقد حان للدنيا كلها بشرقها وغربها بمؤمنيها على اختلاف أديانهم وملحديها ، أن يدركوا ما تنطوي عليه هذه التحية من أسمى درجات المدنية والحضارة التى يكدح البشر كدحا لتحقيقها وهى السلام والرحمة والبركات .. عندما انتصر السادات ، وانتصرت مصر وانتصر العرب وانتصر المسلمون بانتصاره وذلك فى معركة العبور المجيدة فى العاشر من رمضان سنة 1393ه كتبت له أقول لعظمة النصر : " وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى "، وهو عين ما أقوله لك اليوم ، لضخامة النصر الذى أحرزته لإيران والعرب والمسلمين فأقول لك كما قلت للرئيس السادات من قبل " وما رميت ولكن الله رمى" ماذا كتبت فى مذكراتى ؟ وخوفا من أن تظن أننى كأمريكا أو روسيا اللتين تتسابقان اليوم على الإشادة بك بعد انتصارك الساحق فإنى أبدأ رسالتى لك ، بنقل ما جاء فى مذكراتى الخاصة التى أتابع فيها الأحداث ،حيث أكتب لنفسى ،، لطمة .... لإسرائيل ففى يوم الخميس 4 يناير سنة 1979 كتبت معلقا على أحداث العام المنصرم : "وقد شهد العام قبل أن ينصرم أحداثا جساما فى إيران قلبت الأمور رأسا على عقب بحيث لن تهدأ الأمور بعض الشيء إلا بعد أن يغادر الشاه البلاد ، ولا يكاد يغادرها حتى تطوى صفحة الملكية فى إيران بعد بضعة شهور ، وقد بلغ من انقلاب الأمور فى إيران أن الجيش بكل ثقله وأسلحته وطائراته ودباباته . وعلى كثرة من قتل بالمئات فى كل يوم ، لم يستطع أن يوقف المظاهرات يوما واحدا ، على أن الأمر الذى قسم ظهر الشاه ، وجعله لم يعد يصلح لشيء فتخلت عنه أمريكا نفسها ، وهو توقف الإنتاج تماما فى البترول إلى الحد الذى أصبح على إيران أن تستورد بترولا من الخارج وأقفلت البنوك أبوابها لعدم وجود أموال بها وقتل بعض كبار الأمريكان وهربوا من إيران ولما كان كل من فى إيران لا يرضى بأقل من تنازل الشاه عن العرش فقد قبل أن يفعل ذلك على دفعتين الأولى أن يغادر البلاد على صورة أجازة ، والثانية أن يتنازل عن العرش وسنرى ما سوف يكون وسوف أسجله فى حينه والشيء المحقق فى هذا الذى حدث أنه لطمة "مدوخة" لإسرائيل ، فقد كان الشاه يعترف بها ويمدها بالبترول ، واليوم ينتهي ذلك كله. وانتصر الإسلام... الأربعاء 17/1/1979 . وأخيرا خرج الشاه من إيران، بعد أن تيقن أنه فقد كل شىء وأنه إذا أراد أن يخرج من إيران حيا ومحتفظا بشىء من كرامته فليس أمامه من سبيل إلا أن يخرج فكان عاقلا وخرج إلى المنفى ريثما يلغى عرشه رسميا وفى خروجه إلى منفاه فى أمريكا استقبله الرئيس السادات فى أسوان حيث يقيم مؤقتا استقبالا وهو المسلم المؤمن رافع لواء أخلاق كريما وما كان له أن يفعل غير ذلك، والذى انتصر فى هذه القضية هو الإسلام فحيث صورت أمريكاوروسيا كل من ناحيته وبمجموعته الدولية وبأساليبه ، هذا الذى يجرى فى إيران بأنه رجعية دينية ، فلم تستطيعا إنقاذ الشاه ولا نظامه ، حيث أعلن آية الله خومينى (78سنة) أنه ستقوم فى إيران جمهورية إسلامية ، وإذا كان خومينى لا يزال فى باريس بعيدا عن السلطة فإن "باختياري" رئيس الحكومة الجديد ، أعلن أن إيران ستحكم بالشريعة الإسلامية وستقطع كل علاقة لها بإسرائيل ولن تمدها بالبترول ، ولننتظر لنرى ما يجد من تطورات وإن كان انتصار الاسلام هو الشيء الوحيد المؤكد،، وهكذا هدم المجلس .. الثلاثاء 23/1/1979 آية الله الخومينى وأحداث إيران : لم اعتد أن أكتب فى المذكرات إلا عن الأحداث الحاسمة وبعد وقوعها بالفعل ، ولكنى أخرج عن هذه القاعدة لحدث هز نفسى هزا لقد كان الخومينى يتحدث من باريس وكأنه القدر طالب بخروج الشاه من إيران فخرج وهو لا يعترف اليوم بحكومة إيران الجديدة ولا بنظامها وأعلن أنه سيعود إلى إيران وأنه سيعلن جمهورية إسلامية ويتكلم بطريقة قاطعة وسنرى ما يحدث ، فحتى الآن يعلن " باختيار " رئيس الحكومة الذى أخرج الشاه أنه لن يستقيل وسوف نرى . ولكن الحادث الذى هزني ودفعني للكتابة أن حكومة باختيار أرسلت رئيس مجلس الوصايا ليقابل الخومينى فى باريس ليتفاهم معه على صورة من صور التعاون فرفض أن يقابله إلا بعد أن يستقيل ويندد بمجلس الوصاية ، فاستقال الرجل ولكنه لم يندد بالمجلس ، فلم يستقبله الخومينى ، وبالأمس فقط قابله لمدة دقائق ليتسلم منه خطابا يقرر فيه ، إن مجلس الوصاية غير شرعى وهكذا هدم المجلس .. والآن فلننتظر ما سوف يحدث عندما يعود الخومينى إلى إيران كما وعد . الخومينى فى طهران.. الأحد 4/2/1979. وصل الخومينى أخيرا إلى طهران وبهذا رفع الستار عن الفصل الأخير ولا جدال أن الجمهورية الإسلامية سوف تعلن ولا عودة للشاه .. ولكن المسألة هى الثمن الذى سيدفع مقابل ذلك ، وهل ستكون حربا أهلية ، وهل تطول أو تقصر ، أم أن الأمر يمكن أن يسوى بطريقة سلمية ؟ . الإثنين 12/2/1979 . وانتهى الفصل الأخير فى إيران لم تطل الحرب الأهلية أكثر من يوم وبعض يوم أعلن بعده جنرالات الجيش بالإجماع وقوفهم على الحياد وطلبوا من أفراد الجيش أن ينسحبوا فانسحبوا وقد كان هذا كافيا لينتهي كل شىء ويستقيل بختيار ولا يعرف حتى الآن مصيره وربما يكون انتحر أو قد تمكن من الاختفاء ، وسوف تعلن الآن الجمهورية الإسلامية بإذن الله وتنبعث إيران كقوة كبرى تؤثر فى أرجاء آسيا بعامة والعالم الإسلامى بخاصة ، وقد أبرزت هذه الأحداث الحقائق التالية: 1 وحدة الشعب الإيرانى وحيويته. 2- عودة الدين الإسلامى إلى انتصاره فى إيران. 3 إيران تعطى درسا للدنيا أن أى جيش فى الدنيا مهما كانت قوته وسيطرة الرؤساء عليه لا يستطيع أن يتحدى شعبه وذلك لسببين: 1 أنه جزء من الشعب فلا يستطيع أن يقتل آباءه وأبناءه وأخواته. 2 انه بغير العمال الذين هم قطعة من الشعب يصبح الجيش بغير فاعلية ، لأن الشعب فى صورة العمال هم الذين يجعلون الجيش جيشا فى العصر الحديث ولنتابع الأحداث. نتناصح ... بالخير .. سيدى آية الله الخومينى لعلك ترى فى هذا العرض الذى نقلته لك من مذكراتى ، أنى كنت أتابع الأحداث منذ اللحظة الأولى مقدرا إن ما حدث ، أيا كانت التطورات هو انتصار للإسلام والمسلمين . واليوم وقد أصبحت على رأس إيران . وقد أصبحت الجمهورية الإسلامية حقيقة بالفعل ، والإعلان الرسمى لن يعدو أن يكون إجراءا شكليا فان الإخوة الإسلامية التى تربطنا إخوة القرآن ومن قبله لا اله إلا الله حيث يأمرنا القرآن الكريم أن نتناصح .. بالخير إذ يقول وقوله الحق : ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر . وإحساسا منى بهذا الواجب المفروض على كل مسلم يفهم دينه فاني ابعث إليك بهذا الخطاب المفتوح ليكون على مشهد من الدنيا غير المسلمين قبل المسلمين ليعرفوا كم هو عظيم الاسلام كم هو ذروة الحضارة والتمدن ، التى لم تبلغها أوروبا ولا أمريكا فى يوم من الأيام وأعيذ نفسى ان أتصور انك لا تعرف ما سوف أقول ولكننا مأمورون أن نذكر فالذكرى تنفع المؤمنين . اذهبوا فأنتم الطلقاء ... لقد نصرك الله نصرا اهتزت له الدنيا كلها ، فأذكرك بموقف الرسول عندما دخل مكة فاتحا وكان أهلها عذبوه واضطهدوه وشردوا من معه وفعلوا بهم الأفاعيل ولكن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قال لأهل مكة. "أذهبوا فأنتم الطلقاء "وكان الرسول صلوات الله عليه قد حدد بضعة عشرا نفرا ، أمرا بأن يقتلوا ولو تعلقوا بأستار الكعبة ،ومع ذلك فكل من جاء مستأمنا ونطق الشهادتين فقد عفا عنه ،حتى هند زوجة أبى سفيان التى حرضت على قتل حمزة عم رسول الله ،ولم تقنع بقتله ،بل بقرت بطنه وانتزعت كبده وحاولت أن تأكلها لولا أنها لم تستسغها ،هند هذه عندما نطقت بالشهادتين ،عفا عنها رسول الله . كن كصلاح الدين ..... قد تقول لى أو يقول بعض من حولك هذا فعل سيد الخلق وأين نحن منه فأحيلك إلى زعيم اسلامى جاء فى أحلك الأوقات بعد وفاة النبى بعدة قرون وأعنى به صلاح الدين الأيوبي والذى كسر من حدة الحروب الصليبية لا بقوته العسكرية ولكن باستعمال سماحة الإسلام ورحمة الإسلام فعندما دخل الصليبيون بيت المقدس جعلوا من جماجم المسلمين هرما وخاضت خيولهم فى دماء المسلمين فعندما نصر الله صلاح الدين ودخل بيت المقدس فاتحا ،لم يهدر دم مسيحى واحد وأذن لكل من يريد منهم أن يغادر المدينة بماله وأمتعته أن يفعل ذلك فى مقابل أن يدفع دينارين . وعندما سمعت أوروبا بما حدث أدركت حضارة الإسلام ومدنيته ولم تقم الحروب الصليبية بعد ذلك قائمة وانصرفت أوروبا إلى التحلي بآداب الإسلام وأخلاق الإسلام وحضارته فكان منها ما كان . العالم كله ينظر واليوم تنظر الدنيا كلها إلى ما سوف يجرى فى جمهورية إيران المسلمة لقد تسابقت أمريكاوروسيا ومن لفه نفهما فى بادئ الأمر إلى نعت ما يجرى فى إيران أنه رجعية دينية ، وإذا كانت روسيا قد رأت مصلحتها ( وشكرا لها ) فإن الآخرين يقفون موقف المتردد المتربص. .. ويهمنا من ذلك كله أن العالم كله يرقب ما يجرى فى إيران ويهمنا جميعا نحن المسلمين أن نظهر لغير المسلمين فى طول الدنيا وعرضها كم هم جاهلون بحقيقة الإسلام ومدنية الإسلام وأن مبادئه فى الصفح والرحمة والتسامح والعدل والمساواة وعدم التمييز العنصري . واحترام كافة الأديان السماوية ومعتنقيها ،هو عين ما ترنو إليه البشرية ،وتسعى جاهدة لتحقيقه . ولا سبيل لذلك إلا فى ظل انتصارات الحضارة الإسلامية وهذا ما يجعلنى أسوق الإجراءات التالية ،التى تقضى بها التعاليم الإسلامية من ناحية والتى طبقت بالفعل فى التاريخ الإسلامى من قبل . 1 اصدار عفو عام شامل لكل ما وقع من أعمال فى فتره حكم الشاه ،إلا ان تكون جرائم قتل أو تعذيب ، أو اختلاس أموال الشعب 2- تأمين كل إنسان على نفسه و ماله وحريته بدون تفرقه بين دين ودين أو وطنى أو أجنبي أو مذهب ومذهب ووليكن شعار الدولة الجديد "ان الله يأمر بالعدل والإحسان" 3- يجب تامين اليهود الإيرانيين خاصة لإسقاط حجة إسرائيل ، التى يجب قطع العلاقة معها وقطع إمدادها بالبترول وهى وكل من يساندها ، حتى تكف عن العدوان ، وتهديدها المستمر بإشعال نار الحرب بين البشر. بعد فوات الوقت هذه هى النقاط الرئيسية التى تهمنا نحن جماهير المسلمين باعتبارها تطلع البشرية على نور الاسلام وحضارته .ولست اشك لحظة فى ان "الشاه" فى عزلته قد أدرك هذا الدرس بعد فوات الوقت .فقد انساق خلف ما صورته أمريكا . من ان الاسلام رجعية وإنها سوف تساعده على بناء إيران (كورش و قمبيز ) فراح يعمل فى هذا ويضيع أموال الشعب الايرانى فى شراء أسلحة لا لتخدم مصالح إيران ولكن لتخدم المصالح الامريكية و هوما رأيناه رأى العين وان روسيا لم تهدد إيران وليس باستطاعة روسيا حكم الشعب الايرانى وهو الذى يحرص على الموت حرص السوفيت على الحياة ولم تتراجع روسيا من التنديد الى التأييد إلا بعد أن رأت عظمة الشعب الايرانى وفى الوقت الذى تحولت فيه روسيا هذا التحول الحسن كانت الولاياتالمتحدة تتحول (لا أقول عن الشاه ولكن حتى عن مجرد استقباله ولم ير الشاه فى محنته إلا أخوين مسلمين عربيين هما اللذان استقبلاه وأكرما وفادته لأن عروبتهما وإسلامهما أولا وأخيرا يفرضان ذلك عليهما فرضا ويقول تعالى فى محكم تنزيله "وان احد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله" سوره التوبة فإذا كان هذا أمر الله للمشرك فكيف بالمسلم . وهكذا رأى الشاه ماذا فعلت به أمريكا التى كانت تزين كل ما يفعله وتساعده على إدارة ظهره على العالم الإسلامى ليبنى دولة عصرية على آخر طراز وماذا لقى من حاكمين إسلاميين. إسرائيل ...زائلة سيدي آية الله الخومينى أرجو ان تبلغ الاتحاد السوفيتي أن موقفه من أحداث إيران قد خطا خطوة فى الاتجاه الصحيح و أنه إذا أراد المزيد من التقرب فما عليه إلا ان يدع لمسلمي الاتحاد السوفيتي حقهم فى بناء حضارتهم الإسلامية وأن يكف عن وصف الاسلام بأنه أفكار قديمة خير منها الماركسية وليكف عن التعاون مع أمريكا على تدليل إسرائيل وفرضها على العرب والمسلمين .إن إسرائيل زائلة فهى لم توجد إلا فى ظل الاستعمار واليوم وقد زال الاستعمار بعد أن رفضته الشعوب فسوف تزول إسرائيل حتما ويقينا وإذا كانت أمريكا ترى لسيطرة اليهود على أقدارها ان إسرائيل أهم لها من الدنيا كلها فان موقف الاتحاد السوفيتي من أحداث إيران قد جعلنا نؤمل ان لا يجعل مصالحه تتفق ومصالح أمريكا فى الإبقاء على إسرائيل قوة عدوانية فى قلب العالم العربى والاسلامى. وكما ذكرت الدنيا كلها فى مطلع خطابي بعظمة التحية الإسلامية فإنى اختمه بتكرار التحية فأقول لك ولمن معك وللإنسانية كلها من خلفكم .. " والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته " العبد الفقير لله تعالى أحمد حسين القاهرة 15/2/