الحمد لله .. والصلاة والسلام على رسول الله.. صباح جميل مشرق .. أول مرة أكتب المذكرات عقب صلاة الفجر التى تشرح الصدور .. كان الأمس يوما فارقا فى سجنى . وأحسب أنه نقطة تحول .. وأن الداخلية ستكف عن مضايقتى .. وأن سجنى فى الأيام القادمة سيكون أكثر يسرا .. فقد أثمرت شكوتى للنيابة اعطاء تصاريح بالزيارة لثلاثة من المحامين بالإضافة لطلعت رميح ولكن فى تصريح واحد فأتوا جميعا بالأمس معا .. والمشكلة أنهم يعرفون أن أسرتى آتية لزيارتى ومع ذلك لم يؤخروا زيارتهم وبالتالى زارنى 8 أشخاص فى يوم واحد .. وإنه لحدث لو تعلمون عظيم !! وفى المقابل فاننا سنعانى من قلة الزيارات بعد ذلك وننقطع عن العالم الخارجى إلا ان زوجتى وعدتنى بالمجيئ يوم السبت القادم ثم هناك فى الأربعاء التالى له زيارة استثنائية بمناسبة المولد النبوى الشريف . وهذا يكفينى جدا . بل هذا من دواعى سعادتى وانشراحى . إن كل الصفحات التى أملكها لا تكفينى لشكر الله وحمده .. ولا الأربع والعشرين ساعة لو ظللت أحمد الله طوالها لا تكفى لأعبر عن شكرى وحمدى لله .. ولعل الله لا يجعلنى أنسى يوما فى ساعة عسر ما أفاء على به فى ساعات اليسر .. نحن الفقراء إليك يارب .. أمس كان 5 يونيو ، وهو يوم تاريخى فى حياتى وحياة الأمة وقد كتبت فى مذكراتى فى حبسة الألفى مدى تأثيرهذا اليوم على وعلى حياتى ، وكيف أنه يوم ميلادى الحقيقى .. رغم انه يوم الكارثة .. ومن دواعى تفاؤلى ان يكون أمس (5يونيو) بكل هذه السعادة ، هذه علامة بلا شك أن الزمن يتغير وسيتغير نحو الأفضل باذن الله.وكان الأستاذ \ عادل حسين على رأس الزائرين .. وهو يجيئ مستغلا قرابته لى فيأتى مع الأسرة بدون تصريح من النيابة .. وهذه هى زيارته الثانية لى ، كان الارهاق باديا عليه ، ولكن معنوياته عالية .. وعندما أراد أن يكرر أنه يتمنى أن يتبادل المواقع معى ، قلت له .. اننى لا أصدقك هذه المرة ، فأنت قد أصبحت نجما عالميا !! وكان من دواعى سرورى أننا متفقان فى تقييم الأوضاع الإيجابية العظيمة المحيطة بنا رغم تجميد الحزب وإغلاق الجريدة ، وعلمت منه بعض المعلومات المهمة .. التى تحمل كثيرا من الإيجابيات ، ولكن أيضا توضح أن المخططات المعادية للحزب ما تزال شرسة وأن التراجع عن قرارى التجميد والاغلاق ربما لا يكون سهلا أو وشيكا ، والمهم أن نحافظ على تماسكنا التنظيمى وصمودنا . أكد لنا المحامون أن تقارير النقض قد سلمت بالفعل وأن موعد النقض سيكون غالبا فى نهاية هذا الشهرعلى أساس نظر الشق المستعجل الخاص بالافراج عنا ، وكان أحد المساجين الأتقياء قد قال لى بيقين أمس : أنت لديك شهر واحد يا أستاذ وتخرج من السجن . ولم تتح لى فرصة الحديث الطويل مع ممدوح فرج ومحمد حمد ولكننى علمت من حمد انه يرسل الأكل كل خميس (وسأبدأ فى تقييم أكل يوم الخميس على أساس هذه المعلومة) . وكان محمد حمد قد أدلى بتصريحات للاذاعة البريطانية مؤخرا . وأصبح أعضاء الحزب قيادات وزعماء ونجوم اعلامية وهذا من دواعى سرورى . وكان لقاءا حميما مع أخى مصطفى الذى يزورنى للمرة الثانية رغم صيامه وقد أتى بزجاجتى كولونيا بديلا عن الزجاجة التى كسرها الأمن فى المرة الأولى .. بالاضافة لملح يناسب مرض الضغط المرتفع وكأنه يتأمر على لفتح شهيتى للأكل وهذا الامر الذى أخشى منه لأننى لا أريد زيادة وزنى . وابنى أحمد أصبح مسترخيا بعد انتهاء امتحاناته وعودته من الاسكندرية ، واتقفنا على مشاركته فى اصدار الشعب على الانترنت . أما زوجتى فلم يعد يسعدنى بعد الصلاة وتلاوة القرآن أكثر من رؤيتها. ان حبى لم يزدد لها فحسب ، بل إننى أتفجر حبا لها .. وما فعلته فى الشهور الأخيرة ..هو فى حد ذاته ملحمة.. وتاريخها معى ليس الإ سلسلة من الملاحم والمساندة غير المحدودة .. وهى تتألق فى الأزمات ووقت الشدة ..وما أكثر ما تعترض حياتنا الأزمات والشدة .. بل ان حياتنا هى شدة متواصلة مع بعض الاستراحات القليلة وكما أن السفر (سفرى للخارج) يجدد حبنا .. فان الطغاة يساهمون فى تجديد واذكاء هذا الحب عندما يسجوننى كل عام 4 شهور .. وعندما أتذكر ما فعلته فى حياتى .. أشعر اننى لم أوفها حقها .. وعلى رأس ذلك دورها المتفانى فى رعاية خالتى (عواطف) ، ووالدتى ، ثم خالى د.محمد حلمى مراد .. بحيث عوضت عن تقصيرى تجاه أهلى .. و أذكراننى عندما صممت فى مرض الدكتور حلمى مراد الأخير ان يبقى فى منزلنا .. لأننى بمنزلة ابنه ، وقلت له إن الأمر ليس محلا للمناقشة .. لم أكن قد أخذت رأى زوجتى .. رغم انها هى التى ستتحمل العبء كله .. لان صحة د.حلمى كان متدهورة .. كذلك فاننا لم نكن نشعر انه يعيش أسابيعة الأخيرة، وكنت أتصور انه سيعيش معنا سنوات تطول أو تقصر ، ولم تكن تقارير الأطباء مقلقة بشدة .. والحقيقة ان حلمى مراد لم يوافقنى بسهولة ، ولولا شعوره بالضعف البدنى لآثر العودة لمنزله .. ولا أذكر ان د.نجلاء راجعتنى فى هذا الأمر ولا حتى مجرد اشارة الى أننى لم آخذ رأيها .. وهذا فى حد ذاته إعجاز .. ولا شك انها كانت تحب د.حلمى مراد وتجله وتحترمه .. ولكن هذا لا يكفى فأحيانا الزوجة لا تحتمل زوجها المريض ، ولا الابنة والدتها او والدها المريض .. الخ الخ وهذا الفضل يرجع إلى أمها .. أم د.نجلاء .. فالله سبحانه وتعالى كما حبا والدى بحماة رائعة وفاضلة فى حد ذاتها ، ومن خلال ابنتها (والدتى ) فان الله قد حبانى بهذه الأسرة الكريمة .. ورغم اننى عندما ارتبطت عاطفيا بالدكتورة نجلاء وقررنا الزواج لم أكن أعرف أسرتها، (عدا شقيقها د.كامل القليوبى )، ومع ذلك فاننى من تجربتى أنصح الشباب إذا قرأ منهم أحد هذه المذكرات يوما ما أن يختاروا الأسرة قبل الزوجة ... طبعا الفتاة سفيرة لأسرتها .. وهى تعكس أصالة أرومتها ، ولكن أحيانا تكون هناك أمور خادعة فلابد من الاستيثاق من أسرتها .. اذا كان الشاب يسعى الى زواج مسقر حقيقة ... وطبعا نفس الشئ ينطق على الفتاة الباحثة عن زوج صالح . فالقاعدة ان نشأة المرء ومحيطه.. تحدد كثيرا من شخصيته ، والاستثناء هو وجود شاب صالح أوشابة صالحة فى أسرة مختلة أو مفككة أو غير قويمة المسلك .. الخ الخ . المهم ان د. حلمى مراد كان دائم الثناء على د.نجلاء .. ورعايتها الدقيقة له صحيا وطبيا وغذائيا، وكان وكأنه يكتشف اكتشافا مهولا ، وكان كثيرا ما يسألنى . إنت لاقيتها فين دى ؟! لقد كانت د.نجلاء تعامل د.حلمى مراد أفضل منى وهذا من دواعى سرورى فكانت تعدله إفطارا شهيا منوعا .. بينما لا تفعل ذلك معى !! فأنا استيقظ عادة قبلها .. وأهرول الى مواعيدى وهى تكون قد استيقظت من قبلى للاشراف على خروج الأبناء للمدرسة أو الجامعة .. ثم تواصل نومها قليلا .. كذلك فهى فى الفترة الأخيرة تألقت كقيادة سياسية عامة ونسائية ، وكاتبة .. وقد بدا على كتابتها .. خزان الثقافة والأدب الذى تراكم لديها عبر السنوات من القراءة اليومية ، وفى الفترة الأخيرة بدأت استمتع بكتاباتها .. التى حققت طفرة كذلك نجحت فى اصدار باب نسائى كل 15 يوم فى جريدة الشعب بالتعاون مع السيدة أسمهان شكرى فقد فعلا الشىء الكثير فى أمانة المرأة بالحزب كذلك فقد كانت دائما الرقيب الأول على مقالاتى قبل نشرها وكثيرا ما أخذت باقتراحاتها . والعجيب أنها رغم كل ذلك لا تهمل فى شئون أبنائها . ولا شئونى ، نعم عندما تتألق المرأة , فأنها تكون أفضل من الرجل !! بعد هذا اليوم الحافل عادت أحوالى النفسية الى الاستقرار .. وربما ينعكس هذا سلبا على هذه المذكرات .. التى هى فى الأصل وليدة المعاناة ، وربما أتخلى عن كتابتها يوميا .. كى أتفرغ لما هو أجدى .. وأنهى بالآية الكريمة .. وقد أنبلج الصبح أمامى تماما وانفتحت السماء بلونها السماوى قبل الشروق .. (( يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا ان يتم نوره ولو كره الكافرون )) صدق الله العظيم