ماذا سيحصل في المنطقة إذا وقّعت واشنطن اتفاقية مع طهران بشأن البرنامج النووي الإيراني؟ ماذا سنشهد في اليوم التالي للتقارب الغربي - الإيراني؟ هذا ما طرحه تقرير مؤسسة «راند» (RAND) الأخير بعنوان: «الأيام التي ستلي الصفقة مع إيران. ردود الفعل الإقليمية حول التوصل الى اتفاق نووي نهائي». «ردود الفعل الإقليمية» تلك لخّصها التقرير بردّي فعل إسرائيل والمملكة العربية السعودية فقط كونهما الجهتين اللتين «ستسعيان لعرقلة حصول أي انفراج غربي - إيراني». ورغم البعد الدولي - الإقليمي لموضوع التقرير، كان لافتاً التركيز على حزب الله في مختلف فقراته، خصوصاً أن «راند» هي مصدر معلومات وتحليلات رئيسي (مدني) لوزارة الدفاع الأميركية. ففي معرض البحث في رد الفعل الإسرائيلي بعيد توقيع الاتفاق المزعوم، وفي طرح فرضية أن يلجأ الإسرائيليون الى شنّ هجوم على سوريا، وتحديداً استهداف خطوط نقل الأسلحة لحزب الله، يشرح التقرير أن ذلك سيؤدي الى «تصعيد الصراع بين إسرائيل وحزب الله وإيران، ما سيهزّ استقرار المنطقة ويعرّض القوات الاميركية ومصالح الولاياتالمتحدة فيها للخطر». وهنا يردف بأن أي تدخل عسكري إسرائيلي مباشر في سوريا يدفع حزب الله الى الردّ، ما «سيضعف قدرات إسرائيل الردعية ولن يعززها، وهو الدرس الذي تعلمه الإسرائيليون بعد حرب تموز 2006». وبالتالي، استبعد معدّو التقرير لجوء إسرائيل الى خيار تدخل عسكري في سوريا أو استهداف حزب الله، واضعين ذلك في خانة «الخيارات المتطرفة». وهنا، رأت المؤسسة الأميركية أن جلّ ما قد تقوم به إسرائيل في حال وقّع اتفاق نووي هو الضغط على الكونغرس بغية تأخير إقرار رفع بعض العقوبات على إيران، وبالتالي تأجيل إقرار الاتفاق النووي زمنياً. وهنا يوصي التقرير واشنطن بمحاولة منع حصول أي تصعيد بين حزب الله وإسرائيل غداة توقيع الاتفاق والعمل مع روسيا مثلاً من أجل إيقاف نقل الأسلحة المتطورة من سوريا الى الحزب. أما في شأن رد الفعل السعودي، فيشرح التقرير أن المملكة لا تملك القدرات العسكرية التي تملكها إسرائيل، لكنها تستطيع الضغط على إيران من خلال دعم المجموعات المتطرفة في لبنانوسوريا والعراق وحثّها على مقاتلة حزب الله. هنا أيضاً، تضيف «راند» أن على السعودية أن تقوم بحساباتها جيداً قبل المضي في ذلك، وأن تضمن النتائج لمصلحتها، مع خطورة أن ينقلب هؤلاء المتطرفون ضدها، علماً بأن أي ضغوط سعودية على حزب الله مثلاً لن تردع إيران عن توقيع الاتفاق النووي ولن تمنع التقارب الغربي - الإيراني. يختم التقرير بالإشارة الى أن هناك شبه اتفاق غير معلن بين تل أبيب والرياض منذ بدأت المفاوضات الأميركية - الإيرانية، فقد خفّف الإسرائيليون من اعتراضاتهم على تسليح واشنطن للسعودية وغضّ السعوديون النظر من جهتهم عن النووي الإسرائيلي، فيما وجّهوا كل الاهتمام الى «الخطر الإيراني النووي». يذكر أن «مؤسسة راند» أنشئت غداة انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1948 وهدفها الأساسي، منذ ذلك الوقت، «ربط الخطط العسكرية مع الأبحاث وقرارات التنمية» كما تعلن على موقعها الإلكتروني. وهي حتى اليوم تضع «أمن الولاياتالمتحدة» كأحد الأهداف المعلنة لعملها الى جانب «الأهداف العلمية والتربوية والخيرية». وكان سلاح الجو الاميركي الزبون الوحيد للمؤسسة، قبل أن توسع «خدماتها» لتشمل آلاف الزبائن في الولاياتالمتحدة والعالم، مع احتفاظ وزارة الدفاع الأميركية بموقع الزبون الأول.