في تطور مثير لقضية إحالة عدد من مسئولي شركات الأسمنت إلى النيابة بتهمة الاحتكار، أصدرت محكمة جنح مدينة نصر حكمًا قضائيًا بإدانة 20 من مسئولي وأصحاب شركات الأسمنت بتهمة الاتفاق علي رفع الأسعار، وتقسيم السوق فيما بينهم، وعاقبتهم بإلزامهم بسداد 200 مليون جنيه غرامة، بواقع 10 ملايين لكل منهم. وقالت المحكمة في حيثيات حكمها إنها اطمأنت إلي أقوال الشهود والمختصين، وأوضحت أن التقارير والإحصاءات، التي قدمها جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، أثبتت صحة الاتهامات الموجهة إلي الشركات، التي قسمت السوق فيما بينها، حتي بدا وكأنها شركة واحدة. وتابعت أن رؤساء القطاعات التجارية والتسويق بتلك الشركات كانوا يعقدون اجتماعات للاتفاق علي رفع الأسعار وتقسيم الحصص السوقية بما يخالف القوانين التي تكفل المنافسة الحرة في السوق. من جانبه أيد المهندس رشيد محمد رشيد، وزير التجارة والصناعة، حكم إدانة وتغريم شركات الأسمنت ووصفه بأنه تصحيح للمسار جاء في وقته المناسب، ويوفر مناخاً ملائماً للاستثمار الجاد. من ناحيتهم، أكد عدد من مسؤولي شركات الأسمنت إنهم يعتزمون الاستئناف ضد الأحكام الصادرة ضدهم، وأوضح محاموهم أن الحكم به عوار كبير، وأن أوراق القضية خالية من أي دليل ملموس يثبت الاتهامات التي أدينت بها الشركات. في سياق آخر، كشف مصدر رسمي بجهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية أن التحقيقات التي أجراها الجهاز علي مدار عامين، بشأن ملف احتكار الحديد، ستعلن نتائجها الشهر المقبل. وأوضح المصدر - الذي طلب عدم نشر اسمه - أن تقريراً نهائياً أعد للعرض علي مجلس إدارة الجهاز خلال اجتماعه المقبل، تمهيداً لرفعه إلي وزير التجارة لاتخاذ قرار بشأنه. واعتبر أن حكم إدانة وتغريم شركات الأسمنت سيكون رادعاً لبقية الشركات العاملة في السوق. بداية القضية كان المستشار عبدالمجيد محمود، النائب العام، قد أحال البلاغ الذي تقدم به وزير التجارة والصناعة إلي محكمة جنح مدينة نصر، واتهم 20 من مسؤولي وأصحاب شركات الأسمنت بأنهم خلال الفترة من 16 مايو 2005، وحتي نهاية عام 2006، اتفقوا فيما بينهم علي رفع أسعار الأسمنت بالمخالفة للقانون، وتقييد عمليات تسويق الأسمنت، وعقدوا اجتماعات دورية تضمنت الاتفاق علي رفع أسعار المنتج بما يزيد علي التكلفة بصورة مبالغ فيها وصولاً إلي تحقيق أرباح طائلة، وتحديد حصة لكل شركة بالسوق المحلية، بالرغم من زيادة الإنتاج ووجود فائض للتصدير، وذلك لمنع المنافسة الحرة علي المنتج، وذلك بالمخالفة لأحكام قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية. والمتهمون في القضية هم: نبيل السيد الجابري، رئيس مجلس إدارة الشركة القومية للأسمنت، وعزام محمد عبدالمنعم، مستشار الشركة للتسويق، وثروت مصطفي سالم، رئيس قطاع التسويق بالشركة، ومحمد محمود علي حسن، رئيس مجلس إدارة شركة مصر للأسمنت قنا، ومحمد علاء الدين محمد، المدير المالي والتجاري للشركة، ومحمد علي محمد، رئيس مجلس إدارة شركة مصر بني سويف للأسمنت، والسيد علي محمد مدير الشركة، وحسن كامل راتب، رئيس مجلس إدارة شركة أسمنت سيناء ومجدي مختار متولي، مدير إدارة التسويق والمبيعات للشركة، وناصف أنسي ساويرس، العضو المنتدب للشركة المصرية للأسمنت، وطارق سيد أحمد، رئيس القطاع التجاري للشركة، وخالد عبدالجليل بدوي، الرئيس التنفيذي لشركة أسمنت بني سويف والإسكندرية، ومدحت جرجس اسطفانيوس، رئيس القطاع التجاري، وعمر عبدالعزيز إبراهيم، رئيس مجلس إدارة شركة السويس للأسمنت، وماجد محمد ميزار، رئيس قطاع التسويق بشركة السويس للأسمنت وروبرتو كالبيري، مدير شركة السويس للأسمنت "إيطالي الجنسية"، ولويس فرناندورود ريجوس، المنسق التجاري لشركة العامرية سمبيور أسمنت العامرية "برتغالي الجنسية"، ومحمد بوجرين، العضو المنتدب للشركتين "مغربي الجنسية"، وخواكين حجيل استرادا، رئيس شركة أسمنت أسيوط "إسباني الجنسية"، ومحمد عبدالحميد الدغش، مدير مبيعات شركة أسمنت أسيوط. واستمعت المحكمة خلال 7 جلسات إلي أقوال الشهود، ومن بينهم الدكتورة مني ياسين، رئيس جهاز حماية المنافسة التي أدانت المتهمين، وطالبت النيابة العامة بتطبيق مواد القانون التي تقضي بمعاقبة المتهمين بالغرامة التي يصل حدها الأقصي إلي 10 ملايين جنيه لكل منهم، بينما دافع عدد كبير من المحامين عن المتهمين وقالوا إن القضية كبش فداء لتبرير رفع الأسعار بشكل عام من قبل الحكومة، وأكدوا أن جهاز حماية المستهلك أرسل إلي شركات الأسمنت طالباً توفيق أوضاعها من أجل العمل علي خفض الأسعار، ثم بادر بإبلاغ النيابة العامة ضدها علي الفور دون أن يمهلها فترة لتصحيح الأوضاع من أجل العمل علي خفض الأسعار.