حقوق الإنسان في الإسلام ليست منحة من ملك أو حاكم، أو قراراً صادراً عن سلطة محلية أو منظمة دولية، وإنما هي حقوق ملزمة بحكم مصدرها الإلهي، لا تقبل الحذف ولا النسخ ولا التعطيل، ولا يسمح بالاعتداء عليها، ولا يجوز التنازل عنها.. و كيان الإنسان المادي والمعنوي حمى، تحميه الشريعة الإسلامية التي تؤكد مرارا وتكرارا على حق الفرد في حماية خصوصياته؛ فلكل إنسان الحق في أن يعيش آمناً على نفسه ودينه وأهله وعرضه وماله، وله الحق في الاستقلال بشئون حياته الخاصة في مسكنه وأسرته واتصالاته، ولا يجوز التجسس أو الرقابة عليه أو الإساءة إلى سمعته، ويجب على الدولة حمايته من كل تدخل تعسفي، و الله سبحانه وتعالى كرم الإنسان و أعطاه الحق في حماية خصوصياته لأن سرائر البشر إلى خالقهم وحده؛ وخصوصياتهم حمى، لا يحل التسور عليها، * كما أكد الإسلام على حق حرية التفكير والاعتقاد والتعبير؛ فلكل إنسان أن يفكر، ويعبر عن فكره ومعتقده، دون تدخل أو مصادرة من أحد مادام يلتزم الحدود العامة التي أقرتها الشريعة الإسلامية الحكيمة، ولا يجوز إذاعة الباطل ولا نشر ما فيه ترويجا للفاحشة أو تخذيل للأمة.. إذن حرية الإنسان وخصوصياته في الإسلام مقدسة- كحياته سواء – وليس لأحد أن يعتدي عليها، ويجب على الدولة أن توفر الضمانات الكافية لحماية حرية الأفراد و حماية خصوصياتهم، كما يؤكد الإسلام على أن لا يجوز لأي دوله أن تعتدي على حرية شعب آخر، وللشعب المعتدي عليه أن يرد العدوان، ويسترد حريته بكل السبل الممكنة، قال تعالى: "ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل"، وعلى المجتمع الدولي مساندة كل شعب يجاهد من أجل الحرية... * والسؤال الذي يفرض نفسه بعد إطلاق قمر التجسس المصري( إيجيبت سات2)الذي تم إطلاقه منذ عدة أيام – هل هذا القمر الصناعي بجانب مهامه العسكرية والعلمية، سيقوم بمهام في(مجال انتهاك خصوصيات المدنيين؟) للاتجار بهذه الخصوصيات وبيعها لمن يدفع من خصوم وأعداء الأشخاص المدنيين!! خاصة رجال الأعمال، ورجال الدين، والقضاء، والإعلام وغيرهم؛ لتتم بعد ذلك عمليات المساومة والمقايضة والابتزاز والتهديد والضغط؟! كما تفعل ذلك معظم شركات الاتصالات العالمية.. فهذه التجارة هي أساس أرباحهم الطائلة! * والجدير بالذكر أن مركز أبحاث إسرائيلي قال: إن القمر الصناعي المصري الجديد مخصص لأغراض عسكرية، وليس لأغراض علمية ومدنية كما أعلنت الحكومة المصرية، وأشار إلى أن القمر المصري مزود بإمكانيات تكنولوجية متطورة يتم استخدامها في التصوير بالضوء الظاهر والأشعة تحت الحمراء، وأوضح خبراء إسرائيليون أن دقة القمر المصري تبلغ مترًا واحدًا لكل بيكسل، مشيرين إلى أن دقة القمر الصناعي التي يستخدمها موقع «جوجل إيرث» على سبيل المثال تبلغ نصف متر لكل بيكسل.. و تحول إطلاق القمر الصناعي المصري إلى محور لمناقشات الكثير من المواقع والمنتديات الإسرائيلية، وسط تقديرات تقلل من تأثير القمر المصري، فيما تساءل البعض حول قدرة الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل على فك شفرة القمر المصري الجديد.. و السؤال: هل من الصعب على إسرائيل وأمريكا الحصول على فك الشفرة من روسيا ؟! بالطبع ليس صعباً بالمرة، بمعني أن المخابرات الإسرائيلية، والأمريكية سترصد تحركات واتصالات الأفراد بكل دقة داخل كل الوطن العربي، خاصة المسلحين في سيناء. * وفي الفترة الأخيرة قد أُسيرت العديد من التساؤلات والشكوك حول الجهات المستفيدة من عمليات التجسس و التسريبات التي انتشرت بشكل عشوائي, للعديد من الشخصيات العامة والسياسية، وعدد من النشطاء السياسيين, وخلقت تلك الضجة ردود فعل متباينة باعتبار أن ذلك يعد انتهاكاً لخصوصية الأشخاص وخرقًا للقوانين والمواثيق الدولية التي تجرم التجسس والتنصت على الحياة الخاصة وإفشائها على الملأ باعتبارها من حق الرأي العام في المعرفة. * والجدير بالذكر: إنه يوجد ثغرة في قانون الإجراءات الجنائية المصرية تتيح لضباط الشرطة التنصت على الأفراد وعدم إدراج هذا الإجراء في المحضر الرسمي لعدم بطلان القضية!! .. كما أن وفقاً للقانون فإن[جهاز المخابرات العامة هو الجهة السيادية الوحيدة التي يسمح لها بالتنصت على الأشخاص دون أي قيود أو الحصول على إذن من النيابة العامة] لأن عملها يتعلق بالأمن القومي والمصلحة العليا للبلاد وتوفر لها الدولة جميع الأجهزة والأدوات التي تسهل لها ذلك كما أنها يمكنها الرجوع لشركات المحمول أو إخطارها بذلك للحصول على ما تريده من معلومات وبيانات دقيقة عن مستخدميها من المواطنين، ومن الجهات المختلفة بالدولة دون أي شروط أو اعتراض منها.. ولا شك أن وراء نشر تلك التنصتات والتسريبات, عدة أمور منها- توجيه الرأي العام لاتجاه معين, أو تحقيق مكسب باكتساب منصب أو تحقيق سبق صحفي وهو ما يعد اعتداءً على الحريات.. فلابد من وجود ضوابط قانونية وأخلاقية حازمة تُحد من صلاحيات السلطة المطلقة، وتحمي خصوصيات الأفراد المدنيين؛ لأن( العلم، والسلطة) المُجردان من الضوابط والأخلاق يؤديان إلى خراب الذمم ودمار البشرية.