من برامج حقوق الإنسان ودعم الديمقراطية.. إلى «بريزم».. ومن «ووترجيت» إلى «أوباما جيت» لايزال مسلسل التجسس الأمريكى على رعايا الولاياتالمتحدة فى الداخل والخارج وعلى الدول الصديقة والحليفة مستمرا.. هذا هو الوجه الأقبح لأمريكا والذى يطل علينا كل فترة فى قضية تجسس دولية لن يكون آخرها برنامج المراقبة السرى «بريزم» ولن يكون أكثرها فداحة قضية التمويل الأجنبى التى أسدل القضاء المصرى الستار عليها منذ أيام قليلة فى حكم صدر ضد عدد من الجمعيات الحقوقية من بينها المركزان الجمهورى والديمقراطى التابعان للولايات المتحدة. الأسطر التالية تحمل تفاصيل عديدة وخطيرة ومثيرة عن فضيحة «بريزم» أو «أوباما جيت» كما يسميها البعض بالإضافة إلى الرأى القانونى «الجنائى والدولى» فى مصل تلك الوقائع والفضائح. بعد كشف برنامج المراقبة السرى ( بريزم )... فضيحة التجسس الأمريكية تهز العالم **************************************************************** بداية، يجب أن نعرف أن « بريزم» هو الاسم الرمزى لبرنامج مراقبة سرى أو مشروع تجسس ضخم تديره وكالة الأمن القومى الأمريكية، وكانت صحيفتا «واشنطن بوست» الأمريكية و«جارديان» البريطانية قد كشفتا أن هذا المشروع عبارة عن برنامج يحمل اسم «بريزم» يتم تحميله على أنظمة الشركات ليوصلها مباشرة إلى الخوادم المركزية لمواقع منها «جوجل» و«فيس بوك» و«آبل» و«ياهو» و«سكايب» و«يوتيوب» و«مايكروسوفت»، لاستخراج رسائل بريد إلكترونى ومكالمات صوتية ومقاطع فيديو وصور واتصالات أخرى لعملاء تلك الشركات دون الحاجة إلى أمر قضائى، وبحسب التقارير أُسس هذا المشروع عام 2007 خلال حكم الرئيس الجمهورى السابق جورج دبليو بوش، وشهد نموا فى ظل الرئيس الديمقراطى باراك أوباما، واعتمدت عليه وكالة الأمن القومى بشكل متزايد وجعلته مصدرًا للمادة الخام لتقارير المخابرات اليومية للرئيس. وكشفت صحيفة « جارديان» أن موظفا فنيا كان يعمل فى وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية «سى آى إيه» هو الذى سرب خبر وجود برنامج مراقبة الحكومة الأمريكية للاتصالات، ووصفت الجارديان إدوارد سناودين البالغ من العمر 29 عاما بأنه عمل سابقا موظفا فنيا فى «سى آى إيه» ويعمل حاليا فى شركة متخصصة فى شئون الدفاع تسمى «بوز آلن هاملتون»، وقالت الشركة إن ما قام به سناودين يعتبر «انتهاكا جسيما لمدونة السلوك والقيم الجوهرية لشركتنا»، وأضافت الصحيفة أنها كشفت هوية موظف «سى آى إيه» بناء على طلبه الشخصى، وأوضح سناودين قائلا «لا أريد أن أعيش فى مجتمع يرتكب هذه الأشياء ... لا أريد أن أعيش فى عالم يسجل فيه كل ما أقوم به وأقوله»، وكشف سناودين أن وكالات الاستخبارات الأمريكية جمعت سجلات متعلقة بملايين المكالمات الهاتفية وراقبت بيانات الإنترنت المتلعقة بها، وتشمل البيانات الضخمة التى أطلعت عليها الأجهزة الاستخبارية الأمريكية أرقام المكالمات ومددها وتواريخها. و أثارت تلك الفضيحة التى تورطت فيها الولاياتالمتحدة ردود فعل عالمية، فمن جهتها نفت شركات الإنترنت الكبرى أى علم لها بما يسمى «بريزم» أو أنها فتحت بابا خلفيا لهيئات الحكومة الأمريكية للوصول إلى بيانات العملاء، وأكدت أنها لا تتعاون إلا مع الطلبات الحكومية القانونية للحصول على تلك البيانات، لكن التقارير الإخبارية من شرائح باور بوينت المسربة أظهرت أن شركات مثل ياهو وجوجل وفيس بوك وست شركات إنترنت أخرى كان لها دور فى البرنامج. أما المسئولون الأمريكيون فقد حاولوا تبرير هذا الفضيحة الدولية، فالرئيس أوباما أقر بوجود هذا البرنامج واعتبره جزءا من مكافحة الإرهاب، إلا أنه أكد أن جمع البيانات الهاتفية من جانب السلطات الأمنية لا يتضمن أسماء ولا مضامين المكالمات، وأن رقابة مواقع الإنترنت لا تسرى على المواطنين الأمريكيين أو من يعيشون فى الولاياتالمتحدة، أما جيمس كلابر مدير المخابرات الوطنية الأميركية فنفى أن يكون «بريزم» برنامجا سريا لجمع المعلومات، وأكد أنه نظام حاسوبى حكومى داخلى يستخدم لتسهيل طريقة معالجة الحكومة للمعلومات التى تجمعها من شركات تقديم خدمات الاتصالات، كما أشار إلى أنه مشروع قانونى لا يستهدف المواطنين الأمريكيين ويهدف لإبقائهم آمنين، واستنكر كلابر تسريب معلومات هذا البرنامج الأمنى، ودافع فيه عن أهميته فى إحباط تهديدات ضد البلاد، وأكد أن المعلومات التى يتم الحصول عليها إنما تكون بموافقة محكمة مراقبة المخابرات الخارجية وبعلم شركات تقديم خدمات الاتصالات. أما موقف الكونجرس الأمريكى فكان مختلفا هذه المرة، فعلى الرغم من أنه عادة ما يوجه أعنف الانتقادات لأوباما، إلا أن عددا كبيرا من منتقدى الرئيس الأمريكى فى هذه المنطقة ساندوه على غير المعتاد، كما دعا عدد قليل من أعضاء الكونجرس إلى إجراء تحقيقات أو عقد جلسات مغلقة، وتقدمت مجموعة صغيرة بمشروع قانون يهدف لوقف تنصت وكالة الأمن الوطنى على مواطنى الولاياتالمتحدة ولم تقتصر تداعيات تلك الفضيحة على الولاياتالمتحدة فقط، إذ أثارت أيضا مشكلات محرجة لحلفاء واشنطن اضطرتهم إلى توضيح ما إذا كانوا يسمحون لواشنطن بالتجسس على مواطنيهم، أم أنهم يستفيدون من تجسس ليس مشروعا فى بلادهم، خاصة أن القانون الأمريكى يفرض قيودا على سلطة الحكومة فى التجسس داخل البلاد ولكن ليست هناك قيود فعلية على تنصت أجهزة المخابرات الأمريكية على اتصالات الأجانب بما فى ذلك فى الدول الحليفة التى تتبادل معها واشنطن المعلومات الاستخباراتية، ويعنى ذلك أن واشنطن يمكن أن تمد الحكومات الصديقة بعدد ضخم من المعلومات بشأن الاتصالات الخاصة لمواطنيها على الإنترنت. وفى هذا الإطار أدلى «وليام هيج» وزير الخارجية البريطانى بتصريحات طمأن فيها البريطانيين بأن أجهزة المخابرات البريطانية لم تتحايل على القوانين التى تقيد عملها بحصولها على معلومات جمعتها واشنطن، حيث تساءل سياسيون عما إذا كان الاطلاع على البيانات التى جمعتها واشنطن سمحت لهيئة الاتصالات الحكومية فى لندن بالتحايل على القيود المفروضة على سلطاتها فى التجسس، ولم يذكر هيج طبيعية المعلومات التى تلقتها بريطانيا من الولاياتالمتحدة بشأن مواطنين بريطانيين، ولكنه قال إن استغلال هيئة الاتصالات الحكومية للتعاون مع واشنطن بهدف التحايل على القوانين البريطانية «لغو لا معنى له»، وقال هيج لتليفزيون هيئة الإذاعة البريطانية «القول بأن الناس فى هيئة الاتصالات الحكومية يجلسون ويعكفون على كيفية التحايل على قانون بريطانى مع وكالة أخرى فى بلد آخر إنما هى فكرة خيالية، وأضاف «بالطبع نحن نتبادل الكثير من المعلومات مع الولاياتالمتحدة... لكن إذا وصلت معلومات من الولاياتالمتحدة إلى بريطانيا فإنها تكون خاضعة لقوانيننا». وفى ألمانيا قالت المعارضة إن المستشارة أنجيلا ميركل يجب أن تتخذ المزيد من الإجراءات لحماية الألمان من التجسس الأمريكى، وتطالب بإيضاحات من الرئيس الأمريكي باراك أوباما أثناء زيارته لألمانيا هذا الشهر، وفى أستراليا قال مصدر حكومى إن برنامج التجسس الأمريكى قد يزيد من صعوبة مصادقتها على قانون يسمح للحكومة بالاطلاع على بيانات الإنترنت فى البلاد، وفى نيوزيلندا يمكن أن يسبب هذا البرنامج مزيدا من الإحراج للحكومة التى اضطرت بالفعل إلى الاعتراف بأنها تجسست بشكل غير قانونى على صاحب موقع إلكترونى عملاق لتبادل الملفات والذى يقاوم تسليمه إلى الولاياتالمتحدة بتهمة ممارسة القرصنة الإلكترونية. وفى سياق تعليقها على فضيحة التجسس، ذكرت صحيفة « واشنطن تايمز» الأمريكية أن ما كُشف عن برنامج «بريزم» حتى الآن ما هو إلا غيض من فيض، حسب مسئول سابق فى وكالة الأمن القومى الأمريكية، ونسبت إلى «ويليام بينى» المسئول السابق فى الوكالة أن السلطات الأمريكية استحوذت على سجلات اتصالات هاتفية وبريدية إلكترونية يقدر عددها ب20 تريليون سجل، وقال بينى «أعتقد أننا نجمع معلومات حول الاتصالات المحلية منذ لعام 2001، وهى تقدر بحوالى مليار مكالمة فى اليوم، وهذا العمل هو جزء من عمليات التجسس الداخلى غير المرخصة التى طبقت فى عهد الرئيس السابق جورج بوش ضمن برنامج مراقبة الإرهاب». أما صحيفة «جارديان» ففى سياق متابعتها لهذا الملف الذى فجرته، كشفت أن مصر تحتل المركز الرابع فى قائمة الدول الأكثر خضوعا لرقابة وكالة الأمن القومى الأمريكى، مشيرة إلى أن الوكالة جمعت 7.6 مليار تقرير معلوماتى من مصر من بين 97 مليار تقرير جمعته من دول العالم فى مارس 2013 ، ونقلت الصحيفة عن وثائق أمريكية سرية للغاية حصلت عليها، أن وكالة الأمن القومى طورت أداة لتسكين البيانات التى تحصل عليها من مراقبة أجهزة الحاسب الآلى وشبكات الاتصالات حول العالم، واحتلت إيران، المرتبة الأولى بين الدول الأكثر خضوعا للرقابة، حيث جمعت منها الوكالة الأمريكية 14 مليار تقرير فى ذلك الشهر، ثم باكستان ب13.5 مليار، فالأردن ب12.7 مليار، ومصر ب7.6 مليار، فيما جمعت الوكالة 3 مليارات تقرير من الولاياتالمتحدة نفسها. وإذا كانت فضيحة التجسس قد أثارت المسئولين والصحف ووسائل الإعلام، فإنها تسببت فى ردود فعل قوية على مواقع التواصل الاجتماعى، إلى حد أن البعض اعتبره تجسساً وانتهاكا للخصوصية الشخصية للأفراد وتقييداً للحريات وعملا يتنافى مع مفاهيم الديمقراطية التى تتبناها أمريكا. :وبعد الفضيحة.. خبراء القانون الدولى: ليس من حق أمريكا اختراق الإنترنت ويمكن مقاضاتها دوليا بعد الفضيحة المدوية التى انكشفت تفاصيلها منذ عدة أيام وعلم العالم أن أمريكا تتجسس على مواقع التواصل الاجتماعى وجوجل وياهو سكيب من خلال ماسمى بمشروع «prism» يُطرح سؤال مهم وهو: هل من حق الولاياتالمتحدةالأمريكية أوغيرها التجسس الإلكترونى على المواطنين فى أنحاء العالم بحجة مكافحة الإرهاب ؟ وماهو حكم القانون الدولى فى هذا الفعل؟ .. وهل يمكن للمتضرر أن يقاضى الولاياتالمتحدةالأمريكية وغيرها على هذا التصرف و هذا الانتهاك؟!.. وغيرها من الأسئلة التى أجاب عنها أساتذة القانون الدولى .. فماذا قالوا ؟ بداية.. يوضح الدكتور «إبراهيم أحمد خليفة» رئيس قسم القانون الدولى العام جامعة الإسكندرية أن التجسس الإلكترونى يعنى أن هناك دولة كبرى مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية تتجسس على الدول الأخرى سواء من خلال القمر الصناعى أو من خلال الإنترنت والموبايل باعتبارها صاحبة اليد العليا فى هذا الشأن. ويتساءل د. خليفة - هل من حق هذه الدولة أن تجمع بيانات عن الدول الأخرى؟.. الإجابة أن هذا من حقها ولكن بشرط ألا تكون بهدف التجسس .. فعلى سبيل المثال هناك بعض البرامج العلمية التى تقوم الولاياتالمتحدةالأمريكية بتمويلها فى مجالى حقوق الإنسان وحقوق المرأة فى دول أفريقيا وتخصص لها الجوائز والمنح على أساس أن الشباب فى دول أفريقيا يشاركون فيها بعمل الأبحاث حولها وتأخذ أمريكا هذه الأبحاث كبيانات لديها عن دول أفريقيا.. هذه البيانات تكون عبارة عن معلومات متداولة ولاتندرج تحت التجسس. ويضيف د. خليفة - ولكن إذا ثبت أن لديها اتجاها للتجسس فإن هذا يرفضه القانون الدولى لأنه يتعارض مع حق الإنسان فى التعبير عن رأيه وحرمة الحياة الخاصة التى لايجوز اختراقها إلا بإذن قضائى طبقا لدساتير الدول المختلفة والمواثيق الدولية..وهذه تعتبر قاعدة فى القانون لايجوز لاحد الاتفاق على مخالفتها وأن أى تصرف مخالف لها يكون باطلا بطلانا مطلقا..مؤكدا أنه لايمكن لأحد مهما كانت الأسباب والحجج «التنصت» على أحد إلا بأمر قضائى، فالهدف هو المحافظة على حرمة الحياة الخاصة والمحافظة على سرية الاتصالات عبر الإنترنت والفيس بوك وغيرها. ويوضح قائلا: إذا كانت المعلومة عامة ومتداولة بين الجميع فإنه لاتعد مشكلة ولاتندرج تحت التجسس.. ولكن المشكلة فى اختراق الاتصالات والاطلاع عليها للوصول إلى بيانات ومعلومات بعينها.. مؤكدا أن فكرة الأمن القومى لأى دولة لها قوتها ولايجوز لأحد أن يقترب منها مهما كانت الأسباب. مشيرا إلى أن القانون الدولى لحقوق الإنسان يمنع اختراق سرية الاتصالات إلا بطريق قضائى .. وفى حالة جمع معلومات عن شخص بعينه ويكون ذلك بإذن قضائى عن طريق الإنتربول للحفاظ على حرمة الحياة الخاصة. ويكشف د. خليفة - أنه لوثبت أن هناك فردا قد تعرض لضرر التجسس فيكون له الحق فى مقاضاة الولاياتالمتحدةالأمريكية عن طريق رفع دعوى أمام القضاء الأمريكى، خاصة أنه قضاء لايمكن التأثير عليه وهو مستقل فى أحكامه أما إذا ثبت أن أفرادًا من دولة أخرى قد تضرروا من «التنصت» عليهم فإنه يمكنهم التحرك فى اتجاهين الأول تقديم شكوى للأمم المتحدة.. الثانى التحرك من خلال وزارة الخارجية واستدعاء سفير هذه الدولة واللجوء للقضاء الدولى ومحكمة العدل الدولية ويقول: إذا كانت الولاياتالمتحدةالأمريكية تستخدم الوسائل الحديثة مثل الأقمار الصناعية وشبكة الحاسب الآلى لجمع بيانات فى إطار البحث العلمى فإنه فى هذه الحالة يكون الأمر بعيدا عن التجسس .. فمثلا قد تأخذ «لقطة» بالقمر الصناعى لأحد الحرائق مثل الذى حدث فى إحدى القرى مؤخرا بمصر فإنه قد يكون لمعرفة الأسباب لتفادى حدوثه مرة أخرى .. فهذا يكون بعيدا أيضا عن التجسس. الحياة الخاصة ومن جانبه يؤكد د. نبيل أحمد حلمى أستاذ القانون الدولى والعميد الأسبق لكلية حقوق الزقازيق أن إحدى الخصوصيات الأساسية للإنسان هى حقه فى حياته الخاصة ولا يجوز لأحد اختراقها إلا بإذنه شخصيا أو بحكم قضائى.. وأن أى انتهاك لخصوصيته يعد مخالفا للقانون الدولى واتفاقيات حقوق الإنسان بصفة خاصة.. مشيرا إلى أنه لايجوز اختراق هذه الخصوصية لأى سبب من الأسباب وحتى ولو كان تحت ادعاء محاربة إرهاب أومحاربة الجرائم الدولية أو غير ذلك. ويشير د. حلمى إلى ضوابط أساسية يجب أن تلتزم بها الدول وإلا لتعرضت للمسئولية الدولية القانونية.. حيث لايجوز للولايات المتحدةالأمريكية أو أى دولة أخرى اختراق الخصوصية لأى سبب من الأسباب وفقا للقانون الدولى وأيضا قوانين الولاياتالمتحدةالأمريكية الداخلية التى تجرم اختراق الخصوصية للحياة الخاصة للإنسان.. ولذلك إذا قامت أمريكا بمثل هذا التصرف غير القانونى فإنها تكون وفقا للقانون الدولى، وقوانينها الداخلية تكون مسئولة عن هذه الانتهاكات ويمكن للمتضرر الاتجاه للقضاء لمقاضاتها فى هذا الشأن بدءا بالقضاء الداخلى ثم القضاء الدولى الذى يعد مكملا للقضاء الداخلى. ويوضح د. نبيل حلمى - إذا ثبت لأى دولة أن هناك أجهزة «تنصت» تتنصت على خصوصية رعاياها - فإنه فى هذه الحالة يمكن لهذه الدولة أن تعترض لدى سفارة الولاياتالأمريكية على أرضها والاحتجاج لديها! توافر الأدلة ويتفق الدكتور إبراهيم العنانى استاذ القانون الدولى بجامعة عين شمس مع الدكتور نبيل حلمى بأنه ليس هناك مبرر لأختراق حياة الانسان الخاصة أو التدخل فى الشئون الداخلية للدول مهما كانت الأسباب أو الحجج.. موضحا مادامت أن هناك مبادئ ثابتة للقانون الدولى لايمكن لأحد الخروج عنها منها احترام حقوق الإنسان وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول. ويؤكد د. العنانى - أنه يمكن للمتضرر أن يقاضى الولاياتالمتحدةالأمريكية طالما توفرت لديه الأساليب القانونية ضد أمريكا أو أى جهة أخرى وبشرط أن تكون هناك أدلة تؤكد هذا العمل الضار ولايكون كلاما مرسلا بدون أدلة. ويقترح د. العنانى - أنه فى حال شيوع مثل هذه التصرفات فى الآونة الأخيرة فإنه يمكن إثارة هذا الموضوع أمام الأممالمتحدة لوضع اتفاقية دولية تنظم المبادئ لمنع ومكافحة ظاهرة التجسس الإلكترونى حيث يصعب على بعض الدول إثبات وجود هذا التجسس وبالتالى وجود مثل هذه الاتفاقية يحمى دول العالم، خاصة الدول النامية من مثل هذه التصرفات التى تهز حقوق الإنسان وتهدد خصوصيته. قانون متغير وفى نفس السياق يرى د. مصطفى يونس أستاذ القانون الدولى العام والعميد الأسبق لحقوق حلوان أن القانون الدولى يتطور مع أفكار الدول، خاصة الدول القوية.. فهو قانون متغير وغير ثابت ويتحكم فيه الدول القوية والكبرى ويضرب مثالا، لذلك قائلا أنه عندما كان هناك الاستعمار ظهرت معه قوانين دولية تساند أفكار الاستعمار وتجرم أعمال المقاومة التى تقوم بها الدولة المستعمرة.. ولما ظهرت الثورة الشيوعية بدأت تساعد الدول فى التحرر ومعها تغيرت القوانين الدولية.. مؤكدا أن القانون الدولى قانون مرن. ويضيف د. يونس: إذا نظرنا للولايات المتحدةالأمريكية ودول أوروبا نجدها تتجسس إلكترونيا على الدول الأخرى، خاصة الدول النامية ويساعدها على ذلك وجود قواعد قانونية تؤيد ما تفعله.. مؤكدا أن الذى يضع القانون الدولى الدول الكبرى وليس النامية، وبالتالى فإن كل قواعد القانون الدولى تأتى فى صالح تصرفات وأفعال هذه الدول الكبرى. ويوضح د. يونس: إذا نظرنا للعالم نجد أن الأقمار الصناعية تتجسس على الدول الأخرى ومع ذلك لا يمكن أن يجرم القانون هذا العمل لأن ليس لدينا قواعد دولية تقول إن التجسس بالأقمار الصناعية جريمة.. مشيرا إلى أن الأممالمتحدة لم تصل إلى تحديد «البُعد» الذى تملكه الدولة من الفضاء الخارجى وبالتالى لايمكن تجريم الأقمار الصناعية التى تتجسس على الدول الأخرى علنية لأن الدولة لوكانت تملك كل الغلاف الجوى لكان دخول الأقمار الصناعية يعد جريمة ولكن لعدم وجود تحديد البعد الذى تملكه من الفضاء الخارجى فإنه لايمكن تجريم هذا الفعل. ويفجر د. يونس مفاجأة قائلا: إن القانون الدولى يرتبط بالقوة التى تحميه.. موضحا أنه ليس هناك قواعد دولية لكى تقوم الدول المتضررة برفع دعوى ضد الدول المتجسسة لأنه على أى أساس ستقاضيها عليه. فليس هناك قاعدة دولية تجرم هذه التصرفات.