كشف خبير أمني أمريكي أن إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش تتابع بسرية وبتنسيق مع حلفائها العراقيين تنفيذ مشروع تقسيم العراق المحتل إلى ثلاث دويلات على أساس طائفي "كردي وشيعي وسني"، من خلال ما يسمى ب "الأقلمة الإثنية" لوأد مشروع الدولة المركزية القوية. وقال باري بوسن، مدير برنامج الدراسات الأمنية في "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا" لصحيفة "بوسطن جلوب" الأمريكية، إن الأكراد جاهزون فعلاً لمشروع "النظام السياسي الجديد" في العراق.. وفيما يختلف الشيعة على هذا النظام، فإن الولاياتالمتحدة تعمل مع حليفها "المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى" بزعامة عبد العزيز الحكيم على استمرار دعم سلطة رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي لإبقائها في مسار "الأقلمة" التدريجية، أي بالانتقال من سلطة المحافظات إلى سلطة الأقاليم، والاستمرار في خنق أتباع التيار الصدري لتقليل إن لم يكن ممكناً تغييب تأثيرهم في الشارع العراقي. ويرى الخبير الأمني أن الولاياتالمتحدة تدعم الدولة المركزية لكن بسلطات محدودة فقط، وإعطاء المزيد من السلطات للحكومات المحلية في المحافظات في الجانبين الإداري والسياسي وفي إدارة المصادر أيضا، أي بما يلائم التوجهات الكردية، وتوجهات المجلس الأعلى. ونقلت صحيفة "الخليج" الإماراتية عن بوسن قوله، إن الولاياتالمتحدة تأمل في إقناع العرب السنة، ليوافقوا على هذا التوجه التقسيمي من خلال التأكيد أن هذه الحالة ستحقق لهم العدالة التي يرجونها. وتعد انتخابات المحافظات المزمع إجراؤها في شهر أكتوبرالمقبل خطوة رئيسية في منح السلطات المحلية للعرب السنة في محافظاتهم، وحالما يبدؤون ممارسة سلطاتهم، فإن الأمل يتصاعد، طبقاً لقول الخبير الأمني الأمريكي، في أن يصبحوا داعمين للنظام السياسي الجديد في العراق. ويرى بوسن أن هناك فرصاً كبيرة للبدء بهذا المشروع على الأرض، فإلى جانب موافقة الأكراد، ومعظم العرب السنة، ونسبة كبيرة من السكان الشيعة، فإن الصدريين الداعين إلى الدولة المركزية، وتنظيم القاعدة في العراق، قد يُهمشون من خلال خنق المقاومة العنيفة المتبقية. وكان مجلس الشيوخ الأمريكي أقر في سبتمبر الماضي، مشروع قرار غير ملزم حول خطة لتقسيم العراق إلى ثلاث دول طائفية (كردية وسنية وشيعية). وتنص الخطة على وضع نظام فدرالي حسبما يسمح الدستور العراقي والحيلولة دون ان يتحول العراق الى دولة تعمها الفوضى ، فضلا عن تقسيم العراق الى كيانات كردية وشيعية وسنية مع حكومة فدرالية في بغداد تتولى امن الحدود وعائدات النفط. اتفاقية أمنية مثيرة للجدل على صعيد آخر، جدد رجلا الدين الشيعيان الشيخ أسعد الناصري أحد كبار مساعدي الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، والشيخ عبد المهدي الكربلائي ممثل المرجع الشيعي علي السيستاني في كربلاء أمس الجمعة، رفضهما توقيع اتفاق أمني طويل الأمد مع الولاياتالمتحدة لبقاء جنود أميركيين بعد 2008 معتبرين أنه يخالف مبدأ السيادة ويشكل إهانة للشعب والحكومة على حد سواء. وقال الناصري إن "التوقيع على الاتفاقية طويلة الأمد بين العراق وأمريكا أمر مرفوض ولا يقبل به أي عراقي شريف". وأضاف، "لا يحق للحكومة العراقية توقيع الاتفاقية بعد رفض كل الفصائل والقوى السياسية في العراق لبنود الاتفاقية". وأكد الناصري أن التوقيع على الاتفاقية "أمر مهين للعراق حكومة وشعبا" مشددا على أن "بنودها السرية تتضمن حصانة كاملة للجنود الأميركيين والمرتزقة والشركات الأمنية التي تعاقد معها الجيش الأميركي من القضاء العراقي". وتابع، أن "الاتفاقية تضمن بناء قواعد ثابتة في العراق لم يحدد عددها وجعل وزارات الدفاع والداخلية والمخابرات لمدة عشر سنوات تحت اشرف القوات الأميركية". بدوره طالب الكربلائي بالحفاظ على الثوابت الأساسية في رفض الاتفاقية في إشارة إلى سيادة العراق. وقال: "لا بد أن تكون الاتفاقية شفافة وليست فيها أي بنود سرية". وأكد الكربلائي على أهمية أن "تعرض على أبناء الشعب وأن تبقى الكتل السياسية على موقفها فيما يتعلق بالمحافظة على الثوابت الأساسية" في إشارة إلى المحافظة على سيادة العراق وعدم إقامة قواعد أو منح حصانة للقوات الأميركية. ويتفاوض العراق مع الولاياتالمتحدة على اتفاق لبقاء جنود أميركيين بعد 2008، وحدد البلدان نهاية يوليو للتوصل إلى الاتفاق. وأثار الاتفاق سجالا سياسيا حادا في العراق في وقت تتفاوض فيه الحكومتان العراقية والأميركية على الشروط التي سترعى بقاء قوات الاحتلال الأمريكي في العراق على المدى الطويل بعد أن تنتهي في 2008 مهلة التفويض الممنوح لها من الأممالمتحدة. وأنكرت الولاياتالمتحدة مرارا أنها تريد قواعد دائمة في العراق ، لكن مصدرا عراقيا قال "إن هذا لا يعدو أن يكون خديعة تكتيكية". فواشنطن تريد السيطرة على الأجواء العراقية ، وأن تتابع "حربها على الإرهاب" في العراق ، وأن يكون لها سلطة اعتقال من تريد وشن حملات عسكرية دون أي استشارة. وللولايات المتحدة حاليا 151 ألف جندي في العراق، وحتى بعد الانسحاب المقرر الشهر القادم، سيظل مستوى عديد القوات عند 142 ألف جندي - أي أكثر بعشرة آلاف جندي من العدد الذي كان موجودا عندما بدأت "زيادة القوات" في يناير 2007 ، وفي ظل شروط الاتفاقية الجديدة ، فإن الأميركيين سيحتفظون بحق استخدام ما يزيد على 50 قاعدة عسكرية على المدى الطويل.