"حراااام بجد اللي بيحصل لعلمي رياضه احنا خلاص ضعنا من تفاضل لفيزياء لميكانيكا وبنختمها بأحصاءمين يرضي بكده حرام" كانت هذه العبارة هي التي أطلقتها إحدى طالبات الثانوية العامة "القسم العلمي" بمرارة بعد أن دخلت في نوبة بكاء وصراخ فشل الجميع معه في تهدئتها، لتبدو وكأنها عجوز قاربت على التسعين من العمر من منظر وجهها بعد نوبة البكاء والهم هذه!! ماذا تريد الدولة من الطلاب؟ منذ فترة طويلة تعودت آلاف الأسر المصرية على دخول ماراثون الثانوية العامة، وكان الماراثون يبدأ وينتهي وسط شد وجذب للأعصاب، لكنه سرعان ما يتلاشي بعد انتهائه ودخول الطلبة جامعاتهم عن قبول ورضا. إلا امتحانات هذا العام، فقد شهدت منذ بدايتها أحداثًا درامية غريبة وعجيبة، بداية بفضيحة تسريب الامتحانات في محافظة المنيا عن طريق "كبار رجال الدولة وحماة القانون" الذين مارسوا أسوأ أنواع استغلال المنصب والابتزاز ليقضوا تمامًا على مبدأ تكافؤ الفرص بين طلاب مصر في تلك الامتحانات، وليأتوا بالامتحانات قبل وقتها على طبق من فضة لأبنائهم، وعندهم كل الحق، فكيف يتساوى ابن "الباشا" (الضابط أو وكيل الوزارة أو وكيل النيابة أو أو) مع ابن المواطن العادي حتى ولو ذاكر واجتهد وحصل وتعب وسهر، لا يهم فمصر لم تصبح بلادنا ولكنها أضحت بين عشية وضحاها "بلد رجال الأعمال والمناصب"!! ويستمر المخطط الحكومي القذر ليطال بيده الآثمة أبناء القسم العلمي في الثانوية العامة الذين يمثلون المخزون المتجدد لعلماء مصر ومهندسوها وأطباؤها والذين لا تستغني عنهم أية دولة تريد أن "تعيش" بكرامة وآدمية وسط هذا العالم، فنصبت المذابح البشعة لطلاب العلمي بداية من امتحان التفاضل والتكامل التعجيزي، مرورًا بالفيزياء التي مارس فيها الممتحن على طلبة كل أساليب الفلسفة واستعراض عضلاته على الطلاب، وامتحان الميكانيكا الذي جاء بمثابة ألغاز عجيبة للطلبة، وانتهاء بمادة الإحصاء التي كانت تمثل "فاكهة الرياضيات" للطلاب فتحولت – بقدرة قادر – إلى زقوم يمزق بطونهم ويقرح أمعاءهم. والنتيجة، عشرات من حالات الإغماء والهيستيريا والانهيار العصبي، وضربت حالة من الاكتئاب آلاف الطلبة والطالبات خلفت أكثر من حالة انتحار فعلي، فها هو طالب يشنق نفسه في غرفته بسبب صعوبة الامتحانات، وزميلته تشرب مبيدًا حشريًا تاركة للحكومة البلد.. بل الدنيا كلها!!، وأمس حدث الجديد، وهو تنظيم عدد من الطلبة مظاهرات كبيرة داخل اللجان احتجاجًا على الامتحانات "التعجيزية" تطورت إلى أعمال شغب عندما بدأ الطلاب بإشعال النار في المقاعد وإلقائها من النوافذ لتستدعي لهم اللجان الشرطة التي هرعت قياداتها ولواءاتها ليهددوا هؤلاء "المفاعيص" وليأمروهم بالتزام الصمت والهدوء. وهو الأمر الذي دعا أستاذة جامعية إلى اتهام الحكومة بإصابة نجليها بانهيار عصبي واكتئاب بسبب الامتحانات وذلك عبر بلاغ رسمي. العديد من أولياء الأمور يقسمون بأن الحكومة تنفذ مخططًا غامضًا وخبيثًا وضعته لها جهات أجنبية، لتعقيم مصر من العلماء عبر سياسة "تطفيش" الطلاب من القسم العلمي لتصبح الثانوية العامة المصرية كلها "أدبي" ولتتقدم مصر بملايين "الأدباء والمفكرين والممثلين"، وقريبًا ستستورد مصر الأطباء والمهندسين والعلماء من الخارج، "يعني هي جت على دول.. ما احنا بنستورد م الإبرة للصاروخ من برة" فقد تجددت أمس أحزان طلاب الثانوية العامة، القسم العلمي، وأجمع طلاب المرحلة الثانية في جميع المحافظات علي صعوبة أسئلة مادة الإحصاء، وصف أن معظمها جاء غامضًا ومن خارج المنهج، ووصفوا الأسئلة بأنها تعجيزية وفوق مستوي الطلاب الممتازين، فيما أكدوا سهولة امتحان مادة الاقتصاد التي جاءت سهلة ومباشرة. ففي القاهرة والجيزة، شهدت معظم اللجان حالات انهيار وبكاء وإغماءات من صعوبة أسئلة "الإحصاء" وشهدت مدرسة عثمان أحمد عثمان الإعدادية بنات بالهرم، اشتباكات بين بعض الطلاب ومسؤولي الإدارة التعليمية بسبب احتجاج الطالبات علي صعوبة الأسئلة، ووصلت الاشتباكات إلي حد التقاذف بالهواتف المحمولة. ونقلت صحيفة "المصري اليوم" عن بعض الطلاب قولهم أن الامتحان تجاوز مستواهم وقدراتهم، وكان أشبه بيوم امتحان مادة التفاضل والتكامل، حيث ضم أسئلة غامضة وصعبة، جاء معظمها غير مباشر ومن خارج المنهج، وأضافوا أنهم بالرغم من قيامهم بحل نماذج أسئلة كتاب الوزارة والكتب الخارجية فإنهم فشلوا في حل الأسئلة التي اشتمل عليها الامتحان. ووصف الدكتور علاء الفقي، المشرف علي تدريس مادة الرياضيات بمدارس المستقبل، الامتحان بأنه لم يراع الفروق الفردية بين الطلاب أو تخصصاتهم، مؤكدًا أن الإحصاء مادة اختيارية لكل التخصصات، وقال إن الامتحان كانت يتعقبه مادة أخري وبالتالي يتأثر الطالب بالمادة السابقة. وأوضح أن الامتحان كان يقيس الرياضيات أكثر من الإحصاء في الامتحان. كما وصف الامتحان بالشدة لافتًا إلي أنه لم يخرج عن المنهج المقرر مفسرًا حالة الصدمة، بسبب عدم مراعاة الفروق والتخصصات المختلفة. وفي المنوفية، وصف إسلام مختار، ومحمد الزغبي، طالبان بقسم "علمي علوم"، صعوبة امتحان مادة الإحصاء، بأنها قضت علي أملهما في الالتحاق بكلية الهندسة، واتفقا علي أن معظم الأسئلة جاءت غامضة وغير مباشرة، وأن الوقت لم يكف لإجابة سؤال واحد، وأشارا إلي صعوبة النقطة "أ" من السؤال الأول التي وصفوها ب"التعجيزية"، إلي جانب السؤال الرابع الذي أكد أنه جاء من خارج المنهج. وأجمع معظم الطلاب علي سهولة امتحان مادة الاقتصاد، وأكدوا أن الأسئلة كانت سهلة ومباشرة بصورة لم تكن متوقعة. وفي كفر الشيخ، قال الطالب عاصم عمرو "علمي علوم" إن معظم الأسئلة جاءت صعبة ومن خارج المنهج، وأن معظم الطلاب أصيبوا بنوبات من البكاء الشديد والإغماءات لصعوبة الأسئلة وطولها. أحداث شغب وفي بورسعيد، حطم طلاب لجنة المدرسة الثانوية العسكرية، المقاعد، وألقوا بها من لجانهم خارج الشارع، حيث بدأ أحد الطلبة بعد انتهاء مدة امتحان الإحصاء بإلقاء مقعده، مما أثار حفيظة بقية زملائه فشاركوه في إلقاء المقاعد في الشارع، وهتفوا ضد وزير التربية والتعليم، لصعوبة الامتحان في الإحصاء فاستدعي رئيس الحرس شرطة النجدة وهرعت سيارات الإسعاف والأمن المركزي ومدير المباحث الجنائية ومدير الأمن إلي موقع الحادث الذي يبعد 50 مترا عن مديرية الأمن، ونجحت الشرطة في السيطرة علي الموقف وإعادة الهدوء إلي اللجان بعد أن قام مدير الأمن محمود جوهر، ومدير العلاقات العامة بالمديرية، والعميدان عز منصور، مدير المباحث، وإبراهيم مكي، رئيس المباحث بتهديد الطلبة الثائرين بالاعتقال. وفي سياق متصل، وقع حريق محدود بلجنة مدرسة "النصر الثانوية العسكرية"، نتيجة قيام الطلبة بإشعال النيران في المقاعد المخصصة لهم لصعوبة مادة الإحصاء، وتمت السيطرة عليه بعد دقائق من وقوعه. وقال الطالب محمد عبود الرحال "علمي علوم" إن الفقرة "أ" من السؤال المحوري ونموذج الامتحان، جديدان من نوعهما، مما أدي إلي استنزاف الوقت الذي لم يسعنا لحل الأسئلة. وطالبت والدته بإلغاء قسم "علمي علوم" لعدم توفير الرعاية الخاصة به ومعاملته معاملة القسم الأدبي وشككت في أن الدولة تريد عباقرة ومهندسين. مشاجرة وتوتر وفي الدقهلية، شهدت لجنة مدرسة "جزيرة الورد" بالمنصورة أمس، استياء عام بين أولياء الأمور بسبب صعوبة مادة الإحصاء مما تسبب في نشوب مشاجرة بين أولياء الأمور، وأحد سائقي سيارة نصف نقل بيضاء عند قيامه باستخدام آلة التنبيه أمام اللجنة، حيث فوجئ الأهالي أثناء انهيارهم - بعد تأكيد الطالبات باللجنة لهم صعوبة امتحان مادة الإحصاء ورفض مشرفي اللجان السماح لهم بالخروج بعد الامتحان خلال فترة الراحة بين مادتي الإحصاء والاقتصاد - بقيام السائق باستخدام آلة التنبيه بشكل مستفز، فنهره بعض أولياء الأمور، وعندما لم يستجب اعتدوا عليه بالضرب وفر هاربا بعد أن اتصلوا بالنجدة. في السياق نفسه، قرر أحمد وهدان، وكيل وزارة التربية والتعليم ببني سويف، إجراء تحقيق عاجل في واقعة قيام الطالبة فاتن فايزي محمد إبراهيم، بلجنة الشهيد عصام الدين الثانوية بمركز الفشن في بني سويف، بتمزيق ورقة إجابتها في مادة الإحصاء للمرحلة الثانية، وأرسلت لجنة قانونية للتحقيق معها وسماع أقوال الملاحظين والمراقب الأول وإرسال ورقة الإجابة الممزقة إلي كنترول الثانوية بالقاهرة مع محضر التحقيق. وتبين من التحقيقات الأولية أن الطالبة اعترفت بتمزيق ورقة الإجابة بسبب صعوبة الأسئلة وعدم قدرتها علي حلها، وأن حالتها النفسية سيئة بسبب خوفها من الامتحان، وأن رقم جلوسها هو 652596، وأنها أدت الامتحان في المواد السابقة وهي "مرعوبة". بلاغ ضد الحكومة ومن ناحية أخرى، اتهمت أستاذة جامعية، في بلاغ لها، إلي قسم شرطة مدينة نصر أول، مسؤولي إدارة التربية والتعليم بإمبابة، بالتسبب في إصابة نجليها، التوأم، بحالة انهيار عصبي بسبب صعوبة أسئلة الامتحانات التي قالت إنها جاءت "تعجيزية" وغير مفهومة، خاصة أسئلة مادة الفيزياء، وقالت إنها شاهدت بعض الطلبة والمدرسين يحملون "ملازم" قبل دخول الامتحان تحوي بعض الأسئلة التي تضمنتها مادة الفيزياء.