صحة الشيوخ: ثورة 30 يونيو أنقذت مصر وصنعت انطلاقة تنموية غير مسبوقة    الخطيب: صناعة البتروكيماويات من الركائز الاستراتيجية للصناعة المصرية    لجنة الإدارة المحلية بالبرلمان تتفقد مشروعات حماية الشواطئ وتوسعة الكورنيش في الإسكندرية    الإيجار القديم.. تامر أمين عن الفترة الانتقالية للمستأجرين: يا نسيبها تتحل لوحدها يا نستحملهم    كتائب القسام تستهدف جنود وآليات الاحتلال في خان يونس ضمن عمليات حجارة داود    رئيس أذربيجان: ثمة أوساط تنشر مزاعم كاذبة للإضرار بعلاقاتنا مع إيران    تقرير: العين الإماراتي يهدي لاعبه للوداد مجانا    طلبة: عبد الشافي أسطورة للزمالك.. وفيريرا سر تألق عبدالمجيد    برنتفورد يعين مسؤول الركلات الحرة مدربًا للفريق    حزب الوعي يطالب الحكومة بإجراءات عاجلة لحماية العاملات الزراعيات بعد فاجعة حادثة المنوفية    أسماء أبو اليزيد: مسلسل فات الميعاد يجسد واقعًا حقيقيًا    15 نقطة تبرع وماراثون توعوي.. مطروح تحتفل باليوم العالمي للتبرع بالدم بشعار تبرعك يساوي حياة    «جهار» تستعرض رؤى علمية متقدمة لتعزيز الجودة والاستدامة البيئية    الأدب والحكايات الشعبية مفتاح للوحدة ويمنع الانقسام والتناحر في كتاب جديد    لماذا لم يحضر ترامب حفل زفاف بيزوس؟.. الرئيس الأمريكي يكشف السبب    وزيرا الأوقاف والعمل ومحافظ القاهرة في رحاب مسجد السيدة نفيسة (صور)    تعرف على موعد وفضل صيام يوم عاشوراء    رغم الخروج المبكر.. مدرب العين فخور بمشوار فريقه في مونديال الأندية    فيديو يقود مباحث دار السلام لضبط "ديلر الاستروكس"    بحضور النقيب.. افتتاح مصيف المهندسين بالمعمورة بعد تطويره في الإسكندرية    محافظ كفرالشيخ: انطلاق قافلة دعوية كبرى من مسجد الضبعة بالرياض    مباحثات مصرية- نمساوية بالقاهرة غدا على مستوى وزيري الخارجية    مصرع شابين وإصابة آخر في حادث مروري بقنا    جميعهن فتيات.. ننشر أسماء ضحايا حادث الإقليمي بالمنوفية    مجلس الوزراء يكشف حقيقة اعتزام الدولة خصخصة الجامعات الحكومية    جيرو يقترب من العودة إلى الدوري الفرنسي قبل الاعتزال    استئناف الرحلات الجوية بين روسيا وإيران بعد تعليقها لمدة أسبوعين    الإثنين المقبل.. انطلاق فعاليات معرض الفيوم للكتاب    عبد المنعم المرصفي: التمثيل مصدر رزقي الوحيد.. وعايش على السلف لحد ما يجي لي شغل    أحمد رزق يحتفل بتخرج نجله من المدرسة.. وإيمان العاصي تعلق (صورة)    في أول جمعة من العام الهجري الجديد.. افتتاح مسجد "آل يعقوب" بقرية سفلاق بسوهاج    خطيب المسجد النبوي: صوم التطوع في شهر المحرم أفضل الصيام بعد رمضان    "البترول": نجاح أعمال الحفر ببئر "ظهر 6" وإضافة 60 مليون قدم مكعب يوميًا إلى الإنتاج    "القومي للطفولة" يحبط زواج طفلة 14 عاما بمحافظة قنا    شحنة جديدة من الأدوية و15 كرسيا متحركا لتوزيعها على المستحقين بأسيوط    صحة الغربية تحقق في واقعة تبدل جثتين في مشرحة مستشفى زفتي العام    نجاح أول عملية تكميم معدة لطفلة بالمنظار بمستشفى جامعة أسيوط    إيرادات الخميس.. «المشروع x» يحافظ على صدارة شباك التذاكر    ضبط قضايا اتجار غير مشروع في النقد الأجنبي ب4 ملايين جنيه    الحكومة تحدد ضوابط العمرة الجديدة لعام 1447    الحكومة تنفي خصخصة الجامعات الحكومية وتؤكد: "مملوكة للدولة"    نيللي كريم عن «هابي بيرث داي»: فكرته لمست قلبي والسيناريو عميق    حصيلة الانزلاق الأرضي في كولومبيا ترتفع إلى 16 قتيلا    أسعار الدواجن في البورصة اليوم الجمعة 27 يونيو 2025    مستوطنون يعتدون على منازل جنوب الخليل.. وإصابة فلسطينية في مسافر يطا    السيطرة على حريق نشب فى ثلاثة سيارات ملاكى بحى شرق أسيوط    النواب يوافق على اعتماد إضافي للموازنة ب 85 مليار جنيه (تفاصيل)    محافظ الجيزة يعتمد المخططات التفصيلية لأحياء الدقى والعمرانية وبولاق الدكرور    المراجعات النهائية للغة الإنجليزية الثانوية العامة 2025    الدورى الجديد يتوقف 5 ديسمبر استعدادا لأمم أفريقيا بالمغرب    محمد شريف ينتظر 48 ساعة لحسم مصيره مع الأهلى.. والزمالك يترقب موقفه    قتل 8 نساء ورجل.. اليابان تنفذ حكم الإعدام في "سفاح تويتر"    كريم محمود عبدالعزيز يتصدر تريند جوجل بسبب مملكة الحرير    ياسر ريان: طريقة لعب ريبيرو لا تناسب أفشة.. وكريم الديبس يحتاج إلى فرصة    قمة أوروبية.. الريال يضرب موعدًا مع يوفنتوس في دور ال16 بمونديال الأندية    الورداني: النبي لم يهاجر هروبًا بل خرج لحماية قومه وحفظ السلم المجتمعي    هل التهنئة بالعام الهجري الجديد بدعة؟.. الإفتاء توضح    المفتي: التطرف ليس دينيا فقط.. من يُبدد ويُدلس في الدين باسم التنوير متطرف أيضا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"مجدى حسين" يكتب: أطالب الرئيس مرسى بإعلان الحرب على إسرائيل وأمريكا من محبسه
نشر في الشعب يوم 22 - 02 - 2014

لا بد أن يعلن أن هذا الانقلاب من تدبيرهما وأن مصر لا بد أن تتطهر من نفوذهما..
وإذا فعل ذلك فإن ذلك سيقلب كثيرًا من الموازين والمعادلات فى المنطقة
نحن نواجه حربًا صليبية يهودية مركزها فى مصر لضرب الصحوة الإسلامية
الثورة لا تتراجع.. وحكم العسكر لا يستقر.. وسينتصر الشعب.. ولكنكم تستعجلون!
نحن فى الشهر الثامن من هذه المرحلة من الثورة، بل هى الثورة الحقيقية التى تستهدف اجتثاث نظام مبارك. فى هذه المرحلة نقوم بعمل الواجب المتأخر الذى لم نقم به فى عام 2011، والذى أدى إلى رسوبنا فى سنة أولى ثورة وعودة نظام مبارك بصورة أكثر فجاجة ووحشية وتطرفا، حتى أصبح عهد مبارك يمكن أن يسمى: «حكم العسكر الليبرالى»!. نحن الآن نواجه الطبقة العسكرية الفاسدة التى كانت مختفية وراء حسنى مبارك والحزب الوطنى.
يدرك جموع الناس الذين لا يزالون يحتفظون بعقولهم وحالتهم النفسية فى حالة معقولة، أنه يتعين تطهير الأركان الأربعة لنظام مبارك، وإلا نكون فى حالة مستمرة من مضيعة الوقت والفرص: الجيش – الشرطة – القضاء – الإعلام.
ولكن لم يستقر بعد عند جموع الناس أن عدونا الرئيسى فى هذه المعمعة، الذى يحكم البلاد بالفعل، هو الحلف الصهيونى الأمريكى. ولا يمكن الانتصار فى معركة مع أشباح مجهولين أو مع عدو غير متفق عليه. لا بد من تحديد العدو لجموع الجماهير من أجل حشدها ضد الهدف الكبير، ولأن هذا يساعد على تحديد الطرائق والوسائل، ويساعد على توسيع جبهة الثوار. يجب أن يكون واضحا أننا نسعى إلى تحرير مصر من هذه الهيمنة الاستعمارية وهذا التدخل السافر فى أخص شئوننا الداخلية، لا إلى مجرد عودة الرئيس مرسى للحكم، بل إذا كانت عودة الرئيس مرسى ستعنى «مواصلة العلاقات مع الولايات المتحدة وإسرائيل وفقا لكامب ديفيد، واستئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولى اليهودى» -وهو يهودى كما سنوضح فى سلسلة أمريكا اليهودية» فلن تكون عودة إلى الأمام، وسنفقد حماسنا لهذه العودة، وهى لن تحدث بالأساس؛ لأن الإجماع الشعبى لن يتحقق بدون الهدف القومى الأصلى الذى يجمع المصريين ويجعل الخارجين عليه خونة.
لقد جرب الرئيس مرسى وإخوانه تحقيق الاستقلال بالتدرج، وكانت هذه هى النتيجة. فلا يجوز التعامل مع الانقلاب على أساس أنه كان عقبة فى الطريق سنتخلص منها ثم نعود إلى الطريق التدريجى نفسه؛ حيث تستمر اتفاقية الكويز فى إطار استمرار التطبيع مع إسرائيل والمعونة الأمريكية والمناورات العسكرية مع أمريكا... إلخ.
كل عواطفى وقلبى مع الرئيس مرسى، وكل احترامى له؛ لأخلاقه وصلابته. وهو أمر لم يفاجئنى؛ فالإخوان مُختبَرون فى مسألة الصمود فى السجون، وكل تقديرى لطهارة يده؛ فلم يجد الانقلابيون أى أثارة من فساد يلصقونها به، رغم أن كل المعلومات عندهم. كما أقرر أن وطنيته فوق أى شبهات، ويكفى أنهم لم يجدوا ما يتهمونه به إلا التخابر مع المقاومة الفلسطينية واللبنانية، وهى تهمة تشرف أى وطنى. على هذه الأرضية أقول للرئيس مرسى إنه لم يتسرب منه أى بيان أو تصريح منذ اعتقاله يدين الموقف الأمريكى الإسرائيلى من الأحداث فى مصر، والاعتراف بأن سوء التقدير لم يكن بخصوص العسكر، بل أساسا بخصوص أسيادهم الذين خططوا معهم الانقلاب ومولوه بأموال عملاء الخليج. إن اعتبار أنك مسجون لا يضعف من هذا الاقتراح بل يقويه؛ فأنت أقوى وراء السدود؛ لا كما يقول الشعراء، بل هو أمر واقع؛ فالمسجون ظلما دائما أقوى من جلاديه، وأقرب إلى الشعب وأكثر تأثيرا، خاصة إذا كان له أرضية شعبية أو كان منتخبا بالفعل كما هو حالكم. الرئيس مرسى بإمكانه أن يقلب كل المعادلات بأن يعلن الحرب على أمريكا وإسرائيل من محبسه، وستلتف الأمة كلها حوله (إلا الخونة والعملاء)، وسيغسل بضربة واحدة كل ما علق بالإخوان من ظنون وانتقادات بالباطل أو بالحق. المهم أنه سيعيد البلاد إلى مسارها الأصلى والصحيح، بعد أن تصورنا أنه يمكن تجنبه، وهو: التحرر من النفوذ الأجنبى الذى عشش فى البلاد منذ 40 عاما. وقد يؤدى هذا الموقف إلى تعرضه لمخاطر أكبر وهو فى قبضة العسكر، ولكن أعلم أن الرئيس استشهادى، وأنه يدرك أن الأعمار بيد الله، وأن التعرض للمخاطر بسبب قول الحق لا يخيف المؤمن، بل أرى بعيدا عن مسألة أن الأعمار بيد الله؛ لأن هذا لا يمنعنا من الحسابات العقلانية التى تسعى إلى اتخاذ الموقف الأسلم والأفضل.. أرى أن هذا الموقف سيحصنه شعبيا بنسبة كبيرة، وسيجعل الإخوان قادة الأمة عن جدارة، لا لمجرد قدرتهم على الكسب الانتخابى، بل أحسب أن مرسى وإخوانه سيصبحون قادة الأمة العربية والإسلامية عن جدارة، وسيحشدون طاقة الأمة فى معركة مصيرية هى أبعد ما تكون منحصرة فى الحدود المصرية.
نحن لا نريد تظاهرات صغيرة فى الوطن العربى والعالم الإسلامى ترفع شعار رابعة فحسب، بل نريد تظاهرات مليونية فى كل العواصم العربية والإسلامية تهتف بسقوط الحملة الصليبية الأمريكية اليهودية على أمتنا. نعم، إن المعركة على مصر معركة على الأمة كلها، والأمة تدرك ذلك وتقوله، وتتابع نبضات ما يجرى فى مصر. أما نحن فننشغل بتفاصيل المعركة وكأنها معركة داخلية مصرية فحسب.
إن الأعداء والأصدقاء معا يتابعون التطورات فى مصر باعتبارها معركة ستؤثر فى مجرى الأحداث فى العالم. والانقلابيون يدركون ذلك ويستجلبون الدعم لهم من أمريكا والغرب وروسيا والخليج، وواجب الثوار أن يستجلبوا القوى الشعبية فى البلاد العربية والإسلامية، بما يرفعونه من شعارات هنا فى القاهرة. والاقتصار على عودة الرئيس أو الشرعية، هو شعار فى جوهره ليبرالى وديمقراطى وشورى، ولكنه مع صحته وعدالته لا يشير إلى جوهر الصراع الذى أدى إلى الإطاحة بالرئيس الشرعى. وهو شعار لا يكفى لتعبئة الأمة المصرية، ومن باب أولى لا يكفى لتعبئة القوى الشعبية العربية والإسلامية. الشعار الأشمل هو الاستقلال.. هو تحرير مصر وأمتها العربية والإسلامية من دنس العبودية لليهود ونصارى الغرب المتصهينين، وهو ما نلخصه بشعار «إسقاط كامب ديفيد»، وهى الاتفاقية التى تحولت إلى ميثاق للعرب والمسلمين لا لمصر وحدها.
إن كل ما صدر عن الإخوان فيما يتعلق بأمريكا والغرب حتى الآن هو أقرب إلى العتاب، وإلى انتقاد تقصيرهم، وإلى مطالبتهم بالالتزام بمبادئهم الديمقراطية، وكأنهم طرف ثالث. هم ليسوا طرفا ثالثا، بل هم الطرف الأول الأساسى على رأس الانقلاب، ولا بد من تثقيف الشعب بهذه الحقيقة وإعلامه بها. أرجو أخذ عبرة من كثرة اللقاءات مع الأمريكيين والأوروبيين المبعوثين من أمريكا أثناء اعتصام رابعة، وكيف كانت تصل إلى طريق مسدود؛ لأنهم كانوا يطالبون بالموافقة على الأمر الواقع الانقلابى أولا. وإذا حُسب للإخوان أنهم رفضوا ذلك، لكن استمرار هذه اللقاءات العقيمة أشاع الأمل فى قرب الوصول إلى حل، وأشاع أن الإخوان ينتظرون الأنصاف من الغرب. وهذه الاتصالات ظلت مستمرة داخل وخارج البلاد.
ونصيحتى المتواضعة للرئيس مرسى وقيادة الإخوان: ضرورة فصل موقف إخوان مصر عن التنظيم العالمى فى هذه النقطة؛ فالتنظيم العالمى يحتفظ بعلاقات ودية عديدة تصل أحيانا إلى مستوى التعاون مع أمريكا والغرب فى عدة ساحات، على سبيل المثال: الجزائر وسوريا والعراق وليبيا واليمن، وحيثما وجدت التجمعات الإخوانية فى أوروبا وأمريكا وكندا وأستراليا. من حق إخوان مصر بل من واجبهم، أن يكون لهم موقف مختلف ما دامت أمريكا أصبحت عدوتهم إلى حد تدبير هذا الانقلاب. وأكتفى الآن بالإشارة إلى ما قاله وزير الاستثمار السابق يحيى حامد من أن الوفود الأمريكية والأوروبية إلى الرئيس مرسى وخيرت الشاطر كانت تطالب بالبرادعى رئيسا للوزراء، وعندما رفض هذا الاقتراح (الذى كان بمنزلة الإنذار الأخير) وقع الانقلاب بعده بأيام.
على أية حال، نحن نرى أن حصر القضية فى عودة الشرعية بدون تصحيح الموقف من قضية الاستقلال، هو الذى يعرقل الزخم الثورى، ويعطى فرصة للخصوم لترويج فكرة أن الإخوان غير مشغولين إلا باستعادة السلطة، وأن ما يجرى مجرد صراع على الكراسى (بإغفال التفرقة بين الكرسى القادم بالانتخابات والكرسى القادم بالغصب!). وبغض النظر عن أى شىء، فإن الحق أحق أن يتبع. ولن ننتصر بدون الانحياز إلى الحق كاملا؛ لأنها معركة المصير، والخصم خرج علينا بالسلاح لينصر الباطل، ومن ثم لسنا أمام معركة تكتيكية. لقد فُرضت علينا معركة بين الحق والباطل من أوسع أبوابها. وإن تضييقنا نطاق المعركة لا يعنى سوى الخسران؛ لأنك تكون قد ضيقت واسعا، وحرمت نفسك من استدعاء الشعب كله لنصرة الحق. والحق ما كان قط مجزأ. ثم إلى متى ستظل قضية الاستقلال ومهزلة كامب ديفيد التى حولتنا عبيدا لليهود، مؤجلة؟!! ومن يملك أن يؤجلها؟! وبأى رخصة من السماء أو الأرض؟!
لقد كتبت وتحدثت كثيرا عن أن الإخوان برعوا فى تطبيق المراحل الثلاثة الأولى من خطة حسن البنا، وهى: بناء الفرد المسلم– بناء الأسرة المسلمة– بناء المجتمع المسلم، ولكنهم لم يبدعوا فى مرحلة إقامة الحكومة الإسلامية، وبالتأكيد لم يصلوا إلى المرحلة الخامسة والأخيرة وهى إقامة الدولة الإسلامية أو الخلافة الإسلامية؛ لأنها لا تقوم إلا بعد إقامة عدة دول إسلامية.
هذه المرحلة الرابعة -وهى إقامة الحكومة الإسلامية- تحتاج إلى إعادة النظر فى كثير من الأشياء التى كانت مستقرة فى المراحل الثلاثة الأولى، كالنعومة مع الخصوم، وعقد المساومات، وعدم الدخول فى مصادمات مع النظم الفاسدة وأعداء الخارج لتوفير المناخ للبناء والتربية، ولكن الحياة لن تستمر فى البناء والتنمية، ولن نبقى أبد الدهر فى المرحلة المكية. والمرحلة المدنية لا تعنى حمل السلاح بالضرورة، بل تعنى تغييرا فى كثير من الوسائل والطرائق وأسلوب الخطاب والتعبئة. وهذا قد يؤدى إلى كثير من الخسائر المادية وتعرض استثمارات الإخوان فى الخارج لمحاربة شديدة من الغرب، وسيؤدى إلى اضطهاد الإخوان فى بلاد الغرب. وهذا أمر طبيعى ولا بد أن يحدث؛ فلا يمكن إقامة دولة الإسلام على أرض المسلمين والغرب يعاملنا بالقبل والأحضان على أرضه.
***
ولكن دعونا نُلْقِ نظرة على تطور أوضاع الثورة على الأرض:
الثورة تتقدم
ومع كل ذلك، فإن الثورة تتقدم ولا تتأخر كما يتصور البعض؛ للأسباب التالية:
أولا- أن الوعى بضرورة تصعيد الموقف ضد الحلف الصهيونى الأمريكى يتزايد بالتدريج. ومن مظاهر ذلك تزايد حرق علمى أمريكا وإسرائيل فى التظاهرات، وتزايد الإدانات لهذا الحلف الإجرامى فى بيانات التحالف المساند للشرعية، وفى توجه حركات شبابية إلى التركيز على حقيقة أن أمريكا هى التى تحكمنا لا السيسى وأقرانه، وأيضا فى تنامى هذا الوعى على شبكة الإنترنت وهى أهم أداة إعلامية الآن فى يد الثورة.
ثانيا- أن حجم التظاهرات وعدد المتظاهرين لم يتناقص كما يحاول الإعلام الانقلابى أن يصور؛ لأن التظاهرات امتدت على مجمل مساحة الوطن، ووصلت إلى أماكن لم تصل إليها منذ 25 يناير 2011، من القرى والأحياء فى المدن والمراكز والمحافظات، وهى متواصلة بالليل والنهار وفقا لظروف كل مكان؛ فنحن أمام استمرار تظاهر الملايين من العريش إلى أسوان، وهذا يتزايد يوم الجمعة. وليست العبرة بالإحصاءات الدقيقة لعدد المتظاهرين؛ فالمهم هو استمرار الأزمة الثورية وتعاظم الرفض الشعبى للانقلاب، الذى يأخذ أشكالا متعددة، ومنها:
ثالثا- المقاومة الشعبية السلمية الخشنة، التى كانت من إبداعات شباب الثورة دون توجيه أى حزب أو جماعة ولا توجيه التحالف الداعم للشرعية، وهو حرق سيارات الشرطة والجيش الفارغة -أى بدون قتل- وهى إبداعات؛ لأنها ردت على قتل 7 آلاف مواطن وإصابة المئات بعاهات مزمنة، واعتقال 20 ألف مواطن، وانتهاك أعراض النساء؛ فكل هذه الجرائم كانت كافية لاندلاع الحرب الأهلية، ولذلك فإن «الجلاشة» التى رفعت شعار «أقل من الرصاص وأقل من القتل»، هى إبداع شعبى شبابى مشكور؛ لأنها كانت وسيلة لإيقاظ المجتمع على خطورة ما تفعله الشرطة برعاية القوات المسلحة «الباسلة». هذه المقاومة الشعبية المشروعة التى امتدت بدورها عبر مساحة الوطن، وبمجموعات مجهولة، وبعمل لا مركزى؛ لا بد أن تضاف إلى التظاهرات السلمية فى إطار الفعل الثورى؛ فإذا جُمع بين كل أشكال العمل الثورى، نجد أن الثورة فى تصاعد لا فى انحسار. وستظل التظاهرات السلمية هى أساس ثورتنا، وعمودها الفقرى، وعلامة مشروعيتها.
أما القتل بالرصاص لعناصر فى الشرطة والجيش، فقد أعلنا مرارا أننا نتهم أجهزة الانقلاب بهذه الأعمال والوقائع وأكدت ذلك (آخر مثال: مقتل ضابط الشرطة الذى كان شاهد الإثبات الوحيد ضد مدير أمن بورسعيد فى مذبحة بورسعيد).
ولكننا لا بد أن نحذر من حقيقة أكيدة ستفرض نفسها مستقبلا؛ هى أن استمرار القضاء فى خط عدم إقامة القصاص منذ 11 فبراير 2011 وحتى الآن، يفتح الباب لأخذ الناس القصاصَ بأيديهم. والسلطات تتحمل الوزر فى ذلك. ولا بد أن نذكر الجميع بأن ظاهرة الثأر فى الصعيد لم تكن لعيب خطير فى أهل الصعيد دون غيرهم، بل نشأت تاريخيا لضعف السلطة المركزية فى الصعيد، كما هو الحال فى مناطق البدو الصحراوية؛ حيث كانت السلطات تتقاعس أو تخشى الحسم تجاه جرائم القتل، فتعوّد أهل الصعيد على أن يأخذوا ثأرهم بأيديهم.
رابعا- اتساع نطاق الإضرابات الفئوية الاقتصادية: هذه الإضرابات ليست بتوجيه من الإسلاميين، بل يحدث بعضها فى نقابات أُقصِى الإسلاميون عنها (الأطباء مثلا)، وهذا يدل على أننا أمام ثورة حقيقية؛ فالثورة ليست مؤامرة تحاك تفاصيلها فى الخفاء، وتُوجّه فيها قطاعات الشعب للتحرك. الثورة تفاعلات اجتماعية واقتصادية وسياسية، أقرب ما تكون إلى حركة الزلازل والبراكين وأعاصير البحر؛ لا يمكن التحكم فيها ولا إعدادها، ولكن أقصى ما تفعله القيادة الثورية هو تنظيم وترشيد وتنسيق هذه الانفجارات التلقائية غير المُدبَّرة، وتوحيد الخطوات والتسليح بالشعارات.. كل هذه الانفجارات الفئوية المتزايدة والمتزامنة -موظفين وعمالا، وفنيين ومهنيين، وأمناء شرطة وأصحاب أعمال خاصة- تحقق فعليا شعار العصيان المدنى، وإن لم يرفع بعضها صراحة شعار «إسقاط حكم العسكر»؛ فالكل غاضب من آثار حكم العسكر. لقد برهن العسكر على أنهم خلال 7 شهور يمكن أن يخربوا البلد بما لم يفعلوا على مدار 60 سنة. إذا وضعت هذه الظاهرة مع ما سبق تصبح الثورة فى تصاعد.
خامسا- تصاعد مظاهر العصيان المدنى: ولعل أكثر النجاح كان فى مجال الامتناع عن دفع فاتورة الكهرباء، وهذا ورد على لسان المسئولين مرارا. وكذلك الامتناع عن شراء الصحف الانقلابية. أروى مثالا واحدا: صحيفة انقلابية رئيس تحريرها شهير جدا، تطبع 60 ألف نسخة، توزع 30 ألف نسخة مجانا!! وتطرح الباقى فى السوق وتبيع أقل من 10 آلاف. وهى تخسر لكنها تطبع بانتظام؛ لأن أموالها من الحرام. وأثبتت الدراسات الإعلامية المحايدة تراجع مشاهدة فضائيات الفتنة والدعارة والكذب.
***
ستتواصل الثورة لأن البلد حبلى بها. وأقصى ما نتعرض له هو عسر الولادة أو القيصرية، ولكن المولود سيأتى بإذن الله الذى ينصر من ينصره.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.