هل تُطبق البصمة على طلاب الأزهر؟. رئيس الجامعة يحسم الجدل    جامعة بنها الأهلية تشارك في مؤتمر الجامعات الرقمية في العالم العربي بعمان    القليوبية ترفع درجة الاستعداد لانطلاق العام الدراسي الجديد    خريطة الأسعار اليوم: ارتفاع الزيت والأسمنت والذهب    التعليم العالي: مصر وألمانيا تطلقان مشروعا مشتركا لتعزيز سلامة الغذاء والصادرات    قرض ومنحة ب60 مليون يورو.. قرار جمهوري بشأن مركز التحكم الإقليمي بالإسكندرية    إطلاق مبادرة "صحح مفاهيمك" بالوادي الجديد برعاية المحافظ    جاهزية 75 قطعة أرض بمشروع «بيت وطن» لتوصيل الكهرباء في القاهرة الجديدة    بولندا: صاروخ أطلق من طائرة مقاتلة غربية هو الذي سقط على الأرجح على منزل أثناء التوغل الروسي    سوريا.. قوات الأمن تحرر مختطفين من السويداء    اتصال بين وزير الخارجية والمبعوث الأمريكى الخاص للشرق الأوسط    مصر ل"ويتكوف": الفلسطينيون باقون على أرضهم.. ولا تهجير    لويس دياز عن مفاوضات برشلونة: فضلت الانتقال لبايرن لتحقيق البطولات    ميسي يقترب من توقيع عقد جديد مع إنتر ميامي    فيريرا يطيح ب شيكو بانزا أمام الإسماعيلي.. إعلامي يكشف التفاصيل    إصابة 4 أشخاص إثر انقلاب سيارة في الوادي الجديد    رسميًا.. توزيع درجات الثانوية العامة والبكالوريا للعام الدراسي الجديد    الإعلان عن موعد عرض أولى حلقتي مسلسل ولد – بنت – شايب على WATCH IT (فيديو)    "يارب أسعد حبيبي".. مريم منيب تطلب من جمهورها الدعاء لخطيبها الراحل    الاثنين.. استراحة معرفة- دبي تناقش رواية «سنة القطط السمان» لعبد الوهاب الحمادي    الصحة: المبادرة الرئاسية «صحتك سعادة» تواصل تقديم خدماتها المتكاملة في مكافحة الإدمان    «الري»: خرائط لاستهلاك المحاصيل للمياه للوفاء بالتصرفات المائية المطلوبة    ميدو: مواجهة الزمالك والإسماعيلي فقدت بريقها.. وأتمنى عودة الدراويش    الكلاسيكو 147.. التاريخ يميل نحو الزمالك قبل مواجهة الإسماعيلي الليلة    شبانة: وكيل إمام عاشور تخطى حدوده    هل اقترب موعد زفافها؟.. إيناس الدغيدي وعريسها المنتظر يشعلان مواقع التواصل    معا من أجل فلسطين.. حفل خيري بريطاني يهدم جدار الخوف من إعلان التضامن مع غزة    البورصة تواصل الصعود بمنتصف تعاملات الخميس    نائب وزير الصحة تشهد إطلاق ورشة عمل للإعلاميين حول الصحة الإنجابية والتنمية السكانية    وزير الدفاع الصيني يجدد تهديداته بالاستيلاء على تايوان لدى افتتاحه منتدى أمنيا    النقل تناشد المواطنين الالتزام بعدم اقتحام المزلقانات أو السير عكس الاتجاه    مفتى كازاخستان يستقبل وزير الأوقاف على هامش قمة زعماء الأديان    سكاي: مورينيو يوافق على تدريب بنفيكا    فرنسا تستعد لاحتجاجات واسعة وسط إضرابات وطنية ضد خطط التقشف الحكومية    ديستيني كوسيسو خليفة ميسي ويامال يتألق فى أكاديمية لا ماسيا    «نعتز برسالتنا في نشر مذهب أهل السنة والجماعة».. شيخ الأزهر يُكرِّم الأوائل في حفظ «الخريدة البهية»    آثار تحت قصر ثقافة ومستوصف.. سر اللقية المستخبية فى الأقصر وقنا -فيديو وصور    فيديو متداول يكشف مشاجرة دامية بين جارين في الشرقية    التأمين الصحي الشامل: 495 جهة حاصلة على الاعتماد متعاقدة مع المنظومة حتى أغسطس 2025    الصحة تشارك في مؤتمر إيجي هيلث لدعم الخطط الاستراتيجية لتطوير القطاع الصحي    10 ورش تدريبية وماستر كلاس في الدورة العاشرة لمهرجان شرم الشيخ الدولي لمسرح الشباب    ضبط المتهم بإنهاء حياة زوجته بمساكن الأمل في بورسعيد    جبران: تحرير 3676 محضرًا خاصًا بتراخيص عمل الأجانب خلال 5 أيام فقط    مصر وروسيا تبحثان سبل التعاون بمجالات التعليم الطبي والسياحة العلاجية    تزامنًا مع عودة المدارس.. «الطفولة والأمومة» يطلق حملة توعوية لحماية الأطفال من العنف والإساءة    الهلال الأحمر يدفع بأكثر من 80 ألف سلة غذائية للأشقاء الفلسطينيين عبر قافلة «زاد العزة» ال 40    التحفظ على أكثر من 1400 كتاب دراسى خارجى مقلد داخل مكتبتين    مصرع شخصين وإصابة 3 آخرين فى حادث تصادم أتوبيس مع سيارة نقل بطريق مرسى علم    الأولى من نوعها.. مصر وإسبانيا توقّعان اتفاقية الشراكة من أجل التنمية 2025-2030    رئيس اتحاد الصناعات: العمالة المصرية المعتمدة تجذب الشركات الأجنبية    حكم تعديل صور المتوفين باستخدام الذكاء الاصطناعي.. دار الإفتاء توضح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 18سبتمبر2025 في المنيا    شديد الحرارة.. حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 18 سبتمبر 2025    هنيئًا لقلوب سجدت لربها فجرًا    "سندي وأمان أولادي".. أول تعليق من زوجة إمام عاشور بعد إصابته بفيروس A    "معندهمش دم".. هجوم حاد من هاني رمزي ضد لاعبي الأهلي    سعر الأرز والفول والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الخميس 18 سبتمبر 2025    احتفظ بانجازاتك لنفسك.. حظ برج الدلو اليوم 18 سبتمبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور «صلاح عز» الأستاذ بكلية الهندسة ل«الشعب»: الحراك الطلابى هو أكثر ما يخيف عصابة الانقلاب
نشر في الشعب يوم 23 - 12 - 2013

المصريون حوّلوا «قانون التظاهر» إلى خرقة بالية داسوا عليها بأحذيتهم
الانقلابيون لا يختلفون عن حلفائهم الصهاينة اليهود فى فلسطين
الإعلام المصرى يعمل بأسلوب الإعلام الصهيونى نفسه
الانقلاب يحاول صهينة المجتمع وإخضاعه ل«إسرائيل»
حسام عيسى ومحمد أبو الغار وعبد الجليل مصطفى.. مثال للعلمانية المتوحشة
منذ بداية الانقلاب الدموى النازى وثمة استهداف متعمد لأساتذة الجامعات، الذين يشكلون القوى الناعمة الحقيقية لمصر بعيدا عن مثقفى العسكر وكتاب الإباحية والشذوذ وأنصاف المتعلمين.. اعتقل الانقلاب الدموى عشرات أساتذة الجامعات ونكل بهم، وفصل العديد منهم، ولم يكتف بذلك بل أمر ميليشياته باقتحام الجامعات ودك الطلاب بالرصاص المطاطى والخرطوش وقنابل الغاز السامة الخانقة، وقتل العديد من الطلاب واعتقل المئات منهم، وصدرت أحكام جائرة عشوائية وصلت إلى مدد تتراوح بين خمس سنوات وسبع عشرة سنة، بما يؤكد خطورة مخطط استهداف العقل المصرى المتمثل فى الجامعات والأساتذة والطلاب.
«الشعب» التقت الدكتور «صلاح عز» أستاذ الفيزياء والفلزات بكلية الهندسة بجامعة القاهرة، ليدلى بدلوه فى هذه الأحداث الخطيرة.
* بعد شهور من الانقلاب الدموى العسكرى فى مصر.. كيف تقيم الأوضاع؟
- تحولت المظاهرات إلى طقس يومى وأسبوعى، على الرغم من التضييق عليها بتصعيد متدرج لإرهاب الدولة؛ فقد مرت المظاهرات بثلاث مراحل؛ الأولى بعد الانقلاب مباشرة، فقد انطلقت المظاهرات فى جميع الميادين والشوارع الرئيسية، بدون تضييق أمنى، بينما كان الاعتصام يترسخ فى ميدانى رابعة والنهضة. وأرى أن السبب الرئيسى فى عدم التضييق عليها مباشرة هو أن الانقلابيين كانوا يظنون أن فى إمكانهم امتصاص غضب المصريين والسماح لهم بالتنفيس عن هذا الغضب بالتظاهر، وأنهم سيملون سريعا ويتوقفون عن التظاهر والاعتصام. وعندما تأكدوا من إصرار الشعب على استرداد شرعيته المغتصبة، قرروا إضافة عنصر «الصدمة والترويع» إلى المعادلة، باللجوء إلى الإفراط فى القتل من خلال سلسلة مجازر كان أكبرها يوم الأربعاء الأسود، والذى أدى إلى عكس ما كانوا يصبون إليه؛ فقد استفز هذا الفُجر فى الإجرام الناس إلى الإصرار على التظاهر. وهنا كانت المرحلة الثانية، حيث أصبحت الميادين والشوارع الرئيسية محظورة على المتظاهرين، ومنعت صلاة الجمعة فى عدد من المساجد الكبيرة مثل مصطفى محمود والنور والفتح، وغيرها، ورأينا المدرعات والبنادق والرشاشات موجهة إلى كل من يحاول الاقتراب من هذه الميادين والشوارع. هنا أصبح مسموحا للمظاهرات أن تسير فقط فى الشوارع غير الرئيسية والفرعية مع الاعتماد أساسا على البلطجية للتحرش بها والتضييق عليها. وإزاء إصرار الأحرار والحرائر على التظاهر، وصلنا إلى المرحلة الثالثة مع إصدار «قانون التظاهر»، والذى أصبح التظاهر معه محرما فى جميع الشوارع. ولكن جاء هذا القانون بعد فوات الأوان؛ فقد حوله المصريون الشرفاء إلى خرقة بالية داسوا عليها بعد أن أصبح التظاهر بالنسبة إليهم، كما قلت، عادة وطقسا وملاذا أخيرا يعبّرون من خلاله عن رأيهم ويجهرون به فى وجه سلطان جائر. لقد قصفت عصابة الانقلاب أقلامهم فى الصحف وكتمت أفواههم، ولم يبق لهم إلا التظاهر، لن يتنازلوا عنه مهما وصل إليه فجر وإرهاب دولة الانقلاب.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن الانقلابيين يشعرون بقلق بالغ من إصرار الشعب على استرداد شرعيته. كان أكبر خطأ ارتكبته المؤسسة العسكرية أنها لم تنقلب على الثورة منذ البداية (أى فى 2011)، ولكنها تركت الشعب يذوق الحرية لعامين ونصف ويستطعم لذة الديمقراطية ونزاهة الانتخابات والاستفتاءات. وبعد أن ذاق المصريون حريتهم وامتلكوا ديمقراطيتهم وأعلوا كرامتهم، جاء من يطعنهم فى الظهر ليغتصب كل ذلك منهم، ويظن أنهم سيستسلمون له، أو أنهم الشعب نفسه الذى ثار على مبارك فى 2011، أو أنهم الشعب نفسه الذى استسلم لانقلاب عبد الناصر فى 1954.
لم يكن ما جرى فى فبراير 2011 ثورة، وإنما كان فاتحة شهية للوليمة الكبرى.. الثورة الحقيقية الجارية الآن ومنذ يوليو الماضى. لقد فتح خلع مبارك وما أعقبه من استفتاءات وانتخابات، شهية الشعب إلى المزيد من الحرية والكرامة. هذا ما أدركه العسكر وعبيدهم بعد فوات الأوان. ولكنهم لا يملكون إلا الهروب إلى الأمام.. الهروب من عواقب جرائمهم بالمزيد من الجرائم، تماما كما هو حال «إسرائيل».
إنهم يدركون فداحة ما ارتكبوه، ويدركون أنهم أمام أى قاض نزيه وشريف، لن يفلتوا من حبل المشنقة. ولذا لا يملكون إلا الاستمرار فى نهجهم وجرائمهم، ولا يختلفون فى ذلك عن حلفائهم الصهاينة اليهود فى فلسطين. فهؤلاء أيضا يعلمون أنهم غاصبون وقتلة وإرهابيون، وأن جرائمهم لن ننساها ولن نتسامح معها. ولذا لا يملكون سوى الاستمرار على نهجهم.
بتعبير آخر، نحن إزاء صراع إرادات: إرادة عصابة الانقلابيين التى ركبت على ظهر الإخوان لكى يتخلصوا من عصابة مبارك التى أوشكت على التهام الكعكة كلها، وأراد الانقلابيون التخلص منها لالتهام ما تبقى من كعكة مصر، وركبوا على ظهر الإخوان فى يناير/فبراير 2011 لتحقيق هذا الهدف، ثم ركبوا على ظهر الدبابة للتخلص من الإخوان بعد أن أصر الشعب على انتخابهم المرة تلو المرة. وعلى الجانب الآخر، هناك إرادة الأحرار والحرائر الذين يدركون أنهم يعيشون الثورة الحقيقية وأن مصر ثمنها غال، وأن الله يبتليهم ليرى هل يستحقون الحرية والكرامة أم لا. وهم مصرون على اجتياز هذا الابتلاء بالصبر والإرادة والإصرار على الأخذ بأسباب النصر، حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا.
* ما الدروس المستفادة من هذا الانقلاب الدموى؟
- الدرس الأول هو أن العسكر، الذين صنعتهم أمريكا على عينها خلال العقود الثلاثة الماضية، لا أمان لهم، وأن العلمانيين والناصريين واليساريين الذين جاهروا باحتقار إرادة الشعب على الفضائيات، وجاهروا بدعوة العسكر للانقلاب، ثم تركوا دون عقاب، لا أمان لهم. الدرس الثانى هو أن اللين والطيبة لا يكونان مع هؤلاء، وأن من يحكم مصر إن لم يكن شرسا وقويا فى الحق، فإنه يجلب الخراب على الجميع. الدرس الثالث هو أن (الإخوان) لا يصلحون لمنصب الرئاسة. وهذا ما كنت أقوله منذ خلع مبارك عندما طالبت عدد من أصدقائى الإخوان بأن يكتفوا بالمحليات والبرلمان وأن يبتعدوا تماما عن منصب الرئاسة، وطالبتهم بتوسيع دائرة الاستشارة فى قضية الترشح للرئاسة، ولكنهم مع الأسف أصروا على حصر الاستشارة داخل مجلسهم دون أن يعيروا الإسلاميين من خارج صفوفهم اهتماما. ولكن أيا كانت أخطاء الإخوان فإنها لا تبرر إطلاقا الانقلاب على إرادة شعب جاء بهم، ولا تبرر سفك دماء الآلاف.
إن هذه المجازر كانت عقابا للشعب على ممارسة ديمقراطيته، كما عاقبت «إسرائيل» الفلسطينيين على ممارسة ديمقراطيتهم فى 2006 بالحصار والمجازر، وكما كان اعتقال قيادات الإخوان بسبب جريمتهم الوحيدة وهى انتخاب الشعب إياهم.
* ثمة دور محورى للإعلام فى الانقلاب العسكرى.. هل الإسلاميون فشلوا فى التعاطى مع الإعلام؟
- كان أحد أهم أسبابى لرفض المرشح الإخوانى للرئاسة هو الإعلام. لقد ارتكب (الإخوان) خطأين بالغين؛ الأول: أنهم تجاهلوا الأخذ بمبدأ الشورى، كما أسلفت. وكانت صحيفة (الحرية والعدالة) قد منعت نشر مقالين لى أفسر فيهما أسبابى لرفض ترشح د. عبد المنعم أبو الفتوح ود. محمد مرسى. بل إنى ذهبت إلى د. أبو الفتوح شخصيا ورجوته أن يتراجع عن قرار الترشح لأنه، شاء أم أبى، سيبقى محسوبا على الإخوان. وكان رأيى أن «مجلس شورى الإخوان» يستشار عندما يتعلق الأمر بشئون الجماعة. ولكن عندما يتعلق الأمر بشئون الوطن (مثل التقدم بمرشح للرئاسة)، كان لا بد من استشارة من هم خارج دائرة الجماعة لأن المسألة هنا مصلحة عامة وليست خاصة. ولكن كما تجاهل (الإخوان) استشارة غيرهم، ورسائل كثيرة وصلتهم تحذر من السعى إلى منصب الرئاسة، تجاهلوا أيضا الأمر القرآنى الذى يرفعونه شعارا وهو (وأعدوا)، فبالسعى إلى منصب الرئاسة، قررت الجماعة أن تتصدر المشهد وتخوض مواجهة شرسة مع جميع أعدائها بدون أن تعد لهذه المواجهة؛ فالإعلام هو السلاح الأخطر فى هذا العصر، لأنه يستطيع بسهولة أن يسحب البساط من تحت أقدامك، ويحول إنجازاتك إلى إخفاقات فى العقول، ويصنع من الحبة قبة ومن القبة حبة، ويحول الأكذوبة إلى حقيقة والعكس.. خاضت الجماعة المواجهة، بصحيفة مبتدئة وفضائية لا تمتلك من عناصر الجذب الإعلامى إلا أقل القليل، خاضت مواجهة شرسة ضد فصيل علمانى يمتلك العشرات من الصحف والفضائيات المتمرسة فى فنون الكذب والتلفيق والتزييف. فكان لا بد أن ينتصر الطرف المدجج بالسلاح على الطرف الأعزل، الذى لم يلتفت إلى خطورة الفخ الذى يستدرج إليه، وذلك لأنه لم يستشير، ولم يأخذ بنصائح المخلصين المتعاطفين معه. كانت الجماعة فى حاجة إلى سنوات عديدة قبل تصدر المشهد، لإعداد نفسها إعلاميا، ولكنها لم تفعل.
* نبيل فهمى وزير خارجية الانقلاب قال منذ أيام، إن ما يحدث هو عملية «تغيير مجتمعى» واستعادة «الهوية».. كيف تقرأ هذا التصريح الخطير؟
- هذا التصريح يتفق تماما مع تصريح عمرو موسى الأخير بأن دستور العسكر أخذ الدستور الشرعى (2012) وغير وجهته بالكامل. هذه مسألة واضحة تماما منذ وثيقة على السلمى، ومنذ الحرب المسعورة على الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور. إن الجماعة العلمانية فى مصر (العسكر وعبيدهم) لن يتركوا لشعب مصر حق تقرير مصيره وهويته. ألم يقل حلمى النمنم إن المصريين «علمانيون بالفطرة». هذا هو واقع العلمانيين الذى يقولون للشعب (ما أريكم إلا ما أرى.. أنتم جهلة قاصرون لا تدرون مصلحتكم.. نحن سنقرر ما يصلح لكم). هم يريدون علمنة مصر كخطوة ضرورية على طريق الصهينة.
إن وسائط الإعلام العلمانية فى مصر تعمل بأساليب وسائط الإعلام الصهيونية فى الغرب للسيطرة على العقول وغسلها بالأكاذيب وإعادة تشكيل وعيها. هذا النجاح فى صهينة الإعلام المصرى، يضاف إليه النجاح فى تغيير عقيدة الجيش من اعتبار «إسرائيل» العدو إلى اعتبار المصريين الأحرار هم العدو؛ كل ذلك يغريهم بمحاولة تغيير هوية الشعب وعلمنته، لأنهم بدون ذلك لن يتمكنوا من صهينته وإخضاعه لإسرائيل ومعه بقية العالم العربى.
* جرائم فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة يعدها مراقبون غير مسبوقة فى تاريخ مصر القديم والحديث.. هل من تفسير لهذه الوحشية التى تعامل بها الانقلاب مع المعتصمين السلميين؟
- هذه الوحشية أساسها هو رعب الانقلابيين من فشل انقلابهم، لأن هذا يعنى تقديمهم أمام محاكمات عادلة بتهمة الخيانة العظمى. ولذا كما أسلفت، يلجئون إلى الهروب إلى الأمام بالقتل المفرط والبطش الفاجر لعل ذلك ينجح فى إسكات الثوار. أيضا إدراكهم بأن الجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم يدفعهم إلى تلقى النصائح من حلفائهم الإسرائيليين، الذين لا يعرفون سوى أسلوب واحد فى التعامل مع المقاومة. بتعبير آخر، الاحتلال العسكرى لفلسطين والاحتلال العسكرى لمصر، أصبح مصيرهما مشترك كما هى مصالحهما.
* كيف تتابع حراك الطلاب فى الجامعات المصرية منذ بدء الدراسة؟
- عندما التقيت مؤخرا طلاب كلية الهندسة المعتصمين احتجاجا على استشهاد زميلهم محمد رضا، قلت لهم إنهم يخجلوننا نحن الأساتذة بمستواهم الراقى فى الاحتجاج ومقاومة الانقلاب. وأقول وأكرر إننا إذا كنا نحن الأساتذة نقود الطلاب داخل المدرج الجامعى، فإنهم هم الذين يقودوننا خارجه. إن الحراك الطلابى هو أكثر ما يخيف عصابة الانقلاب، لأن الشباب يدافع عن مستقبله ولديه مخزون ضخم من الحيوية والإصرار، فى الوقت الذى نرى فيه كثيرا من أساتذة الجامعة مع الأسف مستسلمين بالكامل للانقلاب.
* فى كلية الهندسة التى أنت أحد أساتذتها، تم اقتحام الحرم الجامعى وقتل أحد الطلاب، هذا عدا اختطاف العشرات وفصلهم.. ما دور الأساتذة فى هذه المواجهة؟
- دور الأساتذة فى المواجهة يختلف باختلاف مواقف هؤلاء الأساتذة من الانقلاب. بالنسبة إلى الأساتذة الذين لا يبالون بما يجرى ولا يعنيهم من يحكم مصر طالما أنهم يتلقون مرتباتهم وبدلاتهم، فهؤلاء لا دور لهم إلا التذمر من المظاهرات والاحتجاجات. أما الأساتذة المناهضون للانقلاب، فدورهم نفسى ومعنوى فى الأساس بتأييد موقف الطلاب ودعمهم، والضغط على القيادات الجامعية المتخاذلة من أجل اتخاذ مواقف أقوى ضد اعتداءات الداخلية، وفضح تقاعس هذه القيادات وخضوعها لسلطة الانقلاب.
* الكثير من أساتذة الجامعات الليبراليين والعلمانيين لزموا الصمت التام إزاء الانتهاكات اليومية التى تحدث فى الجامعات من قبل قوات الانقلاب.. ما مبررهم؟
- من هؤلاء من استحوذت عليه كراهية الإخوان ويعشق السيسى وبيادته، ومنهم من لا يريد إلا الهدوء والاستقرار على أساس أنه لا فائدة فى المظاهرات، وأن الدبابة أقوى من الجميع، وأنه لا حل سوى الاستسلام لها.
* تعرض العديد من أساتذة الجامعات للاعتقال والفصل التعسفى وسط مباركة حسام عيسى وزير التعليم العالى فى حكومة الانقلاب.. هل تتفق مع من يقولون إن هذا نتاج «الليبرالية المتوحشة»؟
- د. حسام عيسى ود. محمد أبو الغار ود. عبد الجليل مصطفى كانوا أعضاء فى حركة (9 مارس) المعارضة لنظام مبارك قبل خلعه، وكانوا من أشد الرافضين لأى وجود أمنى داخل أو خارج الجامعة. التحول 180 درجة الذى جرى لهؤلاء بعد الانقلاب هو أدق تجسيد لمقولة «العلمانية المتوحشة»؛ فالعلمانى المصرى هو بالفطرة مستبد وطاغية، حتى وإن وضع على وجهه قناع الحقوقى المتحضر. لقد سقطت الأقنعة عن كثيرين ممن كنا مغشوشين فيهم، وهذه من حسنات الانقلاب.
* كمثقف ما تقييمك للصحف القومية والخاصة بعد الانقلاب العسكرى؟
- كانت أقلامنا مقصوفة فى هذه الصحف قبل خلع مبارك، ثم عادت على استحياء فى بعض الصحف القومية إبان حكم مرسى، بينما بقيت الصحف الخاصة على موقفها من حظر الكتاب الإسلاميين. وفور الانقلاب «عادت ريما لعادتها القديمة». هذه صحف ساقطة قبل وبعد الانقلاب. الفارق الوحيد بعد الانقلاب هو أنها تحولت إلى نشرات أمنية تتلقى الأخبار مكتوبة من المخابرات وأمن الدولة، بل أكاد أجزم أن مقالات رأى كثيرة لا يكتبها أصحابها وإنما تأتى مكتوبة من المخابرات ويتم نشرها كما هى. إننا الآن فى أوضاع أشد بؤسا مما كنا عليه زمن مبارك، ولا نملك إلا الدعاء بألا يؤاخذنا الله بما فعل السفهاء منا.
* أخيرا.. ماذا تقول للثوار؟
- أقول اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.