كمثال للأمانة التى تاهت فى هذا الزمان حقق مقطع لراعي أغنام سوداني يعمل بالمملكة العربية السعودية بثه على موقع يوتيوب شباب سعوديون كانوا يتجولون في البر نسبة مشاهدة عالية بلغت 3 مليون مشاهد في ثلاثة أيام، ويظهر في الفيديو شباب يركبون سيارة ويتحدثون إلى راعي إغنام إلتقوه في بر السعودية وحاولوا إغراءه بالمال مقابل أن يعطيهم رأس غنم من القطيع الذي يرعاه، ولكنه رفض طلبهم لأن الأغنام ليست له وإنما هو مؤتمن على رعايتها فقط. ثم سألوه أن يعطيهم "نعجة" وأن يقول لصاحب الغنم بأنها ضاعت بإعتبار أنه لا يراه الآن ولا يعرف مايجري في البر، فرد عليهم راعي الغنم بالقول إذا قلت له ذلك وصدق المالك حديثي فكيف حالي إذا سألت في القبر عن هذه "النعجة" ماذا سأقول والحساب يومها عسير، وعندما ألحوا عليه بأن يعطيهم رأس الغنم قال لهم : "لن أعطيكم رأس الغنم حتى وإن انطبقت السماء على الأرض" كنايةً عن إستحالة تلبية طلبهم هذا، ثم قالوا له سنعطيك مئتي ريال سعودي فقال لهم: لو أعطيتموني 200 ألف ريال لن أعطيها لكم لأنها ليست ملكي، وقالوا له بأن لا أحد يراه الآن فرد عليهم بالقول:"إن الله يراني" وهو من سيحاسبني وإستطرد بالقول أن من صفات المنافق خيانة الأمانة، مستشهداً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم "عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : "آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ : إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ" رواه البخاري. وقال الراعي في حديثه مع هؤلاء الشباب إنه مرتاح نفسياً في عمله طالما أنه يأكل بالحلال. ويعتبر هذا المقطع درساً لكل إنسان مسلم إستعصت عليه ظروف الحياة وحدثته نفسه بالوقوع في فخ خيانة الأمانة والوقوع في الخطأ بحثاً عن زيادة الرزق بالطرق الملتوية والمحرمة شرعاً. وعلق الشيخ الدكتور إبراهيم الدويش على هذا المقطع عندما إستضافه برنامج "جدد" بقناة "رسالة" وهي إحدي القنوات التلفزيونية السعودية، بالقول: "يهتز بدنك وأنت تسمع مثل هذا المقطع، فما أحوجنا أن نتعلم الدرس من رُوَيْعِىَ الغنم, المسافة بين رُوَيْعِىَ الغنم وبين هامور أكل أموال الناس وتسلط على أموالهم لا يعلم بها إلا الله عز وجل". وأضاف: "لاحظ مثل هذا الإنسان البسيط كم أثر كلماته في نفوس الناس، وكم حب الناس، بل أعظم من هذا كم حب الله له؟". وإستطرد الدويش بالقول: "هناك مكافأة لهذا الراعي من مؤسسة الشيخ حمد الحصيني الخيرية قدرها 20 ألف ريال تقديراً بسيطاً لأمانته، ونتمنى من يعرف هذا الراعي بالتواصل مع المؤسسة". وهذا المثال الرفيع الذي ضربه راعي الغنم إنما هو رسالة مهمة ترسخ لعدم إحتقار إنسان مجرد أن ثيابه رثة ومهنته هامشية لا تذكر، ليكون هذا الوضع الذي يعيشه حافزاً لإنحرافه والإستخفاف به والإستهزاء بمهنته وبأخلاقه والعبث بقيمه وأمانته، والإنسان لا يدري من أين تأتيه المواعظ الحسنة والحكمة الراشدة في هذه الحياة.. ولا ينبغي أن يتم الحكم على الإنسان من خلال طبيعة عمله أوملبسه أو مسكنه، فأمة الإسلام جبلت على الخير وظن الخير بالله والناس أجمعين، وربما تجد الحكمة والموعظة من شخصاً أشعثاً وأغبراً لكنه يحمل في قلبه أخلاق الكرام وقيم المسلم الحق ولا يهز عقيدته بوحدانية وقدرة الله الفقر وضيق ذات اليد. يذكر أن المقطع وجد تجاوباً كبيراً في أوساط المجتمعات العربية من خلال إنتشاره على مواقع التواصل الإجتماعي تويتر والفيس بوك بالإضافة لليتويوب والصحف الإلكترونية العربية والمواقع الإلكترونية السودانية.