شاهد، جولة وزير التربية والتعليم بمدارس القليوبية في أول أيام العام الدراسي    مدارس أسيوط تستقبل العام الدراسي الجديد بكلمة موحدة عن الانتماء وحب الوطن    رئيس جامعة القاهرة: العمل الطلابي جزء لا يتجزأ من الحياة الجامعية    سعر صرف الدولار في البنك المركزي المصري والبنوك المصرية (آخر تحديث)    تظاهر آلاف الإسرائيليين في تل أبيب والقدس للمطالبة بإنهاء الحرب وإعادة الأسرى    الزمالك يتصدر وموقف الأهلي، ترتيب الدوري المصري قبل الجولة الثامنة    انطلاق الحصة الأولى في 60 ألف مدرسة على مستوى الجمهورية (صور)    غلق منشأة تعمل في تجارة الأدوية بدون ترخيص في الفيوم    تجديد حبس ربة منزل أجنبية متهمة بسرقة شقة مخدومتها في السلام    فايزة أحمد، صوت لامس قلوب الأمهات رغم محنتها الأسرية وصدفة وراء شهرتها في مصر    طريقة أسهل وأسرع نوتيلا اقتصادية وصحية للمدارس    بالشوكولاته والأعلام.. «تعليم العبور» يستقبل الطلاب في المدارس    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأحد 21 سبتمبر 2025    حبس عاطل تخصص في "كسر الباب" للسرقة بالقاهرة    الدبيكي: أوائل علوم صحية المنوفية يُعيَّنون معيدين بالمعهد العالي للعلوم الصحية    وزير الخارجية يتوجه إلى نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المُتحدة    التمريض الركيزة الأساسية لنجاح المنظومة الصحية بالأقصر    مي كمال: زواجي من أحمد مكي مش سري وإعلان طلاقي على السوشيال لأن الموضوع زاد عن حده    50 دولارا للرأس، قائد ميليشيا في غزة يعلن عن مكافأة لاغتيال عناصر حماس وإلقاء جثثهم للكلاب    ترامب: لم أتلق إحاطة بشأن مزاعم انتهاك مقاتلات روسية لمجال إستونيا الجوي    إصابة عدة أشخاص إثر إطلاق نار في نيو هامبشاير الأمريكية    مأساة ومشهد لا يوصف.. مدير مستشفى غزة يستقبل جثامين شقيقه وأقاربه أثناء تأدية عمله    ترامب يتراجع عن انتقاده لباوندي    بكام الطن؟.. أسعار الأرز الشعير والأبيض اليوم الأحد 21-9-2025 ب أسواق الشرقية    مصدر من الزمالك ل في الجول: غياب بانزا عن المباريات لقرار فني من فيريرا    دعاء كسوف الشمس اليوم مكتوب.. تعرف على طريقة أداء صلاة الكسوف    رسميا.. الأهلي يطالب اتحاد الكورة بالتحقيق مع طارق مجدي حكم الفيديو في مباراة سيراميكا بعد الأخطاء المعتمدة ضد الفريق    استقرار أسعار الحديد في مصر مع ترقب تعديل جديد خلال سبتمبر    ردًا على تسعيرة كرسي البرلمان: حزب حماة الوطن يوضح معايير اختيار المرشح    ذروته اليوم ولن يمر ب مصر.. تفاصيل كسوف الشمس 2025 وأماكن رؤيته    مصرع شخص وإصابة آخر بطلق ناري خلال مشاجرة في دلجا بالمنيا    لم يزره أحدًا منذ أيام.. العثور على جثة متحللة لموظف في شقته بالبحيرة    شيكابالا: الزمالك الأقرب للفوز في القمة أمام الأهلي    بعد مباراة سيراميكا.. وليد صلاح الدين يصدم تريزيجيه بهذا القرار.. سيف زاهر يكشف    إياك وتداول الشائعات.. حظ برج الدلو اليوم 21 سبتمبر    أحمد سعد يطلب من الجمهور الرقص على «اشيلك بين وريدي» في مراسي.. ورضوى الشربيني تشعل الحفل بالرقص (صور)    سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن في عطلة الصاغة الأسبوعية الأحد 21 سبتمبر 2025    سعر السكر والأرز والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الأحد 21 سبتمبر 2025    اليوم.. انطلاق الدراسة بالمعاهد الأزهرية بالجيزة (تفاصيل)    مستشفى رأس الحكمة بمطروح يجرى جراحة ناجحة لشاب يعانى من كسور متعددة في الوجه والفك العلوي    يتسبب في فساد الطعام وروائح كريهة.. خطوات إزالة الثلج المتراكم من الفريزر    وزير السياحة عن واقعة المتحف المصري: لو بررنا سرقة الأسورة بسبب المرتب والظروف سنكون في غابة    البرلمان العربي: انتخاب السعودية لمجلس محافظي الطاقة الذرية مكسب عربي    "بعد ثنائيته في الرياض".. رونالدو يسجل رقما تاريخيا مع النصر في الدوري السعودي    نتائج مباريات أمس السبت    موعد مباراة أرسنال ومانشستر سيتي في الدوري الإنجليزي والقناة الناقلة    شعبة الخضراوات عن جنون أسعار الطماطم: هترتفع تاني حتى هذا الموعد    برأهم قاض امريكي.. الانقلاب يسحب الجنسية من آل السماك لتظاهرهم أمام سفارة مصر بنيويورك!    ندوة «بورسعيد والسياحة» تدعو لإنتاج أعمال فنية عن المدينة الباسلة    حسام الغمري: خبرة بريطانيا التاريخية توظف الإخوان لخدمة المخططات الغربية    بيلا حديد تعاني من داء لايم.. أسباب وأعراض مرض يبدأ بلدغة حشرة ويتطور إلى آلام مستمرة بالجسم    وزير الشؤون النيابية يستعرض حصاد الأنشطة والتواصل السياسي    تفاصيل لقاء اللواء محمد إبراهيم الدويرى ب"جلسة سرية" على القاهرة الإخبارية    محمد طعيمة ل"ستوديو إكسترا": شخصيتي في "حكاية الوكيل" مركبة تنتمي للميلودراما    مواقيت الصلاة اليوم السبت 20سبتمبر2025 في المنيا    بالصور.. تكريم 15 حافظًا للقرآن الكريم بالبعيرات في الأقصر    موعد صلاة العصر.. ودعاء عند ختم الصلاة    دعاء كسوف الشمس اليوم مكتوب كامل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جهاز الخدمة الوطنية.. أخطبوط العسكر الذى يستنزف اقتصاد مصر
نشر في الشعب يوم 28 - 01 - 2014

منح المشروعات التى يديرها الجهاز امتيازات استثنائية من بينها الإعفاء الكلى من الضرائب
يحصل على دعم منقطع النظير من القيادة العامة للجيش.. واكتسابه الهيبة العسكرية بكاملها فى الحضور أمام مؤسسات الدولة المدنية
الأرباح السنوية للجهاز تبلغ حوالى 5 % من قيمة الموازنة العامة للدولة.. ويمتلك خمس الأدوات الإنتاجية المملوكة للقطاع العام بمصر
فى منتصف الثمانينيات، تم إنشاء جهاز الخدمة الوطنية فى إطار إقرار الجيش لنظرية جديدة للأمن الاستراتيجى ما بعد كامب ديفيد وضع معظم بنودها المشير أبو غزالة بنفسه. هذه النظرية المستحدثة كان من أهم ملامحها معالجة قضية إحلال السلام الشامل مع إسرائيل مع الحفاظ على تماسك الجيش الذى ساده غضب جم من بنود الملحقات الأمنية بالمعاهدة. ومن هنا رأت القيادة العامة آنذاك أن توسيع امتيازات الضباط وصناعة حالة من الرفاهية لهم، برعاية مؤسسية تضمن حد أدنى من العدالة، ربما تكون خير وسيلة لتقديم هذه النظرية الجديدة وصناعة إجماع حولها داخل الجيش. لكنه فى ظل العجز الاقتصادى الذى أصاب مرافق الدولة، لم يكن ذلك ممكنًا.
ومن هنا فقد نبعت أهمية وجود مؤسسة تعتبر مصدر دخل خاص بالجيش كما تقوم فى ذات الوقت على تحقيق التأمين السلعى والخدمى للقوات المسلحة خوفا من حدوث عجز فى أحد مراحل التعبئة العامة حال تعرض أى من مرافق الدولة للفشل. فى المقابل، يرى مراقبون أن إنشاء هذا الجهاز أكسب القوات المسلحة ثقلا استراتيجيًا هامًا. كما اعتبره البعض تواكبًا مع بروز الخطوط العامة للجيل الرابع من الحروب التى نظّر لها خبراء كلية الحرب الأمريكية (ويليام ليند وجون شميديت) خلال تلك الفترة.
لكن مسيرة الجهاز وممارساته منذ فترة إنشائه حتى الآن توضح بشكل لا يدع مجالا للشك أن وجوده لم يكن إلا محاولة لجنى الأرباح من وراء الحضور الاستثنائى للعسكريين داخل مؤسسات الدولة المصرية فى فترة ما بعد 1952. وقد اكتسب الجهاز ثقلا نوعيًا داخل الدولة بمرور الوقت وذلك للأسباب التالية:
1. الدعم منقطع النظير من قبل القيادة العامة للجيش له واكتسابه الهيبة العسكرية بكاملها فى الحضور أمام مؤسسات الدولة المدنية. وفى هذا الباب، منحت المشروعات التى يديرها الجهاز امتيازات استثنائية من بينها الإعفاء الكلى من الضرائب وعدم الخضوع للهياكل القانونية والمحاسبية التى تنظم أعمال القطاعين العام والخاص. كذلك، فقد تمت الاستفادة من الثغرات الكبيرة فى قانون المزايدات والمناقصات وتم إسناد المشروعات التى تقدم الجهاز للحصول عليها بالأمر المباشر.
2. الانضباط العسكرى الذى يحكم طبيعة عمل الجهاز والذى تم استغلاله فى اكتساب سمعة طيبة عند أجهزة الدولة خصوصا فى مستوى الجودة ومواعيد التسليم. وفى هذا الإطار، سار العرف داخل أعمال الحكومة منذ إنشاء الجهاز على أن المشروعات التى صدرت بها توجيهات من القيادة السياسية بضرورة التسليم فى أقصى وقت ممكن (خصوصا فى مجال الإنشاءات) يتسلمها الجهاز دونًا عن غيره. وهذا طريق آخر لمضاعفة أعمال الجهاز.
3. اعتماد الجهاز على الأيدى العاملة الشابة والمجانية المتمثلة فى الجنود الذى يقضون فترة تجنيدهم الإجبارى لدى الجيش. وهذا أدى إلى مضاعفة صافى أرباح الجهاز الذى لا تتكبد ميزانية الرواتب به سوى القليل.
ومع مرور الوقت، حققت القوات المسلحة كفاية كبيرة من مشروعات الرعاية الاجتماعية (مثل النوادى والدور ومشروعات الإسكان الاقتصادى) واستطاعت تنفيذ خطط الرفاهية للعسكريين على نحو أفضل مما خطط له فى الثمانينيات بخلاف تحقيق أرباح كبيرة تم تقييمها بمليارات. لكن جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، الذى يعتبر الآن أهم «ذراع» اقتصادى للجيش المصرى، قادت أرباحه قيادات الجيش المتعاقبة للتفكير أكثر وأكثر فى توسيع مهامه ومناطق نفوذه داخل جهاز الدولة. وتأسيسًا على هذا الوضع، لم تمتد يد الدولة على إحدى شركات الجهاز لخصخصتها فى إطار متطلبات سياسة التحرر الاقتصادى التى ضغط البنك الدولى لتطبيقها منذ عام 1992. كما أن الأرباح السنوية الخاصة بالجهاز حسب تقديرات هامة تبلغ حوالى 5% من قيمة الموازنة العامة للدولة بالإضافة إلى تملكه لخمس الأدوات الإنتاجية المملوكة للقطاع العام بمصر.
هيكليًا، يتكون الجهاز يتكون من 21 شركة قطاع عام تابعة له تغطى معظم القطاعات السلعية والخدمية ومن أهمها ما يلى:
1. قطاع الأمن الغذائى: شكَّل هذا القطاع اللبنة الأساسية لأعمال الجهاز حيث يركز على إنتاج المواد الغذائية والإنتاج الزراعى والحيوانى وأعلاف الماشية والإنتاج الداجنى وعسل النحل. ومجموع شركات هذا القطاع 8 شركات و20 مزرعة و5 مجازر ضخمة و5 وحدات ألبان عملاقة. وأهم تلك الشركات شركة مصر العليا وشركة سينا والشركة الوطنية بشرق العوينات. ويعتبر مجمع مخابز القاهرة الكبرى التابع لهذا القطاع من أكبر مجمعات الخبز فى العالم بسعة إنتاجية تتجاوز 1.5 مليون رغيف يوميًا.
2. قطاع التعدين: تعتبر جميع الأراضى المملوكة للدولة مواقع انتشار حربى حسب قوانين تعود لأيام محمد وتم إقرارها حديثًا «تنفيذًا لخطة الدفاع عن الدولة». وهذا يعنى أن صاحب الكلمة العليا فى كل أراضى الدولة هو الجيش حسب قانون الواقع وواقع القانون. وتأسيسًا على هذا المبدأ، فإن قطاع التعدين بالجهاز يمتلك معظم المناجم التعدينية بالبلاد مثل مناجم الجبس والمنجنيز والرمل الزجاجى والطفلة والزلط وخلافه. وما يتبقى من المناجم خارج سلطة الجهاز تشرف على أعمال «تأمينها» القوات المسلحة. ويندرج تحت هذا القطاع عدة شركات صغيرة كل شركة تقوم على إدارة نشاط تعدينى معين إلى جانب الشركة الوطنية لإنتاج وتعبئة المياه الطبيعية (صافى) التى تعد أحد أكبر شركات الجهاز بأكمله.
3. قطاع البتروكيماويات والكيماويات الوسيطة: ويقوم هذا القطاع بالإشراف على توفير الحاجات البترولية الخاصة بالقوات المسلحة وتأمين مخزونها الاستراتيجى بالإضافة إلى مساعدة الحكومة فى سد فجوات الطاقة. ويندرج تحت هذا القطاع شركة النصر للكيماويات الوسيطة بشكل أساسى بالإضافة إلى شركات صغيرة مساندة.
4. قطاع الخدمات: ويندرج تحت هذا القطاع شركتان كبيرتان فى مجال الخدمات هما شركة النصر للخدمات والصيانة (كوين سيرفيس) ذات الصيت الواسع فى أعمال الأمن والحراسة والأعمال الفندقية إلى جانب الشركة الوطنية للبترول التى تدير محطات بنزين «وطنية» وتنتج العديد من المنتجات البترولية. وذلك بالإضافة إلى شركة أخرى لاستيراد المواد النفطية والبتروكيماوية ذات شبكات إقليمية واسعة.
5. قطاع المقاولات: ويتنافس الجهاز عبر شركتيه (الشركة الوطنية للمقاولات العامة والتوريدات) و(الشركة الوطنية للطرق والكبارى) على سوق الإنشاءات الحكومية بمصر. ويتم إسناد أعمال الإنشاءات على جميع المنافذ الاستراتيجية للعاصمة والمدن الحدودية حصرًا للجهاز ليقوم فى ذلك بمعاونة الهيئة الهندسية للقوات المسلحة. ويتم وضع معايير محددة فى تلك الإنشاءات تتحمل عبور الآليات العسكرية الثقيلة فى أوقات الحروب أو الأزمات. وكان من أهم مشروعات هذا القطاع فى الأعوام الأخيرة محور المشير طنطاوى واستاد برج العرب والبنية التحتية للهيئة القومية للاتصالات.
6. استصلاح الأراضى: يقوم الجهاز عبر الشركة الوطنية لاستصلاح وزراعة الأراضى الصحراوية بشرق العوينات باستصلاح وزراعة الأراضى بهذه المنطقة وشركة أخرى فى سيناء بإمكانات فى الاستصلاح تتعدى إمكانات وزارة الزراعة وهيئة الأوقاف وأكبر خمس شركات فى هذا المجال مجتمعة. ويقوم هذا القطاع بالتنسيق حول خرائط الأراضى التابعة لها أو المراد ضمها مع «جهاز مشروعات أراضى القوات المسلحة».
7. البصريات: تقوم (الشركة العربية العالمية للبصريات) على تصنيع وتجميع وتسويق الأجهزة البصرية والكهروبصرية وأجهزة الليزر والأجهزة الإلكترونية الدقيقة حسب حاجات القوات المسلحة والسوق المصرية.
مع اعتناق جميع الدول شرقًا وغربًا للنيوليبرالية الأمريكية وارتضائها بقواعد النظام العالمى الجديد وفى القلب منها مصر، وجهاز بهذا الحجم الضخم على نمط المؤسسات السوفييتية الذى انقرض فى هذه الأيام يدعو للتساؤل: هل هذا يؤشر لاعتقاد القيادة العسكرية المصرية فى أهمية التخطيط المركزى والسلطة المركزية كنمط فى القيادة؟
فى برقية أبرقتها السفارة الأمريكية بالقاهرة لوزارة الخارجية بواشنطن فى 2008 وسربتها ويكيليكس، تقول السفارة إن المشير طنطاوى لا يحب سياسات الإصلاح الاقتصادى لأنها تقلل من سيطرة الدولة المركزية. ويرجح فى هذا أن الرجل كمثل قيادات الجيش لا يرغبون فى خضوع امتيازاتهم لاقتصاص أو الانضواء تحت إطار ميزانية موحدة للبلاد.
إن هذا الجهاز بما يشكله من هياكل أخطبوطية وتحالفات شبكية لهو خطر على أى ديمقراطية وليدة فى مصر وهو ما ذكر السيد يحيى حامد وزير الاستثمار فى عهد مرسى طرفًا منه فى حديثه لقناة الجزيرة منذ أيام. لكن الأهم من السعى لتفكيك طبقات الفساد بهذه المؤسسات هو الاستقرار على خريطة للعلاقات المدنية العسكرية نؤطر بها سيناريوهات المستقبل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.