بعد أن أظهرت نتيجة الاستفتاء على مشروع دستور الانقلاب تأييد كبير تساءلت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية قائلة "ماذا يعني ذلك بالنسبة للمصريين؟" .. مجيبة أن ذلك "لا يعني أي شئ جيد." وقالت الصحيفة إنه بعد ظهور نتيجة الاستفتاء وإعلان أن نسبة المصوتين ب"نعم" على مشروع الدستور الجديد وصلت بلغت 98.1%، يمكن اعتبار ذلك دعما شعبيا مدويا لوثيقة الدستور، لكن في واقع الأمر كانت نسبة المشاركة في التصويت "تافهة" (حسب وصفها) في ظل مقاطعة أنصار جماعة الإخوان المسلمين وقوى شبابية وثورية لهذا الاستفتاء. وقالت الصحيفة الأمريكية إن التصويت لم يكن في الحقيقة تصويتا على وثيقة الدستور نفسها، وإنما كان تصويتا على شرعية "الانقلاب" على الرئيس الإخواني محمد مرسي، كما أنه يعيد للجيش دورا قويا في الحياة السياسية، ويخول له محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية. واستطردت قائلة "التصويت بنعم يعني نعم للجيش ونعم لإقصاء جماعة الإجوان من الحياة السياسية.. بينما التصويت بلا، والذي يتمثل أيضا في مقاطعة الاستفتاء، يعني لا للانقلاب." وتساءلت قائلة "هل سيستقر الآن الشارع السياسي المصري المتوتر؟" .. مجيبة أيضا "ربما لا"، فالإخوان تعهدوا بمواصلة الاحتجاجات، ولايزال سقوط القتلى يتواصل. وأضافت أن المطالب المحورية لثورة 25 يناير لم تتحق حتى الآن، وخاصة مطلب إنهاء "وحشية جهاز الشرطة وقمعه للناشطين السياسيين. في الشهور الأخيرة، سجنت الحكومة المؤقتة نشطاء وصحفيين على خلفية "تهم إرهاب زائفة"، وأغلقت صحفا وشجعت على خلق مناخ من القومية المفرطة وفوبيا الأجانب (أو الخوف المرضي من الأجانب)، وذلك من خلال وسائل الإعلام الحكومية. الإخوان وفي سياق متصل، قالت "كريستيان ساينس مونيتور" إن أجندة جماعة الإخوان كانت تثير مخاوف لدى ملايين المصريين، لكن قرار إدراجها كمنظمة إرهابية من شأنه يحرم الحركة السياسية الأضخم والأفضل تنظيما في مصر من أن يكون لها طريق شرعي تعبر من خلاله عن مطالبها في الصندوق الانتخابي. وأشارت الصحيفة إلى أن جماعة الإخوان تعلن رسميا رفضها للعنف، وأقبلت على المشاركة في الحياة السياسية باعتبارها السبيل للوصول إلى السلطة، لكن عندما جاء هذا اليوم وفازت بأغلبية البرلمان في أول انتخابات نزيهة في البلاد من فترة طويلة، وفاز مرشحها مرسي في الانتخابات الرئاسية في أول انتخابات رئاسية حرة في تاريخ مصر، سرعان ما تم تجريدها من هذه وتلك. وأضافت أن السبيل الوحيد أمام الإخوان سياسيا هو الشارع، وربما تعود للعنف السياسي،حسب قول الصحيفة. دستور لا يحل مشاكل وعادت الصحيفة لتقول إن الدستور المصري الجديد لا يقدم أية حلول للمشاكل التي تواجهها مصر، ولا يقدر على كبح جماح المؤامرات الخارجية والأعداء الذين يصفهم الإعلام المصري بأنهم لا يرغبون في أي خير لمصر. ولفتت إلى أن الجيش بات في الوقت الراهن يحتل مقعد القيادة السياسية، وتزايدت الضجة الإعلامية الدعائية للفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع الذي تحول إلى رمز للحب والاحترام الجماهيري الجارف بسبب الترويج له من جانب المتحدثين على شاشات التليفزيون، وساعد ذلك على أن أصبح الكثير من المصريين يأملون في أن يكون السيسي رئيس البلاد القادم. وخلصت الصحيفة إلى القول إن إعادة مصر إلى نظام حسني مبارك شيئا ليس باليسير، فهذا سيواجه بمجتمع مصري جديد ذاق طعم الاحتجاج