شهد اليوم التاسع للعدوان (4-1-2009)، استمراراً لعمليات القصف الجوي والبحري العشوائي للأماكن السكنية الذي أخذ شكلاً جنونياً وخلف عشرات الشهداء بالتوازي مع الاجتياح البري، الذي نجم عنه تشريد الآلاف في مشهد أعاد إلى الآذان مشاهد النكبة والنزوح القسري. وبات واضحاً خلال هذا اليوم أن قوات الاحتلال الحربي الصهيوني تسعى، عبر عملياتها العسكرية الميدانية، إلى إجبار السكان المدنيين على إخلاء مساكنهم قسرياً، وهو ما حدث فعلياً حيث شهدت المناطق الشمالية للقطاع، ومدينة غزة تحديداً، قصفاً مكثفاً ووحشيا من البر والبحر والجو، هو الأعنف والأشد وطأة في تاريخ المدينة.
تهجير قسري
وخلف ذلك حالة غير مسبوقة من التهجير القسري الجماعي في صفوف آلاف المدنيين الفلسطينيين، الذين عانوا كثيراً بحثاً عن ملاذ آمن. وباشرت قوات الاحتلال تقدمها بطريقة بطيئة، حيث اتخذت من البيوت القائمة الآمنة والأهلة بسكانها ممرات لها بعد إزالتها وتدميرها. وتم تدمير الكثير من تلك البيوت على رؤوس قاطنيها في عدة حوادث مختلفة. وأدى ذلك إلى استشهاد وإصابة من فيها بصورة متعمدة ومباشرة، وبطريقة تعكس مدى الوحشية والاستهتار بحياة المدنيين وممتلكاتهم.
وقد شهدت مناطق الاحتكاك، وبخاصة منطقة العطاطرة والسلاطين وأبراج الندى والمناطق الغربية والشمالية من بيت لاهيا، القريبة من المناطق التي توغلت فيها قوات الاحتلال، إطلاق نيران مكثفة من الأسلحة الثقيلة والقذائف المدفعية باتجاه منازل المواطنين.
استشهاد عائلات وأدى ذلك إلى ارتقاء عدد كبير من الشهداء والجرحى بين صفوف الأبرياء من المدنيين العزل، وأسفر عن استشهاد الكثير من العائلات الفلسطينية بأكملها في عدة حوادث، فقد استشهد رجل من عائلة أبو حليمة وأبناؤه الأربعة وأصيب باقي أفراد العائلة جراء قصف قوات الاحتلال منزله وهم بداخله في منطقة العطاطرة في بيت لاهيا شمال القطاع. وفي حوالي الساعة 12 ظهرا استشهد أربعة مواطنين، بينهم ثلاثة أطفال، أثناء تواجدهم فوق سطح منزل عائلة النمر الواقع في حي الزيتون بعد سقوط قذيفة دبابة على سطح المنزل. والضحايا هم كل من: 1) أكرم زياد النمر 17 عاماً؛ 2) أيمن زياد النمر، 8 أعوام؛ 3) أيمن محمد عفانة، 25 عاماً؛ و4) أسماء إبراهيم عفانة، 12 عاماً. وفي حوالي الساعة 8:10 صباحا، أطلقت قوات الاحتلال قذيفة مدفعية سقطت على منزل عائلة المواطن رزق طنطيش، في شارع النزهة في بلدة بيت لاهيا، شمالي القطاع. أسفر ذلك عن استشهاد طفلين من أحفاده تصادف وجودهما على سطح المنزل.
الحرب على المساجد والطواقم الطبية مستمرة وبالتزامن مع هذا التوغل، استمرت الغارات الجوية فقامت قوات الاحتلال بقصف مسجد عمر بن عبد العزيز في بلدة بيت حانون وتدميره بشكل كامل وإلحاق أضرار مادية بعدة منازل مجاورة. وفي جريمة أخرى من الجرائم البشعة التي تميز هذا العدوان، قصفت قوات الاحتلال في حوالي الساعة 10:00 صباحاً، تجمعاً للمواطنين بالقرب من مدرسة أبو عبيدة بن الجراح، في بيت لاهيا، شمالي القطاع. وعندما هرع عدد من سكان المنطقة لإسعاف المصابين، تجدد القصف مرة أخرى، ما أسفر عن استشهاد تسعة مواطنين من سكان المنطقة.
واستمر استهداف الطواقم الطبية، ففي حوالي الساعة 3:30 مساءً، استهدفت طائرة حربية ثلاثة مسعفين كانوا قد توجهوا بسيارة إسعاف لنقل بعض الجرحى في منطقة تل الهوى. ولدى وصولهم المكان، تم استهدافهم وقتلهم، وهم كل من: 1) ياسر كمال شبير، 24 عاماً؛ 2) أنس فضل نعيم، 25 عاماً؛ و3) رأفت عبد العال، 24 عاماً. وفي منطقة جنوبي قطاع غزة قصفت الطائرات الصهيونية بصاروخ واحد مجموعة من المواطنين المدنيين، عندما كانوا أمام منزلهم في حي الشوكة شرق رفح، ما أدى إلى استشهاد خمسة منهم، بين الشهداء أب وثلاثة من أبنائه، اثنان منهم طفلان .
حصيلة الشهداء وقد كانت حصيلة الشهداء بين صفوف المواطنين لهذا اليوم نتيجة العدوان بكل مستوياته البرية والبحرية والجوية هي استشهاد 101 من المواطنين منهم 84 مدنياً من بينهم 31 طفلاً و 4 نساء. وكان من بين الشهداء 3 مواطنين توفوا متأثرين بجراحهم التي أصيبوا بها خلال هذا العدوان على قطاع غزة . عمليات ومفاجآت: لم تمنع كثافة النيران الصهيونية عبر الجو والبحر والأرض، كتائب القسام، من استمرار تصديها بكل شجاعة مفجرة المزيد من المفاجآت، وسجلت خلال هذا اليوم أولى مفاجآت الحرب البرية عندما دمرت دبابة صهيونية بقذيفة "P-29" التي تستخدم لأول مرة في قطاع غزة، مما أدى لوقوع عدد من القتلى والجرحى في صفوف جنود الاحتلال واشتعال النيران في الدبابة.
وعلى صعيد القصف، أطلقت (21) صاروخاً من طراز " قسام " و (9) صواريخ " غراد ". ونجحت لأول مرة، في قصف قاعدة " تسيلم " البرية، كبرى القواعد العسكرية في جنوبفلسطينالمحتلة بصاروخي غراد.
كما دار اشتباك مسلح غرب بيت لاهيا في منزل المجاهد القسامي معين حسين بالقرب من المدرسة الأمريكية، وقد كان الاشتباك من مسافة قريبة جداً مع جنود الاحتلال حيث استشهد المجاهد معين حسين وتم مشاهدة العديد من الجعب العسكرية للعدو ملطخة بالدماء وملقاة في المنزل. وفي إطار مواجهة العدوان البري، أطلقت القسام عشرات قذائف الهاون ضد القوات والآليات المتوغلة . وفجرت (5) عبوات ناسفة بقوات صهيونية راجلة. وقنصت (5) جنود صهاينة. والمضادات القسامية تتصدى للمروحيات.
أما سرايا القدس، فأعلنت عن استهداف مغتصبة "سديروت" ب6 صواريخ "قدس"، ودك موقعي "كوسفيم وميغن" بسبع قذائف هاون. كما أعلنت عن تفجير سبع عبوات ناسفة في تجمع للآليات العسكرية لجيش الاحتلال، وإطلاق ستة قذائف مضادة للدروع من نوع R.P.G ، وقنص جندي صهيوني.
فيما تبنت كتائب شهداء الأقصى "مجموعات أيمن جودة" عن قصف ثلاث مغتصبات بأربعة صواريخ من طراز "أقصى3 المطور"، كما أعلنت ألوية الناصر عن استهداف المغتصبات بسبعة صواريخ من طراز "ناصر"، وإحدى عشر قذيفة هاون، وإطلاق قذيفتي RBG على دبابة شرق مخيم جباليا، وإصابتها بشكل مباشر.
خسائر العدو: كالعادة تكتم العدو على خسائره واكتفى بالاعتراف بمقتل جندي وإصابة 5 آخرين في عمليات تصدي متفرقة لكتائب القسام.
كما اعترف العدو بإصابة عدد من الصهاينة واشتعال النار في منزل جراء القصف القسامي لمدينة "أسدود" المحتلة. وجراء المضادات القسامية تتصدى للمروحيات في عدة مناطق من القطاع وتصيب إحداها وتجبرها على الهبوط اضطرارياً، فيما بقيت حالة الطوارئ معلنة في جميع المدن الصهيونية وأكثر من مليون صهيوني يختبئون في الملاجئ.