قال المخرج الكذوب: "سنهزمهم هزيمة كهزيمة أحد".. وصدق الكذوب هذه المرة.. فقد قاموا بفض الإعتصامين يوم 7 شوال وهو تاريخ لصيق بتاريخ موقعة أحد (15 شوال) ولم تدفن الجثامين المحترقة إلا بعد هذا التاريخ.. وصدق الكذوب لأنه عبر عن إدراكه ووعيه التام بأنهم على الباطل وأننا على الحق.. وطلاب الحق قد يخطئون أو ينخدعون أو يتهاونون أو يتبعون الهوى أحيانا لكن ذلك لا يقدح في أنهم طلاب حق.. وطلاب الباطل قد يجيدون التخطيط ويحسنون انتهاز الفرص وقد يكسبون جولة وربما جولات.. لكن ذلك لا يجعلهم على الحق بل يظلون طلاب باطل نجحوا في نصرة باطلهم.. بعض الناس يختلط لديهم مفهوم الحق والباطل ومفهوم الخطأ والصواب.. فيجعلون الحق في مقابل الخطأ ، ويجعلون الباطل في مقابل الصواب.. ولكن الخطأ أمر حتمي مكتوب على كل بني آدم.. حتى الأنبياء (عليهم الصلاة والسلام) وقعوا في أخطاء كان بعضها خطيرا.. وأقل تلك الأخطاء شأنا (في ميزان القلوب) هي أخطاء التقدير السياسي.. ونذكر في السيرة أن نبينا عليه الصلاة والسلام بعد أن استشار أبا بكر وعمر في أسرى بدر أخذ برأي أبي بكر وقبل الفدية رغم أن ظروف الإسلام والمسلمين في ذلك الوقت كانت تتطلب التنكيل بالكفار لردعهم عن البغي والعدوان.. وقد نزلت آيات تندد بهذا الخطأ السياسي حتى بكى النبي وأبو بكر بكاءا حارا وقال النبي: {لو نزل عذاب من السماء ما نجى إلا عمر}. وبعد موقعة أحد مباشرة انخدع الرسول عليه الصلاة والسلام بوفد من قبيلة بدوية قالوا له: "إن فينا إسلاما فأرسل معنا من يفقهنا في الدين" فأرسل معهم سبعين صحابيا من حفظة القرآن الكريم، فغدروا بهم وقتلوهم جميعا.. وتلك خسارة فادحة فعدد المغدورين يعادل عدد الشهداء في موقعة أحد.. وبما أن المخرج الكذوب أدرك الشبه الكبير بين موقعة أحد وهزيمة الإسلاميين الآن فسوف نحاول تتبع هذا التشابه من خلال آيات سورة آل عمران التي تحدثت باستفاضة عن عبر ودروس موقعة أحد.. وهذا ليس تفسيرا لآيات الكتاب الحكيم بل محاولة لفهم الواقع في ضوء آيات رب العالمين.. ولا يزعمن زاعم أننا نكفر الآخرين حيث نقارنهم بالكافرين.. بل أنتم من وضعتم أنفسكم في هذا الموضع من المقارنة وأدركتم حقيقة المعركة.. ونشكركم على ذلك كثير.. قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (137) هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (138) هذه السنن قوانين صارمة.. أشبه بقوانين علم الفيزياء رغم أنها في مجال علم الاجتماع.. ويبرهن رب العزة على ذلك بتاريخ الأنبياء والدعاة والأمم.. فالله يمهل الظالمين ثم ينتقم منهم.. وبغي البغاة يرتد عليهم {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ}.. والله يجعل المستضعفين أئمة ويجعلهم الوارثين {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ}.. تخيل أن رب العزة يصدر لك بيانا ليوضح لك تلك المعاني.. وهذا التوضيح والبيان للمتقين فانتبهوا له جيد.. وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ(139)إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142) وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143) الله تعالى الكبير المتعال يعزي المؤمنين بأروع وأرق تعزية فيقول لهم أن المؤمن لا يحزن ولا يضعف ولا يستكين مهما حاقت به الهزائم والمصائب لأنه يعلم أن كل شيء بقدر الله وبإذن الله، ويعلم أن الدنيا زائلة ولا تساوي عند الله جناح بعوضة، المقتول من المؤمنين حي عند الله سعيد بما ناله من نعيم، والجريح الصابر مأجور بثواب عظيم على صبره ورضاه.. وكذلك السجناء والغارمين. ويقول لهم الله إن مصابكم الأليم قد ألحقتم مثله بعدوكم.. فإن كانوا قد قتلوا منكم سبعين في أحد فقد قتلتم منهم سبعين في بدر وأسرتم سبعين آخرين.. والحروب سجال مرة لك ومرة عليك.. فلا أحد ينتصر دائما.. وقد قدر الله عليكم هذا البلاء ليُظهر معدن المؤمنين ويميز لكم المنافقين ويمن عليكم باتخاذ بعضكم شهداء.. فلا تظنوا أن الله نصر عليكم الظالمين لأنه يحبهم. بل هو سبحانه وتعالى يمتحن المؤمنين ويمحصهم لينفي عنهم الخبث ويُظهر معدنهم النفيس ويعلمهم ويربيهم ويبصرهم بعيوبهم وأخطائهم.. فهذا الذي ترونه هزيمة هو لكم مجرد امتحان ولكنه بالنسبة لعدوكم نهاية ساحقة ماحقة!! فقد كشفنا لكم المنافقين المبثوثين بين صفوفكم.. وأظهرنا لكم المتربصين بكم من حولكم.. وعَرَّفنا عدوكم شدة صبركم وبأسكم فلن يجرؤوا بعد ذلك على غزوكم إلا بعد الاستعانة بكل قبائل جزيرة العرب.. وسيرتدون عنكم مدحورين (في غزوة الأحزاب).. وعندما تتجهون لغزوهم (في فتح مكة) فسيكونون متأكدين أن لا قِبل لهم بكم فيستسلمون صاغرين. وهل كنتم تظنون أن الجنة سهلة رخيصة الثمن.. إن الجنة سلعة الله، وسلعة الله غالية، ثمنها الجهاد والصبر على المصائب. لقد كنتم وقت الرخاء تتمنون الموت في سبيل الله فهل إذا حقق الله لكم أمنيتكم جزعتم منها!! وليست تلك صفة الصادقين. وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144) شاع أثناء معركة أحد أن الرسول قد قُتل فتخاذل المسلمون وقعد بعضهم عن القتال.. والله تعالى يلومهم على ذلك كثيرا.. فهل كنتم تجاهدون لأجل محمد!! إن محمدا (عليه الصلاة والسلام) ما هو إلا رسول سبقه رسل كثيرون ماتوا وتعرض بعضهم للقتل.. فهل إذا مات محمد أو قُتل تخاذلتم واستسلمتم وقعدتم عن إكمال المسيرة ونصرة الحق!! وانقلبتم بذلك على الحق الذي هادكم إليه ربكم!! هل تعظمون الأشخاص والقيادات وتجاهدون في سبيلهم وكرامة لعيونهم!! إن مقتل القائد أو موته أو سجنه يجب ألا يصرفكم عن النضال والمجاهدة في سبيل الله وفي سبيل الحق وفي سبيل دفع الظلم والعدوان.. واعلموا أنكم إذا تخاذلتم وقعدتم وانقلبتم فإن ذلك لا يضر الله شيئا.. وإذا شكرتم لله أن هداكم إلى الحق، وإذا صبرتم على البلاء وجاهدتم الأعداء فسيجزيكم الله على ذلك بالنصر في الدنيا والفلاح في الآخرة. وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآَخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (145) كم تستريح النفس عندما تعلم أن ما أصبها من نكبات وقتل وجراح إنما هو بإذن الله.. وهو مسطور في كتاب أزلي.. وهو واقع في أجله المعلوم لا محالة.. ومن أراد جوائز الدنيا وعمل للدنيا فسيحصل على ما أراده وعمل له.. ومن أراد جزاء الآخرة وعمل لله فسيحصل على ما أراده وعمل له.. فأنتم أيها المنهزمون في أحد أو رابعة أو في النهضة ورمسيس إن كنتم قد عملتم لله وابتغاء أجر الآخرة فقد نلتم ما أردتم من الله الذي عملتم له.. وأعدائكم الذين عملوا لنيل متاع الدنيا قد نالوا من الدنيا ما عملوا له.. إلى حين.، فلا معنى على الإطلاق لحزن أو ندم.. أو جلد الذات ولا معنى للتلاوم فيما بينكم.. قد تلقيتم الدرس القاسي.. وعلمتم أن اتباع شهوة الغنيمة وعصيان أمر الرسول القائد يؤدي إلى الهزيمة.. وقد غفر الله لكم ما بدر منكم في آيات واضحات وطمأنكم على مصير الشهداء ووعدكم بالنصر والتمكين في نهاية الأمر.. وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) فَآَتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148) واعلموا أن ما أصابكم قد أصاب كثير من الصالحين قبلكم الذين قاتلوا مع أنبيائهم فلم يصيبهم الوهن ولا الضعف ولم يستكينوا بل صبروا وواصلوا الجهاد.. والله يحب الصابرين. ولم ينطقوا بشيء سوى الاستغفار والدعاء بالثبات والنصر على الكافرين.. فكان جزاء توبتهم واستغفارهم وصبرهم وجهادهم أن كافئهم الله بالنصر في الدنيا والجنة في الآخرة.. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (149) بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ (150) عندما تلحقكم المصيبة سينفض عنكم المنافقون ويصبون عليكم اللوم صبا.. وستسمعون مقترحات عبقرية للخروج من الأزمة.. لماذا لا نتفاوض ونتصالح.. لماذا لا تقرون بخارطة الطريق وتتنازلون عن بعض هويتكم وشريعتكم مقابل حقن دمائكم وخروجكم من السجون وحفظ أموالكم وأعراضكم وبقائكم على الساحة السياسية؟؟؟ ولكن احذروا أيها المؤمنون أنكم إذا قبلتم بشيء من ذلك ستنقلبوا خاسرين.. نعم فأنتم حتى الآن لستم الخاسرين.. لكن إذا أطعتموهم ستخسرون كل شيء في الدنيا وفي الآخرة.. فلا تتخذوا من أعداء الله أصدقاء وأولياء لأن الله هو مولاكم وهو خير الناصرين.. فلا تطلبوا النصر من سواه.. سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ (151) وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152) إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (153) لقد نصركم الله قبل ذلك ليس بقوتكم ولكن بأن ألقى الرعب منكم في قلوب أعدائكم.. وقد صدق الله في وعده لكم ومكنكم من أعدائكم.. ولكنكم فشلتم وتنازعتم وتفرقتم وعصيتم.. وذلك بسبب أن بعضكم كان يريد الدنيا وبعضكم يريد الآخرة.. ولهذا صرفكم الله عن مواصلة كفاحكم ضد أعدائكم وألهاكم بالغنيمة لأنه أراد أن يبتليكم ويعاقبكم ويردكم إلى الحق والتجرد.. وبهذا البلاء وبصبركم عليه ورجعوكم إلى الحق فإن الله قد عفا عن ذنوبكم.. والله ذو فضل على المؤمنين.. حتى البلاء والعقوبة يمن الله بها على المؤمنين.. فلولا عقاب المدرس للتلميذ ما تعلم شيئا ولا أفلح في حياته. ثم يذكرهم الله بحالهم وقت الهزيمة والفرار من الموت والرسول ينادي عليهم من خلفهم أن يثبتوا ويعودوا للقتال.. ليجتمع عليكم غم الفرار وغم عدم إجابة نداء الرسول.. وهذان الغمان يمحوان الحزن على فوات النصر وفوات الغنيمة والحزن على القتلى والجرحى.. فالمصائب يُنسى بعضها بعضا.. ويُنسي أشدها ما هو دونه.. والله خبير بكل ما تفعلون وخبير بدوافعكم النفسية وضعفكم.. ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (154) بعد هذا الغم ربط الله على قلوب المخلصين منكم فشعروا بالأمان حتى راحوا في نوم عميق.. ولكن طائفة منكم قد أصاب قلوبهم الهلع ويظنون بالله غير الحق كظن الجاهلية.. يقولون بألسنتهم قولا يبدو بريئا لكنهم يقصدون معنى خبيث.. يقولون "ليس لنا من الأمر شيء" فيظن السامع أنهم يُرجعون الأمر إلى الله.. لكنهم يقصدون أن القيادة قد غررت بهم ولم تسمع مشورتهم ولو كان القائد قد اتبع مشورتهم ما تعرضوا للقتل في هذا المكان.. فقد أشار البعض على الرسول بعدم الخروج للقاء الكفار بل ينتظرونهم في المدينة ويحاربونهم فيها.. فيرد الله تعالى عليهم بأنهم لو قعدوا في بيوتهم ما كان ذلك يمنع عنهم قدر الله فيهم.. وأن الله أراد أن يمتحنهم ويمحص قلوبهم.. وهو سبحانه عليم بهم وبقلوبهم دون امتحان لكنه يريد أن يُظهر لهم ما خفي عنهم ويميزهم أمام أنفسهم.. ويقطع حجتهم يوم الحساب.. إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (155) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (156) وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (157) وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (158) فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159) لا ينسحب أحد من المواجهة مع الباطل إلا بسبب عرض من الدنيا يخاف أن يفقده.. أو عرض من الدنيا يطمع أن يكسبه.. فيستوي في ذلك الغني والفقير.. فيُزين الشيطان لهم الدنيا الموجودة أو الموعودة فيتولوا من الزحف ويفروا هاربين.. وفي موقعة أحد عفا الله عن المسلمين الذين استذلهم الشيطان ببعض ما كسبوا.. وهذا العفو بسبب ما وقع لهم من عقوبة وبسبب ما أظهروه من ندم وصبر وصمود وجهاد. ثم يَنهى الله المؤمنين عن أخلاق الكفار الذين يلومون الغزاة والمصلحين ويقولون لهم لو قعدتم عن الجهاد والمسيرات لما تعرضتم للقتل والاعتقال (الضرب في الأرض= المسير في الأرض).. وهذا المنطق الجاهلي اختص الله به الكفار ليكون حسرة في قلوبهم على المفقود منهم.. ولكن المؤمنين يدركون أن الله هو الذي يُحيي ويُميت.. وإذا تعرضتم للقتل في سبيل الله أو الموت فاعلموا أن مغفرة الله لكم ورحمته بكم خير لكم مما يجمع الناس من عرض الدنيا.. وسواء تعرضتم للقتل أو الموت فسوف تحشرون إلى الله. ثم يُثني الله على لين الرسول مع الناس رغم ما بهم من عيوب.. وهذا اللين هو رحمة من الله وهو الذي يجعل الناس ملتفين حول الرسول ولو اشتد الرسول على العصاة منهم لانفضوا من حوله.. ثم يطلب الله من الرسول أن يعفو عنهم ويستغفر لهم ولا يتوقف عن مشاورتهم في الأمر رغم عيوبهم.. وليأخذ بالعزيمة ويتوكل على الله.. إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (160) وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (161) أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (162) هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (163) النصر والخذلان كلاهما من الله تعالى.. ولا راد لنصر الله أو خذلانه.. فلا تطلبوا النصر من أحد سوى الله وعلى الله فتوكلوا. لماذا عصيتم الأمر ونزلتم لجمع الغنائم.. ألا تعلمون أن الرسول لا يغل من الغنيمة!! ألا تعلمون أن نصيبكم العادل من الغنيمة سيصل إليكم!! أم كنتم تريدون أنتم أن تغلوا من الغنيمة؟ اعلموا إذاً أن من يغل سيأتي بما غل يوم القيامة ليلقي جزاء خيانته. لا يستوي عند الله الطائعون الذين يبتغون رضى الله بالعصاة الذين نالوا سخط الله.. فالناس في الآخرة درجات.. درجات من النعيم ودركات في الجحيم. لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (164) أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165) وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ (167) الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (168) يمن الله عليكم بأن أرسل لهم نبيا من قومهم يتكلم بلسانهم ويتلوا عليهم آيات الله ويعلمهم الحكمة ويطهرهم من رجس الجاهلية التي كانوا عليها.. فهل بعد هذا تسخطون لمصيبة وقعت بكم وقد أصبتم من عدوكم ضعف هذه المصيبة قبل ذلك!! فإن كانوا قد قتلوا منكم سبعين في أحد فقد قتلتم سبعين في بدر وأسرتم سبعين أخرين.. وتتعجبون وتتسآئلون لماذا تصيبنا تلك المصيبة.. والجواب هو أن تلك المصيبة من صنع أيديكم.. فالله قادر على كل شيء وقادر على نصركم لكنه أذن في وقوع هذه المصيبة ليبتلي إيمانكم.. وليميز لكم المنافقين الذين خذلوكم في ساعة العسرة وتعللوا بحجج واهية.. وهم في الحقيقة أقرب إلى الكفر من الإيمان.. والله يعلم ما يكتمونه نحوكم من حقد فأراد أن يظهر ذلك لكم.. هؤلاء هم الذين تعدونهم إخوانكم وهم بعد أن خذلوكم وتخلوا عنكم سيتفاخرون بحكمتهم وذكائهم المزعومين ويقولون لو أطاعونا واستجابوا لمطالب أعداء الملة والدين ما تعرضوا للقتل في رابعة والنهضة والحرس والنصب التذكاري ورمسيس.. ويرد رب العالمين عنكم فيقول لهم: {قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}. وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171) الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172) الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175) لا تحزنوا على الشهداء ولا تظنوا أنهم موتى بل هم أحياء عند الله يرزقون.. وهم سعداء بما آتاهم الله من نعيم وهم يستبشرون بزملاء الكفاح الذين مازالوا في الدنيا.. يرون صبرهم ونضالهم فيستبشرون بذلك ولا يخافون عليهم ولا يحزنون لتعبهم ومصائبهم وجراحهم لأنهم يدركون الآن مدى نعمة الله وفضله وأنه سبحانه لا يُضيع أجر المؤمنين.. المؤمنين الذين استجابوا لله ورسوله بعد الهزيمة ورغم الحزن الشديد خرجوا في جراحهم يطاردون الأعداء.. ووعد الله المحسنين منهم والمتقين أجرا عظيما.. هؤلاء الصفوة هم الذين خوَفهم الناس من القتل ومن بطش الجيش والشرطة والمخابرات وأمن الدولة والبلطجية والقضاء فلم يزدهم هذا التخويف إلا إيمانا وثباتا واعتمادا على الله.. فانقلبوا بنعمة من الله لم يمسسهم سوء بعد أن استحقوا رضوان الله بصبرهم وثباتهم وخروجهم لمطاردة الجيش المنتصر.. وفرار هذا الجيش منهم.. فالضعف والخور والخوف من المواجهة إنما هو من وساوس الشيطان الذي يخوف أنصاره.. فلا تخافوا أنصار الشيطان وخافوا الله وافعلوا ما يستوجب رضاه إن كنتم مؤمنين به حق الإيمان.. وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (176) إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (177) وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (178) إذا رأيتم الناس تنصرف عنكم.. واستطلاعات الرأي تأتي لصالح خصومكم والمنافقون يسارعون إلى التبرؤ منكم فلا تحزنوا عليهم ولا تتلهفوا على هدايتهم.. فإنهم لن يضروا الله شيئا.. لو شاء ربك لهداهم ولكن الله يريد ألا يجعل لهم حظا في الآخرة ويريد أن يذيقهم عذاب النار. ولا يحسب الذين كفروا أنما نمهلهم ونتركهم في غيهم سادرين لأننا نريد بهم الخير ولكن نتركهم يعلون ويستكبرون ليزدادوا إثما حتى يكون عذابهم في الدنيا مهينا.. ولعذاب الآخرة أشد وأخزى.. مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ (179) من المستحيل أن يترككم الله هكذا تنتصرون وتحكمون وفيكم الخبيث والطيب.. بل لابد أن يمتحنكم بالبلاء والقتل والسجن حتى يُبين الخبيث من الطيب.. والله لا يطلع أحدا على الغيب (إلا من اختاره رسولا) كما الأستاذ لا يُطلع تلاميذه على أسئلة الامتحان.. وإلا فكيف يميز البليد من المجتهد.. الأستاذ يعرف تلاميذه ولكن ليقطع حجة البليد.. وعندما يرسب لا يجادل ويقول: لماذا رسبت؟ واعلموا أن الإيمان والتقوى هما الإجابة الصحيحة عن كل امتحان من الله لعباده. وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (180) في الجهاد بعض الناس قد يجودون بأنفسهم ولكنهم يضنون بما يملكون (ولا أبرئ نفسي من ذلك)، وهي تركيبة نفسية عجيبة، وهي درجة سفلى في سلم الجهاد والتضحية.. وبعض الناس يجودون بما يمتلكون بسخاء كبير ويبخلون بأنفسهم.. وكلاهما لم يتجرد لله تجردا تاما وتعلق بالدنيا بطريقة أو أخرى.. وهناك من يبخل بوقته.. ومن يبخل بجهده.. ومن يبخل بولده.. ونعم الله وفضله لا حصر لها.. والله تعالى يحذر المؤمنين أن يبخلوا بأي نعمة أنعمها عليهم.. فإذا نشب الصراع بين الحق والباطل فعليك أن تجود بنفسك ومالك وولدك ووقتك لله رب العالمين الذي منحك كل النعم.. وإن لم تفعل فاعلم أن تلك النعم ستُطوق وتُعذب بها يوم القيامة.. واعلم أن كل النعم زائلة وأن الله يرث الأرض ومن عليها.. والله بما تعملون خبير.. شكرا للمخرج الكذوب الذي لفت نظرنا لهذه الكنوز القرآنية..