من المقرر إقامة يوم عالمي لدارفور اليوم الأحد، وذلك في إطار إلقاء المزيد من الضغوط الدولية على كاهل الحكومة السودانية، خاصة بعدما شدد الرئيس الأمريكي جورج بوش على ضرورة التحرك لنشر قوات دولية في إقليم دارفور غرب السودان، معربا عن خيبة أمله من إدارة الأممالمتحدة للقضية. وفي الوقت الذي لوَّح فيه بوش "بعصا" القوات الدولية التي يعتبرها السودان استعمارا لأرضه، تحدث رئيس الوزراء البريطاني توني بلير عن مجموعة حوافز سيعرضها على الخرطوم ضمن مبادرة جديدة تهدف لإنهاء أزمة الإقليم اعتبرها مراقبون بمثابة "الجزرة" للخرطوم.
وخلال مؤتمر صحفي بحديقة الورود في البيت الأبيض قال بوش أول أمس: "أعتقد أن العديد من الأمريكيين يشعرون بالخيبة إزاء إدارة الأممالمتحدة فيما يتعلق بدارفور.. أنا نفسي أشعر بالخيبة حيال أداء الأممالمتحدة".
كما أبدى الرئيس الأمريكي أسفه من عدم تحرك المنظمة الدولية إزاء رفض الحكومة السودانية السماح بنشر قوة دولية محل قوة الاتحاد الإفريقي.
وبادر بوش إلى طرح مسألة دارفور في المؤتمر الصحفي الذي بدا فيه مستاء من تلقاء نفسه ودون أن يوجه إليه أحدا من الصحفيين سؤالا عن قضية دارفور، ووصف مرة أخرى النزاع الدائر في الإقليم بأنه "إبادة"، طارحا احتمال إصدار مجلس الأمن قرارا جديدا يقضي بتدخل قوة دولية في دارفور.
وبنفس منطق العصا كان الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان قد حذر الأسبوع الماضي المسئولين السودانيين بأنهم قد يواجهون محاكمات بشأن ما يحدث في دارفور في حالة رفضهم نشر قوات دولية هناك.
وقال عنان: "إذا انسحب الاتحاد الإفريقي واستمر المسئولون السودانيون في رفض قوات الأممالمتحدة فإنهم يضعون أنفسهم في موقف ربما يتم فيه تحميل القيادة بشكل جماعي أو فردي المسئولية عما يحدث للناس في دارفور".
وفي موقف أكثر مرونة أعلن رئيس الوزراء البريطاني توني بلير أنه سيقترح مجموعة من الحوافز على السودان ضمن مبادرة جديدة تهدف لإنهاء أزمة إقليم دارفور.
وقال بلير في بيان يوم أمس: "سأتحدث في الأسابيع المقبلة إلي زعماء آخرين للاتفاق على مبادرة توضح المساعدة التي بإمكان السودان أن يتوقعها في حالة وفاء الحكومة بتعهداتها وما سيحدث في حالة عدم وفائها".
وأضاف بلير: "الوضع غير مقبول لا أفهم رفض الحكومة السودانية لقوة الأممالمتحدة أو تهديدها بالتراجع عن ترحيبها بالاتحاد الإفريقي".
وتابع: "يتعين على الحكومة السودانية الموافقة على استمرار قوة الاتحاد الإفريقي ونقل المهمة إلى الأممالمتحدة".
وقال مسئول بريطاني إن بلير يهدف إلى حمل الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي والأممالمتحدةوالولاياتالمتحدة على تأييد المبادرة على أعلى مستوى.
ولفت إلى أن الخطة ستوضح ما يمكن أن يتوقع السودان مقابل دوره في إنهاء الأزمة قائلا: إن الحوافز ستكون خريطة طريق لتطبيع العلاقات بين السودان والقوى الدولية.
ومضى يقول: إن الحوافز قد تشمل إنهاء وقف مساعدات تنمية إعادة البناء وحل الموقف بالنسبة لديون السودان وإقامة اتصالات سياسية عليا والمضي نحو رفع العقوبات.
ولكنه حذر بقوله: "إذا لم يتحملوا مسئولياتهم فسيواجهون عندئذ عواقب وخيمة" وامتنع عن إضافة مزيد من التفاصيل.
وناقش بلير موضوع دارفور مع رئيس الوزراء الصيني وين جيا باو خلال اجتماعات في لندن خلال الأيام القليلة الماضية، كما تحدث في الآونة الأخيرة إلى بوش بشأن الموقف هناك.
وفي إطار إلقاء المزيد من الضغوط الدولية على كاهل الحكومة السودانية، فمن المقرر إقامة يوم عالمي لدارفور اليوم الأحد 17-9-2006.
وسينظم خلال ذلك اليوم نشطاء وزعماء دينيون في أنحاء العالم مظاهرات ويعقدون اجتماعات بدعوى تعميق الوعي السياسي بشأن إراقة الدماء والأزمة الإنسانية في الإقليم.
بدوره قال أنطونيو جوتيريس مفوض الأممالمتحدة لشئون اللاجئين الذي وصف الوضع في دارفور بأنه متدهور ومروع: إن الانقسامات الدولية سمحت للحكومة السودانية ب"مجال أكبر للمناورة".
ويقول محللون: إن حمل الصين حليف السودان الوثيق على تسليم رسالة إلى الخرطوم سيكون مفتاحا لتحقيق تقدم في ملف دارفور.
وسبق أن حذر خبراء في الشأن الإفريقي من أن دارفور ستكون نقطة انطلاق أمريكية لمشروع "قرن إفريقي كبير" يستهدف تفتيت السودان وتمكين الولاياتالمتحدة وإسرائيل من السيطرة على هذه المنطقة بعد عزلها عن الشمال العربي.
وأوضح الخبراء أن الإصرار الأمريكي على نشر قوات دولية في الإقليم هو مفتاح تنفيذ هذا المشروع.
ويرى فريق آخر من المحللين أن مخطط تفتيت السودان بدأ فعليا عندما حصل الجنوب على حكم ذاتي منذ عامين، والذي جاء وفقا لاتفاق يمنحه الحق في تقرير مصيره بعد 5 سنوات من توقيع الاتفاق. كما يواجه السودان تمردا في الشرق وتتصاعد التكهنات بتمدد حركة التمرد في دارفور لإقليم كردفان المجاور.
وتصر الخرطوم على تمسكها بموقفها الرافض لقرار الأممالمتحدة 1706 الذي يقضي بنشر نحو 20 ألف جندي من قوات دولية في إقليم دارفور بدلا من قوات الاتحاد الإفريقي المنتشرة حاليا والتي تعاني نقصا في الموارد، وينص القرار أيضا على ضرورة موافقة الحكومة السودانية قبل أي نشر للقوات الدولية.
ويتهم الرئيس السوداني عمر البشير الأممالمتحدة بأن لديها خططا خفية في محاولاتها لنشر قوات لحفظ السلام تابعة لها في دارفور قائلا: إن الهدف هو "إعادة استعمار بلاده".
ومن المقرر أن ينتهي التفويض الممنوح لقوات الاتحاد الإفريقي البالغ قوامها 7000 جندي وتعاني من صعوبات مالية في 30 سبتمبر الجاري ويقول السودان إنه لن يسمح إلا بتمديد مهمتهم في حالة بقائهم تحت سيطرة الاتحاد الإفريقي.
وأودت المعارك والأزمة الإنسانية في دارفور منذ عام 2003 بحياة الآلاف وشردت نحو مليوني آخرين.