* الأحداث السياسية فى مصر حبلى مثقلات تلدن كل عجيب...! حقا الحوادث والأحداث فى مصر الآن مثقلات بكل الآلام والغمام واللامنطق في كل شئ ولولا أن الإمام الشافعي قال : دع الأيام تفعل ماتشاء...وطب نفسا إذا حكم القضاء.. ولا تجزع لحادثة الليالي... فما لحوادث الدنيا بقاء... وكن رجلا على الأهوال جلدا... وشيمتك السماحة والوفاء. لضاقت على المرء الدنيا بما رحبت. أو كما قالت الخنساء فى الجاهلية وهى ترثى أخاها صخرا" ولولا كثرت الباكين حولي على آخى لقتلت نفسي...! " وحقا لو كثرة القتلى والشهداء والمصابين والمعتقلين والمسجونين والمطاردين والمفقودين والمخطوفين حولنا لقتلنا أنفسنا حزنا وكمدا وهما وغما. وكأن مصر وطني قد كتب على جبينها أن تعيش على أعتاب الموالد بملابسها الرثة البالية تتسول لقمة عيشها وعلبة دوائها وشربة مائها وسلة غذائها. فمن مولد " أبو حصيرة " إلى مولد " السيسى " ياقلبى لاتحزن ويا مصر لاتحزنى ولاتفكرى فقد آن لعقلك أن يستريح ولقلبك أن يتوقف ولدمك أن يتجمد . وكفاك ياوطنى أن تتنقل بالطبل والمزمار من مولد إلى مولد ومن كارثة إلى كارثة ومن مصيبة إلى مصيبة ومن انقلاب إلى انقلاب ...! هم يريدون تحويل الشعب إلى طراطير لاتعى ولاتسمع ولاتعقل مثل الصخور المنحوتة أو الأحجار المنقوشة أو جذوع النخل الخاوية الهاوية...! * نعود بكم إلى الوراء قليلا إلى " مولد أبو حصيرة " وقد انتهكت فيه السيادة الوطنية بكل صورها وكل أشكالها على مرأى ومسمع من أجهزة الدولة الأمنية والسيادية . ففي عام 1907 ميلادية ادعى بعض اليهود الذين كانوا يعيشون في مصر ، أنه يوجد في قرية ” دميتوه ” القريبة من الإسكندرية في منطقة المقابر التي تقع على ربوة عالية والتي تضم رفات 88 من اليهود مقبرة لحاخام يهودي من أصل مغربي يدعى أبو حصيرة ، واسمه الاصلى أبو يعقوب. ومنذ ذلك الحين بداوا يتوافدون على القرية للتبرك بهذا الحاخام الذى ذاع صيته بينهم . ومنذ عام 1978 عقب توقيع اتفاق كامب ديفيد بدأ اليهود يطلبون رسمياً تنظيم رحلات دينية إلى هذه القرية للاحتفال بمولد أبي حصيرة احتفالا غير لائق بعادات وأخلاق المسلمين والمصريين لمدة 15 يوماً .وبدا عددهم يتزايد حتى بلغ 4 آلاف يهودي . وقاموا بتوسيع المقبرة حتى وصلت مساحتها الى 350 متر الى 8400 متر. حتى أصبح هذا اليهودي هو مسمار جحا فى مصر تعطل من اجله المواصلات وتقطع من اجله الطرقات ويرفع الأمن جاهز يته إلى الحالة القصوى. المعروف أن الاحتفال يبدأ غالبا يوم 25 كانون الأول/ديسمبر فوق قبر أبي حصيرة, حيث تتم إقامة مزاد على مفتاح مقبرة أبي حصيرة, الذي يؤمن بعض اليهود أن له كرامات دينية, ولديه قدرة على شفائهم من أمراض معينة, ثم تبدأ عمليات شرب الخمور, وشي اللحوم وأكلها, والرقص, ثم البكاء بحرقة أمام القبر, كما يحدث أمام حائط المبكي, وضرب رؤوس البعض في جدار المبكي للتبرك وطلب الحاجات. وقد حرص اليهود على لفت الأنظار إليهم، وتضخيم الاحتفال إلى درجة استقدام طائرة خاصة إلى مطار الإسكندرية, تحمل وفداً كبيراً من الحاخامات اليهود، ومعهم أحيانا وزير الأديان والعمل، وأعضاء من البرلمان الإسرائيلي، وقد سعوا أيضا لشراء خمسة أفدنة مجاورة للمقبرة, بهدف إقامة فندق عليها ليقيم فيه الإسرائيليون . وقد تم إنهاء هذا العبث والجنون بحكم قضائي بشق الأنفس وارتاحت مصر من أبو حصيرة ومن مولده....! *ومالبثت مصر أن تستريح من مولد أبو حصيرة حتى ظهر للمصريين مولد آخر اشد خطرا واشد تنكيلا ألا وهو " مولد العارف بالله الشيخ السيسى ..! " ذلكم السيسى الذي خطف الرئيس الشرعي للبلاد في ظاهرة غير مسبوقة في تاريخ الأمم والشعوب والغي الدستور وحل مجلس الشورى واعتقل كل النواب والمحافظين والمسئولين جملة واحدة والتهمة واحدة ومكررة ألا وهى التحريض على القتل...! " أما الذين قتلوا 5000 مصري بدم بارد فلا خوف عليهم ولاهم يحزنون . والغي الديمقراطية وكفر بصناديق الانتخاب وأطلق يد الأمن الباطشة وأعاد زوار الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء...! لكن المدهش والغريب والصادم للفطرة الإنسانية أن هناك بعض المهوسين والمخبولين والسكارى الذين أسكرتهم خمرة السيسى فذابوا عشقا وهياما في حبه وأقاموا له مولدا يفوق مولد أبو حصيرة...! . فها هي احدي النساء العاشقات التي يشتعل قلبها هياما بعشق السيسى تقول " السيسى هو عريسي..! السيسى فارس وفريق أول جيشي . السيسى رد لي روحي وقالي لي تعيشي . السيسى أصله ولدى واصله عريسي . بطل الأبطال وقاهر الإخوان . اللي معاهم كان أنا مصر في خبر كان . أصله ولدي واصله عريسي حامي حماي وأعاد لي كل تأسيسي بصدقه وبولائه لي أنقذ ني قبل إشهار تفليسي أصله ولدي واصله عريسي....! *وقال مهووس آخر : " نساؤنا حبلى بنجمك...!؟ وقال آخر " سأظل أقول CC ولن اندم ويبقى حبه في قلبي ولو كان قلبي يعلم حبك لتحطم . أحببته بروحي ودمى فهل يوجد في الدنيا مثله أعظم...؟ أقولها بكل اقتناع عرض وطول وارتفاع هذا صوتي حتى موتى...! وكتب صحفي مغمور " افعل ما شئت.. لا ما شاءت الأقدار.. فاحكم فأنت الواحد القهار.. فكأنما أنت النبي محمدا وكأنما أنصارك الأنصار...! * أما الشيخ على جمعة فعز عليه أن ينفض المولد دون أن يدلى بدلوه ويرتدى ثوب النفاق ليمارس لغة الطبل والزمر في الحواري الضيقة التي يجيدها قائلا فى آخر التسريبات المسربة من الشئون المعنوية: " لقد تواترت الرؤى بتأييدكم من قبل رسول الله "صلى الله عليه و سلم"، و من قبل أولياء الله" . * أما شيخ الدعوة السلفية الشيخ برهامى فلم يفته أيضا أن يشارك في هذا المولد من باب التماس البركة السيسية فقال " إن غالبية القوى الفاعلة إن لم تكن مع الفريق عبد الفتاح السيسى فليست ضده، والتعاون معه واجب...!" وأنا أتساءل هل التعاون مع السيسى من وجهة نظر الشيخ برهامى سنة مؤكدة أم فرض عين على كل مصري ومصرية...! أم فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الآخر....؟ * أما قناة الفراعين نيابة عن إعلام الانقلاب فقد عرضت إعلان "زيت السيسي" تحت شعار " زيت السيسي في مطبخ مراتي شئ رئيسي ...!؟ " ويأتي وزيت السيسي ضمن سلسلة من الإبداعات عقب إعلانات شيكولاتة السيسي وذهب السيسى ومحلات السيسى وميدان السيسى ومدرسة السيسى وشارع السيسى وحلاوة السيسى وشاي السيسى وسكر السيسى وهلم جرا....!؟ * ناهيك عن حملات السيسى رئيسا والسيسى زعيما والسيسى قائدا والسيسى محصنا والسيسى قائدا ...الخ وكأن أرحام النساء عقمت عن أن تلد مثله فهو وحيد عصره وفريد قرنه ويجب ألا يسال عما يفعل وكأنه ذاته مقدسة لايجب المساس بها أو الاقتراب منها وإلا فالويل والثبور وعظائم الأمور...! انه مولد حقا بكل ماتحمله الكلمة من معنى . ولا ننسى مشهد الفتاة التي ظهرت على شاشة التلفاز وهى غارقة فى بحر من العشق والهيام وهى تردد بحرارة وشوق عارم " أنا بحب السيسى اوووى... اوووى .. اوووى...! " وظلت تردد هذه الكلمة الشعبية حتى انقطع نفسها وانقطع معها التيار الكهربائي...! * هذه مقارنة بسيطة لمولدين متتابعين في مصر " مولد أبو حصيرة ... ومولد السيسى..! " وليس ذلك إلا فى مصر بلد العجائب...! * فهل نحن كشعب عندنا استعداد فطرى لتقديس الأفراد والطواف حول مقاماتهم أحياء وأمواتا..؟ * وهل نحن كشعب تربينا على البحث عن سيد نرفع له الهامات ونرفعه إلى درجة الذي لايسأل عما يفعل..؟ * وهل نحن كشعب ولدنا ونشأنا على نظرية الزعيم الأوحد وبالروح والدم نفديك يازعيم..؟ * وهل نحن كشعب تأصلت فى نفوسنا وتر سخت في أعماق عقولنا ونقشت على جدران قلوبنا مقولة " لاتحكم العبيد إلا بالعصا...! " فتحولنا جميعا إلى عبيد وقد خلقنا الله أحرارا...؟ * وهل نحن كشعب استعدادنا للعبودية اكبر بكثير من استعدادنا للحرية..؟ * وهل نحن كشعب رضينا بالذل والهوان طريقا..؟ وهل نحن كشعب خلعنا ثوب العزة والكرامة واستبدلنا الذي هو أدنى بالذي هو خير..؟ * وهل نحن كشعب ارتضينا على أن نساق كالقطيع إلى موارد الماء ومواضع العشب والكلأ تحت تهديد عصا الراعي..؟ * آن الأوان لكي نتحرر من كل هذا الذل والهوان ويجب أن نعلم أن تكاليف ضريبة العزة والكرامة والحرية اقل بكثير من تكاليف ضريبة الذل والعبودية. ويجب أن تدور مصر وترتكز وتؤسس حول مراكز علمية ومؤسسات سياسية منتخبة ولا تدور وتطوف حول فرد واحد فقد انتهى عصر الفرد الواحد والزعيم الأوحد إلى غير رجعة. إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير.