لا شك أن مسلسل إهدار المال العام والخاص فى بلدنا لن ينقطع وسيتواصل، والدليل على ذلك ما نسمعه ونراه بأعيننا كل يوم وكأن هذا الشعب المسكين مكتوب عليه أن تنهب أمواله وثرواته من قلة فاسدة ولصوص محترفين.إن المليارات التى تسرق هى من دم هذا الشعب وهو الأولى بها؛ لأن هذا الشعب به العاطلون المحتاجون للعمل، وبه المرضى المحتاجون للعلاج، به الفقراء المحتاجون للدعم، ولكن هؤلاء اللصوص عملوا على ألا يتركوا لهذا الشعب شيئا يعود عليه بالخير والنماء. فمصاصو الدماء بالمرصاد لأموال هذا الشعب وما أكثر الفساد والمفسدين فى هذا البلد ... نقول ذلك ونحن اليوم بصدد جريمة فساد ارتكبت فى حق أبناء مدينة «بدر» أضاعت عدة ملايين فى مشروع كان المتوقع منه أن يحل مشكلة؛ فإذا به تحول هو ذاته لمشكلة «إنه سوق الجملة بمدينة بدر» والذى افتتح فى 22/2/2002 وأغلق بقدرة قادر يوم 25/2/2002 ! بعد أن افتتحه نائبان عن محافظ البحيرة ووزير الزراعة... وتحول منذ هذا التاريخ السوق لوكر للرذيلة وشرب المخدرات ومقلب للقمامة وبمعنى أصح أصبح هذا المكان دليلا دامغا على الفساد وإهدار الأموال العامة والخاصة. بداية يقول الحاج «سعيد أحمد » رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية للخضر و الفاكهة «ومقرها الرئيسى بالقاهرة» إن الجمعية رأت وقتها أن تساهم فى تنمية منطقة جنوب التحرير بوصفها منطقة زراعية بالدرجة الأولى وهى ملتقى للعديد من المحافظات المجاورة، وبها نهضة زراعية واسعة ومساهمة من الجمعية فى حل مشكلة البطالة قررت أن تنشأ «سوق جملة» للخضر والفاكهة بمواصفات تمكنه من حل مشكلة التكدس التى تحدث داخل المدينة، حيث إن السوق الحالى مكدسا بالسيارات والمواطنين حتى الطرق الموصلة لداخل المدينة تغلق بالسيارات الداخلة، إليه وهو الأمر الذى عاد مرة أخرى ليحدث بعد أن توقف السوق الجديد عن العمل، وأضاف لقد حصلنا على قطعة أرض مساحتها نحو 12500 م2 أى ما يعادل ثلاثة أفدانة ونصف الفدان بمنطقة الجراج ببدر لإنشاء السوق عليها وعليه حصلنا على موافقة الوحدة المحلية لبدر، حيث كانت قرية وقتها، ثم حصلنا على موافقة المجلس الشعبى المحلى فى جلسة له بتاريخ 16/4/1995 وكذلك حصلنا على ترخيص برقم 5146لسنة 98 من مديرية الزراعة بالبحيرة فى 27/5/1999 وكذا ترخيص من الوحدة المحلية لبدر برقم 13لسنة 2001، وفى 1/3/2001 طلبت الجمعية من رئيس مدينة بدر بيانا بأسماء تجار الجملة للخضر والفاكهة وبتاريخ 10/3/2001 ورد لنا خطاب من الوحدة المحلية لبدر ومرفق به عدد 2 كشف بأسماء هؤلاء التجار وعددهم 65 تاجرا، وعلى هذا الأساس قامت الجمعية باستكمال عملية إنشاء السوق، حيث تم «إنشاء عدد 111وكالة» و 4 ثلاجات وكافتيريا لخدمة رواد السوق ودورتى مياه ومسجد وعدد 54 محلا تجاريا كخدمات للسوق .ويضيف «باهى قرنى» سكرتير الجمعية وعضو مجلس الإدارة عن محافظة الجيزة أنه فى 22/5/2002 وبعد أن جهزنا السوق بشكل نهائى وأصبح شيئا مبهرا ومفخرة لمدينة بدر بحيث أنه سوف يحل مشكلة كبيرة يعانى منها كل أبناء بدر وهى تكدس السيارات وسط الكتلة السكنية وعلى الطرقات العامة بالمدينة تم افتتاح السوق بشكل رسمى فى 22/5/2002، حيث حضر حفل الافتتاح السيد / محمد فؤاد يوسف سكرتير العام المساعد لمحافظ البحيرة وقتها وكان المهندس أحمد الليثى، وكذلك حضره نائبا عن السيد وزير الزراعة المهندس / محمد عمر رسلان ورئيس مدينة بدر وقيادات شعبية وتنفيذية عديدة، وبالفعل بدأ السوق فى العمل وانتقل إليه التجار وبدأت السيارات المحملة بالخضر والفاكهة تدخل السوق إلا أن الأمر بعد ثلاثة أيام فقط تغير تماما، حيث توقف العمل بالسوق نهائيا ولم تعد السيارات التى كانت تدخل السوق بأعداد كبيرة كما كانت ...وهنا يضيف «فتحى محمد على» مدير الجمعية «أن سبب توقف السوق عن العمل كما كان فى بداية عمله هو تدخل عناصر معارضة لهذا السوق وهم أقلية يريدون أن يُغلق هذا السوق ويتوقف عن العمل خدمة لمصالحهم هم، وبالفعل نجحوا فى أن يحققوا الغرض الذى يسعون إليه»، وأضاف «أن هذا السوق تكلف مايقرب من عشرة ملايين جنيه، حيث إنه منشأ على طراز حديث وراعينا فيه كل الاحتمالات سواء من ناحية أعداد التجار أو أعداد السيارات الداخلة والخارجة من و إلى السوق، كذلك راعينا فيه الناحية الجمالية والخدمية سواء للتجار أو رواده أو حتى أهل المنطقة المجاورة للسوق، بحيث يخدم هذا السوق الجميع فى مختلف الأنشطة»، وأضاف أننا منذ عام 2002 تاريخ الافتتاح وتاريخ التوقف عن العمل ونحن نناشد كل مسئول بأن يساعدنا فى حل هذه المشكلة؛ حتى مجلس المدينة هو الآخر لم نسلم من إيذائه فكل القمامة التى تحيط بالسوق ينقلها المجلس باللودر ويدخلها لداخل السوق بدلا من أن يحملها فى سياراته بعيدا عن السوق، وذكر أن آخر النداءات توجهنا بها للسيد وزير البيئة وناشدنا المحافظ السابق الذى افتتح فى عهده السوق وأغلق وهو المهندس «أحمد الليثى» دون جدوى... لقد سرق كل شىء من السوق: الأبواب الحديدية والخشبية وما بداخل دورات المياه وكل ما كان بالمسجد، لقد نهب السوق وأصبح أطلالا أو بالمعنى الصحيح«خرابة» كما يسميه أهالى بدر الآن، وناشد مجلس إدارة الجمعية اللواء / هدهود محافظ البحيرة أن يتدخل لحل مشكلة هذا السوق. أحد المواطنين القاطنين بجوار السوق قال: لقد سعدنا بوجود هذا السوق بجوارنا لأنه نقلة حضارية للمدينة، وعندما افتتح ورأينا حجم الافتتاح الذى كان مهولا فرحنا ولكن الفرحة لم تدم، فبعد عدة أيام تحول السوق «لبيت أشباح» لا أحد يدخل ولا أحد يخرج ولما سألنا قالوا إن العمل توقف بالسوق بتعليمات عليا ...مضى الآن نحو ثمانى سنوات وهو على هذا الحال، لكن الأمر الأخطر هو تحول السوق لبؤرة للفساد، حيث يدخله ليلا الشباب لممارسة كل أنواع الممنوعات كشرب المخدرات وأخذ الحقن المخدرة، فالسوق ملىء بالسرنجات وبه سندرات أعلى المحلات يصعد إليها الشباب ليمارسوا فيها ما يشاءون دون حسيب أو رقيب ورجال الأمن بالمدينة يعرفون أنه وكر، ولكن لا يفعلون شيئا ولا يستطيع أى شخص أن يمر بالسوق ليلا؛ خوفا أن يتعرض له قطاع طريق بداخله ويسرقون ما معه ولو قتل شخص داخل السوق فلن يسعفه أحد .كذلك تحول السوق لمقلب قمامة كبير؛ كل المخلفات تلقى به كما تحول المكان لقضاء الحاجة من المارة، وطالب بإيجاد حل فورى لهذه المشكلة حماية لأهالى المنطقة من السكان المجاورين للسوق. أحد المتضررين من المواطنين الذين قاموا بشراء محل بهذا السوق وهو الحاج«فتحى مصطفى» قال: عندما علمنا بإنشاء هذا السوق فرحنا لأنه سوف ينظم العملية التسويقية ببدر وهى كمدينة تحتاج لمكان منظم يستوعب هذا الكم الكبير من السيارات والباعة والمشترين للخضر والفاكهة ببدر، وعلى ذلك سارعت أنا والعشرات مثلى بحجز محلات به وعندما بدأ العمل بالسوق كان الكل مسرورا، ولكن بعد أيام قليلة تحولت الفرحة لحزن، حيث إن السوق أصبح فى حكم «المغلق» ولا ندرى ماهو السبب فجأة بتوقف العمل، وتحولت السيارات كما كانت فى السابق للسوق الكائن لدى أصحاب الوكالات ببدر وهكذا لم نستفد من السوق ودفعنا أموالنا ولا نعرف كيف سنستردها، وطالب المحافظ وكل شخص يخاف على هذا الوطن بأن يسارع لإيجاد حل لهذه المشكلة وإعادة تشغيل السوق من جديد وعدم الرضوخ لأصحاب النفوس السيئة ...وقال هذا مطلب جماعى لكل صاحب محل أو وكالة بهذا السوق .. متضرر آخر وهو الحاج «نصر البهواشى» ذكر أنه هو وجميع المشترين لمحلات ووكالات فى السوق الجديد متضررون من وضع السوق الحالى، فبعد أن كان شيئا جميلا وأسعد بدر كلها وكانت حركة التجارة به جيدة فى أول أيام عمله وبعدها، لكن ما حدث من توقف له أضر بنا وتوقف حالنا وتحول السوق لخرابة، وقال هذا أمر غير طبيعى، فكيف بعد الافتتاح يتوقف؟، ولمصلحة من هذا الذى حدث؟! نحن نطالب السيد الوزير المحافظ بالتدخل لحل هذه المشكلة فورا حرصا على الأموال التى صرفت على السوق وأموال المستأجرين والمشترين للمحلات والوكالات به ..وناشد المهندس سعد خليفة محافظ البحيرة ووزير الزراعة بزيارة هذا السوق ليقفوا بأنفسهم على حجم الإنشاءات التى تمت به والملايين التى أنفقت عليه وليشاهدوا الحالة التى آل إليها، خاصة أن مندوبين عنهم كانوا قد حضروا افتتاح السوق، وأضاف «هذه مأساة نعيشها منذ سنوات ولا نجد من يساعدنا فى حلها» . عبدالحميد الشحات، أحد أعضاء المجلس المحلى للمدينة سابقا، قال الغريب إن أعضاء من المجلس الذين كانوا موافقين عند تقدم الجمعية لإنشاء السوق وأخذوا موافقة المجلس المحلى لقرية بدر وقتها هم من عارضوا إعادة تشغيل السوق ولو نصف جملة، وأضاف هؤلاء كان لهم مصالح فى ذلك وقتها وكانوا مرتبطين بعلاقات قرابة وتعارف مع تجار لا يريدون الانتقال للسوق الجديد، وهم بالتالى يدافعون عن وجهة النظر هذه بقوة دون مراعاة لصالح البلد، وقال ما المانع أن يستغل المكان كسوق تجزئة بدلا من إهماله وتحويله إلى وكر وأن يتدخل المحافظ ويصدر قرار جريئا بإعادة تشغيل السوق كسوق للتجزئة وله كل الصلاحيات فى ذلك كما حدث فى سوق روض الفرج والذى نقل للعبور حين أصر المحافظ وقتها على ذلك .... وبعد عرضنا لحالة من حالات الفساد وهى مأساة بكل المقاييس بأن يصرف عدة ملايين فى ظل موافقات رسمية من كل الجهات المعنية وتحت سمع وبصر الحكومة وأن ينشأ السوق ويعمل بعد افتتاحه بحضور قيادات المحافظة ووزارة الزراعة والمحليات والشعبيين ويغلق بعد 3 أيام قط، فهذه مأساة مضحكة ومبكية فى الوقت نفسه، فما ذنب الذين قاموا بدفع أموالهم وحجزوا محلات لاهم باشروا نشاطهم ولا هم استردوا نقودهم؟، وما ذنب الجمعية التى كانت تريد خيرا للمنطقة فضاعت أموالها بالملايين؟، ونطالب المحافظ بزيارة هذا المكان الذى يعد من أسوأ الأماكن بمدينة بدر ويسىء إليها للوقوف بنفسه على هذه المأساة. ونتساءل لماذا لا يستغل هذا السوق كسوق تجزئة لصغار الباعة أو جعله منطقة للحرفيين فى مختلف الحرف والأنشطة الصناعية لتفريغ وسط المدينة من ورش الحدادة و اللحام وغيرهما من الأنشطة التى تضر بالسكان وتقلق راحتهم ليل نهار أو أن ينقل إليه صغار باعة الخضر والفاكهة، بحيث يكون لكل واحد منهم مكان مخصص له بدلا من افتراشهم الأرض صيفا وشتاء فى الحر والمطر – والجريدة فى انتظار تحرك المحافظ ورئيس مدينة بدر لإيجاد حل لهذه المشكلة، وذلك باستغلال هذا السوق كمدينة للحرفيين أو لنقل باعة التجزئة للخضر والفاكهة بدلا من الزحام داخل المدينة والجمعية مستعدة للتعاون مع المحافظة أو مجلس المدينة فى هذا الشأن، المهم هو استغلال المكان بدلا من هذه الحالة السيئة التى هو عليها الآن.