مع وصول المدمرة الأمريكية كول إلى قبالة الساحل اللبناني حظي المشهد اللبناني المتوتر أصلاً بوقود إضافي يعد بمزيد من المواقف والبيانات السياسية الملتهبة، ويضيف مادة اشتباك إلى معسكري الموالاة والمعارضة، كما تصل المدمرة الامريكية في وقت تستأثر فيه القمة العربية المزمعة في دمشق باهتمام الأوساط السورية والعربية والاقليمية والدولية في ضوء احتمالات غياب بعض الدول العربية، ورهن حضورها بأن تقوم سورية بالضغط علي أصدقائها اللبنانيين لانتخاب رئيس للبنان دون التوصل إلى اتفاق علي طبيعة الحكومة اللبنانية القادمة. وقال مصدر سوري مطلع إن من الواضح أن الإدارة الأمريكية وجهت المدمرة كول إلى المنطقة في إطار سعيها لإملاء إرادتها السياسية عليها. مضيفاً انه لكل فعل رد فعل، فإذا فعلت الولاياتالمتحدةالأمريكية شيئاً ما، سيرد عليه. ورأي المصدر أن أمريكا دخلت في تجارب كثيرة جداً وخاصة في العراق، وان الأمور ليست بهذه السهولة، وليست بإرسال البوارج والأساطيل العسكرية. وأعربت المصادر السورية عن قلقها مما تحضر له الإدارة الأمريكية في المنطقة، معتبرة وصول المدمرة استعدادا لقرع طبول الحرب. القمة العربية وعن الشأن المتصل بعقد القمة العربية المرتقبة في دمشق، أشار المصدر السوري إلى أن سورية مع التضامن العربي علي الدوام، وأنها تعتبر ان اي مؤتمر يجمع القادة العرب ويقرب فيما بينهم هو أمر ايجابي وضروري، وان من الطبيعي أن لا يتغيب احد من القادة العرب عن حضور القمة المرتقبة، لأنهم معنيون جميعاً بما يجري في المنطقة وحولها من أحداث. وفيما اوضح ان جميع الدول العربية مدعوة لحضور القمة وان هذه الدعوات تصل تباعاً إلى أصحابها، لفت المصدر إلى ان دعوة لبنان والمملكة العربية السعودية إلى القمة ستوجه عبر جامعة الدول العربية، والي أنه يعود اللبنانيين تحديد من سيمثلهم في القمة. وفي لبنان أعادت خطوة إرسال المدمرة إلى الأذهان مسألة التدخل العسكري الأمريكي في لبنان في العام 1958 وفي العام 1982 . تهديد الاستقرار ورأي حزب الله في الخطوة الأمريكية تهديداً لاستقرار لبنان والمنطقة ومحاولة لإثارة التوتر . وأكد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله أنه سبق للإدارة الأمريكية أن اعتمدت سياسة إرسال البوارج لدعم جماعتها في لبنان، فشلت هذه التجربة وأعطت نتائج عكسية ، وأضاف نحن لا نخضع للتهديد والتهويل العسكري الذي تمارسه الولاياتالمتحدة . واعتبر أن إرسال البوارج يثبت وجهة نظر المعارضة بأن مشكلتها لم تكن مع فريق محلي انما مع الفريق الأمريكي وقد باتت المواجهة مع أصحاب القرار الفعليين في واشنطن . في المقابل، طلب رئيس الحكومة فؤاد السنيورة من القائمة بالأعمال الأمريكية في لبنان ميشيل سيسون إيضاحات بشأن قرار الإدارة الأمريكية إرسال سفن حربية إلى البحر المتوسط. ونفي السنيورة أن يكون استدعي أي بوارج حربية رافضاً أن يكون لبنان ساحة لصراع القوي الإقليمية والدولية، وقال السنيورة في خطاب أمام السفراء العرب لا وجود لسفن حربية أجنبية في المياه الإقليمية اللبنانية وليس في هذه المياه إلا سلاح البحرية اللبنانية وقوات الطواريء الدولية التي تساعد لبنان في تأمين حدوده البحرية حسبما نص عليه قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701 . وأضاف رئيس الحكومة ومن نافل القول أننا لم نستدع أي بوارج حربية من أي جهة كانت، وأجدد تأكيد موقفنا الثابت في الدفاع عن استقلال لبنان وسيادته ومصلحته العليا فلا يكون ساحة لصراعات القوي الإقليمية والدولية، وهذا موقف طالما تمسكنا به في مختلف الأزمات السياسية التي عاشها بلدنا ومازال يشهدها اليوم وقد حذّرنا مراراً من خطورة سياسات يلجأ إليها البعض وتؤدي في حقيقة الأمر إلى استخدام لبنان لأغراض خارجية علي حساب امن اللبنانيين وعمران بلدهم وعيشهم المشترك ضرب السفن الأمريكية ودعا تجمع العلماء المسلمين في لبنان المقاومة إلى ضرب السفن الأمريكية إذا ما دخلت المياه الإقليمية اللبنانية. وقال بيان لتجمع العلماء المسلمين إن إرسال المدمرة الأمريكية إلى شواطئنا محاولة لإخافتنا وبعث روح جديدة في أعوان الولاياتالمتحدة لمزيد من الصمود . ودعا البيان شباب المقاومة الإسلامية (حزب الله) إلى الاستعداد لضرب رأس الأفعي الأمريكية إن هي حاولت الدخول إلى مياهنا الإقليمية أو حاولت الاعتداء علينا . وقد استقطبت الخطوة الأمريكية اهتمام الصحافة اللبنانية علي مختلف انتماءاتها فرأت صحيفة (السفير) أنه مع إعلان واشنطن رسمياً عن إرسال المدمرة يدخل لبنان والمنطقة في منعطف سياسي خطر ما ينذر بالمزيد من التأزم الداخلي اللبناني ويلوّح بخطر حروب جديدة قد تتخطي الحدود اللبنانية . وقالت الصحيفة إن القرار الأمريكي المباغت والحربي الطابع والمغلف بذريعة وقف أو منع التهديد السوري للبنان كشف عن حقائق كثيرة كان يجري تمويهها بتنظيم شأن الأزمة الرئاسية في لبنان . وأكدت السفير ان المهمة الأولي للمدمرة هي إرهاب سورية والقمة العربية والمقاومة . وذكرت صحيفة الأخبار انه بعد نحو نصف قرن علي الخروج الأمريكي المذل من لبنان جاء الرئيس الأمريكي جورج بوش ليكرر المغامرة نفسها، وحجته القلق الذي يعتري بلاده من السلوك السوري حيث طال أمد الأزمة فكان لا بدّ من إظهار الدعم للأكثرية الحاكمة في لبنان . ولاحظت الصحيفة أن هذه الخطوة تترافق مع غيوم حرب تخيّم علي المنطقة مصدرها تل أبيب التواقة لجولة جديدة مع حزب الله تعيد إليها بعضاً من كرامة فقدتها في الجنوب اللبناني وفي ظل تحريض عربي علي سورية بلغ مستويات غير مسبوقة أما صحيفة النهار فأشارت إلى أن الحكومة اللبنانية لم تكن علي علم بالخطوة الأمريكية، وبدا أن إعلان الخطوة فاجأ الحكومة كما الأوساط السياسية في الغالبية والمعارضة، وسط ميل من الجميع إلى أدراجها في سياق إقليمي أوسع من النطاق اللبناني بذاته، باعتبار ان ليس في الوضع اللبناني ما يستدعي خطوة كهذه لا من حيث إجلاء رعايا أمريكيين ولا من حيث معطيات تنذر بمواجهة إقليمية محتملة راهناً انطلاقاً من الأرض اللبنانية . تجدر الإشارة إلى ان يو أس أس كول طولها 154 متراً وسرعتها 56 كيلومتراً في الساعة، وتستطيع حمل مروحية واحدة من صنف سي هوك ، وعلي متنها 47 ضابطاً و291 جندياً وهي مجهزة بنظام إطلاق صواريخ بالستية، وتحمل صاروخي توما هوك ومدافع رشاشة مضادة للطائرات والسفن العادية ومدفعين مضادين للصواريخ، وطوربيداً ضد الغواصات والسفن البحرية.