عزيز العرباوي Elarbaouiaziz@yahoo. fr جاءت تهديدات ايهود باراك وزيرالدفاع الاسرائيلي والتي من خلالها يدعو ويتوعد باجتياح قطاع غزة بجيشه الفاشل لايقاف صواريخ المقاومة التي تنهمر علي المدن القريبة من القطاع وتخلف قتلي وجرحي ومرعوبين بين سكان الكيان الصهيوني. بل ان هذه التهديدات التي يطلقها في العلن ولا تجد من يقف ضدها ويندد بها في عالم جبان بمؤسساته المختلفة والتي لا تستطيع أن تردع الصهاينة عن حصار شعب أعزل وقتله وتشريده واجتياح أرضه بالقوة والوحشية التي لم نرَ لها نظيرا من قبل. غير أن العيب كل العيب في صمت عربي بيّن لا يظهر أدني خطوة ايجابية لانقاذ شعب شقيق يتعرض للموت والحصار والتجويع. ثم التهديد بالابادة. وهذا الصمت العربي الجبان الذي لا يمكننا أن نقبله مطلقا تحت أي ذريعة كانت وتحت أي ظروف أخري كانت، يمكنه أن يكون الوقود الذي يساهم في اشعال هذه الحرب الصهيونية المعلنة علي القطاع وعلي اخواننا في غزة وخاصة حركة حماس التي صارت تعاني اليوم من ضغط دولي وعربي كبير وحقد فلسطيني منبعه السلطة القابعة في المنطقة الخضراء برام الله بالضفة الغربية. لقد أخطأ النظام العربي الرسمي من جديد عندما رام الصمت مقابل الحفاظ علي كرسي مهترئ لا يجد الدعم الشعبي له. ولذلك فاننا لن نتوسم خيرا في هذا النظام أبدا ما دام يعلن استقالته من قضايا الأمة اليوم. وغاب عن مشاركة شعوبه في مشاكلها المتنوعة والدفاع عنها وحلها. فلولا الصمت العربي الرسمي الذي أعطي الضوء الأخضر لايهود باراك بأن يهدد شعبا بأكمله بالابادة لما تجرأ هذا الوزير ونطق بهذا اليقين المطلق بأنه سينجح في عمله الوحشي هذا. بل لعله حصل علي هذا الضوء الأخضر من النظام العربي المعتدل جدا قبل أن ينطق بهذه التهديدات، ولذلك فاننا نعتبر صمت العرب الرسمي يدا مساندة علي اغتيال الشعب في غزة المحاصرة. والا فكيف نفسر اغلاق الحدود مع قطاع غزة من طرف مصر بعد أن عاش الناس في غزة علي أمل كاذب لمدة أيام قليلة؟ وكيف نفسر تصريحات وزير خارجية مصر أحمد أبو الغيط التي شتم فيها سكان غزة بأبشع الشتائم ووصفهم بما يملك من قاموس لغوي من السباب والصفات المنحطة؟ وكيف نفسر استقبال بوش الحار بالمنطقة ووزيرة خارجيته الآنسة كوندي؟ وكيف نفسر هذه الحمي التطبيعية مع الصهاينة من طرف النظام العربي الرسمي في كل المنتديات؟ وكيف... وكيف....؟ يريد البعض تبرير الموقف الرسمي العربي بواسطة العديد من العناوين السياسية التي لا تنفع في شيء. ولا تقدم للشعب الفلسطيني أي فائدة تنفعه في أيام الشدة والحصار. ويغالي البعض من نخبنا المثقفة العربية بالقول ان القضية الفلسطينية لا يجب التعاطي معها بالعاطفة، ويفترض فينا جميعا أنظمة ومجتمعات وشعوبا ومثقفين أن ننظر الي هذه القضية بعين العاقل الذي يري الدنيا بمنظار متعدد. حيث ان تعاطينا مع قضيتنا العربية بالعاطفة هو من ضيع الاهتمام الدولي بها وجعل بعض القوي الغربية الأخري تخلق مناطق صراع جديدة في منطقتنا العربية حتي تستطيع اسرائيل القضاء علي أهلنا في فلسطين نهائيا واجلاءهم الي الشتات. فقد نتفق مع هؤلاء أن العاطفة وحدها لا تكفي أما تغييبها نهائيا فهذا مستحيل لأنها مرتبطة بنا ونحن مرتبطون بها دينيا وروحيا وقوميا، ولذلك فالدعوة الي التعامل معها بمنطق العقلانية بحيث نسلك درب التطبيع والتفاوض مع كيان يقتل أهلنا واخواننا صعب التقبل والاقرار به. ويؤكد موقف الأنظمة العربية من القضية العربية الأولي أنها لا تزال تنظر الي الشعب الفلسطيني علي أنه شعب قادر علي حل قضيته دون اللجوء اليها، وأنها في مساندتها لهذا الشعب يتطلب منها عقد القمم والاجتماعات والتنديد وسحب السفراء والتصريحات التي لا تسمن ولا تغني من جوع. وعندما يراد منها أن تكون في مستوي موقعها من هذا الشعب ومن القضية عموما نراها تتسارع الي تبرير صمتها بأن الحل هو المبادرات التي تدعو الي السلام العادل والشامل أو الأرض مقابل السلام. ولكن ما رأيناه هو أن هذه السياسة الرسمية أعطت الأرض ولم تر سلاما. واقترحت مبادرات عدة ولم تحصل الا علي النكران وعدم الاهتمام من الكيان الصهيوني. فالي أين هذا الصمت يقودنا معها؟