حذر محمد مهدي عاكف المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين من تجاهل الظلم الاجتماعي الذي قسم الشعب المصري إلى قلة قليلة تملك المليارات من الفساد، وتعيش في بذخ وترف، وأكثرية لا تكاد تجد القوت إلا بشق الأنفس. وأشار عاكف - في بيان له - إلى أن دعوى أولوية الإصلاح الاقتصادي التي انتهجها النظام الحاكم أنتجت بعد خمسة وعشرين عاما سقوط غالبية الشعب المصري في هوة سحيقة من الفقر والغلاء والبطالة والمرض، وسقوط الدولة في مستنقع الديون الداخلية والخارجية التي بلغت مئات المليارات، والتي سترثها الأجيال القادمة جيلاً بعد جيل. وأرجع المرشد هذا الظلم إلى تربع رجال الأعمال على رأس السلطة في مصر، والتحام الثروة بالسلطة، وانتشار الفساد الذي تمثل في الاحتكار ونهب أموال البنوك، وبيع مصانع ومؤسسات القطاع العام والبنوك الحكومية بطريقة تفتقد الأمانة والشفافية، والاستيلاء على أراضي الدولة، والاهتمام بالإنتاج الاستهلاكي، وإهمال الإنتاج الإستراتيجي، ابتداء من القمح وضرورات الغذاء، وانتهاء بالسلاح وضرورات الدفاع، والتلاعب بالبورصة، والإنفاق الترفي السفيه، وكذلك إهمال الخدمات التي يحتاجها عامة الناس. وأشار عاكف إلى مئات الإضرابات والاعتصامات التي انتشرت في مختلف المدن ووصلت لقلب القاهرة، واستمرّ بعضها إلى عشرة أيام، وهو الأمر الذي يهدد بثورة الجياع التي إن بدأت فلن تبقي ولن تذر. ولفت إلى أنه لا تزال فئات أخرى تهدد بالاعتصام والإضراب مثل الأطباء والقضاة وأساتذة الجامعات؛ لأن الغلاء قد أحرق دخولهم، فما بالنا بالموظفين والعمال والفلاحين المطحونين تحت وطأة الفقر من ناحية والغلاء من ناحية أخرى؟!. وأرجع الحالة الاقتصادية والسياسية في مصر الي استشراء الفساد غير المسبوق الذي لم تعرفه مصر في العهد الملكي البائد ولا الاشتراكي الفاسد، حيث تربع الآن علي عرش سلطتها مجموعة من رجال الأعمال الذين اقتحموا مجال السياسة فالتحمت الثروة بالسلطة والاستبداد وانتشر الفساد. وقال ان الفساد أدي إلي عجز مرتبات العاملين عن الوفاء بمقومات الحياة الضرورية؛ الأمر الذي دفع البعض منهم إلي ارتكاب جرائم الرشوة والاختلاس والتزوير لمواجهة الارتفاع الجنوني في الأسعار، فتضاعف الفساد، كما أصاب الشرفاء منهم بحالة من الإحباط والاكتئاب. وأوضح ان الاخوان المسلمين يحذرون من مغبة تجاهل هذه النذر، فالظلم قد تكاثفت سحبه، فلم يعد ظلماً سياسيا فقط يحتكر السلطة ويزور الانتخابات والاستفتاءات، ويفرض الطوارئ، ويعتقل الأبرياء، ويصادر الحريات، ويشرع العزل السياسي، وينشر الاستبداد، ويحيل السياسيين إلي المحاكماتِ العسكرية، بل أضاف فوقه وإليه الظلم الاجتماعي. وقال: تعلمنا من دروسِ التاريخ المتواترة ما قرره علماؤنا السابقون أن الدولة العادلة تبقي ولو كانت كافرة، والدولة الظالمة تفني ولو كانت مسلمة، موضحا ان هذه صيحة نذير نوجهها إلي أصحاب السلطة والثروة حتي يتقوا ربهم، ويتخلوا عن فسادهم واستبدادهم، ويعودوا إلي أحضان أهلم، فدفء العدل والحب أفضل من دفء المال والسلطة. وشهدت العلاقة بين الإخوان المسلمين والحكومة المصرية توترا شديدا في العامين الماضيين خاصة بعد اقرار جملة من التعديلات الدستورية في مارس الماضي تتضمن حظرا علي تشكيل أحزاب علي أساس ديني. وتقول الجماعة ان المئات من كوادرها اعتقلتهم السلطات واودعتهم في السجون دون محاكمة كما يحاكم 40 من قيادات الجماعة أمام محكمة عسكرية بتهم الإرهاب وغسيل الأموال والانتماء لجماعة محظورة. وعلي الرغم من حظرها في عام 1954، فان الجماعة تتمتع بوجود واسع في المجتمع المصري ويشغل نوابها عشرين بالمئة من مقاعد البرلمان البالغة 454.