● المنطق النووي للرئيس بوتين يُشَكِّل سابقة خطيرة، حيث أثرت تهديداته على مدى الدعم الذي كان الناتو مستعدا لتقديمه لأوكرانيا، ومع ذلك فإن خطر التسلح النووي كان متزايدا حتى قبل اندلاع الحرب، متمثلا في التطورات الواقعة في القدرات النووية لكل من إيران وكوريا الشمالية وباكستان. ● يُعد تجنيب تَعرُض أوكرانيا لهجوم نووي أمرًا ضروريًّا، لكنه ليس كافيًا، فعلى الرغم من حتمية التفاوض بين كل من روسيا وأمريكا ضرورة لتوقف الحرب، فإن أوكرانيا ستحتاج إلى أسلحة متطورة ومساعدات اقتصادية وعقوبات على روسيا من أجل إجبار جيش بوتين على التراجع. تناولت الإيكونومست تحذير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من ضربة نووية ضد أوكرانيا، وأنه قبل مائة يوم ، شن الرئيس بوتين غزوه لأوكرانيا في إطار من التهديات بضربة نووية. وتؤكد الإيكونومست أنه حتى لو لم يستخدم الرئيس بوتين القنبلة النووية في أوكرانيا، فإنه قد أزعج النظام النووي، وأثرت تهديداته على مدى الدعم الذي كان الناتو مستعدا لتقديمه لأوكرانيا، على نحو أدى إلى نتيجتين مقلقتين للغاية، إحداها أن الدول الضعيفة ستشعر أن أفضل دفاع ضد معتد مسلح نوويًا هو امتلاك أسلحة خاصة بها، والنتيجة الثانية، هي أن الدول الأخرى المسلحة نوويًا ستعتقد أنها يمكن أن تكسب حروبها المحتملة من خلال اتباع تكتيكات الرئيس بوتين. ومع ذلك فإن خطر التسلح النووي كان متزايدا حتى قبل اندلاع الحرب، فكوريا الشمالية تمتلك عشرات الرؤوس الحربية، وقالت الأممالمتحدة هذا الأسبوع إن إيران لديها ما يكفي من اليورانيوم المخصب لصنع قنبلتها الأولى، وعلى الرغم من أن معاهدة ستارت الجديدة ستحد من الصواريخ الباليستية العابرة للقارات لكل من روسيا وأمريكا حتى عام 2026 ، فإنها لا تشمل أسلحة مثل، الطوربيدات النووية، وفي السياق نفسه توسع باكستان بسرعة إلى ترسانتها النووية، وتقوم الصين بتحديث قواتها النووية، كما يقول البنتاغون ، وتعمل على توسيعها. يعكس كل هذا الانتشار ضعف الالتزام الأخلاقي الذي يحد من استخدام الأسلحة النووية، وقد زاد غزو أوكرانيا من هذا الشعور، فحتى لو كان الرئيس بوتين غير جاد بتحذيراته النووية، فإن تهديداته تقوِّض الضمانات الأمنية الممنوحة للدول غير النووية، ففي عام 1994، سلمت أوكرانيا الأسلحة النووية السوفيتية السابقة الموجودة على أراضيها مقابل تعهدات من روسيا وأمريكا وبريطانيا بعدم مهاجمتها، لكن من خلال الاستيلاء على شبه جزيرة القرم ودعم الانفصاليين في مناطق دونباس في عام 2014، لم تف روسيا بهذا الوعد. وهذا يعطي الدول الضعيفة سببًا إضافيًا لتصبح دولًا نووية، فقد ترى إيران أن امتلاكها الآن للقنبلة النووية سيثير مشكلات أقل مما كانت عليه في الماضي، لكن إذا اختَبَرَت إيران قنبلة نووية فكيف ترد السعودية وتركيا؟ ومن ناحية أخرى ستضعف ثقة كوريا الجنوبية واليابان، في الالتزامات الغربية لحمايتهما في عالم أكثر خطورة. ويبدو أن التهديدات النووية تحقق أغراضها، فرغم أن دعم الناتو لأوكرانيا كان أقوى مما كان متوقعًا فإن الحلف تردد في إرسال أسلحة "هجومية" مهمة، فرغم أن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أرسل كميات هائلة من الأسلحة، فقد رفض هذا الأسبوع تقديم صواريخ قادرة على ضرب عمق روسيا، ويبدو أن آخرين في الناتو يعتقدون أن أوكرانيا يجب أن تصل لتسوية مع روسيا، لأن إلحاق الهزيمة بالرئيس بوتين قد يضعه في موقف صعب؛ مما يدفعه لاتخاذ قرارات تؤدي إلى عواقب وخيمة. المنطق النووي للرئيس بوتين يُشَكِّل سابقة خطيرة، فيمكن للصين أن تفرض شروطا مماثلة إذا هاجمت تايوان، بحجة أن الجزيرة هي بالفعل أراض صينية، وقد تُكَدِّس المزيد من الدول المزيد من الأسلحة لاستخدامها في ساحة المعركة، ومن شأن ذلك أن تُنتهك معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، التي تعهدت بموجبها الدول النووية بالعمل من أجل نزع السلاح النووي. تؤكد الإيكونومست أن التهديد الروسي غير واقعي فاستخدام الأسلحة النووية يتضمن تكلفة بالغة ويحتاج إلى إعادة بناء القوات التقليدية. وعلى الرغم من ذلك يمكن تسوية الخلافات، حيث يمكن لأمريكا سحب صواريخها الأرضية دون المساس بأمنها مقابل التخفيضات في الأسلحة النووية الروسية، ويمكن للجانبين الاتفاق على تدابير تقنية، مثل عدم ضرب القيادة والسيطرة والبنية التحتية للاتصالات النووية، ومن ثم، يجب أن يكون الهدف هو التفاوض، كما يفترض أن تبلغ كل من الصين والهند وإسرائيل وتركيا الرئيس بوتن برفضها لتهديداته النووية. وفي النهاية يُعد تجنيب تَعرُض أوكرانيا لهجوم نووي أمرًا ضروريًّا، لكنه ليس كافيًا، فيجب على العالم أيضًا أن يتأكد من أن الرئيس بوتين لن ينجح بعد عدوانه اليوم، كما نجح في عام 2014، لأنه إذا اعتقد أن تكتيكاته نجحت، فسوف يصدر المزيد من التهديدات النووية في المستقبل، وإذا خلص إلى أنه يمكن تخويف الناتو، فإن إقناعه بضرورة التراجع سيكون أكثر صعوبة، لذلك تحتاج أوكرانيا إلى أسلحة متطورة ومساعدات اقتصادية والمزيد من العقوبات على روسيا من أجل إجبار جيش بوتين على التراجع.