في خبر صحفي نشره المصري اليوم، عن سجين قعيد بطرة، يدعي محمد عبد الحافظ، كان من المفترض أن يصبح زميل مبارك في سجن طرة، أكد عبد الحافظ أنه بمجرد حلول مبارك بالسجن سيحكي له كيف عاش الشعب في عهده، كيف كان يأكل وماذا يأكل، ولماذا يمرض وماذا يفعل لما يمرض، كيف تضيع منه الفرص ولماذا، كان سيفعل عبد الحافظ كل هذا لولا نقله بحسب الخبر- إلي سجن برج العرب بمجرد وصول مبارك.هناك من يموت كل يوم ليس لأنه قعيد مثل محمد عبد الحافظ، ولكن لأنه قعيد ولا يملك شراء أو الحصول علي كرسي كهربائي مثل بلدياتي: أشرف محمد محمد حسن، موظف بمجلس مدينة بلقاس بالدقهلية، يتقاضي 240 جنيهاً، رغم تلقيه وعداً من المحافظة بتسليمه كرسياً متحركاً، إلا أنه بمجرد أن وصل لمبني المحافظة حتي تفاجأ بتسليم الكرسي لفتاة من شربين وضياعه من يديه، .. عبد الحافظ لن يخبر مبارك بهذا ولذلك هو خذل الغلابة.البقاء لله، لو أنك اسكندراني (أو حتي من أي رقعة مصرية)، فأنت تعرف مستشفي مبرة العصافرة، تلك المستشفي الحكومية منذ شهور رفضت استقبال المريضة صباح جاد الرب البالغة من العمر 42 عاماً، وتركتها بمنتهي السلبية حتي لفظت أنفاسها الأخيرة في هدوء وماتت، والسبب أنها لم تقدر علي دفع ثمن العلاج في تلك المستشفي الحكومية سابقاً الاستثمارية حالياً، .. عبد الحافظ لن يخبر مبارك بهذا ولذلك هو خذل الغلابة.طبقاً لجريدة المصري اليوم أيضاً في عدد 24/5/2012، اليوم التالي للانتخابات، نشرت خبراً عن راندا سامي المصابة بشلل رباعي في 28 يناير، راندا تركت مركز تأهيل العجوزة وتجولت بكرسي متحرك لمراقبة الانتخابات، وبكت في أول لجنة قابلتها، راندا يوم 28 يناير كانت تداوي شاباً ذا 17 ربيعاً مصاباً بخرطوش في كتفه، وحينها دخل ضابط أمن مركزي ليقبض علي الشاب المصاب فتوسلت إليه راندا ليتركه فرفض وشتمها، فبصقت عليه، حينها انهال عليها ضرباً بعصاه، ظلت راندا تداوي ألمها بالمسكنات حتي بعد التنحي بيومين عندما ذهبت لعمل فحوصات طبية لتكتشف وجود تجمعات دموية حول الحبل الشوكي يحتاج لتدخل جراحي، وقد كان، ولكنها خرجت من غرفة العمليات .. مصابة بشلل رباعي تداوم بسببه علي الذهاب إلي مركز التأهيل السالف ذكره، عائشة علي أمل يتردد أمامها عن امكانية إجراء عملية بالخارج تساعدها علي السير بعكاز بدلاً من الكرسي الكهربائي، راندا، التي أرسل إلي الأرض التي تسير عجلات كرسيها عليها، أرسل إلي الأرض قبلة، راندا باعت كل ماتملك إلا 7 آلاف جنيه، قررت أن تتبرع بهم إلي صندوق الشهداء، راندا لن يحكي عنها عبد الحافظ، ، .. عبد الحافظ لن يخبر مبارك بهذا ولذلك هو خذل الغلابة.ما الذي لفت نظرك وأنت تنتظر دورك في طابور الانتخابات، بالتأكيد نصبة الشاي التي يقيمها إما أهالي المنطقة أو بعض العاطلين اليائسين العائشين علي الرزق الطيار، وهم كُثُر، كل من يخرج ليلاً ليجبر أحداً علي تقليبه وسرقته غصباً هو من الكُثُر، كل من يضع ظهره ملاصقاً لكرسي خشبي بالمقهي؛ وهو بينما يجلس؛ يصيح ألماً من الروماتيزم طالباً (الطاولة)، هو من الكُثُر إما الجدد وإما من خبروا بها، وأدمنوها وأدمنوا الدفع بالشكك، سينساهم عبد الحافظ لو حدث وقابل مبارك، ولذلك هو خذل الغلابة.عبد الحافظ لن يخبر مبارك عن عبد الحميد شتا، ليس لأن مبارك يعرف لماذا انتحر شتا، ولكن لأن مبارك لا يحب وجع القلب وتنغيص الراحة وتقليب الذكريات البغيضة، عبد الحافظ لن يخبره عن ممارسات الشرطة وعن انتهاكات الأقسام وعن اغتصاب الأعراض والخصوصيات واعترافات الأسلاك الكهربائية والأسياخ الحديدية والمخبرين، والسب والفضح والسحل، لن يخبره أبداً عن مرضاه المنسيين و حاشيته المنافقة ومسبحيه الكاذبين، لن يخبره عن هائمي العشوائيات الخائفين الفازعين المرعوبين من طردهم يوماً وابتياعهم من المسئولين الكلام؛ وافتراشهم العراء، لن يخبره عن الواهمين والحالمين ببنت أو ابن الحلال التي لن تنظر ولن ينظر إليهم أبداً ولن تقبل أو يقبل بهم لأنهم من تلك العشوائيات، ولأنهم لا يملكون ما تملك وما يملك ، عبد الحافظ لم يخبره عن الواسطة والواسطين والمظلومين والخبز النادر، عبد الحافظ لن يقول لمبارك جهراً أنه عمل لاسرائيل بدرجة رئيس دولة، وحاصر إخوتنا في فلسطين وقاتلهم، عبد الحافظ لن يخبر مبارك بهذا ولذلك خذل الغلابة.عبد الناصر فتحي بائع الفول، من الذين بغضوا كل المرشحين، ومن الذين يفخرون بكونه يعرف الناس المسنودة في شارعه ويصدق ما يقول، ويردد دائماً أنه بسببهم استطاع استئجار منطقته التي يستخدمها في البيع مقابل 150 جنيها شهرياً، وهو لم ينتخب أحداً، لأن أحداً من المرشحين لم ينم بلا عشاء يوماً ولا خاف بصدق أن يخذل أطفاله في أكلهم وشربهم وأمنهم وفخرهم وأملهم فيه الكبير، تماماً كما خذلنا محمد عبد الحافظ رغماً عنه.اللهم لا اعتراض .. اللهم لا اعتراض.