حلمت وحلم مثلي من أبناء جيلي وما تلاه بشمس الحرية تستطع في سماء بلادي ذات الحضارة الضاربة في عمق التاريخ يوم كان العالم كل العالم يعيش في الظلام، وراهنت كثيراً بأن هذا اليوم آت لا محالة، وحدث بالفعل وطلع نهار 25 يناير 2011 بأجمل نهار علي درة الكون، مصر، وظهر ميدان التحرير وكأنه قد حوي ملائكة أنزلها الله ليعيد وا للكنانة وجهها الحقيقي والحضاري وليكتبوا بدمائهم الطاهرة رسالة النهاية لنظام فاسد وفاش جثم علي صدور أهلها لعقود طويلة، وتم القبض علي بعض صناديد النظام السرطاني، ودخل الجحور جرزانه، وتغاضي الشعب المصري عن هفوات بعض رموز النظام السابق، وقبلوا أن يدير المجلس العسكري الفترة الانتقالية القصيرة التي وعدوا بأنها لن تطول أكثر من ستة أشهر وستبدأ حتماً بوضع دستور جديد للبلاد ثم انتخاب رئيس ثم مجلس تشريعي، وبعد شهرين تم الانقلاب علي ذلك بالاستفتاء علي تعديلات دستورية لدستور مات.وظهر جلياً للعيان الزواج غير المشروع للقوي الرديكالية ممثلة في العسكر وفيمن يتشحون بالدين، فقامت أحزاب عديدة من رحم الحزب الوطني المنهار فعلاً والمحكوم بحله قانوناً وإن كانت نفس المحكمة التي أصدرت الحكم بحله هي نفسها فيما بعد التي أعادته للحياة في صورة السماح لسدنته بالترشح في الانتخابات التشريعية! وأحزاب أخري نشأت كذلك بالمخالفة لقانون الاحزاب السياسية الذي ينص علي منع قيام الاحزاب علي أسس دينية أو طائفية.وهو ملمح كان يوجب علي الجميع أن يدقوا ناقوس الخطر، فالعسكريون ظلوا لعقود طويلة خاملين منبطحين علي أعتاب النظام الفاسد لم يشاركوا جماهير مصر شظف العيش بفضل ما أغدق عليهم من النظام البائد من مزايا وعطايا.والمعسكر الديني في معظمه كان يري الثورة خروجاً علي الحاكم وهو حرام ومعظمه لم يشارك في الثورة حتي رحل النظام مع رئيسه وهنا أطلوا علي الناس وهم يعلمون أن هذا الشعب بطبعه متدين ، فدخلوا إليه من هذه الزواية.فحملوا رئيس مجلس الوزراء السابق في ميدان التحرير وصدقهم الناس حتي تولي الوزارة، ثم انقلبوا عليه لأنهم رأوا أنه لا يحقق لهم أهدافهم، وساندوا رئيس الوزراء الحالي ضد إرادة ثوار الميدان وأدخلوه مكتبه بستار حديدي، ثم انقلبوا عليه الآن، لأنهم لا يريدون أن يكونوا الاغلبية البرلمانية ولا يحكموا هم حتي ولو كان ذلك علي حساب أي شيء وكل شيء.ثم نقضوا عهدهم بعدم ترشح أحد للرئاسة ورشحوا من سموه الخير الشاطر وكانوا قد صدعوا الدنيا بأن جسده به كل أمراض أهل الارض، وكأنه أيوب عليه السلام والآن يعلنونه مرشحاً رئاسياً لمصر رغم كل أمراضه عافاه الله منها.إختصاراً فقد وقعت الثورة في أيدي هذين المعسكرين اللذين بطبعهما لا يصلحا للعمل السياسي، فالمعسكر الأول اعتاد بحكم طبيعته علي العمل إما آمر أو مأمور، ولم يعتد لغة الحوار والاقناع.والمعسكر الثاني لا تستطيع مجادلته في أي أمر إذ أنه عندما يفقد الحجج سيتهمك حتماً بأنك تحارب الاسلام.وكأنه هو وحده المسلم الذي وكل من قبل الله للدفاع عن دينه في وجه أعداء الدين وإذا حدثته في السياسة قلبها دينا، وإذا حدثته في الدين فهو وحده من يحملك الحق واليقين طالما أنك لست إخوانياً أو سلفياً أو صوفياً.. الخ.وقد رشح كل المعسكرين أكثر من مرشح للرئاسة وهذا لا يخرج عن أحد إحتمالين، إما أن هناك إتفاقا علي سيناريو معد سلفاً وكأنهم مصارعون أقزام أتوا للتهريج والنتيجة عند المعسكرين متفق عليها ومحسومة لصالح أحد الأقزام المصارعين من أحد المعسكريين.أو أن شهر العسل بينهما قد أنقضي بالفعل والمعركة أصبحت تكسير العظام.في الحالتين الخاسر الحقيقي هو هذا الشعب الذي سرقت ثورته، وعظامه هي التي تدق بين رحي المعسكرين.فهل يثوبوا إلي رشدهم ويعودوا عن غيهم ويرحموا هذا الشعب ويتقوا الله فيه، أم سيستمروا في حربهم رغم كل الخسائر التي قد تعصف بهم قبل هذا الشعب؟ أم هل سيسترد هذا الشعب ثورته إذا ظلوا مكابرين؟ أعتقد أن هذا الشعب الذي ثار وأطاح بيمن كان أعتي منهم سوف يزأر ويسمع الدنيا إن لم يفيقوا ويعصموا أنفسهم ومصر طوفان ثورة شعب أوشك أن يلتهم صخور الجبال وقد أوشك الجوع أن يفتك به.فالبطون عندما تتضور جوعاً فلا تحدثني عن العقول أتمني ألا يأتي هذا النهار وأن يعود نهار 25 يناير 2011 بوجهه المشرق وملائكة ميادينه التي أوشك الشيطان أن يوسوس لها بما لا يتمناه الجميع.بسم الله الرحمن الرحيموإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا صدق الله العظيمولنا عود علي بدء في الأسبوع القادم.