أكاديمية الفنون .. معهد النقد الفني .. قاعة الأستاذ محمد بسيوني بالدور الثالث .. يجلس الأستاذ الدكتور ناجي فوزي ويتحلق حوله طلبة قسم النقد السينمائي والتليفزوني ويطالع ما أنجزته إحدى باحثات الماجستير التي تجري رسالتها في أدب نجيب محفوظ بين السينما والتليفزيون أو بحسب تعريف القيادي السلفي ستكون أطروحتها العلمية فيما وصفه بأنه (أدب إلحادي يشجع على الرذيلة .. ويدور داخل أماكن المخدرات وبيوت الدعارة) وسيشرف عليها أساتذة أجلاء ويناقشها أكاديميون فضلاء .وفي الوقت الذي يعمل فيه موظفوا المجلس الأعلى للثقافة على قدم وساق للاحتفال بمئوية نجيب محفوظ إضافةً إلى التنسيق مع صندوق التنمية الثقافية لتدشين الاحتفالية في كل ربوع مصر ، كان القيادي السلفي والمتحدث الإعلامي للدعوة السلفية الشحات (وليس بطل محفوظ لرواية عن ذات الاسم) في أستوديو قناة النهار يحتفل هو أيضاً بعيد ميلاد محفوظ المائة يطفئ شمعة كعكة عيد الميلاد .. ينفخ بقوة لدرجة يخرج معها رذاذ فمه فيصيب وجه أم ثكلى تمسحت بضريح سيدتي زينب أم العواجز ورئيسة الديوان وأب مكلوم يقرأ الفاتحة بمقام السيدة نفيسة ، وكلاهما يتضرعان إلى الله في مقامات آل البيت النبوي الشريف الذي تعطر تراب مصر بعبير رفاتهم أو وفق مفهوم الشحات في أضرحة سيزيلها في غزوة الأضرحة القادمة .تويتات وحوائط مستخدمي الفيس بووك ازدحمت باستهجان تصريحات الشحاتالبعض وصفه بتكرار آراء كشك وآخرين نصحوه بقراءة أدب محفوظ أولاً .. أختلف معهم ومع كبار مثقفينا من أن الشحات كان أجدر به أن يقرأ أدب نجيب محفوظ قبل التفوّه بأي كلمة عنه ، وأزيد أن الشحات ربما يكون قد قرأه وأحسه .. فهمه وهضمه واكتشف أن روح محفوظ بمصريتها الخالصة ستقف عقبة في مشروع تياره الذي يتخذ من الطقوس والشعائر أفضلية على الإيمان الحق ، رافعي شعار انصر شرع الله يا أخي وانتخبنا لتدخل الجنة ويدخلوا هم البرلمان .في أدب محفوظ الإلحادي (بحسب وصف الشحات) يسري الحس الإيماني بين شخوصه ويكون اللجوء لله بصوفية شفيفة (لا أصولية أو سلفية) هو خيار محفوظ ، وما بين صوفية مباشرة أو تلميح بها يقبع المسلم المؤمن ذو الأسئلة الحائرة والباحث عن يقين في نفس محفوظ ، فيكون بطلا أو صديقاً للبطل أو أحد معارفه فيجعله الشخصية الأساسية أو ظل أساس لها فسمير عبد الباقي صديق البطل عيسى الدباغ في السمان والخريف يتجه للدروشة بعد انهيار عالم كل منهما .. والزاوية بشيخها تصير ملاذ سعيد مهران في اللص والكلاب يهرع إليها ويلتجئ بها كلما أعيته الحياة ولفظه بشرها ، وحتى السيد أحمد عبد الجواد يمر على مقام سيدنا الحسين بعد مغادرته دكانه طالباً من الله المغفرة ومتوسلاً توبة منه في المقام الطاهر .. مصرنا (أم الدنيا) جعلت سيدي الإمام الشافعي يغير بعض من أحكام الفقه التي صاغها في العراق ، وحين سئل عن سبب ذلك قال لأن المصريين قلوبهم خضراء في إشارة لحبهم للحياة وانفتاحهم عليها ، تغير فقه الشافعي بمصر بينما أغشى سلفيوا الأسكندرية الملاءات على تماثيل عرائس البحر في الميدان الذي شهد مؤتمرهم الانتخابي ، ومن قبلها صرح الشحات بأن الديمقراطية حرام ، ولأن الله يحبه فلم يرد له أن يمشي في الحرام وسقط الشحات في انتخابات الإعادة للبرلمان القادم .. (اللهم لا شماتة) .. ستفرح باحثة أدب محفوظ لأنجاز بحثها العلمي ورسالة الماجستير ولكن هل سيتم التأصيل العلمي والأكاديمي لكل ممارسات الدُعر الديني والفكري والسياسي والفني والثقافي والإعلامي الذي تشهده مصر ؟ شيئ لله يا أكاديمية .