رغم ان حياته زخرت بآراء صادمة حول ما آلت اليه الاوضاع العربية واثار جدلا كبيرا نتيجة مواقفة من بعض التيارات السياسية والدينية الا ان رحيله جاء هادئا علي غير عادته في كتاباته التي شكلت جزءا مهما من وجدان الشعب المصري ..غيب الموت الكاتب المبدع اسامة انور عكاشة بعد صراع مع المرض تاركا صخب الدنيا وقسوة واقعها وعذاباتها التي رصدها في اعماله الدرامية الشهيرة باعتباره احد ابرز كتاب الدراما في الوطن العربي واستاذ السيناريو وصاحب مدرسة واقعية توازت مع مدرسة نجيب محفوظ السنيمائية .. رحل عكاشة تاركا وراءه ميراثا ضخما من الابداعات التي حفرت في تاريخ الشعب المصري والعربي عبر رحلة دامت 69 عاما منذ ولد في 27 يوليو عام 1941في مدينة طنطا ومرورا بتخرجه عام 1962 في كلية الآداب وصدور اولي مجموعاته القصصية خارج الدنيا حتي اخر أعماله التليفزيونية مسلسل المصراوية الذى عرض منذ 3 سنوات وحاز على جائزة أفضل عمل درامي لتناوله تاريخ مصر منذ عام 1914..نجح الراحل في تغيير الصورة النمطية للدراما العربية بشكلها التقليدي ويعد اول كاتب عمل بنظام الاجزاء في المسلسلات من خلال مسلسله الاشهر ليالي الحلمية باجزائه الخمسة لتتوالي بعد ذلك روائعه :ارابيسك وزيزينيا وابو العلا البشري والمصراوية وغيرها ورغم ان اسامة انور عكاشة لم يولد في الاسكندرية الا انها كانت عشقه الاول الحاضرة دوما بين سطور ه ومثل له البحر عالما خصبا سبر فيه اغوار الخلق ومشكلاتهم وتموجاتهم ليخرج بللالئ ودرر حجزت له مكانا علي سلم الشهرة تخطي فيه ابطال اعماله فلم يصبح مجرد اسم لمؤلف علي تترات المسلسلات بل شهادة ضمان للجودة والتميز ومعرفة تاريخ المجتمعات وسياساتها عبر العصور في لغة انضمت الي فئة السهل الممتنع فمن منا لايذكر وما زال النيل يجري والراية البيضا وقال البحر وعفاريت السيالة .وفي مجال السنيما الذي اقتحمه زائرا ترك بصمة من خلال اعمال قليلة لكنها مهمة مثل فيلم كتيبة الاعدام ودماء علي الاسفلت وتحت الصفر .ورغم ما عرف عن عكاشة من توجهه الناصري لكنه كان ينفي ذلك دائما مشيرا انه عربي الهوية وكان لمواقفه من بعض الجهات المحسوبة علي التيار الديني تاثيرا كبيرا علي شهرة وانتشار اعماله حيث هاجم التطرف وانتقد اداء الجماعات الاسلامية في مصر فيما تعرض لهجوم شديد بسبب بعض تصريحاته مؤخرا مثل رأيه في القائد عمرو بن العاص اما الذي لايعرفه الكثيرون ان اسامة انور عكاشة قد تعرض لمعاناة شديدة في حياته فمن يتوقع ان كاتب بقامة اسامة انور عكاشة قد استدان واقترض أموالآ لإطعام أولاده وتلك مفاجاة فجرها الكاتب مختار ابو سعده في كتابه عن عكاشه الذي وصفه فيه بالعابر من النفق المظلم ليصل في النهاية الي طريق ملئ بالنور والشهرة والامل متسائلا :كيف لهذا الكاتب الإنفعالي في الحق صعد وتدرج إلي أن أصبح اكبر كاتب درامي في مصر ؟.رحم الله اسامة انور عكاشة كاتبا ومبدعا اثري الدراما العربية والمشهد الثقافي بزخيرة من الاعمال الباقية عبر 40 مسلسل درامي و15 سهرة تلفزيونية و7 افلام سنيمائية و3 عروض مسرحية والعديد من المقالات بالجرائد المصرية والعربية كان اشهرها عاموده الاسبوعي في جريدة الاهرام المصرية التي لم يغب عنها طوال العقدين الماضيين .