منذ سنواتٍ طويلة ونقابة الصحفيين تضع شروطًا خاصة للمحرر البرلمانى، بحيث إنه غير مسموح لأى محرر صحفى مسجل بنقابة الصحفيين أن يكون محررًا برلمانيًا، فهناك شروط تضعها النقابة بالتنسيق مع الصحف الكبرى، حيث هناك علاقة وطيدة ودائمة، وربما هناك سيطرة من بعض الصحف على مجلس نقابة الصحفيين، وهو الأمر الذى جعل دخول الصحفيين للبرلمان بمثابة هبة تعطيها الصحف للمحررين المقربين من دائرة صنع القرار داخلها. «كارم محمود» عضو مجلس نقابة الصحفيين اقترح على مجلس النواب تحديد شروط للمحرر البرلمانى، وهو أن يكون عضوًا مشتغلاً بالنقابة وتكون لديه خبرة 4 سنواتٍ على الأقل، وهو الأمر الذى قوبل بالرفض الشديد، حيث هاجم الكاتب الصحفى«أسامة شرشر»، عضو مجلس النواب عن دائرة منوف وسرس الليان، هذا الاقتراح، وانتهى بالرفض، فقد أكد «شرشر» أن اختيار المحرر البرلمانى حق أصيل للصحيفة، ومن حقها أن تختار محررًا مشتغلاً او تحت التدريب، لأنها وحدها من تحدد كفاءة الصحفى الذى ترسله لتغطية أحداث مجلس النواب. موقف النائب «أسامة شرشر» وجد صدى كبيرًا فى الوسط الصحفى، خاصةً بين الصحفيين الشباب، الذين رأوا أنهم أخيرًا وجدوا صوتًا لهم تحت القبة، ويريد أن يضرب الشللية المسيطرة على الوسط الصحفى فى كل مكان. «أحمد عبدالرحمن»، أحد الصحفيين الشباب، أكد أن تصريحات النائب «أسامة شرشر» تعد أول انتصار لعضو بمجلس النواب على الشللية الصحفية، وهى بداية حقيقية لضرب هذا الكيان العنكبوتى، الذى يحظر على أى أحد خارج «الشلة» المسيطرة على الصحف أن يكون له مكانة مثل الدخول لتغطية أحداث مجلس النواب، ورفض اقتراح «كارم محمود» هو بالفعل انتصار للصحفيين الشباب على الشللية الصحفية المسيطرة سواء على مجلس نقابة الصحفيين أو على الصحف المختلفة. ويؤكد «عبدالرحمن» أن مجلس النقابة يريد وضع شروطٍ مجحفة فى كل شىء، بينما يترك آخرين كى يفعلوا ما يشاءون، ولا يستطيعون فرض سيطرتهم إلا على الشباب الذين لا يمتلكون أشخاصًا لهم داخل «الشلة» ليقوموا بحمايتهم، فهناك محررون شباب وغير مقيدين بجدول النقابة، ورغم ذلك يحصلون على كافة الامتيازات، لا لشىءٍ إلا لأن لديهم من يدعمهم داخل «الشلة»، لذلك فموقف الكاتب الصحفى «أسامة شرشر» عضو مجلس النواب هو أول انتصار على الشللية الصحفية، وأصبح لدينا تفاؤل شديد بأن الأيام القادمة ستشهد انتصارات أخرى، فقد صار لنا صوتٌ حقيقى تحت القبة. «محمد زكى»، الكاتب الصحفى بالأهرام العربى، يرى أن سيطرة فئة معينة على مقاليد الأمور أمرٌ موجود بكل المؤسسات وليس فى الصحافة فقط، وهذا لا يعود فقط للفساد، ولكن هناك بعض المهمات قد لا يستطيع أحد القيام بها إلا أصحاب الخبرات، ونقابة الصحفيين تحاول أن تبعد أشخاصًا ينتسبون للصحافة اسمًا فقط، بأنها لا تسمح لغير المسجلين بالجدول أن يعملوا بالصحافة. وحول أن هذا الأمر لم يمنع أصحاب صحف كثيرة من أن يقوموا بقيد أشخاص لا علاقة لهم بالصحافة، يقول «زكى» إن هذا أمرٌ آخر شديد الخطورة، وذلك لأن الوساطة ضربت كل أوساط مصر، ولعل التقرير الذى نُشر بأسماء أشخاص معينين بجريدة «المصرى اليوم» ولا علاقة لهم بالصحافة كان خير دليل، ونحن بحاجة لإيجاد تشريعات تحد من هذا الفساد الذى استشرى فى ربوع المحروسة، وعلى النقابة أن تجلس مع أعضاء مجلس النواب لبحث هذه الأمور والوصول لصيغة تحارب هذا الفساد وتقضى عليه. ويؤكد الكاتب الصحفى بالأهرام العربى أن موقف النائب «أسامة شرشر» ألقى حجرًا فى المياه الراكدة منذ عشرات السنين، وعليه أن يقود الأمر من الآن، فهناك آلاف الصحفيين صاروا لعبةً فى أيدى أصحاب الصحف، وليس لهم ظهيرٌ يحميهم، فالنقابة لا تراهم، ولا تعترف بأنهم صحفيون لأنهم غير مقيدين بجدول النقابة، وعليه فإن على الكاتب الصحفى «أسامة شرشر» أن يقود الأمر داخل المجلس النواب لحماية شباب الصحفيين. وحول قانون النقابة الصحفيين الذى يحظر عمل أى صحفى مادام أنه غير مسجل بجدول النقابة، يقول الخبير القانونى «محمد عبدالوهاب»: الأزمة فى مصر أننا نملك قوانين عديدة، ولكن إذا نظرنا إلى الواقع لا نجد أى تطبيقٍ لها، فقانون النقابة يشير إلى أن الصحفى هو فقط المسجل بالجدول، وأن أى شخص آخر يعمل بدون عضوية النقابة يعد مزورًا، وعليه فالقانون يلزم الصحف بفترة تدريب للصحفى 3 أشهر، وبعدها على الصحيفة تسجيل المحرر بجدول النقابة، ولكن كل هذا مجرد حبرٍ على ورق. ويؤكد «عبدالوهاب» أن النقابة فاقدة للسيطرة على الصحف كافة، بل يمكن القول بأن هناك صحفًا معينة تسيطر على النقابة، بحيث لا يمكن للنقابة أن تتخذ قرارًا تعارضه هذه الصحف، والأمور تسير بشكلٍ عشوائى، فجميع أعضاء مجلس نقابة الصحفيين على علمٍ كامل بأن معظم الصحفيين العاملين بالصحف المختلفة غير مسجلين بجدول النقابة، ومع ذلك لم تحرك ساكنًا، وهذا حال معظم النقابات الموجودة. ويشير الخبير القانونى إلى أن محاولة النقابة إيجاد دائرة مغلقة للمجموعة المقربة منها ومن الصحف الثرية إن صح التعبير- هى إحدى مظاهر مصر فى العقود الأخيرة، حيث هناك طبقة تبسط سيطرتها على كل شىء، وغير مسموح لأحد بأن يخترق هذه الدائرة، واقتراح المجلس بأن يكون المحرر البرلمانى بمواصفات محددة يفرض حظرًا يمنع فئة محددة من الصحفيين الدخول إلى مجلس النواب، وهنا يبرز دور وجود كاتب صحفى كبير بقيمة النائب «أسامة شرشر»، حيث فطن إلى ما يريدون استمراره، والموقف بالفعل انتصار على الشللية الصحفية وإلقاء حجر بمياهٍ راكدة منذ سنواتٍ طويلة. ويختتم «عبدالوهاب» تصريحاته ل«النهار» بأن ما حدث من عضو مجلس النواب خطوة على طريق لم يسلكه أحدٌ منذ سنواتٍ، والآن لدينا مجلس نواب سيبدأ عما قريب فى مناقشة التشريعات، وقانون نقابة الصحفيين بحاجة كبيرة إلى تعديلات وتطبيقات، وجيمع أعضاء مجلس النواب يعرفون جيدًا أن مهمتهم مناقشة وتعديل التشريعات، وأيضًا رقابة تطبيقها، ولعل الصحفيين أعضاء مجلس النواب لن يجدوا بدًا من اتباع خطوات النائب «أسامة شرشر» حتى يكون لشباب الصحفيين صوتٌ تحت القبة.