أكد وزير الخارجية سامح شكري وقوف مصر إلى جانب المملكة العربية السعودية في مواجهة التدخل الإيراني في شؤونها الداخلية. وطلب وزير الخارجية ، في كلمته اليوم الأحد أمام الجلسة المغلقة للاجتماع الطاريء لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب برئاسة الإمارات، بإعتبار مصر ، الرئيس الحالي للقمة العربية، من الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي ، أن يحمل الموقف العربي إزاء إيران إلى الأممالمتحدة خلال زيارته لها في الأيام القليلة القادمة. وأكد شكري رفض مصر التام لما صدر عن المسؤولين الإيرانيين من تهديدات للمملكة العربية السعودية بسبب قيامها بإنفاذ قوانينها الداخلية على مواطن سعودي، من بين آخرين، لمجرد أنه ينتمي إلى الطائفة الشيعية التي تشكل غالبية الشعب الإيراني. وعبر شكري عن إدانة مصر بقوة الهجوم على البعثات السعودية في إيران غير الجائز شكلاً وموضوعاً، منبها إلى أنه ما لم يكن احترام سيادة الدول وفق ما يقضي به القانون الدولي وأبسط قواعد حُسن الجوار، هو المرتكز والأساس لمواقف القوى الإقليمية وسياساتها، فإن الصراعات ستشتد وطأتها على النحو الذي يدفع ثمنه جميع شعوب وحكومات المنطقة التي باتت "وبكل أسف"أحد مصادر التوتر على الساحة الدولية. وأكد أن العلاقات بين الدول العربية وإيران شهدت منذ عام 1979 موجات صعود وهبوط عديدة كان السبب الرئيسي فيها هو تصور القيادات الإيرانية أن هناك ما يبرر لها التدخل في الشأن الداخلي للدول العربية. وأضاف أن ماشاب العلاقات المصرية- الإيرانية من صعوبات فى هذا السياق لأسباب تعرفونها جميعاً ولا مجال لسردها مجدداً اليوم وضع حدوداً على تطوير العلاقات بين الشعبين المصري والإيراني، فإنه من الملحوظ أن السنوات العشر الماضية أو ما يزيد قليلاً قد شهدت ما يمكن تسميته "توتراً متصاعداً" في العلاقات الإيرانية- العربية لاسيما في منطقة المشرق والخليج العربيين. وتابع شكري : مع التحولات التي اجتاحت المشرق العربي اتصالاً بحرب الخليج الثانية وما تبع ذلك من تصوير لتلك التطورات وكأنها هزيمة لطائفة بعينها وصعود لأخرى على النحو الذي فتح الباب لنعرات وصراعات طائفية بغيضة تدفع المنطقة العربية ثمنها حتى اليوم، في حين كان غياب جيش وطني عراقي قوي، من بين أسباب انتشار الإرهاب والتنظيمات المتطرفة، بل وكان أول ظهور لما يعرف اليوم زوراً بالدولة الإسلامية في العراق عام 2006، وهو ما ساهم بدوره في تعميق الانقسام الطائفي في العراق نتيجة الهجوم المتكرر على رموز الطائفة الشيعية الكريمة". وأضاف أنه توالت بعد ذلك سلسلة من الأحداث كان أهمها الاغتيال المجرم لزعيم لبناني ذي احترام واسع عربياً ودولياً، وهو رئيس الحكومة الأسبق "رفيق الحريري"، وهو ما عمق الشرخ الطائفي علي الساحة العربية. وأشار شكري إلى أن كل ذلك أسفر عن مجموعة من التطورات في لبنان كرست ذلك الشرخ وانتجت اصطفافاً طائفياً غير مسبوق، ثم جاءت أحداث سوريا منذ مارس 2011 لتشعل حرباً بين السوريين بحسب انتماءاتهم الطائفية بدلاً من الدفع نحو تحقيق التطلعات والطموحات المشروعة للشعب السوري بمختلف طوائفه وانتماءاته لدولة ديمقراطية عادلة. وقال شكري إن معالجة التأزم الإقليمي الذي نُعاني تداعياته كعرب، والذي لا أشك في أنه سيرتد ليؤثر سلباً على قوى إقليمية بما فيها إيران والتي نصبت نفسها في بعض الأحيان مدافعاً عن الطائفة الشيعية، يتطلب من كافة القوى الإقليمية أن تجري مراجعة صادقة ومعمقة لسياستها. وأضاف شكري" سيكون على إيران أن تقوم بذلك، إذ من الواضح بالنسبة لنا في مصر أن التدخلات الإيرانية في شؤون الدول العربية قد ساهمت بشكل كبير فيما آلت إليه الأوضاع المتدهورة التى بلغناها من تراجع لمفهوم الدولة ودورها، ومن تنام لمساحة الحركة المتاحة للاعبين خارجين عن القانون من أهمهم الميلشيات المسلحة والقوى الطائفية". وتابع شكري:" إننا لسنا في مصر من دعاة النظر إلى أحوال المجتمعات العربية من منظور طائفي، بل نحرص على احترام الطوائف كافة، ونسعى لأن يكون الأساس في تحقيق تطلعات شعوب المنطقة هو حقوق المواطن المستمدة من انتمائه لدولته وليس من ارتباطه بطائفة أو بأخرى". وجدد شكري إدانته التي لا لبس فيها لتدخلات إيران فى الشأن العربى بحجة حماية الطائفة الشيعية الكريمة، مشددا على أنه لا أشك "أننا كحكومات في الدول العربية يهمنا أن نتعامل مع المنتمين إليها كمواطنين شركاء في الوطن لهم كافة الحقوق وعليهم جميع الواجبات،لا فرق بينهم وبين سائر المجتمع". وأكد شكري في الوقت ذاته رفض أي محاولة لتوظيف ورقة التطرف في أوساط الطائفة السُنية، مشيرا إلى أنه التوظيف الذي يجعل ممارسة التدخل في شؤون العرب حرباً بالوكالة، يقتتل بسببها أبناء الوطن الواحد وتفنى نتيجتها مقدرات الشعوب، وهي أوضاع لا يراد لنا كحكومات عربية أن نتمكن من التعامل معها بفاعلية لإنهائها. ولفت شكري إلى أن مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب عقد اجتماعا منذ أسبوعين،لإدانة التدخل التركي فيى شؤون العراق. وقال شكري" نحن اليوم نتخذ موقفاً مماثلاً من التدخل الإيراني في الشؤون الداخلية للمملكة العربية السعودية الشقيقة، وأن ما يبعث على قدر من الارتياح، رغم ما يتسم به الوضع الإقليمي من تدهور مؤسف، هو أننا كعرب قادرون على اتخاذ مواقف واضحة نهدف منها لحماية مصالحنا المشتركة وصون أمننا القومي العربي الذي نؤمن في مصر إيماناً عميقاً بضرورة حمايته عبر وحدة موقفنا وتضامننا الفعلي والمستمر، وبما نملك مجتمعين من عناصر القوة التي تسمح لنا بإدارة علاقاتنا بمحيطنا خارج الإطار العربي بما في ذلك مع إيران على نحو يحقق الأمن المتكافئ للجميع، ويليق بتاريخ أمتنا، ويحفظ الأواصر القائمة بين دول وشعوب المنطقة لما فيه صالح الأجيال القادمة". وأضاف شكري " إننا في مصر نقف إلى جانب المملكة العربية السعودية وإخوتنا في الخليج العربى وقفة صلبة، مؤمنين بقدرتنا كعرب، إذا تعاضدنا حقاً، على دعم بعضنا بعضاً لمواجهة تحدياتنا المشتركة".