لفت نظر المراقبين لجمعة الثورة أولاً في ميدان التحرير وجود أربع منصات للقوي الشبابية والسياسية سميت بمنصات التحرير، كل فريق يحاول أن يسوق لأفكاره ومطالبه مستغلاً هذا الحشد المليوني لشعب مصر ليمرر أجندته السياسية الخاصة مستغلاً هذا الزخم الشعبي لطرح مطالبه وهذا في حد ذاته يدعو إلي الخوف والقلق من المستقبل لأن عدم توحد المطالب بشكل توافقي يؤيده ويدعمه هذا الشعب الرائع يضع الجميع في مأزق وخاصة أن أغلب المشاركين من فئات الشعب المختلفة في التظاهرة المليونية في ميدان التحرير ليس لهم أجندات سياسية ولكن مطلبهم أولاً وأخيراً هو القصاص لشهداء الثورة من أبناء الشعب وسرعة المحاكمات العادلة العاجلة لرموز النظام السابق وعلي رأسهم رأس النظام ورجاله وكانت رسالة الشعب والشباب محددة وقاطعة للمجلس الأعلي العسكري وحكومة د. عصام شرف وإذا لم تنفذ هذه المطالب بشكل عملي وسريع وواقعي عدنا لميدان التحرير ولكن الذي أزعج أغلب المشاركين هو كثرة منصات التحرير وأن تكون هناك أكثر من خطبة للجمعة في ميدان التحرير فالمشهد السياسي والشعبي في ظاهره التوحد حول المطالب وفي باطنه الخلاف والاختلاف بين الفصائل والقوي السياسية فنري الإخوان المسلمين بعد إعلانهم مراراً وتكراراً عدم مشاركتهم في جمعة الثورة أولاً والقصاص جاءوا في اللحظات الأخيرة وأعلنوا مشاركتهم في وقفة الشعب في ميدان التحرير لسببين أولهما: أنهم تأكدوا أن ميدان التحرير سيعج بأكثر من مليون مواطن في يوم القصاص وهذا مؤشر يعطي دلالة سياسية ورسالة لأولي الأمر أن وجود أو عدم وجود فصيل الإخوان المسلمين لن يؤثر علي المظاهرة المليونية فلذلك سارع المرشد العام للإخوان المسلمين بالمشاركة في المظاهرة المليونية والسبب الآخر أن جماعة الإخوان المسلمين بعثت برسالة لكل القوي السياسية نحن هنا متواجدين بقوة وفاعلية وستكون لنا منصة وكذلك خطبة الجمعة للإخوان المسلمين رغم الخلافات التنظيمية والايدلوجية داخل الجماعة بين الحرس القديم المتشدد وشباب الإخوان الواعد الذين تمردوا علي الطاعة العمياء لتعليمات الجماعة وانشقوا وأعلنوا انضمامهم لائتلافات شباب الثورة مما يعطي مؤشر خطير أن هناك محاولات انقسام داخل صفوف جماعة الإخوان المسلمين في هذا التوقيت الحساس بالنسبة لهم لأن مخططهم غير المعلن هو الفوز بأكبر عدد من النواب في البرلمان القادم في المرحلة الأولي للجماعة وستكون المرحلة الزمنية القادمة بعد ضمان البرلمان هو القفز علي موقع الرئاسة لأن ذلك حسب المحللين هو فرصة تاريخية للإخوان المسلمين قلما تتكرر منذ إنشاء الجماعة عام 1928 فكل الظروف المحلية والعربية والدولية تعمل وتصب في صالح خندق الإخوان وخاصة بعد إعلان وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلنتون علي استعداها للتفاوض معهم وهذه سابقة تعد الأولي من نوعها بين أمريكا والإخوان وخاصة أن المفاوضات كانت دائماً تتم بنوع من السرية وسرعان ما تنتهي إلي لا شيء في الملفات المصرية.المنصة الثانية وهي من ائتلافات شباب الثورة والتيارات الليبرالية أرادت أن تعطي رسالة للداخل والخارج أنه مازالت أوراق الثورة بيدنا نحن فقط ولن نسمح لأحد بالتجاوز أو الالتفاف حولها ومحاولة تحقيق أجندته الخاصة علي حساب شهداء الثورة فكانت لهم خطبة للجمعة أيضاً بإمام آخر برسالة للشعب واستطاعوا أن يحشدوا الملايين في محافظات مصر بداية بالسويس والإسكندرية نهاية بأسيوط والإسماعيلية والمحلة الكبري وكان المطلب الرئيسي هو القصاص وسرعة المحاكمات وأن الاعتصام سيكون مفتوحاً للعودة لميادين التحرير علي مستوي مصر في حالة البطء والتردد في المحاكمات لرموز العصر البائد.ولكن ما حدث في المنصات الأخري هو رفض الناس كلمات ممدوح حمزة وجمال زهران بمحاولتهم عرض مطالبهم الدستور أولاً فتم مواجهتها بالرفض من الشعب والاصرار علي نزولهم من علي المنصة بالإضافة لمنع المتظاهرين تليفزيون C.B.C الذي يمثله مجموعة من الإعلاميين المحسوبين علي النظام السابق مثل خيري رمضان وآخرين ومنعهم من أداء عملهم تعطي دلالة أن الشباب والشعب لن يسمح بسرقة ثورتهم من خلال نماذج محسوبة علي النظام السابق فالثورة عادت لتحدد مطالبها التي تصب في خندق الوطن والمواطن بعيداً عن المنصات في التحرير والأجندات الخاصة فالشعب يريد أن يشعر بالأمان الأمني والسياسي والاقتصادي بعيداً عن المصطلحات والشعارات لأن الشعب إذا أراد الحياة فلابد أن تستجيب السماء فلننسف كل المنصات لتبقي منصة مصر قولاً وفعلاً فوق الجميع.