كتبت : هاله عبد اللطيف علي رجبلم يكد الأهالي ينتهون من أزمة السولار التي قصمت ظهورهم، حتى ظهرت أزمة جديدة وهي ارتفاع أسعار الحديد، ليس فقط بل مواد البناء بأكملها، الأمر الذي أدي لخلق حالة من تعطيش السوق الناتج عن الاحتكار الذي كان سائدًا في العصر السابق، والذي عمل النظام المخلوع على حمايته وعدم مواجهته أو منعه لارتباط مصالح كبار المسؤولين السابقين بالمستثمرين ورجال الأعمال وتشابك المنافع بينهما، وجاء ارتفاع الأسعار ليعيد من جديد عصر أحمد عز رجل الأعمال أمين التنظيم بالحزب الوطني المنحل المحبوس حاليًا على ذمة قضايا عديدة والذي احتكر الحديد في مصر، وإزداد الأمر تأكيداً عندما أعلنت مجموعة شركات عز الدخيلة للصلب، والتي تستحوذ على نحو 60% من السوق المحلي زيادة أسعار بيع حديد التسليح للمستهلك النهائي (تسليم شهر أبريل) بمقدار 820 جنيهًا عن أسعار شهر مارس التي كانت تبلغ 3280 جنيهًا ليصبح 4100 جنيه، بدعوى تزايد الطلب العالمي على المواد الخام؛ الأمر الذي أثار حالةً من الغضب بين الخبراء والمهتمين، مؤكدين أن تبريرات رفع الأسعار غير منطقية، وتصبُّ في خدمة مصالح عز الاحتكارية فقط، وتضرُّ بالسوق والمستهلكينولم يقتصر الامر علي ذلك بل أن أصحاب مصانع مواد البناء يعتمدوا دائماً على استراتيجيات ثابتة لتحريك السوق، أهمها زيادة الأسعار عندما ينخفض الطلب ويشكل خطر على المصانع لاستحالة توقف إنتاجها، فتلجأ المصانع لزيادة الأسعار بشكل نسبي لكي يتيقظ السوق ويعتقد وجود زيادة كبيرة آتية، فيسرع كل مترقب للشراء خوفاً من وقوع زيادة جديدة، ومع إعلان مصانع الحديد عن الزيادة في الأسعار بواقع 100 جنيه أوائل شهر مايو.لذا تدق النهار ناقوس الخطر بعودة عصر الاحتكار في الصناعات الثقيلة لاسيما حديد التسليح وكذلك مواد البناء، لذا حاولنا معرفة موقف السوق اتجاه هذه الزيادة خاصة أننا نمر بمرحلة ركود، وما مدى تأثيرها على السوق العقاري، وهل سيرتفع سعر الحديد مرة أخرى، وأين هي الجهات الرقابية، ومن المسئول عن هذه الزيادات في أسعار مواد البناء، بالإضافة إلي ماهي الأسباب وراء لجوء الشركات لمثل تلك السياسة وكيف يمكن التغلب علي سياسة الاحتكار واللجوء لتعطيش الأسواق.في البداية شدد الخبير العقاري د.مختار الشريف على ضرورة مراجعة الحكومة الحالية لأسعار المواد الاستراتيجية في عمليات بناء الوحدات السكنية مثل الحديد والإسمنت خاصة أن 80 % من الاستثمار في صناعة الإسمنت في يد الشركات الأجنبية الأمر الذي غل يد الدولة في السيطرة على أسعار الإسمنت وتركت المواطن فريسة للمستثمر الأجنبي من جانب والمستثمر المصري من جانب آخر لاحتكاره سوق الحديد والإسمنت واستحواذه على مصانع كانت تملكها الحكومة مما حد من سلطة الدولة على تقنين أسعار المواد الاستراتيجية.واقترح الشريف أن يدخل جهاز الخدمة للقوات المسلحة في صناعة مواد البناء وإنشاء مصانع للإسمنت والحديد لتلبية احتياجاته أولاً ثم طرح الفائض منه في السوق المحلية لضمان السيطرة على الأسعار والمساعدة في اتزان السوق بدلاً من سيطرة المستثمر الأجنبي ورجال الأعمال على أسعار هذه المواد الاستراتيجية التي ترفع من قيمة الوحدات السكنية بشكل يعجز المواطن فيه عن توفير مسكن ملائم له.وأشاد الشريف بقرار الجيش إنشاء مصنعين للإسمنت وطرح إنتاجهما بالسعر الرسمي 320جنيهًا للطن خلال شهرين، داعيًا المسؤولين بالمجلس العسكري للتوسع في إنشاء تلك المصانع واتخاذ خطوات شبيهة في إنتاج الحديد.استمرار احتكار حديد عزبينما يري أحمد الزيني نائب رئيس غرفة مواد البناء باتحاد الغرف التجارية أن استمرار ارتفاع أسعار حديد التسليح في السوق يرجع إلي استمرار الممارسات الاحتكارية من قبل شركات حديد عز التي تسيطر علي 65% من إنتاج السوق، مشيراً إلي أن السبب الرئيسي وراء تلك الازمة هو لجوء كبرى شركات ومصانع حديد التسليح بخفض التسليمات للتجار وخفض الحصص خلال الأيام الماضية،مما أدى إلى خلق الأزمة مع غياب الدور الأمني والرقابة .وأشار الزيني أن شعبة مواد البناء تتوقع ، بوجود زيادات جديدة على أسعار الحديد أوائل شهر يونيو ، بواقع 150 جنيه للطن، الامر الذي دفعها لتقديم مذكرة للمجلس العسكري في حالة تطبيق هذه الزيادة غير المبررة.لذا طالب الزيني القوات المسلحة والشرطة بسرعة التدخل لضبط الأسواق والتصدي للممارسات الضارة بالاقتصاد، وإلزام الشركات والمصانع بالعمل بكامل طاقتها وزيادة المعروض حتى يمكن تحقيق التوازن والاستقرار بين المعروض والطلب.ويتفق معه الدكتور حمد عبدالعظيم خبير إقتصاد مؤكدا أن زيادة ارتفاع أسعار الحديد تعتبر استمرارا للممارسات الاحتكارية الضارة التي تتحكم في العرض من الحديد وتستغل بعض الزيادات التي حدثت في الزيادات العالمية لخامة البليت وتقوم برفع الأسعار محليا بنسبة تزيد كثيرا علي نسبة ارتفاع أسعاره عالميا, وذلك في ظل عدم وجود عقوبة رادعة بخلاف الغرامات المالية التي يقوم المحتكرون بتعويضها من ارتفاع الأسعار بينما كان من الأفضل وجود عقوبة جنائية في حالة تكرار المخالفة ومصادرة الكميات المحتكرة وبيعها بسعر السوق الحرة, والتشديد علي تجار الحديد لتقليل هامش الأرباح المبالغ فيها والذي يضاف إلي سعر المصنع وعدم تناسبه مع تكلفة النقل من المخالفات حيث تكون الزيادة مقابل الهامش زيادة كبيرة لا يمكن تبريرها بارتفاع تكلفة النقل.وأضاف عبد العظيم انه لا يوجد ارتباط بين التغيرات العالمية في أسعار الخام والتغيرات المحلية في أسعار الحديد لأن عملية التصنيع تتم بناء علي التكلفة المحلية والتي يدخل فيها طاقة مدعمة تقدمها خزانة الدولة للصناعات كثيفة الطاقة وعلي رأسها صناعة الحديد, فضلا عن انخفاض الأجور المحلية وانخفاض أسعار البترول محليا عن الأسعار العالمية والغاز الطبيعي أصبح الآن أرخص من استخدام المواد البترولية وهذا غريب جدا لأن هذا الوقت من السنة ليس فيه طلب علي الحديد فلا يوجد مبرر سوي الممارسات الاحتكارية الضاربة.عز الدخيلة وبشاى للصلب وراء رفع الاسعاربينما أتهم المهندس يوسف نظير نظام رئيس مجلس إدارة شركة سولا للمقاولات، شركتي عز وبشاي للصلب، بافتعال زيادة أسعار الحديد، مؤكداً أن مصانع عز تعمدت تخفيض إنتاجها بنسبة 30%، وتبعتها مصانع بشاي للصلب مستخدمين نفس سياسة الاحتكار المتعارف عليها منذ التسعينات.واستنكر يوسف زيادة سعر طن الحديد 100 جنيه، عارضاً أسباب الزيادة التي لم يحدث أياً منها حتى الآن، قاصراً الأسباب على زيادة أسعار خام البليت العنصر الأساسي في صناعة حديد التسليح، ولكن أسعاره لم تزيد حتى الآن ومازال ثابتاً عند سعر 3.857 جنيهاً للطن، وزيادة تكلفة العمالة بنسبة 15% الأمر الذي لا يؤثر في زيادة سعر المنتج النهائي إلا بنسبة ضئيلة تقدر ب 10% فقط.وأضاف ان السبب الثاني وراء ارتفاع أسعار مواد البناء بصفة عامة هو زيادة أسعار نقل المنتج، وهو أمر بعيد تماماً خاصة أن التجارة الخارجية تكاد تكون منعدمة هذه الأيام وعلى أثرها أصبح سعر النقلة الواحدة لا يتجاوز 70 جنيه، بعد ما كانت النقلة تسعر بأكثر من 150 جنيه.وشدد يوسف على دور وزارة الصناعة والتجارة الداخلية، في الوقوف عند هذه الزيادة غير المبررة والتحقيق فيها، مطالباً بفرض عقوبات رادعة على المصانع المخالفة، مشيراً إلى أسعار الأسمنت باعتباره لم تحقق أية زيادات عقب ثورة 25 يناير.ارباح عالية لشركات الحديدبينما يري سيد طه رئيس غرفة ونقابة التشييد والبناء ان هذه الزيادة غير منطقية والدليل علي هذا الأرباح العالية في جميع الشركات المنتجة للحديد في العام الماضي, فإن عام 2011سوف يختلف تماما عن الأعوام الماضية حيث أن حركة التشييد والبناء تبدأ مع حلول فصل الصيف ولكن هذا العام يختلف حيث بدأت حركة التشييد والبناء من أوائل فصل الشتاء, والحديد في السوق المصرية يخضع لسياسة العرض والطلب وإنني أناشد الشركات والتجار كلما كانت الأسعار في متناول الجميع سوف تكون حركة المبيعات عالية جدا.نصب واستغلالفيما اتهم محمود العسقلاني منسق تجمع مواطنون ضد الغلاء أن قرار رفع أسعار الحديد في هذا التوقيت يثبت أننا أمام مجموعة من رجال الانتهازيين، مشيرًا إلى أن المهندس أحمد عز استغل قرار الحكومة التركية بفرض ضريبة صادر على تصدير الحديد بقيمة 200 دولار، وقام برفع طن الحديد في مصر لأكثر من 4 آلاف جنيه.وأكد العسقلاني أن مجموعات عز والعتال والجارحي وغيرهم من محتكري سوق الحديد يقومون بالنصب على المواطن المصري؛ حيث إن أصحاب تلك المجموعات الاقتصادية يمتلكون أكثر من 300 ألف طن حديد تركي تم شراؤه في وقت سابق ب2500 جنيه يكفي الاستهلاك المصري لمدة سنتين، مستغلين قرار الحكومة التركية لتحقيق مكاسب كبيرة، متوقعًا أن يرتفع سعر الحديد في الفترة القادمة بقيمة أكبر.ارتفاع أسعار البليت وراء الازمةبينما تقول مني عبد الراضي خبيرة إقتصاد أن كثيرا من المصانع المحلية التي تمثل نسبة كبيرة من الاحتكار في السوق المصرية بالنسبة لحديد التسليح فإنها دائما تقول إن أسعار البليت ارتفعت عالميا وهذا الارتفاع لا يمثل شيئا بالنسبة لأسعار الحديد الموجودة في السوق وإذا أرتفع سعر طن حديد التسليح فمن المستحيل النزول مرة أخري لا إذا تدخلت الدولة ولكن المصانع لا تقوم بخفض السعر كما إرتفع بصورة كبيرة, وإن شركة واحدة تقوم بانتاج 67 % فقط من الحديد وهو نوع من الممارسات الاحتكارية التي تتزايد بصورة كبيرة الأمر الذي يتطلب تدعيم شركة الحديد والصلب الحكومية لكي يكون لها دور بارز في دعم السوق المحلية حيث يتم تشغيل جميع أفران الحديد الموجودة داخل هذا الصرح الكبير ومنع الاحتكار للشركات الأخري.وأشارت عبد الراضي إلي أن ارتفاع أسعار البليت، والخردة، وفحم الكوك في الفترة الأخيرة طبيعي في ظل تعافي العديد من اقتصاديات بعض الدول، محذرًة من أن أي ارتفاع كبير سيكون له تأثيره الضار على المواطن البسيط، مشددًة على ضرورة اتخاذ الجهات المسئولة مثل وزارة التجارة، والصناعة، وجهاز حماية المستهلك القرارات، والوسائل القانونية التي تضبط سعر الحديد في ظل المتغيرات العالمية، وأسعار الخامات، والحالة الاقتصادية للمواطن.إفتعال أزمات وهميةفيما تري بسنت فهمي خبيرة إقتصاد أن سطوة الاحتكار بقيادة عز مكنته من رفع الأسعار، والمغالاة في الأرباح والعوائد على حساب الشعب المصري.وأكدت فهمي أن عز سيطر على سوق الاستيراد والإنتاج الذي دفعه إلى افتعال أزمات وهمية لرفع سعر الحديد بدعوى ارتفاع أسعار الخامات من خردة، وبيليت، والذي جاء كرد فعل لزيادة الطلب العالمي مع بدء التعافي في اقتصاديات كثير من البلدان.