برغم حالة الركود التي تشهدها الآن أسواق البناء والتشييد بسبب فصل الشتاء.. إلا أن الأسابيع القليلة الماضية شهدت قفزات متتالية في أسعار حديد التسليح أعادها البعض إلي زيادة سعر خام البليت بإعتباره المادة الأساسية في صناعة الحديد, واعتبر البعض الآخر هذه الزيادة بمثابة استمرار بعض الشركات في الممارسات الاحتكارية, ومن ثم طالب هؤلاء بتدخل الدولة وفرض رقابة صارمة أو عقوبات جديدة أكثر ردعا لمن يتلاعب بالأسواق. ويقول المهندس كامل الغرباوي نائب رئيس مجلس إدارة إحدي شركات الحديد والصلب إن سبب ارتفاع أسعار الحديد هو زيادة أسعار خام البليت عالميا خلال الشهرين الماضيين من475 دولارا للطن إلي525 دولارا ثم إلي590 دولارا للطن ثم إلي610 دولارا وحاليا أصبح سعره650 دولارا وهذه الزيادات خلال60 يوما فقط وترجع هذه الزيادة إلي ارتفاع في أسعار البترول مع زيادة الطلب علي خامة البليت. وكذلك تم زيادة الخردة من1400 جنيه مصري إلي1600 جنيه ثم إلي1850 خلال60 يوما مع العلم أن الطلب علي الحديد واستخداماته لا يتطلب كل هذه الزيادة. وهو ما دفع معظم المصانع إلي فتح اعتمادات مالية جديدة لاستيراد البليت خوفا من زيادة الأسعار ولكن لابد علي الدولة أن تحدد كيفية استيراد خامة البليت للمصانع التي تعمل في انتاج الحديد فقط وعلي التاجر أن يستورد المنتج النهائي من الحديد وهذا تحذير من بداية رفع الأسعار في بداية عام2011 ويعتبر هذا جرس انذار للجميع منعا للتلاعب بالسوق, وأن تكون هناك رقابة صارمة, فهل التصنيع للمستورد أم للغير؟!. وهذه في ظني تمثل لب المشكلة التي تؤدي إلي ارتفاع الأسعار ولابد من وقفة للتاجر المستورد لخامة الحديد, فيكون للتجار هامش ربح وكذلك للصانع ويكون المستهلك هو المتضرر الوحيد, ومن هنا نحذر من كون تاجر الجملة يستورد منتج تام فقط والصانع يستورد خامات الانتاج ولذلك تكون الرقابة علي المستورد والمنتج الداخلي تحت السيطرة فإن الأسعار العالمية ارتفعت بنسبة10 % تكون الزيادة الداخلية من5 إلي6 % إذا وجدت الرقابة علي ذلك. وإذا لم يكن هناك رقابة صارمة سوف يستمر الاحتكار ويكون الربح مركبا وفي النهاية تكون النتيجة علي حساب المستهلك. ومن جانب آخر يقول الدكتور حمد عبدالعظيم عميد أكاديمية السادات للعلوم الإدارية سابقا: زيادة ارتفاع أسعار الحديد تعتبر استمرارا للممارسات الاحتكارية الضارة التي تتحكم في العرض من الحديد وتستغل بعض الزيادات التي حدثت في الزيادات العالمية لخامة البليت وتقوم برفع الأسعار محليا بنسبة تزيد كثيرا علي نسبة ارتفاع أسعاره عالميا, وذلك في ظل عدم وجود عقوبة رادعة بخلاف الغرامات المالية التي يقوم المحتكرون بتعويضها من ارتفاع الأسعار بينما كان من الأفضل وجود عقوبة جنائية في حالة تكرار المخالفة ومصادرة الكميات المحتكرة وبيعها بسعر السوق الحرة, والتشديد علي تجار الحديد لتقليل هامش الأرباح المبالغ فيها والذي يضاف إلي سعر المصنع وعدم تناسبه مع تكلفة النقل من المخالفات حيث تكون الزيادة مقابل الهامش زيادة كبيرة لا يمكن تبريرها بارتفاع تكلفة النقل.. وأضاف انه لا يوجد ارتباط بين التغيرات العالمية في أسعار الخام والتغيرات المحلية في أسعار الحديد لأن عملية التصنيع تتم بناء علي التكلفة المحلية والتي يدخل فيها طاقة مدعمة تقدمها خزانة الدولة للصناعات كثيفة الطاقة وعلي رأسها صناعة الحديد, فضلا عن انخفاض الأجور المحلية وانخفاض أسعار البترول محليا عن الأسعار العالمية والغاز الطبيعي أصبح الآن أرخص من استخدام المواد البترولية وهذا غريب جدا لأن هذا الوقت من السنة ليس فيه طلب علي الحديد فلا يوجد مبرر سوي الممارسات الاحتكارية الضاربة. أما سيد طه رئيس غرفة ونقابة التشييد والبناء فيري ان هذه الزيادة غير منطقية والدليل علي هذا الأرباح العالية في جميع الشركات المنتجة للحديد في العام الماضي, فإن عام 2011سوف يختلف تماما عن الأعوام الماضية حيث أن حركة التشييد والبناء تبدأ مع حلول فصل الصيف ولكن هذا العام يختلف حيث بدأت حركة التشييد والبناء من أوائل فصل الشتاء, والحديد في السوق المصرية يخضع لسياسة العرض والطلب وإنني أناشد الشركات والتجار كلما كانت الأسعار في متناول الجميع سوف تكون حركة المبيعات عالية جدا. ويري الدكتور عبد المطلب عبد الحميد استاذ الاقتصاد أن كثيرا من المصانع المحلية التي تمثل نسبة كبيرة من الاحتكار في السوق المصرية بالنسبة لحديد التسليح فإنها دائما تقول إن أسعار البليت ارتفعت عالميا وهذا الارتفاع لا يمثل شيئا بالنسبة لأسعار الحديد الموجودة في السوق وإذا أرتفع سعر طن حديد التسليح فمن المستحيل النزول مرة أخري لا إذا تدخلت الدولة ولكن المصانع لا تقوم بخفض السعر كما إرتفع بصورة كبيرة, وإن شركة واحدة تقوم بانتاج 67 % فقط من الحديد وهو نوع من الممارسات الاحتكارية التي تتزايد بصورة كبيرة الأمر الذي يتطلب تدعيم شركة الحديد والصلب الحكومية لكي يكون لها دور بارز في دعم السوق المحلية حيث يتم تشغيل جميع أفران الحديد الموجودة داخل هذا الصرح الكبير ومنع الاحتكار للشركات الأخري. ويضيف هشام الترساوي المهندس الاستشاري مازالت حركة البيع والشراء في السوق العقارية في مصر علي درجة كبيرة من الهدوء بل ربما الكساد ولذلك فإن زيادة أسعار مواد البناء خاصة الحديد الأسمنت سوف يكون لها تأثير سلبي جدا علي الباقية من حركة التشييد والبناء في مصر مما سيؤدي إلي حالة ركود جديدة في السوق المصرية عامة. حيث من المعروف أن حركة التشييد والبناء تعتبر القاطرة التي تسير وراءها حركة الانتعاش الاقتصادي في البلد ككل وليس من المعقول كلما ظهرت بادرة أمل في إنتعاش السوق المصرية تأتي مصانع الأسمنت والحديد لتقضي علي هذا الأمل بقرارات جائرة وللأسف فإن الحكومة المصرية لا تتدخل لإيقاف هذا العبث بل تساعد وتشارك فيه. فمن المعروف أن رجال الأعمال أصحاب هذه الشركات والمصانع هم أنفسهم رجال الحكومة ويقول عبد الرحمن إسماعيل مقاول: مع بداية العام الجديد فوجئنا بزيادة غير مبررة لأسعار مواد البناء خاصة حديد التسليح والأسمنت مما سوف يؤثر تأثيرا سلبيا علي كل العاملين في قطاع المعمار والبناء وخاصة الأيدي العاملة خاصة أن هذا القطاع يتأثر كثيرا بفصل الشتاء لذلك نرجوا من المسئولين في الدولة سرعة التدخل بقوة بهدف الحد من ظاهرة إرتفاع الأسعار غير المبرر لمواد البناء ويقول المهندس مسلم سلمي سليمان رئيس قطاع المبيعات باحدي شركات الحديد لقد تم تثبيت سعر حديد التسليح في اوائل هذا الشهر حيث يباع حديد التسليح داخل الشركة بسعر4 آلاف و201 جنيه للطن مشيرا إلي أن الشركة تقوم بإنتاج حديد تسليح قطر 12مم,16مم والآن نقوم بتدعيم المواطنين بالكميات المطلوبة لهم بالرخصة وكذلك شركات المقاولات خاصة شركة المقاولون العرب من أجل المشروعات العملاقة التي تقوم بها الشركة.