تواصلت أمس تداعيات مقتل قاضٍ فى مدينة «إسطنبول» التركية، مساء أمس الأول، احتجزته مجموعة يسارية متطرفة، فأطلقت الشرطة حملة اعتقالات ضد المقربين من المجموعة، تزامناً مع محاولة اقتحام مسلح مقر حزب «العدالة والتنمية» الحاكم فى المدينة ذاتها. واعتقلت الشرطة 22 طالباً فى مدينة «أنطاليا»، واستهدفت 22 طالباً يُشتبه فى صلتهم بحزب الجبهة الثورية لتحرير الشعب، الذى تبنى عملية احتجاز القاضى محمد سليم كيراز، الذى يحقق فى مقتل الطفل بركين إلفان، 15 عاماً، على يد الشرطة، إثر إصابة لحقت به فى مظاهرات «جيزى»، وطالب المسلحان الشرطة بالاعتراف علنياً بقتل الطفل. وقالت وكالة أنباء «دوغان» التركية إن «الشرطة تدخلت بعد أن تلقت معلومات تبعث على الاعتقاد بأن الجبهة الثورية لتحرير الشعب تحضر لعمليات أخرى مماثلة لتلك التى نُفذت فى قصر العدل فى إسطنبول». لكن محامياً عن الطلاب الموقوفين نفى للوكالة مزاعم الشرطة. وتدخلت قوات الأمن، مساء أمس الأول، ضد ناشطين مسلحين فى هذه المجموعة الماركسية المعروفة بشن العديد من الاعتداءات فى تركيا منذ تسعينات القرن الماضى، أثناء احتجازهما القاضى. وقُتل محتجزا الرهينة أثناء عملية التدخل وفارق المدعى العام محمد سليم كيراز الحياة بعد ساعتين من نقله إلى المستشفى لإصابته بالرصاص فى الرأس والصدر فى ظروف لم تتضح بعد. وكان القاضى يحقق بشأن ملابسات وفاة الفتى بركين إلفان فى 11 مارس 2014 بعد 269 يوماً من دخوله فى غيبوبة بسبب إطلاق الشرطة قنبلة مسيلة للدموع فى «إسطنبول» أثناء تظاهرة فى يونيو 2013. وأقيم تكريم، أمس، للقاضى فى قصر العدل أمام مئات من زملائه القضاة والمحامين. وكُتب على لافتة كبيرة رفعت فى قلب المبنى الفسيح «لن ننساك. أنت شهيدنا». من جهته، أعرب رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو عن ارتياحه لنهاية عملية احتجاز الرهينة، وقال: «إن هذه العملية بلغت هدفها إلى حد كبير». وأضاف: «نعتبر أن الهجوم لم يكن يستهدف فقط المدعى محمد سليم كيراز، بل وأيضاً القضاء والديمقراطية وجميع مواطنى تركيا»، مضيفاً أنه «يجب ألا تساور أحد أى شكوك بأننا سنواصل محاربة الإرهاب بعزم وبشتى الوسائل». وقال الرئيس رجب طيب أردوغان إن «ما جرى يجب عدم الاستخفاف به، إنه حادث يتوجب إيلاؤه أكبر قدر من الاهتمام». وقرر «أردوغان» اختصار أجندة زيارته الرسمية إلى رومانيا، والعودة إلى تركيا مبكراً، عقب الحادثة. وذكرت وسائل الإعلام التركية أن «المجموعة كانت تطالب الشرطيين المسئولين فى نظرها عن وفاة الفتى بركين باعتراف علنى وبإحالتهم أمام محكمة الشعب». ولم توجه التهمة رسمياً إلى أى شرطى حتى الآن فى إطار التحقيق الذى فتحه المدعى العام «كيراز» منذ 4 أشهر. وقالت بوابة «هبرلار» التركية إن «سامى إلفان، والد الطفل بركين، أبدى ردة فعل على احتجاز المدعى العام كرهينة، واتصل بهما هاتفياً خلال مفاوضات رجال الأمن معهما وطالبهما بإطلاق سراحه». وتساءل زعيم حزب «الشعب الجمهورى»، أكبر أحزاب المعارضة فى تركيا، كمال كليتشدار أوغلو، قائلاً: «أريد أن أوجه سؤالاً إلى كل من الحكومة وجهاز المخابرات اللذين شاهدا بأم أعينهم اتخاذ الإرهابيين المدعى العام كرهينة، كيف دخل هذان إلى قصر العدل وبحوزتهما أدوات أعمال الشغب مثل العلم والسلاح والكلابشات البلاستيكية؟». فى سياق آخر، تستعد نقابة الموظفين الحكوميين لتنظيم تظاهرة فى العاصمة التركية «أنقرة»، السبت المقبل، احتجاجاً على سياسة الحكومة التى ترفض تلبية مطالب موظفى الحكومة لتحسين ظروفهم المعيشية وتدنى رواتبهم فى ظل زيادة الأسعار وارتفاع معدل التضخم. وقال رئيس نقابة الموظفين الحكوميين، إسماعيل كونجك، وفق ما نقلت صحيفة «راديكال» التركية، أمس، إن «مئات الموظفين سيأتون من محافظات أخرى إلى أنقرة للمشاركة فى التظاهرة احتجاجاً على سياسة الحكومة التى تمتنع عن منح الزيادة السنوية الكافية للموظف الحكومى».