يأتي إعلان تايلاند استعدادها لخوض معركة في محكمة العدل الدولية ضد جارتهاكمبوديا لحل الأزمة الحدودية ،التى نشبت بينهما مؤخرا، فى الوقت الذى تجددت فيهالمعارك بين البلدين بعد ساعات من توصلهما إلى وقف لإطلاق النار..الأمر الذى يثيرالكثير من التساؤلات حول مستقبل وآفاق الأزمة بين البلدين .وأعربت وزارة الخارجية التايلاندية عن استعدادها للاحتكام إلى محكمة العدلالدولية بعد أن لجأت إليها كمبوديا لتوضيح حكم صادر عنها عام 1962 بشأن ملكيتهالمعبد تنازعها عليه تايلاند .وكان الجانبان الكمبودي والتايلاندي قد وقعا اتفاقا لوقف النار من المفترض أنينهي أسبوعا من الاشتباكات المتقطعة بالمدفعية والصواريخ، تسببت بمقتل سبعة جنودمن تايلاند وثمانية من كمبوديا إضافة إلى مدني تايلاندي، وإصابة ما يزيد على ستينشخصا من الجانبين وتشريد نحو ستين ألفا.وتشير تطورات الأحداث بين البلدين إلى أن أزمة الحدود من الأزمات الممتدةوالتي تأخذ وقتا طويلا من أجل تسويتها، وثمة عدة مؤشرات تغذي استمرار الأزمةوتؤكد أن مستقبل تسوية الأزمة بين كمبوديا وتايلاند لن تحسم في الأجل القريب .أول هذه المؤشرات .. انسحاب تايلاند من مباحثات وقف إطلاق النار مع كمبوديا،بعد إلغاء المحادثات التي كانت مقررة بين وزيري الدفاع التايلاندي والكمبوديلإنهاء النزاع الحدودي الأكثر دموية منذ سنوات في جنوب شرق آسيا، الأمر الذي يقضىعلى أي أمل وشيك لإنهاء القتال بين الجانبين.ثاني المؤشرات .. يتمثل في فشل الوساطة السياسية لإنهاء النزاع من قبلأندونيسيا ، التي ترأس حاليا رابطة دول جنوب شرق آسيا التي تضم الدولتين فيعضويتها..وطرحت جاكرتا في إطار جهود الوساطة نشر مراقبين أندونيسيين على طولالحدود، غير أن تايلاند رفضت الاقتراح ..وعللت تايلاند رفضها للمقترح الأندونيسيبضرورة أن تسحب كمبوديا قواتها من معبد برياه فيهير بالقرب من المنطقة الحدوديةالمتنازع عليها.ثالث المؤشرات ..يرتبط بتطورات الأحداث السياسية الداخلية في تايلاندوكمبوديا، حيث تعتزم الحكومة التي يقودها الحزب الديمقراطي الدعوة إلى حل مجلسالنواب في الأسبوع الأول من مايو الجاري قبل الترتيب لإجراء انتخابات عامة جديدةبحلول نهاية يونيو أو مطلع يوليو المقبلين ، كما أن كمبوديا سوف تجري انتخاباتمحلية العام المقبل وتجري الانتخابات الوطنية في عام 2013.وكان رئيس الوزراء التايلاندي أبهيسيت فيجاجيفا قد أصدر قرارا لجميع الوزراءبمراجعة كافة أوجه التعاون مع كمبوديا على خلفية الاشتباكات الحدودية الجارية ..حيث صدق مجلس الوزراء على قرار من ثلاثة بنود يشمل الرد العسكري على انتهاكالكمبوديين للأراضي التايلاندية والجهود الدبلوماسية لترتيب مباحثات ثنائيةومراجعة جميع أشكال التعاون مع كمبوديا.تعود جذور الأزمة الحدودية بين البلدين إلى عام 1962 وهو العام الذي أصدرت فيهمحكمة العدل الدولية حكما بملكية كمبوديا لمعبد برياه فيهير الذي يرجع تاريخه إلىحوالي 900 عام ، إلا أنها لم تحكم بملكية المنطقة المحيطة به، مما أثار جدلا بينالعديد من رجال الدين البوذيين في تايلاند وجعلهم يطالبون الجهات الرسمية بإعادةالنظر في ملكية منطقة المعبد.وقد استعر الخلاف بين البلدين على المنطقة التي تحيط بالمعبد البالغة مساحتها6ر4 كيلومتر خصوصا بعد أن صنفت منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافةاليونسكو المعبد ضمن المباني التراثية العالمية عام 2008 بناء على طلب كمبودي.ويؤكد الخبراء والمحللون على أن ثمة خلفيات قوية للتوتر بين كمبوديا وتايلاند،فرغم زوال الاضطرابات العنيفة في كمبوديا في السبعينيات والثمانينيات من القرنالماضي، إلا أنه لايزال هنال العديد من النزاعات الحدودية بين كمبوديا وجيرانها،فهناك خلافات حول بعض الجزر، وأجزاء من الحدود مع فيتنام، والحدود البحرية غيرالمعرفة، ومناطق حدودية مع تايلاند.ففي يناير 2003، وعلى خلفية أعمال شغب مناهضة لتايلاند في بنوم بنه، أرسلتالحكومة التايلاندية طائرات عسكرية لإجلاء المواطنين التايلانديين وأغلقت حدودهامع كمبوديا في وجه التايلانديين والكمبوديين، بينما تظاهر التايلانديون أمامالسفارة الكمبودية في بانكوك.ثم أعيد افتتاح الحدود في 21 مارس من نفس العام، بعد أن دفعت الحكومةالكمبودية 6 ملايين دولار أمريكي تعويضا عن تدمير السفارة التايلاندية، ووافقتعلى تعويض الشركات التايلاندية عن خسائرها بشكل فردي.كما برزت المزيد من المشكلات بين كمبوديا وتايلاند في منتصف عام 2008 عندماأرادت كمبوديا وضع معبد برياه فيهير على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، مما أدىفي وقت لاحق إلى المواجهة حيث نشر كلا البلدين جنودهما قرب الحدود وحول المناطقالمتنازع عليها بين البلدين .. واشتعل الصراع من جديد في أبريل 2009.