حالة من الجدل سادت بين الأوساط المصرفية عقب القرار الذي أصدره البنك المركزي، مؤخراً، بوضع حد لسقف الإيداع النقدي بالدولار بالبنوك العاملة في السوق المحلية بحد أقصى 10 آلاف دولار يوميا وباجمالي إيداعات شهرية 50 ألف دولار للأفراد والشركات. فقد تباينت الآراء حول هذا القرار، إذ رأى البعض أن هذا القرار يعد بداية جيدة للقضاء تماماً على تجارة العملة والسوق السوداء لها كما أنه يساهم في مكافحة غسل الأموال، في حين رأى البعض الآخر أن هذا القرار يؤدي لارتفاع كبير في الأسعار على السلع وبالأخص السلع الاستهلاكية وهذا ما حدث بالفعل وقد ينذر هذا الأمر بثورة قادمة لا محالة، لاسيما وأن المستهلك يعد المتضرر الوحيد من ذلك القرار. لذا استطلعت النهارس النتائج التي قد تترتب عليه؟.. وجاءت إجابتهم خلال السطور القادمة. في البداية أكدت فائقة الرفاعي، وكيل محافظ البنك المركزي السابق، أن المركزي أصدر هذا القرار للحد من ظاهرة وجود سعرين للعملة الخضراء بفارق ملحوظ بالسوق أي أنه بداية للقضاء على السوق السوداء للدولار، لافتة إلى أن هذا القرار ساهم في دفع شركات الصرافة لبيع العملات الدولارية للبنوك، الأمر الذي ساهم في فى ضخ السيولة المطلوبة فى البنوك لتلبية احتياجات العملاء. وأشارت الرفاعي إلى أن هذا القرار سيزيد من فتح الاعتمادات المستندية، خاصة وأنه سيقلل من طلب المستوردين على شراء الدولار بالسوق السوداء، ومن ثم فإن هذا الأمر سيزيد من حجم السيولة الدولارية بالبنوك. في حين رأى إسماعيل حسن، محافظ البنك المركزي الأسبق ورئيس بنك مصر إيران للتنمية، أن هذا القرار يعد ضربة جديدة وقوية من المركزى، خاصة وأنه يساهم بشكل جيد في تضييق الخناق على السوق السوداء والمضاربات على العملة الصعبة، وذلك قبل انعقاد المؤتمر الاقتصادي المزمع عقده 13 مارس المقبل، خاصة وأن مصر ستحصل على مساعدات عربية بقيمة 10 مليارات دولار من الكويت والامارات والسعودية. وأضاف حسن أن هذا القرار أدي لانتهاء المضاربات على الدولار إذ دفع الكثير من العملاء للاتجاه لبيع العملة الخضراء الأمر الذي أدي لوجود وفرة كبيرة للدولار لدي الشركات والمستثمرين، مشيراً إلى أن هذا القرار لن يؤثر بالسلب على حجم الاستثمار وإنما العكس هو ما يحدث إذ إن هذا القرار سيدعم الاقتصاد المصري وهذا سينعكس بالإيجاب على معدلات الاستثمار في مصر. في حين أكد محسن الخضيري، الخبير المصرفي، أن هذا القرار أدى بالضرورة لارتفاع أسعار السلع، لاسيما وأنه دفع المستوردين لرفع الأسعار على التجار ومن ثم قام التجار برفعها على المستهلك، وبالتالي فإن المستهلك بات المتضرر الأكبر من هذا القرار ، فضلاً عن أن هذا القرار سيساهم لزيادة القيود الملقاة على عاتق المستثمر الأجنبي، خاصة وأنه يعد بمثابة فرض قيود على الودائع الدولارية لشركاتهم ومشاريعهم الاستثمارية، إذ إن استمرار القرار سيقلل من حجم الاستثمار الأجنبى المباشر في مصر خلال الأيام القادمة، وهذا ما يتنافي بالضرورة مع أهداف المركزي لتشجيع الاستثمار خلال الفترة المقبلة. وأضاف الخضيري أن هذا القرار سيدفع الكثير من الأفراد لإجراء معاملاتهم البنكية خارج القطاع المصرفي، لاسيما وأن قرار المركزي يؤكد للجميع أنه ليس بحاجة على الإطلاق لأية إيداعات دولارية، مشيراً إلى أن هذا القرار لن يؤدي لضبط سوق الصرف والحد من تعاملات السوق الموازية كما يعتقد البعض. في حين أكد الدكتور صلاح جودة، المستشار الاقتصادي للمفوضية الأوروبية، أن قرار المركزي بتحديد سقف الإيداعات الدولارية قرار خاطئ وله نتائج سلبية لاسيما بعدما فشلت حكومة الرئيس الأسبق محمد مرسي فيه من قبل، موضحاً أن هذا القرار سيقلل من حجم العملات الدولارية الداخلة للبنوك وهذا الأمر لا يتماشي على الإطلاق مع ندرة العملة الخضراء بالبنوك وفي ظل تآكل حجم الاحتياطي الأجنبي وارتفاع حجم الديون الخارجية لمصر. وأضاف جودة أن هذا القرار يحد من حجم العملات التي يمتلكها الأفراد والشركات وهذا الأمر لا يتناسب مع ظروف البلد، لافتاً إلى أن هذا القرار يعد مخالفاً تماماً للدستور المصري خاصة وأن اقتصاد مصر حر وبالتالي ليس من حق المركزي أن يفرض أي قيود على إيداعات العملاء وإنما مهامه تتلخص في الرقابة وتشغيل هذه الودائع فقط، فضلاً عن أن هذا القرار سيزيد من حجم العقبات أمام عمليات الاستيراد.