تمثل الأزمة الحالية داخل جماعة الإخوان المسلمينالموجة الثالثة من الانشقاقات التي تعانى منها الجماعة خلال العقدين الماضيينوالتي بدأت بانشقاق شباب حزب الوسط بقيادة أبو العلا ماضي وعصام سلطان أوائلالتسعينيات، ثم جبهة الإصلاح الاخوانية عام 2000 ومن ابرز أعضائها مختار نوحوخالد داوود ومحمود الزعفراني،وأخيرا الموجة الحالية التي يتزعمها الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح عضو مجلس شورى الجماعة.ويؤكد مراقبون أن التمرد الأخير يتميز بعدة صفات من بينها أن الحركة تضم لأولمرة عضوا قياديا كبيرا بحجم عبد المنعم أبو الفتوح مدعوما بعدد غير قليل من شبابالجماعة الذين يرفضون سيطرة كبار السن ويطالبون بالسماح لهم بتأسيس أحزاب جديدةوالانضمام لأحزاب قائمة تماشيا مع روح ثورة 25 يناير.ويعارض شباب الإخوان قرار الجماعة بعدم خوض انتخابات الرئاسة المقبلة،ولعل ذلكما دفع الأزمة للدخول لمنعطف مهم بعد أن ألمح المرشد العام للجماعة الدكتور محمدبديع إلى إمكانية شطب الدكتور عبد المنعم أبوالفتوح من سجلات الجماعة إذا استمرفي خطته الرامية للترشح في انتخابات رئاسة الجمهورية أو تأسيس حزب سياسي جديد.وقال مرشد الإخوان في تصريحات صحفية: ليس لجماعة الإخوان حزب سوى حزب الحريةوالعدالة، ونرفض أن يكون للجماعة أكثر من حزب أو أن ينتمي أحد أفراد الصف لأيحزب آخر غير حزب الإخوان؛ لضرورة توافر الالتزام الحزبي.وأوضح أن الجماعة والحزب لن يختلفا في الأصول، ولكن سيختلفان في الرؤى؛ حيث لنيكون للجماعة أي سلطان على الحزب بعد إنشائه ووضع لوائحه.وكان الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح قد هاجم فكرة حزب الجماعة في ندوة باتحادالأطباء، مساء الثلاثاء الماضي ، واصفا إياه بأنه سيكون +حزب التنابلة، وسيعتمدعلى الرصيد التاريخي للجماعة، ولن يكون له من الآليات ما يمكنه من التواصل الشعبيالحقيقي.وفى إطار مشاركته في فعاليات ندوة بمكتبة الإسكندرية مساء الخميس الماضى ، جددأبو الفتوح رفضه فكرة تحويل الجماعة إلى حزب سياسي، وأعلن اعتزامه خوض الانتخاباتالرئاسية المقبلة كمستقل، وقال إنه سيقدم استقالته من الجماعة حال اتخاذه قراراًبخوض المعركة الانتخابية.ورد المرشد العام للإخوان المسلمين على تصريحات أبو الفتوح بلغة هادئة بالقول إنالدكتور عبد المنعم أبو الفتوح أخ عزيز، وعاهد الله على الالتزام، من خلال طاعةقيادة الجماعة، والالتزام بلوائحها وقواعدها، وعليه أن يفي بعهده، مشددًا على أنهلا يعبِّر عن الجماعة سوى مرشدها ونوابه والمتحدثين الإعلاميين عنها.وقال إن الإخوان المسلمين جماعة مؤسسية، ولها ضوابط عديدة في تقديم اقتراحاتتطوير وإصلاح الجماعة داخليًّا، مشيرًا إلى أن الجماعة لا تتعلق بأشخاص وإنماترتبط بالمنهج.وأشار إلى أن الإخوان قرروا تسمية حزبهم بالحرية والعدالة لإرسال رسالةتطمين للشعب المصري والقوى الوطنية وإزالة الفزع من الجماعة، كما سيتم فتح عضويةالحزب لكل المصريين، مع ضرورة احترام الضوابط الأخلاقية التي اجتمع عليها الجميعبعد القضاء على لجنة الأحزاب التي كبَّلت الحياة السياسية في مصر.وقال بديع - خلال حواره على فضائية الحياة - إن الجماعة اختارت الاختيار الفقهيفي عدم ترشيح قبطي أو امرأة للرئاسة، ولكن لأي حزب الحق في ترشيح القبطي أوالمرأة للرئاسة، والاختيار سيكون للشعب المصري، موضحا أن الجماعة كان يكال لهاالاتهامات والافتراءات من جانب النظام السابق؛ الذي استخدمها كفزاعة للمصريينوالعالم كله؛ مما أدى إلى تراجع الوطن وترديه في كل المجالات، وشدَّد على أنالجماعة هيئة إسلامية شاملة، دورها مؤثر في تاريخ مصر المعاصر؛ ولذلك فان تشويههاكان متعمدًا.وقال إن جماعة الإخوان قدمت لمصر نموذجًا مميزًا، من خلال طرحها على القوىالوطنية إنشاء قائمة موحدة فى الانتخابات البرلمانية المقبلة لإزالة فزع القوىالوطنية من الكتلة التصويتية للإخوان؛ وحتى تكون الكتلة التصويتية معهم وليستضدهم وفي مصلحة الوطن.في السياق ذاته، أوضح المرشد العام للإخوان المسلمين الدكتور محمد بديع أنالخلاف في جماعة الإخوان خلاف طبيعي، يدل على تنوع الآراء؛ حيث يرحب بجميعالاقتراحات التي تقدم لإصلاح الجماعة، لكن من خلال المسارات الصحيحة والرسميةللجماعة.وأكد أنه جلس مع أكثر من 900 من شباب الإخوان لتلقي الاقتراحات، وكلهم مسئولون فيشعب الجماعة ولجانها المختلفة، مشيرًا إلى أنه أسس مشروعًا يحمل اسم أسامة بنزيد، يطرح إسقاط شرط السن عن الشباب المؤهلين للقيادة؛ ليكونوا واجهة للجماعة،مشيرًا إلى أنه مستمر في تنظيم لقاءات مع شباب الإخوان في كل محافظات الجمهورية،وأن عدم حضور قيادات الإخوان لمؤتمر الشباب لأنه كان مفاجئًا وبدون ترتيب مسبق.وأضاف أن الإسلام دين سامٍ وراقٍ في قواعده وأصوله التي تتسع لجميع الثقافات،وأن الدين بشكل عام متجذر في الشعب المصري بمسلميه ومسيحييه؛ حيث إن القهر الذيتعرض له المسلمون والمسيحيون في العهد البائد كان يهدف إلى تحويل حياة الشعب إلىصراعات وفتن.وأوضح أن النظام السياسي في الإسلام له قواعد عامة، وليس له أشكال معينة، ويجب أننعود بالقضايا إلى الأمة لتقييمها؛ حيث إن مناخ الحرية الصافي يتطلب من كلالحركات الإسلامية أن تتدرب على كيفية الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.وأكدالدكتور محمد بديع أنه بصدد التواصل مع كل التيارات والاتجاهات السياسيةوالدينية من أجل بناء مصر بشكل أفضل، وتحقيق قيم العدالة والحرية والمساواةوغيرها، موضحًا أن حوار عبود الزمر في أول تصريحاته الإعلامية بوسائل الإعلام لمتكن موفقة، قائلاً: يجب أن ندعو الناس إلى الخير قبل الأمر بالمعروف والنهي عنالمنكر.وأشار المرشد العام للإخوان المسلمين الدكتور محمد بديع إلى أن الصراع السياسيمنافسة من أجل تقديم الأجود، والشعب عليه الاختيار بين كل الرؤى المطروحة حيث إنالاستفتاء على التعديلات الدستورية حرك الكتلة الصامتة منالمصريين وجعلها واثقةً بأن إرادتها لها تأثير، معربًا عن سعادته بنزول الشعب بهذه الكثافة يوم الاستفتاء.وقال إن الإخوان لم يقولوا إن التصويت ب(نعم) في الاستفتاء واجب شرعي، لكنهمقالوا للشعب إن صوته أمانة ويجب الإدلاء به في الاستفتاء، دون التأثير أو فرض رأيآخر عليه، وانه بادر بالاعتذار عما بدر من بعض الأخوة في هذا المجال.وحول شعار الإسلام هو الحل، قال أن الأحكام القضائية أثبتت أن شعار الإخوان(الإسلام هو الحل) لا يشكل قيدًا لأحد بل يعد ضمانة حقيقية لحماية حقوق المسلمينوغيرهم، وأن أصحاب حزب الحرية والعدالة هم من سيقررون الشعارات التي سيرفعونها فيالانتخابات المقبلة.وفيما يتعلق بمبادرته الرامية لفتح حوار مباشر مع شباب الأقباط في مصر، قالالدكتور بديع أنه أرسل برقية للبابا شنودة للاطمئنان على صحته وتهنئته بسلامةالعودة إلى البلاد، فقام البابا بالاتصال به هاتفيًّا، وتبادلا الحديث عن مصلحة الوطن، مشيرًا إلى أنه أبلغ البابا بأن العهد البائد هو الذي أوغر صدورنا، وأوجدالخلاف بين المسلمين والمسيحيين، وطالبته بترتيب لقاءات مع شباب الأقباط؛ لإجراءحوارات معهم؛ لإزالة المخاوف التي تحاصرهم من الإخوان.وشدد الدكتور محمد بديع على ضرورة وضع دستور جديد يليق بمصر بعد إجراءالانتخابات البرلمانية القادمة في نموذج فريد يشهد له للعالم كله، وعودة القواتالمسلحة إلى ثكناتها في أسرع وقت لتولي مهمتها الرئيسية في حماية البلاد، مشيرًاإلى أن الفزاعة ليست من المادة الثانية ولكن في أسلوب إرهاب الشعب منها.وطالب كل من يرشح نفسه للرئاسة بأن يكون هدفه تحقيق مصلحة الوطن، من خلال عرضبرنامج واضح المعالم، ويعلم أنه أجير عند الأمة، إن شوهد على خير أعانه الشعب،وإن شوهد على شر وجب تقويمه، مؤكدًا أن ملفات المرشحين للرئاسة ونتيجتها لم تأتموعدها؛ لأن شغلنا الشاغل الآن هو إقامة مجلس شعب يوحد البلاد على يد واحدة لكينرى نموذجًا برلمانيًّا فريدًا.