الرئيس يزور الكويت ل "لم الشمل" العربى

شهد عام 2014 تحركات سياسية خارجية للرئيس عبد الفتاح السيسى والتى جاءت تمهيدا لاستعادة مصر لدورها الإقليمى والدولى على المستوى السياسى والاقتصادي.. وبدأت تلك التحركات بزيارت الرئيس لدول أوروبية وآسيوية والتى حققت أهدافا ونتائج إيجابية ستصب فى مصلحة البلاد، وحرصا على تعزيز العلاقات العربية المصرية يقوم الرئيس عبد الفتاح السيسى بمجموعة زيارات لدول خليجية وذلك لمزيد من تعزيز التعاون الاقتصادى وتدعيم للعلاقات العربية المصرية خاصة بعد وقوف تلك الدول بجانب مصر خلال أزماتها فى الفترة الماضية.
هذا وقد بدأ الرئيس عبد الفتاح السيسى زيارات العام الجديدة بزيارة دولة الكويت حيث يلتقى مع أمير الكويت، وولى العهد وعدد من كبار المسئولين، بجانب لقائه مع رجال الأعمال لدفع المزيد من تعزيز التعاون الاقتصادى بين البلدين.
محمد منيب رئيس المركز الإفريقى للديمقراطية ودراسات حقوق الإنسان، أكد أن زيارة الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى لدولة الكويت تأتى فى إطار دعم الشراكة المصرية مع دول الخليج فى الفترة المقبلة، خاصة بعد موقف الجانب الكويتى الداعم للجانب المصرى فى التصدى للإرهاب بعد ثورة 30 يونيو
وأكد منيب أن أحد جوانب الزيارة متعلقة بدعوة رجال الأعمال فى دولة الكويت لحضور فعاليات المؤتمر الاقتصادى، والمقرر عقده بمصر فى شهر مارس المقبل، لتبادل فرص الاستثمار وإقامة مشاريع اقتصادية بين البلدين.
كما أوضح أيضا أن كافة الفرص باتت مواتية لعودة الاستثمار فى المشروعات المتنوعة فى مصر خاصة فى المجالات التنموية التى تحتاج إلى التمويل نظرا للعوائد الكبيرة المتوقع تحقيقها جراء الدخول فى مشروعات ذات قيمة مضافة.
وأكد منيب أن الزيارة فرصة جيدة لعرض كافة المشاكل التى يواجهها بعض رجال الأعمال الطامحين فى امتيازات تساعدهم على زيادة استثماراتهم فى مصر كما أنها فرصة لرجال الأعمال المصريين للدخول فى شركات جديدة مع نظرائهم الكويتيين، مشيرا إلى أن الزيارة تشكل رسالة مهمة لتشجيع الاستثمار بين البلدين لأن مناخ الاستثمار فى مصر الذى عانى كثيرا خلال السنوات الماضية بات اليوم أكثر أمانا مما يعنى أن الباب مفتوح للمشروعات التى تحتاجها مصر ولتعزيز غيرها من المشروعات القائمة بالفعل للعديد من الشركات ورجال الأعمال الكويتيين.
وأضاف منيب أن الكويت ترى فى مصر أمنا لمنطقة الخليج ولذلك يعتبر تعزيز التعاون بينهما أمرا مهما كما أن العديد من المصريين العاملين فى دولة الكويت أثبتوا نجاحات نظرا للخبرات التى يتمتعون بها مضيفا أن هذه الزيارة سيكون لها انعكاس ملموس على المشروعات القائمة والمشروعات التى تمضى مصر قدما فى تنفيذها وتبحث عن تمويل لها, كما أكد أن سبل التعاون بين الدولتين ممهدة للدخول فى حقبة جديدة تعتمد على تهيئة البيئة المناسبة لاستقطاب الاستثمارات بينهما نظرا لما يتمتع به كل منهما بمميزات تصب فى مصلحة الشعبي.
أما فريد زهران مدير مركز المحروسة للبحوث فيرى أن تلك الزيارة تأتى فى إطار مساعى لم الشمل العربى فى المجالات كافة خاصة الاقتصادية, مؤكدا أن الزيارة تعتبر حلقة وصل لحل بعض المشاكل العالقة بين رجال الأعمال فى كلتا الدولتين كما أن أجندة التعاون الثنائى المتوقعة ستبحث فى إيجاد مناخ صحى لزيادة الاستثمار بين البلدين, وحث زهران رجال الأعمال الكويتيين على الاستفادة من زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى للبلاد ومقابلة الوفد المرافق له حيث سيكون هناك سعى لتوقيع اتفاقيات ثنائية لتنفيذ المشروعات التى تحتاجها مصر ولتوظيف أفضل الطرق لرءوس الأموال الكويتية للعديد من الشركات الكويتية وكذلك رجال الأعمال.
وفى نفس السياق، أكد المهندس عبدالحميد العوضى الخبير فى إستراتيجيات النفط أن العلاقات الاقتصادية مع مصر تضرب بجذورها فى التاريخ مشيرا إلى أن التعاون النفطى كان ومازال قويا منذ سنوات طويلة.
وأوضح أن مؤسسة البترول الكويتية كانت لها منذ نشأتها فى أوائل الثمانينيات من القرن الماضى علاقات تعاون وثيقة مع مصر متمثلة فى الهيئة المصرية العامة للبترول, لافتا إلى أن الكويت تصدر إلى مصر منذ سنوات طويلة الديزل ووقود الطائرات وكميات أخرى
من النفط الخام والفحم البترولي، ولفت العوضى إلى أن الكويت تنقل الكثير من نفطها عبر قناة السويس المصرية إلى أوروبا إضافة إلى التعاون بشأن خط البترول سوميد الذى تمتلكه مصر مناصفة مع دول خليجية هى الكويت والسعودية والإمارات وقطر وهو المشروع العربى الأكبر والأكثر نجاحا.
وأوضح أن خط سوميد يمتد من ميناء العين السخنة على البحر الأحمر وحتى ميناء سيدى كرير على البحر الأبيض المتوسط بطول 320 كيلومترا وبسعة 9 آلاف طن فى الساعة وتستخدمه الناقلات الكويتية العملاقة لتخفيف حمولتها فى العين السخنة لأسباب فنية ومن ثم استرداده فى سيدى كرير متجهة إلى دول الغرب وذلك بغرض المرور عبر قناة السويس بأمان.
وأشار العوضى إلى أن الفرص سانحة تماما لزيادة التعاون فى المجال النفطى مقترحا إنشاء مصفاة لتكرير النفط ومجمع متكامل للبتروكيماويات باستثمارات كويتية على سواحل مصر فى البحر الأبيض المتوسط، معتبرا أن مثل هذا المجمع المتكامل من شأنه تحقيق أرباح كبيرة للاقتصاد الكويتى وضمان تسويق النفط الكويتى مكررا وبقيمة مضافة أعلى مع استغلال الخبرات المصرية فى هذا المجال وفتح آفاق جديدة فى السوق الأوروبي.
وأوضح أن منطقة الساحل الشمالى المصرى منطقة جذب للاستثمارات فى التكرير لقربها من الأسواق الأوروبية المتعطشة للمنتجات النفطية عالية الجودة والمتطابقة مع المواصفات البيئية العالمية كما يمكن للكويت الاستفادة من ذلك بإنشاء خزانات ومستودعات آمنة لنفطها وهو ما يعد مخزونا جيدا ومهما فى حال التهديدات المتكررة التى يتعرض لها الخليج العربي.
وأضاف أن مستقبل العلاقات التجارية مع مصر واعد خصوصا فى ظل عودة الاستقرار لمصر تدريجيا مؤكدا أن الاستقرار أهم العناصر الجاذبة للاستثمار ثم التشريعات التى يسنها البلد المضيف وهو ما يجب أن تنظر إليه مصر وتكون على وعى بأهميته ونعتقد أن هناك قانونا جديدا سيتم العمل به خلال أسابيع قليلة.
ونوه العوضى إلى أن الكويت تمد مصر شهريا بنحو مليون برميل من الديزل ووقود الطائرات، بالإضافة إلى 100 ألف برميل نفط خام، مؤكدا أن السوق المصرى كبير ويفترض أن يزيد التعاون بين البلدين لما فيه مصلحتهما اقتصاديا، مشيرا إلى أن السوق المصرى يحتاج إلى نحو 750 ألف برميل يوميا من منتجات البترول تقوم الحكومة المصرية بتكرير نحو 700 ألف منها وتستورد الكمية المتبقية والمقدرة بنحو 50 ألف برميل يوميا موضحا أن مصر تنتج نحو 500 ألف برميل يوميا وتستورد نحو 250 ألف برميل يوميا.
وشدد على أهمية استغلال الكويت ومصر لعلاقاتهما السياسية والاجتماعية وترجمة ذلك إلى تعاون اقتصادى كبير ومفيد للطرفين وهو ما سينعكس على المواطنين بشكل عام.
ومن جانبها أعربت الرئيس التنفيذى لإحدى شركات الطاقة الكويتية المهندسة "سارة أكبر" عن الأمل فى أن تساهم زيارة الرئيس المصرى فى ترسيخ العلاقات المتجذرة بين البلدين مؤكدة الأهمية الخاصة للزيارة للشركة إذ تتمركز غالبية عملياتنا فى مصر التى نعمل بها منذ عام 2006
وأوضحت أن الشركة تعمل فى مصر عبر العديد من الشراكات والاتفاقيات مع الحكومة المصرية وتمتلك فيها عدة أصول استكشافية وإنتاجية مشيدة بالتعاون الدائم بيننا وبين الهيئة المصرية العامة للبترول ودورها المميز فى دعم شركات النفط الخاصة بشكل عام وشركة كويت انرجى على وجه التحديد وأضافت نأمل أن تعزز الزيارة جهود التنمية والتعاون المستقبلية والاستثمارات القائمة بين البلدين فى المجال النفطى والتى أرى أن لها مستقبلا واعدا .
على جانب آخر لاقت زيارة السيسى للكويت ترحيبا إعلاميا وسياسيا كبيرا فى الكويت، حيث أشارت صحيفة الوطن الكويتية إلى العلاقات المتأصلة بين مصر والكويت وقالت "لن ننسى وقفة القاهرة خلال غزو العراق.. والحدث يرسم خارطة طريق استقرار المنطقة "كما ألقت الصحيفة الكويتية الضوء على ترحيب مؤسسات نيابية واجتماعية بهذه الزيارة، وتأكيد نواب فى مجلس الأمة أهميتها فى رسم خارطة طريق لإعادة الأمن والاستقرار للمنطقة العربية.
ولفتت الصحيفة إلى أن العلاقات الكويتية المصرية المتأصلة منذ عشرات السنين تعد نموذجا يحتذى به فقد أكدت دولة الكويت دائما تأييدها ووقوفها إلى جانب كل ما من شأنه تحقيق أمن مصر واستقرارها سياسيا واقتصاديا وعسكريا وبادلتها القيادة المصرية بالمثل فى العديد من الأزمات التى مرت بها الكويت ومن أبرزها الموقف المصرى الواضح والمؤيد والداعم للكويت خلال فترة الغزو العراقى حينما وقفت وقفة حازمة إلى جانب الحق الكويتى فى جميع المحافل العربية والدولية مؤكدة رفض العدوان العراقى على أراضى الكويت ومطالبة بعودة الشرعية الكويتية فى مشهد سبق تكراره عندما وقفت الكويت برجالها وأموالها للدفاع عن مصر إبان العدوان عليها عام 1967 وحرب أكتوبر عام 1973.
وأضافت الصحيفة الكويتية أن الموقف الثابت فى العلاقات بين البلدين تكرر مجددا وقد ظهر جليا فى الأحداث التى شهدتها مصر خلال السنوات القليلة الماضية، حيث سرعان ما أعلنت دولة الكويت رسميا دعمها للشعب المصرى وإرادته معربة عن الأمل فى أن تتجاوز مصر المرحلة الدقيقة التى تمر بها لتصل إلى بر الأمان والاستقرار. أما الجالية المصرية فرحبت للغاية بالمواقف الكويتية الداعمة لمصر وأهلها.
كما رحب الكاتب الكويتى الكبير أحمد الجارالله، رئيس تحرير صحيفة السياسة الكويتية، بزيارة الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى لبلاده قائلا "يوم الإثنين ستفرح الكويت بكبير مصر الرئيس السيسى ولا عزاء للإخونجية وخلاياهم النائمة"، مشيرا إلى المواقف التاريخية التى اتخذها ملايين المصريين الذين اختاروا السيسى زعيما لمرحلة المواجهة مع "وحش الإرهاب"، معتبرا أن 30 يونيو ثورة عربية سلمية.
والجدير بالذكر أن الكويت تحتل المرتبة الثالثة بين الدول العربية الأكثر استثمارا فى مصر، وأن حجم التبادل التجارى بين البلدين سنويا دون المشتقات البترولية بلغ 405 ملايين دولار، بينما بلغ حجم الصادرات عام 2011، 109 ملايين دولار والواردات 253 مليون دولار.
وتعتبر زيارة السيسى إلى الكويت هى الأولى له منذ توليه الرئاسة فى يونيو الماضى، وتأتى فى وقت تشهد فيه العلاقات الثنائية بين البلدين تناميا ملحوظا فى مختلف المجالات وأيضا فى ظل المساعى لترسيخ العلاقات الخليجية المصرية فى جميع الأصعدة وخاصة الاقتصادية منها.