ولا بد أن نعترف أن تركيا تلعب على المكشوف في ليبيا بتدريب وتسليح وتمويل العناصر الإرهابية حتى يكونوا شوكة في مواجهة السيسي والنظام المصري، ومحاولات تركيا مساعدة العناصر الإرهابية في الاستيلاء على آبار وخطوط البترول الليبي هدفها ضمان استمرار هذه الجماعات وخلق مصدر تمويل دائم لها، بهدف تشكيل حكومة وجيش موازٍ لضرب الدولة الليبية الهشة.. والأخطر من ذلك هو شراء عناصر من القبائل لتلعب هذا الدور بالإضافة إلى عناصر من المرتزقة الأفارقة التي نجحت الأجهزة المخابراتية التركية في تجنيدها لتنفيذ عمليات نهب وقتل، بحق المصريين خاصة المسيحيين منهم، فالجنسية المصرية أصبحت مستهدفة بصفة خاصة، لتوجيه رسالة للنظام المصري أن الإرهاب سيظل ضده. فليبيا أصبحت الآن المشكلة الحقيقية التي تواجه مصر بصفة خاصة، وتونس والجزائر ودول شمال إفريقيا عموما وكذلك فرنسا وإيطاليا، وأصبح تصدير الإرهاب الليبي لهذه الدول على جدول أعمال التنظيم الدولى للإخوان برعاية ودعم أردوغان، الذي يريد أن تسقط الدولة المصرية والرئيس عبد الفتاح السيسي بأي ثمن، ناهيك عن الدور القطري القذر، فما زالت قطر تلعب رغم المصالحة الشكلية التي رعتها المملكة العربية السعودية- دورا رئيسيا في تمويل الجماعات الليبية بالمال والسلاح خاصة جماعة فجر الإسلام الإخوانية، ولا ندري حتى الآن سبب الصمت أمام هذا التدخل القطرى التركي في ليبيبا. وفي صحوة مفاجئة تأخرت أكثر من 3 سنوات، عقدت الجامعة العربية اجتماعا لمناقشة الأوضاع المتدهوة في ليبيا، بالرغم من أن كل المؤشرات والأحداث كانت تنبئ بكارثة محققة، خاصة بعد انتشار مخازن سلاح الجيش الليبي الذي كان لديه أحد أكبر مخزونات السلاح في العالم بيد الجماعات والميليشيات والمرتزقة والإرهابيين والمتطرفين بعد مقتل القذافي. ولأنه لا توجد حسابات إستراتيجية، ولا رؤية مستقبلية لقراءة الواقع العربي، فهاهي الجامعة العربية بتركيبتها ولوائحها وآلياتها تتحرك بعد فوات الأوان، وحدوث زلزال ليبي في المنطقة العربية فاجتمعوا أخيرا وهم يعلمون تماما من يقف وراء إسقاط ليبيا، وللأسف هي إمارة عربية تسمي قطر، وهي التي تقف وراء الحرب الأهلية في ليبيا وهي التي تسعي لتقسيمها، وإقامة أقاليم منفصلة بدلا من الدولة الليبية لتكون هذه الأقاليم بوابة عبور الحدود المصرية المتداخلة مع ليبيا. ولأن العرب يتحركون دائما في الوقت الضائع، فالمواطن العربي سواء ليبيًا أو مصريًا مازال يدفع حياته ثمنا لهذه الفوضى العربية والتردد في اتخاذ القرارات في بيت العرب، وهو اسم لا يبدو أنه على مسمي، فهو بيت العرب - لا يدافع عن الشعوب كما هو مفترض به بعيدا عن مصالح وحسابات بعض الحكومات العربية العميلة للإخوان والأمريكان، والمشهد الليبي أصبح على شفا حفرة من كرة اللهب الإرهابية التي ستطول كل دول الجوار سواء كانت دولا عربية أو أوروبية. ليبيا تحتضر ياعرب وما من مجيب!!، فهل يعقل أن تتحرك فرنسا عندما شعرت أن الهجرة غير الشرعية عبر البحر المتوسط تهدد أراضيها ومواطنيها وأمنها القومي، ولا تنتظر أحدا ولا تستأذن، ولكنها تتدخل عسكريا فورا دفاعا عن مصالحها، بينما نحن نرى بأعيننا جماعات إرهابية تتحكم في مقدرات وطن عربي كبير ولا نتحرك؟! . والسؤال الذي لا توجد له إجابة، ولا تفسير، هو: لماذا سمحت الجامعة العربية بدخول قوات الناتو إلى الأراضي الليبية؟ ولماذا سمحت بخروجها قبل تأمين مخازن السلاح بالرغم من أنهم يعلمون أن القبائل الليبية والميليشيات الإخوانية والمرتزقة الأفارقة سيستولون عليها؟.. هل كان هدف الجامعة العربية هو إسقاط ليبيا؟ أم التخلص من القذافي حتى لو ذهبت ليبيا إلى الجحيم الذي تعيشه الآن؟ لماذا لم يتقدم الدكتور نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية باستقالة مسببة نتيجة ما يجري في ليبيا وسوريا؟ وأين يا دكتور نبيل اتفاقات الدفاع العربي المشترك المحفوظة داخل أروقة ودهاليز الجامعة العربية؟ ولماذا لم يتم تغيير آليات ولوائح الجامعة العقيمة التي جعلت إمارة مثل قطر توقف الإجماع العربي؟ ولماذا لم يتم محاسبة قطر وطردها من الجامعة العربية؟ ولماذا لم يتم نشر الحقائق والوقائع عن الدور القطري كإحدى أدوات أجهزة الاستخبارات الأمريكية في تنفيذ مخطط تقسيم الدول العربية، من خلال ما يسمي بثورات الربيع العربي لإسقاط الشعوب العربية في بؤرة الحروب الأهلية والمذهبية والطائفية، بل وتفكيك الدول العربية الكبري مثل مصر والسعودية وسوريا إلى دويلات صغيرة حتى يسهل السيطرة عليها وتفكيك جيوشها وخاصة الجيشين المصري والسوري حتى تكون اليد الطولى لإسرائيل، وتكون لإمارة قطر الوصاية على مصر والسعودية بعد تفكيكهما، وعندها تنفك عقدة إمارة وحكام قطر الأبدية، أن عددها لا يزيد عن 3 أنفار من الأسرة الحاكمة، هؤلاء ال3 يلعبون هذا الدور القذر، والشعب القطري العظيم بريء من هذه الأسرة الحاكمة التي ابتلى العرب بها. كل ما يجري في ليبيا من قتال وحروب عصابات وتشكيل ميليشيات وتهديد الشعب بالإبادة، ولا تزال الجامعة العربية اليوم تجتمع لدراسة المشهد الليبي، وهو ما يطرح سؤالا آخر، وهو لماذا لا تقوم مصر والسعودية بالدعوة لعقد قمة عربية طارئة الآن وقبل غد وقبل القمة المقرر انعقادها في مصر نهاية مارس المقبل، لاتخاذ قرار عربي موحد وعاجل بالتدخل العسكري العربي في ليبيا لتحرير الشعب الليبي من أيادي الإخوان والإرهابيين ومن تدخلات قطروتركيا والمرتزقة الأفارقة؟ أم أننا سنظل ننتظر الضوء الأخضر من الأمريكان بعد أن تكون ليبيا قد سقطت للأبد في دوامة الحرب والانقسامات، وبعد أن يكون تفتيتها إلى أقاليم ودويلات صغيرة قد اكتمل. إن الشعوب العربية قد حسمت القرار مطالبة بتحرير ليبيا من خوف وصمت بعض الأنظمة العربية المرتعشة والتابعة، فالقرار العربي يحتاج إلى إرادة سياسية، والعالم لا يحترم ولا يعترف إلا بلغة القوة لأنها هي الحل الوحيد والسريع لإنقاذ ليبيا وشعبها، فهل تفعلها مصر والسعودية وتقودان القاطرة العربية من خلال قمة عربية طارئة لإعادة ليبيا قبل أن تختطف وتسقط للأبد؟ يا حكام العرب .. ارحموا شعوبكم يرحمكم رب السماء فليبيا تحتضر يا عرب وأنتم صامتون ولا تحركون ساكنا. لماذا ذهب السيسي إلى الكويت؟ زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي للكويت وعقد لقاءات مكثفة مع الشيخ صباح الأحمد أمير دولة الكويت، هي زيارة تاريخية، فالأمير يحمل من الخبرات والحلول الكثير لإنقاذ السفينة العربية من الغرق أمام التحديات الإرهابية التي تواجه دول الخليج ومصر في هذا التوقيت الخطير. فالكويت محاطة بداعش من كل الجهات ناهيك عن وجود الشيعة والإخوان على أراضيها، وبالرغم من ذلك استطاع الشيخ صباح الأحمد إحداث توازن ومواءمة سياسية للحفاظ على وحدة الكويت سياسيا ودينيا بالإضافة إلى الدور الذي يلعبه الأمير في إنقاذ مجلس التعاون الخليجي من السقوط في مستنقع الخلافات والاختلافات، فلذلك كانت زيارة السيسي للكويت كأولى المحطات العربية، هدفها تكوين رأي عربي موحد في مواجهة الإرهاب أولا، والدور التركي والإيراني الذي يهدد الأمن القومي الخليجي والمصري ثانيا، بالإضافة إلى إحداث شراكة اقتصادية حقيقية من خلال مشروعات مصرية كويتية في كل المجالات لأن الكويت هي ثالث دولة عربية من حيث الاستثمارات التي يتم ضخها في مصر، ويصل حجم استثماراتها في مصر إلى 4 مليارات دولار. ولأن السيسي يؤمن أن خلق تحالفات اقتصادية كبري وكيانات استثمارية واحتواء الشباب المصري والعربي من خلال إتاحة فرص عمل حقيقية، هو أول خطوة لحصار التطرف الديني والإرهاب المجتمعي، كانت زيارة السيسي للكويت هي أهم المحطات لوضع أول خطوة على طريق توحد القرار العربي سياسيا واقتصاديا.