امصر تواجه الإرهاب» هذا حديث الشارع والإعلام مؤخرا فكل حراك الدولة وكل تنميتها تنحصر في التصدى للإرهاب.. ولكن ما حدث مؤخرا كارثة هبطت علي الدولة المصرية حيث جاء إغلاق بعض السفارات بالقاهرة تحت مبررات الخوف من الإرهاب فيما يعد ضربة قوية للدولة المصرية.. وسنتناول فى السطور القليلة القادمة تأثير هذا الإغلاق على كل من الاقتصاد والاستثمار حيث إن إغلاق السفارات له مؤشرات اقتصادية بالغة الخطورة على اقتصاد الدولة التي تُوجد فيها، خاصة أنها سفارات دول كبرى ولها تأثير مثل بريطانيا - ألمانيا - أستراليا - كندا. وقد ظهرت آثار إغلاق عدد من السفارات في مصر سريعًا، فأنهت البورصة المصرية تعاملات يوم الثلاثاء الماضي، على خسائر بقيمة 7.11 مليار جنيه حيث هوت مؤشراتها للمنطقة الحمراء بدعم من الضغوط البيعية، من قبل المستثمرين الأجانب، وضغوط بيعية من قبل المستثمرين الأجانب يعني أن الأجانب ينسحبون من السوق المصرى بسبب القلق والتوتر السياسي السائد في مصر؛ وفيما يخص التأثيرات الأخرى فمن المعلوم أن مصر تسعى بكل الطرق لجذب الاستثمار الأجنبي ودائما المؤشرات السياسية السلبية هي أهم ما ينظر إليه المستثمر الأجنبي حيث إنها تطرد الاستثمار بشكل مباشر ولن نجد مؤشرا أسوأ من إغلاق السفارات. لكن الموضوع لن يتوقف عند الاستثمار فقط بل سيطول القطاع المصرفي، حيث إن هذه السفارات لديها حسابات مصرفية في البنوك المصرية ومن إجراءات إغلاقها هذه الحسابات، الأمر الذي سيؤثر على الجهاز المصرفي المصرى بشكل كبير. وأما من ناحية السياحة فنجدها هي الأكثر ضررًا من قرار هذه الدول وخاصة مع قرب احتفالات أعياد رأس السنة، التي يتزايد فيها التوافد السياحي لمصر، فمثلا دولة مثل بريطانيا تحتل المركز الثالث في أعداد السياحة الوافدة لمصر بنحو مليون سائح بعد ألمانيا، واقتربت الإيرادات السياحية البريطانية من 800 مليون دولار في 2014، رغم الظروف السياسية المضطربة التى مرت بها البلاد. مع العلم بأن قطاع السياحة كان يعاني قبل قرار غلق بعض السفارات، حيث إن نسبة الإشغالات وصلت إلى أدنى نسبة في هذا التوقيت من العام، حيث بلغت 40% فقط على الرغم من أن هذا التوقيت في كل عام كانت تصل نسبة الإشغالات إلى 100%., وازداد الأمر سوءًا بقرار غلق السفارات أبوبها بالقاهرة فالغلق يتسبب في مأساة شديدة للسياحة، فضلاً عن غياب دور الوزارة والحكومة فى مواجهة مثل هذه التحذيرات التى تضرب القطاع السياحى فى مقتل بعد الجهود التى قامت بها الشركات والفنادق من أجل استعادة الحركة السياحية. كما أن هناك تناقضا غريبا بين ما يصرح به هشام زعزوع وزير السياحة من زيادة حركة السياحة والليالى السياحية بينما فى الواقع حال السياحة مأساة وتحتاج لعملية نقل دم نظراً لما تعانيه من ضعف عام كما أن الدولة لم تشر إلى أى مبادرات تنوى مواجهة مثل هذاه التداعيات والتأكيد على أمن وأمان المقصد السياحى المصرى، وأن الإرهاب رغم ما يسعى إليه من نشر الفوضى والعنف إلا أنه لم يوجه إلى أى سائح . وفي هذا الإطار يري صلاح جودة الخبير الاقتصادي مدير مركز الدراسات الاقتصادية بالقاهرة, أن غلق السفارات يعنى أن البلد التى توجد بها غير آمن, وهذا ما أعلنته هذه السفارات من أن إغلاقها جاء لظروف أمنية, ولكن الغريب أن هذه الدول لم تغلق سفاراتها في بلاد تشهد نزاعات وتدهورا في الحالة الأمنية أشد كثيرا من مصر في الشرق الأوسط مثل اليمن وسوريا وليبيا والعراق وأفغانستان، مشيرا إلى أن قرار إغلاق السفارات يعد تحذيراً لرعايا هذه الدول من زيارة مصر حتى إن لم تقل هذا مباشرة, وهذا يؤثر علي السياحة وعلى السياح القادمين من بلاد الاتحاد الأوروبي، فبريطانيا من دول الاتحاد الأوروبي وكذلك يؤثر علي الاستثمار,لأنه عندما تعلن دولة كبيرة مثل بريطانيا عدم وجود أمان في هذه الدولة فهذا يؤثر بشكل كبير، هذا بالإضافة إلي أن التبادل التجاري وبين أكبر البلاد الأوربية خاصة بريطانيا, سيتأثر لأن السفن والناقلات ستطلب تأمينا ضد الشغب من مصر وهذا سيضاف علي سعر السلعة, فالصادر يصبح غير منافس لزيادة سعره, والوارد تكون تكلفته أكبر علي المواطن المصري. ومن المتوفع في الفترة القادمة أن تعلن مزيدا من البلاد إغلاق سفاراتها في مصر حتى 25 يناير, وهذا سيؤثر علي المؤتمر الاقتصادي الذي من المفترض أن يعقد في 13 و14 و15 مارس 2015 . وهو ما أكده عمرو صالح أستاذ العلوم الاقتصادية والسياسة بجامعة القاهرة ومستشار البنك الدولي السابق الذي وصف غلق السفارات بالحرب التي هدفها تصدير مشهد متوتر عن مصر والتأثير علي مكانتها السياسية والاقتصادية مشيرا إلى أن القرار جاء في وقت قاتل وسيئ قبل انعقاد مؤتمر المانحين, الذي اعتمدت عليه مصر في الترويج لاستقرار الأوضاع بها, وبالطبع هذا كان له صدى سيئ علي حركة الاستثمار في مصر وبالأخص نادي المستثمرين الصغار, لأن السفارات هي مكاتب خدمة تابعة لمواطني الدولة عندما يريدون السفر إلي دولة أخري وبالتالي فسيكون له تأثير علي الاستثمار وحركة رءوس أموال صغار المستثمرين, ولكن هذا القرار لن يكون له تأثير علي رءوس الأموال الكبيرة أو علي الاستثمارات المؤسسية الأجنبية لهذه الدول في مصر. وأكد صالح أن تحذيرات هذه الدول مبالغ فيها وستطول حركة السياحة, ولكنها لن يكون لها تأثير كبير «لأن التأشيرات لدخول مصر يتم الحصول عليها من السفارات المصرية في هذه الدول»، مؤكدا أن مصر مقصد سياحي عالمي ضخم مهما كانت الظروف, فمصر في السنة الماضية حققت نسبة نمو للسياحة غير مسبوقة مع عودة النشاط السياحي وعدم وجود حواجز في السياحة كما كان يحدث في الماضي بل بالعكس السياحة لن تتأثر كثيرا كما هو المتوقع حدوثه لحركة الاستثمار في مصر . ولكن كان ل جمال بيومي رئيس اتحاد المستثمرين العرب رأي مخالف حيث يري أن قرار إغلاق السفارات لن يؤثر مطلقا على حركة الاستثمار, مؤكدا أن هذا يحدث كثيرا في العالم كله, «فعلي سبيل المثال عندما كنت داخل السفارة المصرية بألمانيا تم إغلاقها وكنا نديرها من منازلنا, والسببب وجود تهديدات لنا». وأضاف بيومي: كل ما حدث أن دول حلف الأطلنطى وهى تناقش الأوضاع التى يمكن أن تهدد مصالحها في الخارج قررت أن ترفع من سقف الإجراءات الأمنية علي سفاراتها في الخارج, فهذا الأمر لا يتعلق بسفارة واحدة أو دولة واحدة.. والحق أن لديهم عذرهم في ذلك, فقد سبق اغتيال السفير الأمريكي في ليبيا, لذلك لا يمكن أن نقول إن هناك تحالفا ضد مصر في ذلك». إيهاب موسى: غلق السفارات ليس هدفه ضرب السياحة بالرغم من التداعيات الأمنية والسياسية وتباين التفسيرات لقرار غلق سفارات بريطانياوكنداوأستراليا فى القاهرة لدواعي أمنية وتحذير السفارة الأمريكية رعاياها من التجول فى العاصمة المصرية، إلا أن أبعاد القرار الاقتصادية تلقى بظلالها على المشهد كله، فتوقيت القرار جاء مستغربا وبشدة وخصوصا فى ظل الحالة الأمنية المستقرة بالنسبة لفترات كثيرة سابقة، وأتى ذلك متزامنا مع موسم السياحة الشتوية فى مصر والاستعداد لاستقبال أعياد الكريسماس وأعياد رأس السنة، مما يجعل التشكيك فى نوايا تلك الدول هو سيد الموقف. و يبدو أن محاربة مصر اقتصاديا هى التوجه لتلك الدول خلال الفترة المقبلة ففي ظل اتجاه الأوضاع السياسية والأمنية وحتى الاقتصادية نحو الاستقرار لجأت تلك الدول لغلق سفاراتها بحجة ضعف التأمين مما سينعكس على الاقتصاد المصرى بالسلب من خلال التأثير على الموسم السياحي الشتوي ومحاولة توجيه السياح نحو العزوف عن زيارة مصر، مع التسليم بأن الاقتصاد المصري يعتمد على السياحة كمصدر مهم للدخل القومي. ويرى إيهاب موسى رئيس ائتلاف دعم السياحة أن طلب السفارات التي أغلقت أبوابها لمزيد من التأمين هو حقهم ويجب العمل على توفير الأجواء الأمنية المناسبة لهم فتلك الدول لها حسابات مع جماعات إرهابية كداعش وغيرها وعندها بالفعل تخوفات حقيقية طبقا لتقارير ومعلومات استخباراتية، والإدارة المصرية ليست طرفا على الإطلاق لذلك يجب تفهم تلك التخوفات والعمل على دحرها فيما يخص مصر على الأقل. ويدلل موسى على ذلك بوصول وفد برلماني بريطاني لمصر لتشجيع السياحة والاستثمار مما يعنى أن الهدف ليس ضرب السياحة المصرية على الإطلاق، والقنصلية البريطانية بالإسكندرية ما زالت تعمل، وبالرغم من التأثر المحدود بالقرار إلا أن الأوضاع فيما يخص السياحة مستقرة، ويجب عدم تحميل الأمر أكثر مما يستحق. ويشدد موسى على ضرورة الترويج للحالة الأمنية وخصوصا فى القاهرة عن طريق تنظيم مهرجان سياحي ضخم يرى العالم من خلاله استقرار الأوضاع الأمنية فى مصر، ويشجع الوافدين الأجانب على القدوم والاستمتاع بالأجواء المصرية. و يؤكد إيهاب موسى أن ما تم إلغاؤه من حجوزات لا يتجاوز 5% من إجمالى حجوزات تلك الدول التي أغلقت سفاراتها، ويتوالى وصول السياح إلى مصر فى الإسكندرية وشرم الشيخ والأقصر وأسوان وغيرها، وعادت مرة أخرى الرحلات السياحية السريعة بعد غياب لمدى أربع سنوات مضت، لذلك ينبغي أن يكون التوجه هو الترويج للسياحة المصرية والحالة الأمنية حتى تستقر الأمور مرة أخرى. بينما يرى سيف العمارى عضو مجلس إدارة الغرف السياحية والخبير السياحي أن هناك حالة من الضبابية تحيط بقرار غلق السفارات وغير مفهوم بالمرة وخاصة بادعاء أنه جاء لدواعٍ أمنية، فمصر مرت بأحداث كثيرة على مدى السنوات الأربع الماضية كانت أكثر عنفا وكانت الحالة الأمنية غير مستقرة فعلا وشهد الشارع المصري أحداثا دامية كثيرة ولم نرَ مثل هذا التصرف. ويوضح العمارى أن الواضح والملموس من أغراض القرار هو التأثير على الاقتصاد المصري من خلال ضرب السياحة فى موسمها الأهم، فهذا التوقيت من السنة تكون نسبة الإشغالات مرتفعة وتقترب من 100% ونحن الآن على وشك استقبال أعياد الكريسماس وأعياد رأس السنة. و يؤكد سيف العمارى أن قرار غلق السفارات سيؤثر سلبا على السياحة خلال الفترة القادمة، فبديهيا كيف سيزور سائح أجنبى مصر فى ظل إغلاق سفارة بلاده، ومما يجعل التشكيك فى نية القرار هو سيد الموقف أن هناك بلادا مجاورة مثل ليبيا واليمن وغيرها توجد بها تشكيلات إرهابية مسلحة وخطيرة إلى أقصى حد ولم نرَ مثل ذلك التصرف من تلك الدول.