أثار إعلان خالد حنفي وزير التموين والتجارة الداخلية ، حول تنفيذ وإنشاء بورصة سلعية للحبوب والحاصلات الزراعية، وذلك بالتنسيق مع البورصة السلعية الأكبر في العالم في شيكاغو بأمريكا، على أن يكون مكانها بجوار قناة السويس، حالة من الجدل بين الخبراء والاقتصاديين، إذ تباينت الآراء حول تنفيذ البورصة السلعية، فقد رأي البعض أن هذا القرار صائب ومصر في أمس الحاجة لتنفيذه، خاصة أنه يعد بداية للحد من تضخم الأسعار والنهوض بمنظومة التجارة الداخلية، في حين رأي البعض الآخر أنه من غير المعقول أن يتم تنفيذ بورصة سلعية في الوقت الذي وقع فيه الرئيس عبد الفتاح السيسي اتفاقاً مع شركة بلومبرج بغرض حفظ المنتجات الزراعية من الحبوب والخضراوات والفواكه فضلاً عن أن إنشاءها ينذر بأزمة اقتصادية مقبلة خاصة وأن هذه البورصات ستعيد سياسة احتكار رجال الأعمال وتزيد الفساد. وتعد البورصة السلعية سوقا منظمة تنعقد في مكان معين وفي أوقات دورية بين المتعاملين في بيع و شراء مختلف أنواع المحاصيل الزراعية والسلع، ويتم بيع السلع بها بنظام الجملة، حيث يتم التعامل فيها على أساس أخذ عينات من المنتجات، وعلى أساس العينة يتم تحديد سعر المنتج ومن ثم فتصبح مكانا لتسعير المنتجات والسلع المحلية والدولية. لذا استطلعت «النهار» آراء عدد من الخبراء والاقتصاديين حول هذا الأمر للتعرف على مدي أهمية إنشاء البورصة السلعية، وهل جاء تنفيذها في التوقيت المناسب؟، وما هي الجدوي الاقتصادية التي ستعود على مصر من إنشائها؟.. وجاءت إجاباتهم خلال السطور القادمة: بداية أكدت الدكتورة يمن الحماقي، أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، أن إنشاء بورصة سلعية بجوار قناة السويس يعد قراراً جيداً خاصة أنها تعد منطقة تجارية هامة، موضحة أن إنشاء بورصة للقمح والحبوب ستحميه من التخزين السيئ لاسيما وأن هذا الأمر يؤدي لإهدار الكثير منه بل قد يؤدي في الكثير من الأحيان لفساده، موضحة أن فكرة إنشاء بورصة سلعية ليست بجديدة خاصة وأنها توجد بالكثير من بلدان العالم، وأكدت أن قرار وزير التموين جاء في ضوء الاقتداء بهذه الدول لتنظيم التجارة إلا أن هذا الأمر لا يمنع أن هناك دولا فشلت في تطبيقها، وهذا ما اتضح عندما قامت مصر بإنشاء بورصة «السكر» من قبل، فهذه البورصة ساهمت في عودة أباطرة احتكار السكر بالأسواق، الأمر الذي جعل مصير هذه البورصة الانهيار. وأضافت الحماقي أنه لابد من وضع أسس لإنشائها، ولابد من إجراء دراسات معمقة حولها قبل البدء في التنفيذ وذلك حتى لا يكون مصيرها كمصير بورصة السكر، لافتة إلى أن إنشاء بورصة سلعية سيساهم في النهوض بمنظومة التجارة الداخلية بشكل كبير، كما أنها ستلعب دوراً إيجابياً في الحد من التجارة العشوائية والتي باتت تجتاح الشوارع، الأمر الذي سيدعم مناخ الاستثمار أمام المستثمرين العرب والأجانب وكذلك المستثمرون المحليون. في حين يري الدكتور فرج عبد الفتاح، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، أن فكرة إنشاء بورصة سلعية يعد قرارا صائباً خاصة وأنه تم تحديد مكانها بجوار مشروع قناة السويس، باعتبارها من أفضل المناطق اللوجيستية للتجارة الداخلية والخارجية، فضلاً عن أن مصر تعد من أكثر البلدان الغنية بالحاصلات الزراعية والحبوب. وأوضح عبد الفتاح أن إنشاء البورصات السلعية سيساهم في توفير السلع بشكل كبير، وهذا الأمر سيساهم في خفض أسعار السلع بشكل واسع، كما أنه سيحد من البطالة، حيث ستوفر الآلاف من فرص العمل للشباب، بجانب أن إنشاء بورصة سلعية ستساهم في النهوض بمنظومة التجارة الداخلية بشكل كبير. وطالب عبد الفتاح وزيري التموين والتجارة الداخلية ووزير التجارة والصناعة بضرورة عقد اجتماع خلال الأيام المقبلة مع المجالس التصديرية واتحاد المصدرين والمستوردين لمناقشة جميع الأمور حول أكثر السلع تصديراً للخارج وكيفية الاستفادة من إنشاء البورصة السلعية وذلك من أجل تعميمها بعد ذلك بجميع محافظات الجمهورية. في حين أكدت الدكتورة ماجدة شلبي، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، أن هذا القرار يعد جيدا, وجاء في التوقيت المناسب، خاصة وأن هذه البورصة ستلعب دوراً إيجابياً في عملية ضبط تداول السلع، كما أنها ستحد من موجة تضخم الأسعار وارتفاعها، تلك الأزمة التي فشلت خلالها سياسة الأسعار الاسترشادية والجبرية والتي وضعتها الحكومات السابقة من أجل ضبط الأسعار، هذا بجانب أن هذه البورصات تسهل من آليات وضع الرقابة التي يتم فرضها على الأسواق. وأوضحت شلبي أن إنشاء البورصة السلعية سيدعم من مكانة مصر الاقتصادية بين بلدان العالم، ويزيد من حجم صادرات مصر للخارج ، ومن ثم زيادة حجم الميزان التجاري، فضلاً عن دعمها لمكانة مصر التنافسية للسلع والمنتجات والحاصلات الزراعية. وأضافت أن إنشاء البورصة السلعية للسلع والحاصلات الزراعية سيجعل الحكومة تولي اهتماماً أكبر للقطاع الزراعي والاهتمام بالفلاح الذي يشعر دائماً بظلم وتجاهل حكومي تجاهه، كما أنها ستخفف من معاناة الفلاحين في عمليات البيع، وستؤدي لتسعير السلع والتي ستحد من موجة ارتفاع الأسعار التي تندلع من حين لآخر، كما أنها ستمنع في الوقت ذاته الممارسات الاحتكارية. بينما عارضهم في الرأي الدكتور مختار الشريف، استاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة، قائلاً إن إنشاء البورصة السلعية بمنطقة قناة السويس، سيؤدي لارتفاع أسعار السلع والحاصلات الزراعية بباقي المحافظات، خاصة في ظل ارتفاع تكلفة النقل، فضلاً عن أن التجار والمزارعين سيتجهون لتصدير سلعهم من أجل النهوض بالتجارة الخارجية، إلا أنه في الوقت ذاته هذا الأمر سيؤثر بالسلب على التجارة الداخلية للبلاد. وأضاف الشريف: لا بد من مصارحة الشعب بكافة تفاصيل هذه البورصة خاصة وأن هناك لغطاً كبيراً حول اعتماد الرئيس عبد الفتاح السيسي قرارا بإنشاء بورصة سلعية بجانب قناة السويس والذي تزامن مع توقيع عقد اتفاق مع شركة بلومبرج بغرض حفظ المنتجات الزراعية من الحبوب والخضراوات والفواكه. وأوضح الشريف أن إنشاء البورصات السلعية هو عودة جديدة لجبروت وسيطرة رجال الأعمال كما كان في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك،لافتاً إلى أن بورصة السلع يتم تطبيقها وفقاً لمعايير محددة وأن يتم الأخذ بما سبق من قرارات، خاصة وأن مصر فشلت من قبل في إنشاء بورصة سلعية للسكر فهل سترغب في تكرار التجربة من جديد، لافتاً إلى أن توقعاته بفشل ذلك المشروع لم تأت من فراغ خاصة وأنه تم تحديد مكان البورصة بمنطقة قناة السويس بهدف تنشيط حركة التجارة الخارجية وعدم الاهتمام بالتجارة المحلية، خاصة وأن التجار قد يلجأون لاتباع سياسة « تعطيش السوق المحلي» ومن ثم ترتفع الأسعار وسيعاود أباطرة الاحتكار نشاطهم مجدداً، لذا فإنه لابد من تعميم التجربة بأن يتم إنشاء بورصات سلعية بجميع محافظات مصر للتخلص من سياسة الاحتكار التي يرغب بها الكثيرون خلال الفترة المقبلة.