فتاوى شاذة لا تتناسب مع سماحة ووسطية الدين الإسلامى, وأفكار غير مألوفة, معتقدات جديدة على ديننا الحنيف, كل هذا يخرج علينا من أشخاص يطلق عليهم «شيوخ «وهؤلاء يتواجدون بكثرة على منابر الزوايا الصغيرة المنتشرة فى مدن وقرى محافظات مصر, داخل هذه الزوايا يتم إعداد شيوخ فى أقل من أسبوع, عليك فقط أن تجيد حفظ الفاتحة وبعض قصار السور من كتاب الله, وتقرأ حديثا بعد كل صلاة بتفسيره, وتصبح شيخا, الأمر يشكل كارثة حقيقية لما يحمله هؤلاء «من يطلق عليهم شيوخ» من أفكار ومعتقدات يكتسبونها بالخطأ من كتيبات لا تحمل الإسلام الصحيح وينشرون أفكارهم بين أطفال وشباب يشكلون مستقبل مصر الغريب أنه منذ شهور صدر قرار وزير الأوقاف، الدكتور محمد مختار جمعة، بضم جميع المساجد والزوايا بمصر إلى وزارة الأوقاف، وكلف الإدارة المركزية لشئون المساجد بوضع الضوابط والخطة الفنية والزمنية لتنفيذ هذا القرار. كما طالب وزير الأوقاف جميع وكلاء الوزارة ومديري المديريات الإقليمية بإعداد خطة بشأن إعادة توزيع مقيمي الشعائر والمؤذنين والعمال على جميع مساجد المحافظة، بحيث لا يبقى فيها أي مسجد غير خاضع لإشراف الأوقاف، في موعد أقصاه شهر من تاريخ اليوم «شهر مارس»، مع سرعة موافاة الوزارة بمقترحاتهم بتشكيل مجالس إدارات لجميع المساجد والزوايا على مستوى الجمهورية باعتبار أنها جميعاً تتبع وزارة الأوقاف بناءً على هذا القرار. وأكد وزير الأوقاف أن كل إمام مسئول مسئولية شخصية عن مسجده في الحفاظ عليه وعدم تمكين أي شخص مهما كان مكانه أو مكانته من المنبر سواء في الخطب أو الدروس دون تصريح كتابي مسبق من وزارة الأوقاف، وفي حالة عدم وجود إمام راتب يكون مقيم الشعائر، فالمؤذن، فالعامل مسئولين مسئولية كاملة عن ذلك. كما جدد الوزير التأكيد على قصر الخطبة على المسجد الجامع، والالتزام بموضوع الخطبة الموحد. ولكن كل ماسبق لا يمثل سوى «حبر على ورق» الدكتور محمد الأزهرى: شيوخ «المساجد الملاكى» لم يتعلموا فى معاهد العلم الشرعىو قانون حظر الخطابة يحتاج لتفعيله الدكتور محمد إبراهيم الأزهرى رئيس قسم الثقافة والإرشاد الديني بمديرية أوقاف الشرقية يقول: بداية لا بد من تعريف «الشيخ «فالشخص الذي نستطيع أن نطلق عليه شيخا هو الذي تعلم وتخرج في معاهد العلم الشرعي المعتمدة وخاصة الأزهر الشريف بمصرنا الغالية قبلة العلم ومقصد العلماء في كل مكان على وجه الأرض، فالعالم الأزهري هو الذي يستحق أن يلقب بشيخ لأنه درس المنهج الصحيح عقيدة وشريعة وأخلاقا وتعلم فقه الخلاف وفقه الواقع وفقه المقاصد. أما الآخرون الهواة الذين ظنوا أنفسهم دعاة لمجرد أن الواحد منهم قرأ كتيبا أو بعض المطويات واستمع لبعض الشرائط من غير المتخصصين فلا نطلق عليه شيخا لأنه لم يتلق العلم الصحيح من مصدره الأصيل. وبخصوص المراقبة من الأوقاف أو الأزهر على وجه العموم: الأوقاف والأزهر لا يملكان سلطة للسيطرة على المنابر، فالمسألة تحتاج إلى تفعيل قانون حظر الخطابة وإلقاء الدروس على الأزهريين المصرح لهم وذلك بتفعيل الضبطية القضائية للقيادات الدعوية وتكاتف الدولة بكل أجهزتها وخاصة الشرطة والقضاء مع الأوقاف فالكل هدفه واحد وهو المحافظة على الوطن. وأضاف الأزهرى: أما الزوايا الموجودة أسفل المنابر الأشبه بالمساجد الملاكي التي بناها أصحابها لغرض في نفوسهم فقد أصدرت الوزارة قرارا باغلاق جميع الزوايا في صلاة الجمعة وقصر الصلاة على المسجد الجامع ومن يخالف ويقوم بفتح الزاوية يحرر له محضر بأقرب قسم شرطة ، وهذا وحده لا يكفي بل إني أطالب بمحاكمة عاجلة له حتى تثبت الدولة جديتها في التصدي للفكر المتطرف. وأشار الأزهرى إلى أن الفكر المتطرف للأسف انتشر والسبب هو غياب دور الدولة بكل مؤسساتها وعقد الصفقات السياسية على حساب أي شيء وكان دور الأزهر أشبه بمن ينادي في مالطا، وزاد الأمر في عهد الإخوان فقد سمحت الدولة متمثلة في وزارة الأوقاف لإعلاء صوت هؤلاء الهواة والصعود على أعلى منابر مصر، محمد حسان والعريفي بجامع عمرو بن العاص والقرضاوي بالأزهر، وهلم جرا حتى علا صوتهم على صوت الأزهر, إلى أن عادت الأمور لطبيعتها بعض الشيء بعد ثورة 30يونيه واتجاه الدولة لضبط المنابر ليتحقق ضبط الشارع، وقد أحسنت الدولة صنعا في سن القوانين الرادعة ولكن ما ننتظره هو تفعيل القوانين. وأنهى الأزهرى كلامه بأن الفكر لا يحارب إلا بفكر مثله, وأضاف الحل الأمني والقانوني مطلوب ولكن بالتعاون مع الحل الفكري بالسماح لعلماء الأزهر الوسطيين بالالتحام مع الشباب وجميع فئات المجتمع في أماكن تجمعاتهم ونشر الفكر الوسطي ومحاربة هذا الفكر العفن. سعد الفقى : الأوقاف تعانى عجزا فى الأئمة والعودة للمسجد الجامع ضرورة الشيخ سعد الفقى وكيل وزارة بالأوقاف إلى أن هذه الزوايا تخضع لإشراف وزارة الأوقاف طبقاً للقانون رقم 272 لسنة 59 والمعدل بالقانون 157 لسنة 60 وفى عام 98 صدر القرار الوزاري رقم 5 وجاء فى تعتبر الزوايا الواقعة داخل المباني وخارجها ملحقات للمساجد القريبة منها .. وتقام بها الصلوات الخمس دون خطبة الجمعة.. إلا أن وزارة الأوقاف فى حينها وحتى الآن تراخت فى مسئولياتها لأسباب نعلم بعضها ويخفى علينا الآخر.. والثمرة حالة من اللخبطة والارتجال أصابت منابرها.. مما دفع الراحل الشيخ/ محمد متولي الشعراوى أن ينتفض .. بل امتد به الأمر إلى فتواه الشهيرة أن الصلاة بالزوايا لا تجوز فى وجود المسجد الجامع .. وأضاف الفقى :هذه الزوايا فى الغالب الأعم يعتلى منابرها غير المتخصصين وأصحاب الأهواء .. مما جعلها منطلقاً للأفكار الغريبة والشاذة.. وفى تقديري أن غلق هذه الزوايا قد تأخر كثيراً.. يزيد الطين بله أن وزارة الأوقاف تعانى عجزاً شديداً فى أعداد الأئمة.. وبالتالي فالضرورة هنا أن نعود إلى فكرة المسجد الجامع التي أشار إليها وزير الأوقاف وهو معمول به فى كثير من الدول العربية والإسلامية.. والهدف بطبيعة الحال هو التوحد والتآخى والتآلف.. ولتحقيق ذلك أرى الدفع بالأئمة ذوى الكفاءة المشهود لهم بغزارة العلم والحيادية.. أما الزوايا الصغيرة فلا بأس من أداء الصلوات الخمس فيها دون خطبة الجمعة وعملاً على راحة كبار السن وذوى الاحتياجات الخاصة .. ضبط إيقاع المنابر فى مرحلتنا التي نحياها بات من الفرائض التي لا يمكن التقليل من شأنها .. وكفى ما أصاب الصف من تشرذم وتفكك وربما تعالت الأصوات .. كيف تغلقون الزوايا .. وأنا أقول إن الإسلام فى غاياته دين يدعو إلى الوحدة ولم الشمل وما يحدث على منابر الزوايا كل جمعة يثير الفرقة ويؤجج الفتنة التي لعن الله من أيقظها .. الشيخ النواوى : أخلاق الرسول الكريم سبقت تدينه.. وهؤلاء يبحثون عن الوجاهة الاجتماعية فى عباءة الدين أشار الشيخ إسلام النواوى بإدارة بحوث الدعوة بوزارة الأوقاف وخطيب بمسجد نادى الصيد أن المصريين بطبعهم يميلون للتوحيد وللتدين منذ أيام الفراعنة فأى شخص يحدثه فى الدين يستجيب على الفور, ولكن للأسف بعض من يتحدثون فى الدين غير مؤتمنين, وكثيرا من هؤلاء غير المؤتمنين ما يسوقون لأنفسهم بفرقعات شاذة, الأكاديمى لا يتعرض لها , فهو دائما ما يثير أمورا جديدة على الأذهان, فكل جديد له متعته, والانطباع الأول يدوم كما يقول مبدأ علم النفس وبالتالى الشاب الذى يتلقى علوم من هؤلاء غير المؤتمنين يثبت فى عقله كل ما يقال, وأغلب هؤلاء هم من لم يتلقوا قسطا من العلم الوفير ويمتهنون مهنا بسيطة, فمنهم العامل باليومية أو حارس عقار أو سائق ميكروباص, وجدوا فى ارتدائهم لعباءة الدين والتدين وجاهة اجتماعية يخفون بها مهنتهم الحقيقية وأضاف النواوى أن وسائل الإعلام المرئية للأسف روجت لأفكار شاذة يروج لها بعض هؤلاء «مشايخ العصر» فهم يختزلون الدين فى واقعة, فى حين أن الدين يحدثنا عن معاملة الجار ومعاملة الزوجة ومعاملة الأبناء, علاوة على أن بعض هؤلاء يحصرون الدين فى عصر الرسول الذى لم يعطنا الدين كله- لكن أعطانا البدايات والمفاتيح والخطوط العريضة التى نسير عليها, فالرسول كان يعالج فترة زمنية محددة ووضعا معينا ومن الممكن أن نأخذ من الرسول الإطار العريض للتعاملات, كأسس العدل وأسس التعاملات, وأضاف النواوى أن أساس الدين ثلثان للمعاملات والثلث عبادات, فالانعكاس السلوكى للعبادات أمر هام, فقد يكون ناسكا متعبدا لكنه لا يحسن معاملة الآخرين, وقد يكون هناك إنسان حسن التعامل مع الآخر ويقصر فى عبادة فسلوكه يشفع له عند الله . ويستشهد النواوى بالرسول الكريم أنه تخلق قبل أن يتدين فكان اسمه الصادق الأمين وبعد ذلك نزل عليه الوحى وتدين أى أن التدين مردود للسلوك, وهؤلاء يسعون لنشر المنهج بفصل العبادة عن المعاملات, فهم لا يعترفون بأن المعاملات جزء كبير من العبادة . وأشار الشيخ أحمد البهى نقيب الدعاة بالإسكندرية وإمام وخطيب مسجد سيدى جابر بالإسكندرية أن الإمامة وإلقاء الدروس الدينية وإصدار الفتاوى عند البعض تمنحهم نوعا من الوجاهة الاجتماعية وهى نوع من الرياسة ولها خطورتها الكبيرة, فالصحابة كانوا الأكثر علما, ورغم ذلك كانوا يتهربون من الفتوى والإمامة لخطورتها, فالمستفتى كان يعرض فتواه عليهم فيتهربون منها لأنها أمانة كبيرة, وأشار البهى نحن كخطباء للمساجد نحيل من يطلب منا فتوى إلى لجنة الفتوى بالمحافظة- ونحن متخصصون- خوفا من الوقوع فى الخطأ وحتى نترك المتخصصين فى الافتاء ليعطوا الرأى الشرعي, ولكن هؤلاء ورغم أنهم غير متخصصين وغير حاصلين على شهادات جامعية ولم يتمكنوا من دراسات العلوم الشرعية, إلا أنهم يفتون ليل نهار ويلقون الدروس بعد كل صلاة ولا يعبأون بخطر هذا على أنفسهم وعلى المجتمع, فكثيرا منهم لا يعلم أصول الافتاء أو أوجه الترجيح.