لم يكن يتصور أن «قعدة علي القهوة» سوف تحوله إلي قاتل، ينتظر حبل المشنقة يلتف حول رقبته، ولم يكن يتخيل في لحظة واحدة أن ضحيته ستكون زوجته رفيقة حياته، التي عاشت معه علي الحلوة والمرة، تتقاسم معه شقاء الحياة وسعادتها. فبحسب عادته اليومية، كان محمد عبدالرحمن يتبادل الحديث والمزاح مع أحد أصدقائه وهو منشرح الصدر تجلجل ضحكاته في المكان، حتي أخبره صديقه أن زوجته تخونه، وساعتها انقلبت حياة محمد رأساً علي عقب في لحظة يتذكر تفاصيلها وكأنها دهر من الزمان، وهو يقول: لم أتخيل يوماً أن أصبح قاتلاً، فأنا لا أعرف ماذا أصابنى، فقد تجمدت مشاعرى وقتلت زوجتى بيد باردة دون رحمة.. وحتي الآن لا أعرف كيف قتلتها وكيف حملت جثتها لألقيها بالترعة ثم أخبر اسرتها وقسم الشرطة بغيابها، ولكن كل ما يمكننى قوله هو أننى نادم أشد الندم على جريمتى فقد دفعنى الشك إلى قتلها رغم احتمال أن تكون بريئة لكني لم أصبر ولم أتمهل حتى اكتشف حقيقة خيانتها من عدمه. يسكت المتهم للحظات ويتذكر وقائع تفاصيل جريمته قبل الحادث بيومين: كنت كعادتى أجلس على المقهي أتناول كوباً من الشاى مع صديقى وبينما نحن جالسون همس صديقى بأذنى قائلاً: «خلى بالك من بيتك» وظل يشعل النار فى أذنى حتى استسلمت إلى كلامه وظل يخبرنى عن حكايات لنساء خائنات ويلمح لى باحتمال أن تكون زوجتى خائنة بحجة أنى أترك المنزل ساعات طويلة بحكم عملى وإمكانية دخول وخروج أى شخص دون أن يعلم أحد. ويوم الحادث كالمعتاد جلسنا على المقهي وقابلنى صديقى وأخذ يلقى التهم على سكان البيت الذى أقطنه حيث تسكن أكثر من أسرة داخله وأنه يوجد عامل يدخل إلى المنزل يومياً بحجة إصلاح أى شىء ويمكث لأكثر من ساعة وطلب منى صديقى الاطمئنان على أهل بيتى فأشعل كلامه نار الشك بجسدى. ويتابع المتهم كلامه قائلا: دخلت الى بيتى وعيناى تحملان نظرات شك فى سلوك زوجتى حتى إنها ارتابت فى أمرى وظنت أنى أتعاطى المخدرات ثم فاجأتها قائلاً: «مين بيدخل البيت وأنا مش موجود؟».. فردت: «مافيش حد وأنت بتشك فىّ» ثم انهلت عليها بالضرب حتى ظننتها فقدت الوعى فخفق قلبي خشية أن تكون فارقت الحياة فحاولت إفاقتها دون جدوى ففكرت سريعاً فى كيفية التخلص من جثتها فحملتها فى جوال على توك توك وقمت بإلقائها في ترعة قريبة من بيتنا، لإبعاد الشبهة عنى وأخبرت أهلها بأنى حضرت إلى المنزل ولم أجدها وقمت بتحرير محضر بقسم الشرطة ولكنهم شكوا في أمرى، وبعد أن ضيقوا الخناق على حتى انهرت واعترفت بكافة تفاصيل الجريمة. وكان اللواء محمود فاروق مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة، تلقى بلاغًا من الأهالي بالعثور علي جثة بترعة بمدينة الحوامدية، ومن خلال التحريات التي أشرف عليها اللواء مصطفى عصام رئيس مجموعة الأمن العام بالجيزة، تم تحديد هوية الجثة، حيث تبين أنها «هدي السيد» فى العقد الثاني من العمر متزوجة من كهربائي بنفس المنطقة، وأنه أبلغ بغيابها. ومن خلال فريق بحث أشرف عليه اللواء جرير مصطفى مدير المباحث الجنائية بالجيزة، تبين أن الزوج وراء الجريمة، وتمكن العميد عبدالحميد أبوموسى مفتش مباحث الجنوب، من القبض عليه، حيث اعترف بارتكابه الجريمة، بسبب شكه فى سلوكها، وبعدها توجه لأسرتها وأخبرهم بغيابها، وحرر محضراً بذلك بمركز شرطة الحوامدية، لإبعاد الشبهة عنه، ولكن رجال الأمن كشفوا حيلته، وأحيل إلى النيابة التي تولت التحقيق