لا تكل وزارة الثقافة ولا تمل من محاولات بيع أرض السيرك القومى وكأنه حمل ثقيل تنوء عن حمله أو أن المكاسب من وراء بيعه لا تقدر بثمن، فمنذ عهد فاروق حسنى وحتى الآن لا تزال المخططات تعمل فى دأب على هدم السيرك لتفرغ تلك المنطقة بشكل كامل بعد أن هدموا مسرح السامر فى التسعينيات . إذ عمت حالة من الغضب والسخط بين الفنانين والعاملين بالسيرك القومى بعد صدور توصيات من لجنة المسرح بالمجلس الأعلى للثقافة تقضى بنقل السيرك إلى أكتوبر، وهو الأمر الذى رفضه أبناء السيرك تماما . وعقدوا اجتماعا بالسيرك القومي، انتهى باتفاقهم على الذهاب لمقابلة كل من: الدكتور محمد أبو الخير رئيس قطاع الإنتاج الثقافى السابق، ثم مقابلة أسامة عمران رئيس قطاع مكتب الوزير، ثم مقابلة الدكتور جابر عصفور وزير الثقافة؛ للتعبير عن غضبهم التام من نقل السيرك القومى من مقره الحالى بالعجوزة إلى أكتوبر، وفق قرار لجنة المسرح التى تبرأت منها فيما بعد إذ عبر فنانو السيرك عن نيتهم تصعيد الموقف بشكل حاد إذا لم يستجب المسئولون لمطلبهم سابق الذكر، وحضر الاجتماع كل من: الدكتور عماد سعيد رئيس قطاع الفنون الشعبية والاستعراضية، والفنان محمد النوبي، والفنان الكابتن "عادل رضا" مدير السيرك القومي، والفنان محمد أبو ليلة مدير السيرك القومى السابق. بل وأرسلوا مذكرة إلى الوزير جاء بها: نحيط علمكم أن جميع الفنانين والعاملين بالسيرك القومى متضررون ورافضون تماما التوصيات التى أوصت بها لجنة المسرح وذلك للأسباب الآتية، أن هذا الموقع تربطنا به علاقة نفسية وإنسانية وتاريخية كبيرة جدا نظرا لأن آباءنا وأجدادنا هم من قاموا ببنائه بسواعدهم واستشهد وأصيب بداخله الكثير منهم. وأن السيرك القومى هو أحد معالم محافظة جمهورية مصر العربية ومحافظة الجيزة الثقافية وأصبح موقعه هذا معلوما للمصريين وللسائحين العرب, وموقعه الحالى يخدم سكان محافظتى القاهرةوالجيزة طوال السنة خاصة محدودى الدخل, أما نقله إلى مدينة 6 أكتوبر فسوف تقتصر خدمته على سكان المدينة فقط ولا يستطيع سكان القاهرةوالجيزة من محدودى الدخل توفير نفقات الذهاب بأولادهم لأكتوبر, وهذا يعنى القضاء عليه تماما لأن أقصى مدة ممكن أن يعمل بها فى مدينة أكتوبر لا تتعدى الشهرين فى العام. أما بشأن خطورة وجوده فى وسط الأحياء السكنية , نحيط علمكم أن أكبر سيرك فى العالم فى روسيا موجود فى وسط محافظة موسكو , ثم إنه منذ إنشاء السيرك وحتى الآن لا يوجد أى حادثة هروب واحدة لأى من الحيوانات خارج الأقفاص المخصصة لهم, إضافة إلى ذلك فقد تم مؤخرا بناء أماكن إيواء للحيوانات على أعلى مستوى من التأمين. وتساءل أبناء السيرك لماذا تم التجاهل التام لأبناء السيرك القومى فى مناقشة مستقبلهم الفنى والمهنى بهذا الشكل المهين ولمصلحة من ؟ هل هذا جزاء الظروف الصعبة التى تحملها أبناء السيرك خلال سنوات طويلة من الإهمال المتعمد للحفاظ على هذا الفن العريق الذى يعود تاريخه إلى عصر الفراعنة ؟ فبدلا من تطوير هذا الفن الشعبى الذى هو متنفس ثقافى وترفيهى لأبناء هذا الوطن من الطبقة الوسطى والأدنى ولماذا فى هذا التوقيت بالذات الذى تمر به البلاد وزيادة الأعباء على المواطن البسيط ولمصلحة من تمرير هذه الفكرة الجهنمية ؟ فبدلا من استكمال التطوير داخل السيرك نقوم بالقضاء عليه تماما بهذا الشكل ؟ فالبلد مليئة بالمسارح التى لا تعمل والسينيمات المغلقة أما السيرك فهو الوحيد فى المنطقة العربية والإفريقية . الغريب أنه بعد لقاء الوزير الذى نفى تماما ذلك الحديث عاد الجدل مجددا عقب لقاء تليفزيونى معه أكد فيه أنه سوف يمنح العاملين بالسيرك نصف أسهمه ما فسره البعض بأنه محاولة لخصخصة السيرك القومي. من جانبه قال الفنان محمد حسن المخرج بالبالون: سوف أقاضى الوزير إذا قام بذلك فالوزير الذى لا يستطيع أن يتعامل مع الفنانين عليه أن يستقيل ويجلس فى منزله . فى حين أبدى أحمد ياسين الفنان بالسيرك القومى استياءه الشديد من التوصيات التى أصدرتها لجنة المسرح بالمجلس الأعلى للثقافة بنقل السيرك القومى من مقره الحالى بالعجوزة إلى أكتوبر، وقال فى تصريحات خاصة: يعد السيرك بالنسبة للفنانين والعاملين فيه وطنهم وبيتهم وعملهم وكل شيء لهم فى الدنيا، وتربطهم به روابط لا يتخيلها أحد . فى حين أكد المؤلف المسرحى محمد أبو العلا السلاموني، أن لجنة المسرح بالمجلس الأعلى للثقافة لم تناقش فى اجتماعها الأخير، نقل السيرك القومى من مقره الحالى إلى مدينة أكتوبر، وإنما كان الاقتراح للدكتور جابر عصفور وزير الثقافة، ولم يبد أحد من اللجنة اعتراضه عليه.